أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - إدريس ولد القابلة - المغرب:هل نحن على ابواب السكتة القلبية أو الدماغية؟















المزيد.....

المغرب:هل نحن على ابواب السكتة القلبية أو الدماغية؟


إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)


الحوار المتمدن-العدد: 3812 - 2012 / 8 / 7 - 09:15
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


كشفت مختلف التقارير الحكومية والرسمية حول وضعية الاقتصاد الوطني، خلال النصف الأول من 2012، عن أرقام صادمة ومخيفة تدعو إلى القلق الشديد، شملت معظم القطاعات، التي كان المغرب يتكئ عليها للصمود في وجه التقلبات والتحولات الخارجية بالأمس القريب.

لقد تلقت القطاعات ارئيسية، الفلاحة، والسياحة، والصناعة والتجارة الخارجية ضربات قوية وموجعة، إذ أنها كلها تكبدت خسارات فادحة لم يسبق لها مثيل تنوعت ملامحها وتعددت مظاهرها لكن اتحدت مؤشراتها تحت عتبة درجة الصفر.

فالفلاحة، تراجع نتاجها الخام بناقص 5.5 في المائة بمحصول حبوب لم يتجاوز 51 مليار قنطار والساحة تراجع وافدوها الأجانب بـ 6 في المائة، والتجارة الخارجية سجل ميزانها عجزا بقيمة 99 مليار درهم ( 9900مليار سنتيم). كما واصلت المالية العمومية عجزها المستمر بفعل ثقل النفقات، إذ بلغ دين الخزينة إلى 60 في المائة من الناتج الداخلي الخام، كما فقدت سوق الشغل أكثر من 109 آلاف منصب شغل.

فهل هذا يعني أن بلادنا أضحت اليوم،أكثر من أي وقت مضى، مهددة بـالسكتة القلبية أو الدماغية التي كان الملك الراحل الحسن الثاني قد أعلن عنها سنة 1984 بسبب الأزمة الاقتصادية الخانقة التي مر منها المغرب وقتئذ مما جعله يعيش الأفق المظلم.

في هذا الوقت بالذات ظهر بجلاء أن تصريحات حكومة ابن كيران بخصوص إصلاح صندوق المقاصة وتمكينه من تحويل 50 مليارا إلى استثمارات عمومية مع خلق 120 ألف منصب شغل،قد سقطت كلها في الماء وأصبحت مجرد تصريحات للاستهلاك ليس إلا، علما أن الأموال التي ستجنيها الدولة من هذه الإجراءات، بالضرورة سترصد للتخفيف من العجز المخيف في الميزانية ولأداء الفوائد المتراكمة المترتبة عن الديون الخارجية، فهل هذا هو السبيل لتوفير العيش الكريم للمغاربة كما تدعي الحكومة؟

ورغم كل هذا مازلنا نعاين جملة من تصرفات الحكومة غير مسؤولة رقابيا على العديد من الحسابات والاعتمادات الخصوصية في الميزانية العامة والتي تقدر بالملايير، الشيء الذي يجعل الحكومة بعيدة عن رقابة صرف المال العام . علما أن هذه الإعتمادات والحسابات الخاصة مافتئت تثير الكثير من الملاحظات، بسبب الاختلالات التي تطالها دون أن يتم الاطلاع عليها والإمساك بها رقابيا قصد المساءلة والمحاسبة سعيا وراء التقويم والترشيد . ويرى العديد من المراقبين والمتتبعين عدم استساغة وقبول، سياسيا واقتصاديا وماليا وأخلاقيا، الاستمرار في هذا النهج الذي يضع هذه الحسابات فوق أية مراقبة وافتحاص رغم كثرة اللغط حول ضرورة التصدي للفساد . فقد كان من المفروض على الحكومة الحالية في ظل الأزمة الحادة التي يتمرغ فيها المغرب، أن تبادر إلى ملاءمة السياسات المالية العمومية مع فحوى ما يخوله لها الدستور الجديد، لاسيما العمل على التسريع بإصلاح القانون التنظيمي للمالية، لإعادة النظر في طبيعة وطريقة تدبير هذه الحسابات. وهو الشيء الذي لم يتم لحد الساعة، مما يثير أكثر من علامة استفهام حول الشعارات التي رفعتها الحكومة. وهذا يدعو بقوة إلى مساءلة مقاربتها لتدبير هذه الاعتمادات وصرفها وإخضاعها للرقابة، خاصة لمبادئ الحكامة والشفافية في ظل مغرب اليوم الذي يقال أنه يختلف عن مغرب الأمس.

لقد تأكد مرة أخرى أن هناك لخبطة حتى بخصوص أولوية الأولويات المعتمدة أو المصرح بها و التي اهتمت بها الحكومة دون غيرها على حساب كل الباقي، ألا و هي إشكالية التوازنات ، إذ حتى في هذا لمجال اتضح الفشل الذريع غير المسبوق، رغم كل ما رُوّج له من خطابات ايجابية ووردية في هذا المضمار عكسا على ما هو عليه الواقع الأسود فعلا و هذا أمر يدعو إلى التساؤل بخصوص مصداقية خطاب الحكومة المغربية في هذا المجال إلى حد الآن. فالأكيد، بشهادة كل الأرقام والمؤشرات في التصريحات الرسمية، أن التوازنات لم يتم تحقيقها و أن المديونية الداخلية تفاقمت إلى درجة أنها أضحت تؤثر سلبا على الموارد المتاحة للاستثمار. و لا زال و سيظل ثقل ميزانية التسيير (بفعل الرواتب الطيطانيكية و الامتيازات غير المنتجة و التبذير فيما لا طائل اقتصادي أو اجتماعي وراءه) و أداء فوائد الديون المتراكمة، يجثم على عنق الميزانية العامة للدولة على حساب ميزانية الاستثمار. فكيف و الحالة هذه يمكن تحقيق ما تم الترويج له من إعطاء دفعة قوية للاستثمار و انجاز المرافق الاجتماعية قصد تلبية الحاجيات الحيوية و الأساسية لأوسع فئات الشعب المغربي سعيا وراء تحقيق العيش الكريم لأغلب المغاربة؟

لقد اتضح للجميع الآن،أكثر من أي وقت مضى، أن الاقتصاد الوطني المغربي أنهكه سوء استخدام موارد البلاد الطبيعية و المادية و البشرية. وتم التحقق الآن بالحجة والدليل أن المغرب أضاع، بفعل فاعلين معلومين و معروفين، أكثر من موعد تاريخي لتقوية الصناعة الوطنية ، و بذلك أجهضت مختلف فرص التنمية المستقلة القائمة على قاعدة الاعتماد على الذات. و هكذا وصل المغرب إلى حالة مزرية تتميز بالأساس بتعميق الشروخ الاجتماعية و اتساع دوائر التهميش و فضاءات الفقر في صفوف أوسع فئات الشعب المغربي و استفحال الثراء الفاحش و البذخ غير المبرر إطلاقا و بجميع المقاييس. فهناك ما يفوق 8 ملايين من الفقراء أغلبيتهم تحت عتبة الفقر المطلق. أما البطالة فأضحت تنهك أكثر من جيل، و قد همت الأغلبية الساحقة لجيل بكامله، و هي تفوق نسبة 20 في المائة في العالم القروي و 18 في المائة في الحواضر. و الحقيقة أن الواقع يشير بأن النسب هي أكثر من ذلك باعتبار أننا نعتبر ماسح الأحذية غير عاطل و كذلك بائع السجائر بالتقسيط برأس الدرب و ماسح زجاج السيارات عند الإشارات الضوئية بالمدن و اللواتي يمارسن الدعارة و غيرها من المهن المهمشة التي لا تدر على ممتهنيها ما يمكن أن يسدون به رمقهم بانتظام...فهؤلاء يعتبرون بالمغرب غير عاطلين رغبة في التخفيف من نسبة البطالة و هذا عن علم ومع سبق الإصرار بغية التخفيف من وقع الواقع المرّ.

و عموما فإن الاقتصاد المغربي عجز، عمليا و فعليا، عن توفير الحد الأدنى من الدخل و الخدمات الاجتماعية للتصدي لأدنى متطلبات الحياة الكريمة للكثير من المغاربة. و الغريب في الأمر هو عندما تأكد هذا العجز بجلاء وبما لا يخامر أدنى شك ، كان جواب الدولة،على أرض الواقع المعيش، هو تخليها التدريجي، وبوتيرة سريعة ومتصاعدة عن أدوارها الاجتماعية و التوزيعية، و هذا من شأنه لا محالة أن يعرض البلاد الانفجارات اجتماعية طال الزمن أم قصر، سيما و أن الشباب المغربي أضحى على يقين أنه محكوم عليه ببطالة ممنهجة مزمنة.

يبدو أن الوضعية التي يعيشها المغرب حاليا أضحت تتجاوز الإصلاحات الظرفية و المبررات الواهية مادامت تؤكد،يوما بعد يوم،استمراره في قاعة الانعاش لكن دون عناية مركزة كما يستوجب الطرف. فلم تعد الحكومة و لا المؤسسات و لا جلسات مجلسي النواب و المستشارين و لا دورات المجالس الجماعية و الجهوية و لا الادارات العمومية على اختلاف قطاعاتها تحفز المواطن على الثقة و الاهتمام بها بفعل الواقع المرّ الذي يعيشه. لذا من الطبيعي جدا أن تعرف بلادنا حاليا غليانا و حالة من الاحتقان الاجتماعي و موجة من الحركات الاحتجاجية ازدادت شرارتها و لهيبها مؤخرا.

إن الحصيلة الاقتصادية والاجتماعية ما هي،في واقع الأمر، إلا نتيجة حتمية لاختيارات اقتصادية و سياسية نهجها المغرب مند فجر الاستقلال اخطرها سياسة التقويم الهيكلي مند الثمانينات و استمرار نفس التوجيهات و نفس الأسلوب و نفس العقليات في تدبير السياسات العامة و القطاعية. لقد دأب المغرب في السنين الأخيرة على احتلال المراتب المتأخرة حسب مؤشرات التنمية البشرية سواء في التعليم او الصحة او التشغيل. علاوة على أن الوضع الاجتماعي يزداد سوءا ويحمل في طياته كل عوامل الانزلاق ان لم تتدارك و تعالج قضايا الملحة المطروحة. و لعل هروب العديد من الأدمغة و ركوب قوارب "الحريك" و الارتماء في أحضان التطرف، كلها مؤشرات لقمة احساس شرائح اجتماعية واسعة بالاغتراب و"الحكرة" والظلم تحت شمس بلدهم وليس وطنهم لأن الشعور بالمواطنة يستوجب شروطا مازالت مفقودة عندنا رغم كثرة القيل والقال بخصوصها.

كثيرون هم المغاربة الذين يحسون اليوم أن الأمور في المغرب ذاهبة نحو الأسوأ، إنه الواقع مع الأسف الشديد الوجه القاتم للوضع الإقتصادي، وهو الوضع الذي لم يعرف المغرب مثيلا له منذ 1986 . وفي هذا السياق اتضح اليوم أن أكبر جريمة اقتصادية واجتماعية تمّ اقترافها في حق مغاربة اليوم والأجيال القادمة، جريمة الخوصصة التي كانت بمثابة ميلادلسلسلة من الأزمات والمعضلات الاجتماعية ، سيما وأنها فوّتت القطاعات الحيوية لشركات،أغلبها أجنبي، لا يهمها سوى الربح مع تقليص عدد العمال ، و تحويل أرباحها إلى الخارج عوض استثمارها داخل المغرب، وهذه جريمة ستظل مطبوعة على جبين حكومة عبد الرحمان اليوسفي إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .



#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)       Driss_Ould_El_Kabla#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشفافية تستلزم رؤية واضحة حتى لا تصبح مجرد قعقعة
- فضائح المؤسسات العمومية مغاربة خانوا ثقة الملك والشعب
- إفلاس صندوق المقاصة مناسبة أخرى للتفكير في تغيير نموذج التنم ...
- هل أمريكا بصدد إعادة ترتيب أوراقها بشمال إفريقيا عسكريا وأمن ...
- متي سنتخلص من تسو نامي تهريب الأموال؟
- التصدي للاعتداء الجنسي على القاصرين تنامي صادم بالقنيطرة وجه ...
- من سيخلف عباس الفاسي؟ بعد فشل التوافق تم تفعيل استراتيجية ال ...
- الجاسوسية والجاسوسية المضادة بنكهة مغربية
- شباب القنيطرة واقع مر وغد دون معالم مضيئة ثلثاهم تقريبا عاطل ...
- عبدالمومن الديوري شبل ابن أسد ظل واقفا صامدا بتصميم إلى أن غ ...
- الأمن الاجتماعي مسؤولية من؟
- الصفر كثير عليها
- دولة الرفاهية بالمغرب حُلم بعيد المنال
- سخط أم يأس؟
- مازلنا نتوق للكرامة وللعيش الكريم
- -كلاّ وموازينو-
- هل من معنى للصالح العام عند القيمين على أمور المغرب؟
- غريب أمر جامعة ابن طفيل -من لا يستحيي فليفعل ما يريد-
- لماذا تُصر النيابة العامة على حفظ الشكايات ضد رجال السلطة؟
- هل مستقبلنا لازال يتضمن بدرة أمل لتحسين واقع الحال؟


المزيد.....




- زيادة جديدة.. سعر الذهب منتصف تعاملات اليوم الخميس
- -الدوما- يقر ميزانية روسيا للعام 2025 .. تعرف على حجمها وتوج ...
- إسرائيل تعلن عن زيادة غير مسبوقة في تصدير الغاز إلى مصر
- عقارات بعشرات ملايين الدولارات يمتلكها نيمار لاعب الهلال الس ...
- الذهب يواصل الصعود على وقع الحرب الروسية الأوكرانية.. والدول ...
- نيويورك تايمز: ثمة شخص واحد يحتاجه ترامب في إدارته
- بعد فوز ترامب.. الاهتمام بـ-التأشيرات الذهبية- بين المواطنين ...
- الأخضر اتجنن.. سعر الدولار اليوم الخميس 11-11-2024 في البنوك ...
- عملة -البيتكوين- تبلغ ذروة جديدة
- الذهب يواصل رحلة الصعود وسط التوترات الجيوسياسية


المزيد.....

- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - إدريس ولد القابلة - المغرب:هل نحن على ابواب السكتة القلبية أو الدماغية؟