أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - حلب














المزيد.....

حلب


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 3815 - 2012 / 8 / 10 - 17:35
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


عشت في حلب نحو سبع سنوات، توزعت على مرحلتين، فصل بينهما نحو 17 عاما.
حلب الأولى، 1977-1980، مدينة تنقبض تحت تأثير اختراق أمني وسياسي خشن لنظام مميت وعادم للشخصية، أو عامل على أن يكون هو الشخصية الوحيدة المبادرة المقررة في البلد ككل؛ وكذلك تحت تأثير تكاثر سكاني وتوسع عمراني سريعين، دون نمو مواز في الخدمات والمرافق العامة؛ وأيضا تحت تأثير تدين منتشر ونزاع أكثر وأكثر إلى التشدد.
غير الحلبي مثلي قلما كان يجد منفذا إلى مدينة كانت تنكمش على نفسها. في الجامعة كنا نشكل مجتمعا مختلطا من وافدين من مختلف مناطق البلد، بما فيها الريف الحلبي، ومن شتى أديان السوريين ومذاهبهم، ومن فلسطينيين.
لكن المدينة كانت تقاوم اختراق النظام. جامعتها ونقاباتها ونشطاؤها السياسيون ومتدينوها كانوا من الأشد مقاومة لنظام حافظ الأسد. عدا الجامعة، كانت المقاومة حلبية مدينية أساسا.
احتلت حلب عسكريا في ربيع 1980، وسحقت هذه المقاومات. وكانت تلك آخر أيام حياة ثقافية مستقلة، وآخر أيام النقاش الحر نسبيا في الجامعة. آخر أيام السينما أيضا.
ومثل كل المدن السورية كانت حلب تسير قدما نحو أن تكون مدينة بلا روح ولا ملامح شخصية.
حلب الثانية، 1997-2000، مدينة كبيرة الجسم مثل دمشق، لكنها مثل سورية كلها، بلا رأي، بلا ثقافة، بلا سياسة، بلا مجال عام يختلط فيه الناس ويتعارفون، حتى أنها بلا تدين ظاهر، رغم أن كل شيء يوحي بأنها متدينة.
في حلب الأولى قادتني بداوة طلاب الجامعة إلى الترحل بين سبعة بيوت، لكن كلها في أحياء مركزية لا يذكر اسم اي منها اليوم في الفضائيات التي تغطي الثورة. في حلب الثانية أقمت في حي كان طرفيا، الشيخ مقصود، يسكنه عرب وكرد، ومسلمون ومسيحيون.
حين مات حافظ الأسد في حزيران 2000 سارع سكان بعض الأحياء المركزية إلى التمون من الخبز والمعلبات والخضار...، وخفّت حركتهم خارج بيوتهم. هذا لم يحصل في الأحياء الطرفية التي قلما تتقاطع حياة ساكنيها بحياة الطغاة وموتهم.
حلب الثالثة، الثائرة، 2011-2012، بدأت من الأرياف ومن الأحياء الأكثر طرفية: صلاح الدين، الصاخور، الكلاسة، باب الحديد، الشعار، الزبدية... كأنما هذه الأحياء احتفظت بروح وشخصية خوت منها الأحياء المركزية، حيث الحضور الكثيف للسلطة والمال والتدين الداجن.
لكن حيث الروح والشخصية يشعر نظام تعب كثيرا للتخلص منهما وملاحقة أشباحهما بالخطر. وحين يشعر بالخطر يقتل. سبق أن قتل حمص ودير الزور، ولن يردعه شيء عن قتل حلب إن استطاع. هذا الوحش المسعور سيقتل سورية كلها إن بقي حيا.



#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار حول مشكلة الطائفية وسياسة الأقليات
- مشاهد سورية الجديدة وملامحها
- تكوين الثورة وعمليات تشكل سورية الجديدة
- حقوق الأقليات أم جمهورية المواطنين؟
- فصل رابع من الصراع السوري
- على درب القيامة الكبرى في دمشق
- لماذا، وضد من يثور السوريون؟
- الثورة السورية وظاهرة -الانشقاق-... أية سياسة؟
- في عالم انفعالات الثورة السورية
- الثورات العربية وصعود الإسلاميين السياسي
- إبطال وظيفة السجن... حوار حول كتاب -بالخلاص، يا شباب!-
- في جذور الحرب وامتناع السياسة...
- صعود العدمية المقاتلة في سورية
- ثلاثي الحرب السورية... دولتان قوميتان وطغمة
- أجساد سورية العميقة وأرواح سورية الظاهرة
- على مشارف الحرب السورية
- من الأبوات إلى الأنوات... جيلان من السياسة والثقافة
- نظام الأسد بلا... أسد!
- صورة -الشوايا- وحال منطقة الجزيرة السورية
- الثورة وإفلاس نماذج التحليل السائدة


المزيد.....




- تجربة طعام فريدة في قلب هافانا: نادل آلي يقدّم الطعام للزبائ ...
- 6 فقط من أصل 30: لماذا ترفض دول الناتو إرسال قوات إلى أوكران ...
- الدفاع التركية: تدمير 121 كم من الأنفاق شمال سوريا
- صحيفة: خطاب بايدن في الفعاليات بـ 300 ألف دولار
- وكالة الطيران الأممية ترفض طلب كوريا الشمالية التحقيق في تسل ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن
- مجلس الأمن يدين هجمات الدعم السريع بالفاشر ويدعو لفك الحصار ...
- المحكمة العليا الروسية تزيل تصنيف “طالبان” كـ-جماعة إرهابية- ...
- ما ردود الفعل في إسرائيل على رفض “حماس” مقترح وقف إطلاق النا ...
- الخارجية الأمريكية توضح لـCNN مصير سفينة قمح متجهة إلى اليمن ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - حلب