|
رأس المال ينزف دما من كل مساماته ....الرأسمالية المتوحشة بالأرقام
غازي الصوراني
مفكر وباحث فلسطيني
الحوار المتمدن-العدد: 3811 - 2012 / 8 / 6 - 15:49
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
طبقا لبيانات البنك الدولي عن التنمية في العالم ، فإن مجموعة الدول منخفضة الدخل بلغ العدد الإجمالي لسكانها عام 2012 نحو 2500 مليون نسمة، من إجمالي سكان العالم البالغ عددهم 7 مليار نسمة ، أي بحصة تتجاوز ثلث البشرية عددا . وفى المقابل ، بلغت القيمة الكلية للناتج الإجمالي للمجموعة حوالي 2.7 تريليون دولار فقط، من الناتج العالمي المقدر(عام 2011) بنحو 62 تريليونا ، أي بنصيب واحد من ثلاثين جزء. وهكذا يأخذ ثلث سكان العالم نحو 30/1 من الناتج العالمي..! وهناك مجموعة فرعية تسمى الشريحة المنخفضة من المجموعة متوسطة الدخل، ويزيد عدد سكانها على عدد سكان الدول منخفضة الدخل نفسها ، إذ يبلغ 2800مليون نسمة، بإجمالي للناتج يقدر بنحو 6 تريليون دولار. فهذا إذن ثلث آخر لسكان العالم، يحصل على 10/1 من الناتج العالمي . (مجموع سكان الثلثين-الضعيف والمنخفض- 5300 مليون نسمة يحصلون على 14% من الناتج العالمي الإجمالي أي ما يعادل 8.7 تريليون دولار ، في حين أن الدول الصناعية الغنية عدد سكانها 1700 مليون نسمة تحصل على 53.9 تريليون دولار بنسبة 87%) . إن هذه النسبة تجسد بشاعة استغلال وهيمنة دول المركز الرأسمالي على مقدرات شعوب العالم أو ما يطلق عليه : الاستيلاء على فائض القيمة للشعوب..
الرأسمالية المتوحشة بالأرقام : - الفقراء يزدادون فقراً: 1.2 مليار نسمة هو عدد الجوعى في العالم، ينضم إليهم 75 مليون سنويا بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود ، وهذه الزيادة في اعداد الجوعى تقابلها زيادة هائلة في ثروات. - الأثرياء الذين ازداد عددهم ليصل عام 2010 الى 11 مليون شخص مجموع أموالهم تقدر بحوالي42 تريليون . - وعلى صعيد المناطق الجغرافية لا تزال أميركا الشمالية تحتكر القسم الأعظم من الثروات وعدد المليونيرات، حيث يوجد فيها 4 مليون شخص مليونير يملكون نحو 15.5 تريليون دولار. تليها في المركز الثاني أوروبا بعدد مليونيرات بلغ 3.5 مليون شخص تقدر ثرواتهم بنحو 14 تريليون دولار. - 20 مليون شخص ينضمون إلى دائرة الفقر كلما انخفض معدل النمو 1 في المئة، ومن المتوقع أن ينخفض معدل نمو البلدان النامية إلى 4.5 في المئة. - تنامي الناتج المحلي الإجمالي العالمي من 39.4 تريليون دولار عام 1995 إلى 58.6 تريليون دولار عام 2006 الى 62 تريليون دولار عام2011يتوزعون على خمسة شرائح كما يلي : الشريحة الأولى : أغنى 20% يمتلكون82.7% من دخل العالم 1.4( مليون نسمة يمتلكون 51.274 تريليون $ بمعدل 36624 $ للفرد سنوياً) تضم هذه الشريحة الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي واليابان. الشريحة الثانية : أل 20% التالية يمتلكون 11.7% من دخل العالم 1.4( م.ن يمتلكون 7.254 تريليون $ بمعدل 5181 $ للفرد سنوياً). الشريحة الثالثة: أل 20% التالية يمتلكون 2.3% من دخل العالم 1.4 ( م.ن يمتلكون 1.426 تريليون$ 1018$ للفرد سنوياً). الشريحة الرابعة: أل 20% التالية يمتلكون 1.9% من دخل العالم 1.4 ( م.ن يمتلكون 1.178 تريليون$ 841$ للفرد سنوياً). الشريحة الخامسة : أفقر 20% التالية يمتلكون 1.4% من دخل العالم . (1.4 م.ن يمتلكون 0.868 تريليون$ 620$ للفرد سنوياً). - 110 دولة فقيرة هو عدد الدول التي يضمها "نادي الفقراء" إذ ارتفع عددها من 25 دولة في عام 1971 إلى 48 دولة في عام 1999 وصولاً إلى 110 دولة عام 2010. فقد تزامن انتصار الليبرالية الاقتصادية وسياسات الخصخصة وبيع القطاع العام في الدول الفقيرة مع ارتفاع مطرد في عدد الفقراء والجوعى. - هناك مليار شخص دخلوا في القرن الواحد والعشرين وهم غير قادرين على القراءة أو توقيع أسمائهم .ويعيش اليوم 1.3 مليار شخص بأقل من دولار في اليوم و3 مليارات شخص بأقل من دولارين. وهناك 1.3 مليار شخص لا يصل إليهم الماء النظيف و 3مليارات لا تصل إليهم خدمات المجاري وملياران لا تصل إليهم الكهرباء، ويوجد في المجتمعات النامة 800 مليون شخص لا يحصلون على الطعام الذي يكفيهم، بينما هناك 500 مليون يعانون، بصورة مزمنة، سوء التغذية و 17 مليوناً يموتون كل عام من أمراض لا شفاء منها...بالاضافة الى(27) مليون شخص يعانون العبودية على الرغم من نبذها قبل 200 عام. في ضوء هذه الوقائع ، أصبح من غير الممكن التعاطي مع هذه المتغيرات أو فهمها أو الاقتراب منها دون فهم واستيعاب ظاهرة التخلف والتبعية من جهة، وظاهرة العولمة الرأسمالية باعتبارها الإطار المرجعي لكل هذا الانتشار والهيمنة من جهة ثانية. لقد استكملت هذه الظاهرة نموها وتراكماتها في نهاية عقد الثمانينات ، وانطلقت بحركتها الهمجية اللامحدودة خلال عقد التسعينات ، وهي ، اليوم ، أصبحت قوة من أهم القوى المؤثرة في حقائق العصر الراهن ، قطعت مع كثير من الأسس والمعطيات الفكرية والسياسية التي صاغت العقل الإنساني في الحقب التاريخية السابقـة من جهة والى القطيعة مع شكل وجوهر العلاقات الدولية التي أقرتها وثائق الأمم المتحدة في نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945 من جهة ثانية. فالعولمة، هي الآن القوة الرئيسية – الخفية أو الظاهرة للعيان – التي تقود المجتمعات الصناعية المتقدمه في الولايات المتحدة وأوربا واليابان إلى الألفية الثالثة ، في حين تتعرض بلدان العالم الثالث إلى انهيار بنيوي لم تشهد مثله في أي حقبة سابقة، ويبدو أن مظاهر هذا الانهيار التي أصابت المكونات الاقتصادية والاجتماعية في العالم الثالث عموماً، وفي بلدان وطننا العربي بوجه خاص ، لم يكن ممكناً لها أن تنتشر بهذا الاتساع بدون تعمق عوامل التبعية والتخلف والإلحاق التي ستتعمق ويعاد إنتاجها بأشكال جديدة في ظل مشهد الاسلام السياسي الراهن من ناحية وضعف وتراجع الحركات والقوى اليسارية من ناحية ثانية. ففي بلادنا العربية ، وفي ظل تعميق مظاهر التبعية الاقتصادية والسياسية والثقافية، أصبح الطريق ممهداً لإنتشار التبعية وتزايد مظاهر التخلف بالمعنى السيكولوجي ، وهو الشكل الأكثر خطورة ، لأن تكريس هذا الشكل – السيكولوجي – في الأوساط الشعبية العربية، من خلال هيمنة حركات الإسلام السياسي، سيجعل من كل مفاهيم التحرر والنهضة والتقدم والديمقراطية والتنمية والعدالة الاجتماعية كائنات غريبة مشوهة للشخصية الوطنية و القومية العربية ، بما يعزز ويستنفر القوى الديمقراطية واليسارية، الوطنية والقومية، لكي تنهض، وتتفاعل وتندمج في مسامات الحراك الثوري العربي أو الانتفاضات الجارية، وقيادتها صوب تحقيق الأهداف التي ضحت الجماهير الشعبية الفقيرة من أجلها . من هنا فإن الدعوة إلى مقاومة عولمة الاستسلام ، تمثل أحد أبرز عناوين الصراع العربي الراهن من أجل التحرر والديمقراطية والعدالة الاجتماعية بآفاقها الاشتراكية ، مدركين أن أحد أهم شروط هذا التحدي العربي لهذه الظاهرة هو امتلاك تقنيات العصر ومعلوماته وفق مفاهيم العقل والعلم والحداثة ، في إطار أيديولوجي تقدمي ديمقراطي، ينتمي إلى الواقع العربي ويتفاعل معه، ويعبر عنه في الممارسة العملية من جهة ، وإلى الاشتراكية والفكر الماركسي كضرورة تاريخية للخلاص والتحرر الوطني والقومي الديمقراطي و الاجتماعي من جهة أخرى ، إنها مهمة لا تقبل التأجيل ، يتحمل تبعاتها – بشكل مباشر – المثقف التقدمي الملتزم في كل أقطار الوطن العربي ، إذ أنه في ظل استفحال التخلف وعدم تبلور الحامل الاجتماعي الطبقي النقيض للعولمة وتأثيرها المدمر ، لا خيار أمام المثقف العربي سوى أن يتحمل مسئوليته – في المراحل الأولى – منفرداً ، وهذا يستلزم – كخطوة أولى – من كافة الأحزاب والقوى الماركسية ، أن تتخطى شروط أزمتها الذاتية ، وأن تخرج من حالة الفوضى والتشتت الفكري والسياسي والتنظيمي الذي يكاد يصل إلى درجة الغربة عن الواقع عبر التوجهات الليبرالية الهابطة أو العدمية التائهة . لقد آن الأوان لاستخدام النظرية والمنهج العلمي استخداماً جدلياً مع الواقع العربي بكل تفاصيله وخصوصياته ، وذلك على قاعدة الالتزام الأيديولوجي من جهة والالتزام بالديمقراطية كوسيلة لا بد من نشرها وتعميقها ومأسستها على الصعيد المجتمعي ، وتطويرها من شكلها السياسي أو التعددي الفوقي إلى جوهرها الشعبي الاجتماعي الاقتصادي الذي يمثل نقيضاً لأوهام الليبرالية الغربية وشروطها المعولمة من جهة أخرى، ونقيضاً لما يردده عدد من المثقفين في الوطن العربي الذين إنفردوا بالدفاع عن سياسات الخصخصة وحرية السوق ، ومنظمة التجارة الدولية ، والعولمة ، باسم الديمقراطية السياسية وحقوق الانسان والمجتمع المدني ، وباسم الدفاع عن الليبرالية والتطبيع لا لشيء سوى تأكيداً لمصالحهم الطبقية وتطلعاتهم وطموحاتهم الشخصية الانانية في سياق أنظمة الاستبداد والاستغلال والتخلف، وركائزها الطبقية البيروقراطية الطفيلية السائدة التي باتت اليوم محكومة وخاضعة لشروط التحالف الامريكي-الصهيوني في بلادنا . إن الدعوة للالتزام بهذه الرؤية وآلياتها ، تستهدف في أحد أهم جوانبها ، وقف حالة الإحباط واليأس التي تستشري الآن في أوساط الطبقات الاجتماعية الكادحة والفقيرة ، ومن ثم إعادة تفعيل مشروع النهوض الديمقراطي الوطني على طريق النضال من أجل تحقيق مشروع النهضة القومي الوحدوي كفكرة مركزية توحيدية في الواقع الشعبي العربي ، ونقله من حالة السكون أو الجمود الراهنة إلى حالة الحركة والحياة والتجدد ، بما يمكن من تغيير وتجاوز الواقع الراهن . ذلك ان كل محاولات الاعتماد المحلي على الذات ، أو الخروج من المأزق القطري الخانق الذي تعيشه جماهير أمتنا العربية راهناً ، ستؤدي بالضرورة الى استكشاف عمق الحاجة الى تطبيق مبدأ الاعتماد الجماعي العربي - التدريجي - على الذات ، بعد أن يتبين للجميع عجز الواقع السياسي الاقتصادي الاجتماعي القطري عن حل أزمته منفرداً ، وأن لا بديل عن الاطار الديمقراطي التقدمي القومي الموحد كمخرج وحيد من كل أزماتنا التي نعيشها اليوم وفي المستقبل ، هذه هي المهمة الرئيسة لكل أطراف حركات وأحزاب وفصائل اليسار الماركسي الثوري العربي ، شرط أن تتخلص –بصورة ديمقراطية- من كافة مظاهر الهبوط السياسي والارتداد الفكري والترهل التنظيمي ، وأن تتخلص أيضاً من مظاهر وأدوات الشللية والتكتلات الانتهازية اليمينية أو اليسارية الطفولية العدمية ، بما يمكنها من استعادة دورها ومصداقيتها في أوساط جماهيرها الشعبية ، ومن ثم إسهامها في بناء حركة اليسار العالمي في سبيل تأسيس عولمة نقيضة من نوع آخر، عبر أممية جديدة، ثورية وعصرية وإنسانية... فلا خيار امام الشعوب الفقيرة الا النضال لإنهاء كل اشكال الاستغلال والتبعية ..فاما الاشتراكية او مزيدا من العبودية والتخلف.
#غازي_الصوراني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حول تطور الرأسمالية منذ القرن 18 إلى بداية القرن 21 ........
...
-
الرفيق العزيز عبد الله الحريف
-
الديمقراطية وسؤال العلمانية في مشهد الإسلام السياسي الراهن
-
في الذكرى الأربعين لاستشهاد الرفيق غسان كنفاني
-
عشية الذكرى الأربعين لاستشهاد رفيقنا غسان كنفاني
-
نداء إلى الرفاق في كل أحزاب وفصائل اليسار العربي
-
الرأسمالية الفلسطينية والتكيف مع - حكومتي- فتح وحماس
-
الديمقراطية..محدد رئيسي لمجابهة وحل التعارضات والتناقضات الد
...
-
إلى كل الرفاق والأصدقاء والفصائل والقوى الوطنية في فلسطين وا
...
-
حديث في تطور مفهوم الأخلاق في المسيرة التاريخية للفلسفة
-
معطيات وأرقام حول الشعب الفلسطيني واللاجئين الفلسطينيين في م
...
-
لماذا الحاجة إلى فكر مهدي عامل اليوم ..؟
-
كارل ماركس ذكرى خالدة
-
الحرية لرفيقي سلامة كيلة
-
استقطاب فتح وحماس .. والبديل الغائب في المشهد الفلسطيني الرا
...
-
رسالة تحريض لكل النساء العربيات
-
لكل النساء العربيّات .. تهنئة واعتذار في الثامن من آذار ..
-
الاختصار في أزمة الماركسية وأحزاب اليسار
-
المفاهيم والقيم الاخلاقية والمجتمعية العربية وافاق المستقبل
-
بمناسبة الذكرى الأولى لانتفاضة 25 يناير ...
المزيد.....
-
هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال
...
-
الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف
...
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|