أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جعفر المظفر - الإسلام السويسري *














المزيد.....

الإسلام السويسري *


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 3813 - 2012 / 8 / 8 - 17:03
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الإسلام السويسري *


كنت قد توقفت في المقالة السابقة حول تأكيد الشيخ القرضاوي على أن العلمانية هي وليدة ظروفها الزمانية والمكانية الأوروبية, ووافقته على أمل أن لا يستعمل ذلك القانون بشكل سلبي فيصار إلى رفض كل الأفكار والمناهج العلمية والفكرية الإنسانية بدعوى أنها لم تنشأ محليا, كما وجدت أن بإمكان العلمانيين أيضا أن يطبقوا هذا القانون على الإسلام ذاته مدعين أن نشأته المحلية تقف بالضد من إنتشاره عالميا, وسيقال لي أن ذلك لا يجوز أبدا لأن طبيعة الأديان هي طبيعة أخلاقية وروحية عامة, فإن هي تخاطبت مع مكان ما فبحرص أن لا يأتي الخطاب ضيقا ومحصورا بظرف ذلك المكان وزمانه وأهله.

لكني مع ذلك وجدت أن الذي وضع قانون الزمكان ضد العلمانية قام ولو دون قصد بوضعه أيضا ضد الشريعة الإسلامية. وإذا كان صحيحا أن العلمانية لا تجوز مقارنتها مع الدين من واقع كونها نظريات ومناهج دنيوية وليست سماوية, إلا أن التأكيد على أن "التشريعات النصية" في الإسلام هي صالحة لكل العصور والأمكنة, مع نبذ الإجتهاد في النص وإعتباره بدعة تقود صاحبها إلى النار, هي التي تؤكد على جواز إستعمال قانون الزمكان ضد الشريعة أيضا.

إن الإسلامويين هم ضد العلمانية, لكن العلمانيين ليسوا ضد الإسلام, وإنما هم ضد الاستعمالات المطلقة لنصوص التشريع التي تحاول أن تلغي أي قانون وضعي جديد, وحتما فإنهم ضد تدخل المؤسسة الدينية في شؤون السياسة والحكم آخذين بنظر الاعتبار أن رجالات الدين ليسوا هم الدين, وإن المؤسسة الدينية ليست هي الله, وإنه ما دام الدين هو التعامل بالأصل ( إنما الدين التعامل ), وما دام هو مجموعة أخلاقياته قبل طقوسه ( جئت لأتمم مكارم الأخلاق ), فإن بإمكان العلماني أن يكون أقرب إلى الله من رجل الدين نفسه.

ولو كان العلمانيون ضد الدين كما يؤكد عليه الإسلامويون لما وجدت كنيسة في كل حي أوروبي صغير ولما جرت روح التسامح مع الأديان الأخرى بالإتجاه الذي سمح لها بإقامة معابدها وطقوسها.
وحتى أن أوروبا وأمريكا قد أصبحتا المكان الآمن الذي يعبر المرء فيه عن طبيعة التزامه المذهبي دون خوف أن يقتل أو يضطهد بسبب كونه سنيا أو شيعيا, مسلما أو مسيحيا أو بهائيا, كما يحدث في البلدان الإسلامية التي تصاعد فيها نفوذ الحركات الإسلاموية, ومن الطبيعي أن ذلك لم يكن ليحدث في أوروبا وفي غيرها لولا إنتصار العلمانية على سلطة المؤسسة الدينية, حيث كفل ذلك الإنتصار لأوروبا فرصة الخروج من عصر محاكم التفتيش إلى عصر النور .

وحتى مع بلداننا التي ترتفع فيها راية الإسلامويين المكفرين للعلمانية فإن العودة إلى مراحل الأنظمة المدنية فيها, وهي أنظمة علمانية بالتعريف المجاز, ستؤكد من جانبها ان العلمانيين السياسيين لم يقفوا لحظة واحدة ضد الدين, ولا دعوا الناس إلى ترك الالتزام به, ولا وقفوا ضد إقامة أماكن العبادة. بل أن الحاكم غالبا ما راح يقدم نفسه من خلال بناء المزيد من الجوامع فصار حضرته هو أيضا خلطة كاذبة جمعت العلماني والمعمم في جبة واحدة وذلك من أجل الدخول المأمون والمضمون على وليمة السلطة. وما كان نفاق الحاكم بهذا الاتجاه منفكا عن ضغط الحاجة إلى نيل رضاء رجل الدين وإلى إرضاء العامة من الغوغاء.


إن الإسلامويين يبدأون مماحكتهم هذه بالكذب حينما يدعون بأن العلمانيين السياسيين هم ناس ملحدين, وحينما ساووا بين المنهج العلماني المادي الشمولي كالماركسية مثلا وبين العلمانية الجزئية السياسية كالفكر الليبرالي, ومنه الفكر الرأسمالي, رغم إن هذا الفكر كان مثلهم قد حارب الشيوعية بدعوى أنها ملحدة, ولم يتوقف فقط أمام كونها نقيضا إجتماعيا وسياسيا فحسب.

وأنا هنا بطبيعة الحال لست بصدد إجراء مقارنات هدفها الدفاع عن العلمانيين والوقوف ضد الدين أو رجاله, وإنما أنا بصدد الحديث عن علاقة المؤسسة الدينية بالسياسة وليس عن علاقة الدين بالمجتمع, فالدين لا يمكن فصله عن المجتمع والفرد رغم ضرورة أن لا يتحول إلى مؤسسة إرغامية وقهرية تتتقاطع مع حاجة الفرد إلى حرية التفكير والمعتقد, وأن لا يتحول إلى حالة إيمان خوفي رهابي من شانه أن يحول الناس إلى قطيع بلا عقل وتفكير أو دراية وذلك على طريقة (ربي اعطني إيمان العجائز). والإسلام نفسه يعتبر النفاق أشد درجات الكفر كفرا " قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا على النار".

" وشيخنا " محمد عبده " الذي كان قد عاد من سويسرا ليطلق مقولته التي صارت حجة ( رأيت إسلاما ولم أرى مسلمين ) لم يسعفه الحديث, أو انه شاء أن يعلن بطريقة مبطنة أن العلمانيين السويسريين هم أقرب إلى الله من العلماء المتأسلمين, هذا إذا ماكانت القربى إلى الله تقاس بمكانة المخلوق بين الناس قبل أن تقاس بعدد ركعات ذلك المخلوق.

لقد تعددت الطرق لكن الكفر واحد.
وإن اشد الكفار كفرا هم المنافقون الذين يضعون جبة مسلم على جسد شيطان.
وتبقى مكانة المخلوق عند الخالق هي مكانته بين الخلق..
وذلك هو إسلام السويسريين الذي إنبهر به محمد عبده.
فعسى الله أن يرزقنا بإسلام مثله.


________________________________

*تعددت الروايات حول إسم الدولة التي قال فيها الشيخ عباراته فمنهم من قال إنها فرنسا وآخر ذكر بأنها إنكلترا ومنهم من قال أنها سويسرا



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دولة الإسلامويين ومعاداة العلمانية
- الطائفية.. من صدام إلى بشار
- أن نتقاطع مع الدم السوري.. تلك هي المشكلة
- ثلاثة طرق طائفية للهجوم على الطائفية
- كيف تكره الأسد دون أن تحب حمد
- البصرة.. مدينة السياب والشاوي وأهلها الطيبين
- طائفيو المهجر
- ما الذي فشل مع فشل الاستجواب
- الخلل في الدستور أم في الرجال والنظام
- ديمقراطية بدون ديمقراطيين وعراق بدون عراقيين
- لماذا لا يقود المالكي المعارضة بدلا من مجلس الوزراء
- من هم الأشد خسارة في عراق الطوائف.. الشيعة أم السنة
- الطالباني ومخالفته الدستورية الأخيرة
- المالكي وسحب الثقة والورقة الكردية
- هل صرناالآن بحاجة إلى المنقذ
- عبدالله بن سبأ وقضية سحب الثقة من المالكي
- حكاية اللابديل.. فاقد الشيء هل يعطيه
- شيطنة الآخر.. من الاشتباك بالسلاح الأبيض إلى الاشتباك بأسلحة ...
- ليس حبا بعلاوي وإنما كرها بالمالكي
- ما الذي أسقطه الصدريون بعِلمٍ أو بدونه


المزيد.....




- ثبت تردد قناة طيور الجنة الجديد على النايل سات وعرب سات
- تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 Toyor Aljanah نايل سات وعرب ...
- اللواء باقري: القوة البحرية هي المحرك الأساس للوحدة بين ايرا ...
- الإمارات تكشف هوية مرتكبي جريمة قتل الحاخام اليهودي
- المقاومة الإسلامية تستهدف المقر الإداري لقيادة لواء غولاني
- أبرزهم القرضاوي وغنيم ونجل مرسي.. تفاصيل قرار السيسي بشأن ال ...
- كلمة قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي بمناسبة ...
- قائد الثورة الاسلامية: التعبئة لا تقتصر على البعد العسكري رغ ...
- قائد الثورة الاسلامية: ركيزتان اساسيتان للتعبئة هما الايمان ...
- قائد الثورة الاسلامية: كل خصوصيات التعبئة تعود الى هاتين الر ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جعفر المظفر - الإسلام السويسري *