داود روفائيل خشبة
الحوار المتمدن-العدد: 3813 - 2012 / 8 / 8 - 14:43
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
معذرة. من لم يفقد عقله فى ظل هذا البلاء الذى نعيشه هو وحده من لم يكن له أصلا عقل ليفقده. فلتعذروا منى أخلاط الهواجس هذه.
أسوأ الخطأ أنصاف الحقائق.
يقولون إن شعبنا ليس جاهزا للديمقراطية. وإنهم لصادقون.
عندنا الجهل، وعندنا الفقر الذى يحمل المرء على أن يبيع نفسه لمن يدفع، وعندنا من يملك الإرشاد ويملك التوجيه بسلطان من السماء.
وقد رأينا ناتج كل هذا فى استفتاء أضلّ مسارنا، وفى انتخابات برلمانية أسلمتنا وأسلمتنا للجهل، وانتخابات رئاسية لم نعد معها نعرف من يملك الزمام أو حتى إن يكن هناك من يملك الزمام.
هل كان علينا أن ننتظر حتى يصبح مجتمعنا مؤهّلا للديمقراطية؟
لو أننا انتظرنا حتى أصبح كل مواطن عليما بكل نظريات السياسة والاقتصاد ثم أجرينا الانتخابات لما أتت النتيجة خيرا مما أتت بالفعل.
لن يصبح الشعب مهيّأ للديمقراطية إلا بممارسة الديمقراطية.
لن نتعلم إلا إذا جربنا وأخطأنا وعانينا.
يتحتم أن نخطئ مرة ومرة ومرة حتى نتهيّأ للديمقراطية.
الديقراطيات المتقدمة حين بدأت مشوارها لم تكن أحسن حالا مما نحن الآن.
لكنهم خاطروا وغامروا وأخطأوا كثيرا وعانوا كثيرا وتعلموا وما زالوا يخطئون ويعانون ويتعلمون.
يقولون إن هبّة الشعب فى 25 يناير 2011 لم يأتنا منها إلا كل هذا البلاء الذى نعيشه اليوم. إنهم لا يكذبون.
هبّة 25 يناير 2011 كانت انفجارا وتفجيرا لكيان فاسد كان حتما أن ينفجر.
ولو صبرنا على ذلك الفساد أعواما وعقودا وأجيالا كان لا بد يوما أن يحدث ما حدث.
كان مطلوبا أن يحدث ما حدث وكان علينا أن نتقبل كل ما نتج عنه.
والآن لا عودة للوراء.
علينا أن نعمل. ليس لنا وليس علينا إلا أن يقوم كل واحد منا بما هو مؤهل له.
وفى زعمى أن أهم الواجبات الملقاة على من يستطيعون ذلك منـّا، العمل على بث شعاع من نور يكشف شيئا من جحافل الظلام الذى يكتنف العقول.
ومرة أخرى، معذرة عن هذه التهويمات المختلطة، فمن لم يفقد عقله فى محنتنا هذه ليس إلا من ليس له أصلا عقل ليفقده.
القاهرة، 8 أغسطس 2012
#داود_روفائيل_خشبة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟