|
... الأعجاز العلمي في القرآن
عامر الأمير
الحوار المتمدن-العدد: 1113 - 2005 / 2 / 18 - 11:46
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
( ان الحقيقة ليست الا فرضية يفترضها الانسان كي يستعين بها على حل مشاكل الحياة ) - وليم جيمس اعتاد الشيخ عبد المجيد الزنداني رئيس جامعة (الأيمان) في اليمن أن يدس بأنفه في كل العلوم ويحاول بطريقته الخادعة المضللة أن يقحم القرآن في مجال المعرفة العلمية وذلك بلوي عنق الآيات القرآنية وربطها ببعض الحقائق العلمية أو الفرضيات العلمية التي من الممكن أن تتبدل وتتغير بمرور الزمن .. لكي يثبت ما يسميه (الأعجاز العلمي في القرآن )!!.. يقول الزنداني :" بعض علماء المسلمين يقولون فيه معجزة جديدة في القرآن ليست هي الإعجاز العلمي، الإعجاز العلمي هذا كان أصحاب القرن العشرين، لكن أصحاب القرن الواحد وعشرين الكمبيوتر وما الكمبيوتر، والأرقام وما الأرقام يبشرون بنوع آخر جديد وهو الإعجاز العددي، المسمى الإعجاز العددي، والحقيقة هناك شواهد كثيرة في الإعجاز العددي ولطيفة، وأنا أتوقع أن المستقبل سيكون الإعجاز العددي، فمثال.. سأذكر مثال فيه إعجاز علمي وفيه إعجاز عددي في آية واحدة، أما الإعجاز العلمي فكنت أقرأ قول الله جل وعلا: (وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس) فكنت أقول الله يخبرنا عن أن الحديد نزل من السماء، لكن نحن نستخرج الحديد من الأرض، فكان المقدَّر أن يقال خلقنا الحديد مش (أنزلنا الحديد) ووجدنا بعض المفسرين –رضوان الله عليهم- يقولون يعني –جزاهم الله خيراً- أنزلنا بمعنى خلقنا، فيرد عليهم آخرون من المفسرين قالوا: لأ، لو أراد الله أن يقول خلقنا لقال خلقنا ولكنه قال أنزلنا، فلما قابلت البروفيسور (أرمسترونج) من أميركا وهو أحد أربعة في وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) وسألته هذا السؤال قلت له: أخبرني كيف خلق الحديد في الأرض؟ قال: الحديد يستحيل أن يكون خلق في الأرض، الحديد لابد أن يكون قد خلق في السماء ونزل إلى الأرض، لماذا؟ قال: لأن تكوين ذرة حديد واحدة لما حسبناها وجدنا أنها تحتاج إلى طاقة مثل طاقة المجموعة الشمسية أربع مرات، فالحديد عنصر وافد من الكون. ويضيف الزنداني :".. الباحثون الآن في الإعجاز العددي يقولون: إحنا عندنا معجزة في الحديد، لكن من الناحية الرقمية، فيقولون الحديد له وزن ذري ومعه خمسة أوزان ذرية، الوزن الذري الأوسط 57، وزن الذرة 57، افتح المصحف.. إذا فتحت أي مصحف الآن ستجد سورة الحديد رقمها في المصحف 57، فيقولون الوزن الذري.. الوزن الذري 57 ورقم سورة الحديد 57، ثم يقولون العدد الذري.. العدد الذري شيء.. 26 للحديد، العدد الذري 26، آية سورة الحديد.. آية الحديد في سورة الحديد رقمها 26 إذا حسبنا البسملة آية، فيقولون هل هذه مصادفة أن يكون رقم السورة هو الوزن الذري ورقم الآية هو العدد الذري؟! ما هي مصادفة، هم يوردون كثير من الأمثلة على هذا.." !!! وللزنداني قدرة فائقة في الأتيان بالبراهين والأدلة لكي يوهم عقول الناس بتلك الخرافات والأباطيل التي تلاقي تعظيما و أجلالا كبيرين لدى الملايين من المسلمين و كأنها حيلة يلجأ اليها العقل الأسلامي للتهرب من تخلفه الحضاري والعلمي ومحاولته التعويض عن الشعور بالنقص في عدم قدرته على المساهمة الفعلية في الانجاز الحضاري بطريقة تفخيم الذات والشعور الوهمي بالعظمة .. وهو شعور مرضي لن يزيد هذا العقل الا مزيدا من الخمول والتخلف والأنحطاط .. ينسى الزنداني وأمثاله ان القرآن له مجاله المعرفي في الحث على السلم والأصلاح الأجتماعي والدعوة الى الأخلاق الحميدة ولا شأن له بالنظريات أو الحقائق العلمية فهو ليس بكتاب فيزياء أو كيمياء أو طب أو صيدلة .. انه كتاب ديني له دوره في أصلاح الحياة الأجتماعية من خلال تبشيره بالأمل الأخروي الذي يمنح الشخص البشري الشعور بالمعنى ويخلصه من الشعور بالعبث واللاجدوى .. لقد أعلن هذا الشيخ التهريجي في الآونة الأخيرة عن أكتشافه لعلاج لمرض الأيدز والتهاب الكبد الفايروسي والسكري !! في الوقت الذي لايمتلك فيه هذا الرجل المؤهل العلمي أو المختبرات العلمية التي تؤهله التوصل الى مثل هذه الأكتشافات الخطيرة !! ينسى أو يتناسى الزنداني أن من أهم شروط البحث العلمي التجريبي الدقيق أن يكون صاحبه مشككا حائرا قبل ان يبدأ بالبحث .. أي ان الباحث عن الحقيقة العلمية لا يضع في باله ( النتيجة !) التي يريد التوصل اليها ثم يحاول ان يدعمها بالأدلة والبراهين التي تدعمها كما يفعل الزنداني الذي يضع العربة أمام الحصان كما يقال .. هو رجل دين عقائدي يحاول جاهدا الأتيان بالأدلة والبراهين من هنا وهناك لكي يدعم بها عقيدته أو ( حقيقته العلمية المزعومة )!!!ان المتدين المؤمن بعقيدة من العقائد لايستطيع أن يتجرد من عقيدته الدينية مهما حاول وقد يظن أنه متجرد منها ولكن ذلك من الأوهام أو الخداع الذاتي .. وبالتالي لا يستطيع أن يكون باحثا علميا تجريبيا متجردا من عواطفه وعقائده أو موضوعيا في بحثه عن الحقيقة بشكل عام والحقيقة العلمية بشكل خاص .. أن رجال الدين العقائديين يجرون وراء مايعرف بالحقيقة المطلقة والتي لاوجود لها أو لايمكن للعقل البشري أن يفهمها .. ويقول الدكتور الوردي :"ان المفكرين القدماء ظلموا أنفسهم وظلموا غيرهم حين اعتقدوا بأن العقل البشري مرآة الحقيقة .." ويقول أيضا :" ان من مزايا هذا العصر الذي نعيش فيه هو ان الحقيقة المطلقة فقدت قيمتها وأخذ يحل معها سلطان النسبية ..." !! ولا أتصور أن رجال الدين العقائديين قادرين على استيعاب معنى الحقيقة النسبية وأبعادها الفلسفية ... أن مايسمى بالأعجاز العلمي في القرآن يسيء الى القرآن بمثل مايسيء للعلوم .. ولن ينتقص من قيمة القرآن ألا يكون ( معجزة ) في الكشف عن علوم الطبيعة فتلك ليست من مهام القرآن ولا من أهدافه ... ولكن ذلك لن يردع أو يمنع الزنداني ومن لف لفه من مشايخ الأسلام في أستخدام الآيات القرآنية كوسيلة للتحكم بالعقول وتخديرها لأسباب أيديولوجية بحتة هدفها الهيمنة والسيطرة على الفاعلين الأجتماعيين والتلاعب بهم لتحقيق مآربهم وأهدافهم في نيل المكانة العالية والهيبة والسلطة من خلال أمتلاكهم الرأسمال الرمزي أو الحقيقة الدينية .. فهم من يمتلك الحق الألهي و ينوبون عن الله ويتكلمون بأسمه .. كما كان يفعل الكهنة المسيحيون في القرون الوسطى !!! و من ثم يخدعوننا بمقولة :" لاكهنوت في الأسلام " !!! ولست أدري ماذا يسمون الدور الخطير الذي يقومون به في التلاعب بعقول الناس ؟؟ ...أنه كهنوت أسلامي ككهنوت المسيحية القروسطية ليس الا !! نعاني منه كما عانت منه شعوب أوربا من قبل وهو عقبة كأداء أمام تحرر الشخص البشري في المجتمعات الأسلامية وتحديث عقله لكي يبدع وينجز ويساهم في التحديث والحداثة .. يرى المفكر محمد أركون أن الحداثة تعني الانتقال من مرحلة العقل الدوغمائي الى مرحلة العقل النقدي المتطور باستمرار .. أو العقل العلمي التجريبي المتحرك والمتطور ... لم تتحرر أوربا من العقل الدوغمائي بين ليلة وضحاها .. فقد استغرقت عملية التحرير تلك أكثر من مئتين سنة من الصراع الطويل والمرير بين نمطين من أنماط العقل ..ولولا ذلك التحرير لما أستطاعت الحضارة الأوربية أن تخطو تلك الخطوات الجبارة في الأنجاز العلمي والتقني و الصناعي ...أو تحقيق الرفاهية والتقدم والرقي ..
#عامر_الأمير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأسلام بين الأصولية والحداثة
-
التسامح واللاتسامح في العهدة العمرية
-
معركة حول الزنداني في موقع سعودي
-
المسلمون بين الشورى والديمقراطية
-
صباح الخير والحرية والديمقراطية
-
تحية للأمة العراقية ... بزوغ فجر الديمقراطية
-
أسطورة الحميراء
-
بريجيت باردو .. ونحر الخراف الآدمية
-
سادية أعراب الصحراء في نحر الأبرياء والتعامل مع النساء
-
أحلام المسلمين المقدسة
-
الكبت الجنسي .. بين الجنة والأرهاب
-
الأمم الحية ... وأمة العرب ... مقارنة
-
الأخلاق الصحراوية المقدسة
-
هل المجتمعات الاسلامية مجتمعات متسامحة ؟
-
جذور نفور اهل السنة العمرية من الانتخابات
-
العقل العربي الأسلامي ونظرية المؤامرة
-
الزنداني ... والأيدز ... وجائزة نوبل
المزيد.....
-
المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح
...
-
أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202
...
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|