أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - حرية الفكر والاعتقاد والإلحاد














المزيد.....


حرية الفكر والاعتقاد والإلحاد


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 3813 - 2012 / 8 / 8 - 09:29
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هي أن تكون حر في أن تفكر وتعتقد في ما تشاء، أو لا تفكر ولا تعتقد في أي شيء إطلاقاً، دون أي قيد من أي نوع عدا الشرط الملازم دائماً لكل الحريات في كل الديمقراطيات: عدم التعدي قولاً أو فعلاً على حريات الآخرين، زملائك في الوطن. فكر واعتقد فيما تشاء، كل ما تشاء، إلا أن يكون فيه عدوان باللفظ أو بالفعل على آخرين يعيشون معك تحت سماء وطن واحد. أن تفكر أو تعتقد في فكرة أو معتقد يكون النقيض تماماً لأفكار ومعتقدات الآخرين، سواء أغلبية أو أقلية أو جماعات أو أفراد، حتى لو كانت أفكارك ومعتقداتك تهدم أفكارهم ومعتقداتهم وتنسفها نسفاً، هذا ليس تعدياً على حرياتهم، طالما أن أفكارك ومعتقداتك النقيض تلك لم تحرض على كراهية هؤلاء الآخرين المختلفين أو على العنف ضدهم. عندما يعتدي فرد على آخر أو جماعة على أخرى، باللفظ أو بالفعل، يكون الوطن في مخاصمة وشقاق ونزاع قد يتفاقم إلى حرب أهلية، ويتهدد الوطن وأبناءه الفشل والضياع. بينما حرية الفكر والاعتقاد تفتح الأبواب أمام العيش السلمي والإبداع والتقدم والازدهار للجميع، لأنها تصون للجميع حرياتهم وتمنع من أن يحرض أحد على أحد بالكراهية أو بالعنف. فكر واعتقد فيما تشاء، كل ما تشاء، عدا الكراهية والعنف أو التعدي على حريات وخصوصيات الآخرين.

الحرية، في أي شيء، هي الشيء ونقيضه في نفس الزمان والمكان؛ حرية الفكر هي كل فكرة ونقيضها؛ وحرية الاعتقاد، كل معتقد ونقيضه. الحرية نور، مثل نور الكهرباء، لا تشع إلا بوجود الطرفين السلبي والإيجابي واتصالهما وتفاعلهما معاً. أن تقول:"إن الشمس تشرق من جهة الشرق وتغرب في جهة الغرب"، لا يمنعني أبداً من أن أقول: "لا، إن الشمس تشرق من جهة الغرب وتغرب في جهة الشرق". الحكم متروك لغلبة حقائق الواقع والفكر السائد وتطورات واكتشافات المستقبل، التي إما ستؤيد فكرتي أو فكرتك. في الماضي، كانت الفكرة السائدة أن الشمس تدور حول الأرض، بينما شخص واحد زعم أن هذه الفكرة خاطئة وأن الأرض هي التي تدور حول الشمس. مع مرور الزمان وتقدم العلوم، ثبت صحة فكرة الفرد الواحد في مواجهة الجميع السائدين والآن تحولت فكرته إلى السائدة بينما الغالبة قبلها أصبحت خرافة. الحرية هي تنافس وتفاعل في الهواء الطلق بين الأفكار، لينتصر ويبقى ويسود الصحيح منها في نهاية المطاف.

العقيدة هي فكرة في أقصى أطوار الثبات والإيمان بصدقها وصوابها. كل عقيدة كانت في الأصل فكرة، بينما ليست كل فكرة عقيدة. العقيدة هي فكرة شديدة التركيز، لأقصى درجات التركيز، لتتحول إلى يقين وإيمان ليس بحاجة بعد إلى دليل أو برهان. العقيدة، من شدة رسوخها، تبدو كما لو كانت عضو في بدن الإنسان صاحبها، لا يستطيع العيش بدونه ولا يستطيع إصلاحه أو تعديله بسهولة. لكن الأفكار أخف وألين من ذلك بكثير، ومن الأسهل مناقشتها وتصويبها وربما حتى الاستغناء عنها واستبدالها بغيرها. ذلك التصلب في العقيدة لا يعني أنها مستحيلة على التغيير. على مر التاريخ، مرت الأمم بما لا يكاد يحصى من العقائد والأديان، أشكالاً وألواناً. حتى في بلد متناه الصغر ومعاصر، مثل لبنان، تجد أكثر من عقيدة تتعايش وتتداخل فيما بينها، وقد تؤدي سخونة الاحتكاك إلى الاقتتال فيما بينها من زمن لآخر. إذا كانت حرية الفكر هي كل فكرة ونقيضها، كذلك حرية العقيدة، هي كل عقيدة ونقيضها. عدا ذلك، لا وجود لحرية عقيدة.

إذا كنت تعتقد وتؤمن بوجود إله، حرية العقيدة تحمي أيضاً من ينفي وينكر وجود هذا الإله. حرية العقيدة تكفل لك أن تعتقد في اليهودية أو المسيحية أو الإسلام، أو تعتقد فيها جميعاً دفعة واحدة، أو تنكرها وتكفر بها جميعاً دفعة واحدة، وتعتقد في دين آخر مخالف تماماً مثل البوذية أو الهندوسية أو غيرهما، أو حتى أن تبتكر لنفسك ديناً جديداً ليس له وجود من قبل، أو تعيش بلا دين على الإطلاق. كذلك حرية العقيدة تكفل لك حرية الحركة والتنقل بين جميع الأديان، ولا تملك أي مؤسسة دينية أو قانونية أن تحرمك من هذا الحق. من حق اليهودي أن يتحول إلى المسيحية والمسيحي إلى اليهودية، والاثنان إلى الإسلام والمسلم لأي من الاثنين، ومن هذه الأديان الثلاثة إلى خارجها ومن خارجها إليها، ومنها جميعاً إلى الإلحاد أو اللادين. هذه هي حرية العقيدة، أن تكون لك مطلق الحرية في أن تختار العقيدة التي تشاء، وأن تعيش دون عقيدة على الإطلاق. لا يحق لك أن تحرض على الكراهية أو العنف ضد أي عقيدة، ولا يحق لأي عقيدة أن تحرض على الكراهية والعنف ضدك، حتى لو اخترت أن تعيش ملحداً خالياً من أي عقيدة.

الحرية تكون دائماً بين الشيء، أي وكل شيء، ونقيضه، السالب والموجب. في خلاف ذلك، لا توجد حرية. رغم ذلك، يريد البعض، تضليلاً، حصر الأديان على اليهودية والمسيحية والإسلام، في مذاهب بعينها فقط، ويزعم أن هذه حرية العقيدة. ليس ذلك فقط، إنما يسمحون بالتحول من اليهودية والمسيحية إلى الإسلام، ولا يجيزونه من الإسلام إلى أي منهما، ويسمون تلك حرية العقيدة. وعلاوة تحريم كافة الأديان الأخرى مثل البوذية والهندوسية، التي يتجاوز أتباعها المليارات، هم لا يعترفون بمن يختار أن يعيش ملحداً بلا دين، ويكفرونه ويحاربونه، ومع ذلك يسمون تلك حرية العقيدة. كذب وضلال. الحرية هي تلازم وتعايش الشيء ونقيضه في مكان وزمان واحد، بشرط عدم عدوان أحد على أحد بالقول أو الفعل. كيف تدعي الإيمان بحرية العقيدة وأنت تعتدي قولاً وفعلاً على كل من يخالفك الدين، وتنادي بقتل المرتدين وتحارب الملحدين؟!



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عدل ظالم...ومساواة حرام
- مساواة في الدين؟
- بكائية الخضيري على البرلمان المسكوب
- مرجعية الأزهر...لبنة في بناء قديم
- يوم الفرقان: الجمعة 28 يناير 2011
- الديمقراطية كفر بالله؟
- المشروع الإسلامي التجريدي وإشكالية الصراع المحتوم
- -حكم بين السلطات-، أضلولة أخوانية
- الدائرة الأخوانية الإسلامية المغلقة
- سلطان الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر
- نصف إله + نصف شيطان = مساواة
- الحرية وتطبيق الشريعة
- امسك...إسلامجية حرامية
- آلهة شياطين
- بسم الدين وبسم العلم...نخون الوطن
- وماذا لو حكم الأخوان؟
- من ثورة مدنية سلمية إلى زحف إسلامي ترهيبي
- هزيمة مشروع الإسلام السياسي في مصر من الجولة الأولى
- أسطورة الإله...أسطورة الوطن
- أدعياء دين وكاذبون ديمقراطية


المزيد.....




- 100 ألف فلسطيني يصلون العشاء في المسجد الأقصى
- استقبال مواطنين من الطائفة الدرزية السورية أثناء دخولهم إسرا ...
- وفد درزي سوري يعبر خط الهدنة بالجولان لزيارة الطائفة في إسرا ...
- 80 ألفا يؤدون صلاة الجمعة الثانية من شهر رمضان في المسجد الأ ...
- بأنشودة طلع البدر علينا.. استقبال وفد من رجال الدين الدروز ا ...
- كابوس في الجنة: تلوث المياه يهدد جزر الكناري!
- تعرف على 10 أهم بنوك إسلامية في أوروبا وأميركا
- حماس: اعتداءات المستوطنين يستوجب موقفا اسلاميا حازما
- حماس: منع الاحتلال اعتكاف المصلين للمرة الثانية في المسجد ال ...
- على أنغام -طلع البدر علينا-.. وفد من رجال الدين السوريين من ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - حرية الفكر والاعتقاد والإلحاد