|
اما التقوى او الدهاء علي يستشهد ساجدا فجر رمضان
عمار طلال
الحوار المتمدن-العدد: 3811 - 2012 / 8 / 6 - 03:33
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
اما التقوى او الدهاء علي يستشهد ساجدا فجر رمضان عمار طلال (فكيف اذا جئنا من كل امة بشهيد، وجئنا بك على هؤلاء شهيدا) شهادة الامام علي بن ابي طالب عليه السلام، مركبة، لأنه قتل اثناء الصلاة، في شهر رمضان، امتداداً لشخصيته المركبة.. غير البسيطة، فهو الطفل الذي آمن بالله ورسوله ولم يبلغ الحلم بعد، وقتل اعظم فرسان عصره.. عمرو بن ود العامري، جامعا الفروسية والفقه وعلوم الاولين والآخرين، ومرونة العقل الاجتراحي. تصادف الجمعة المقبلة 10 آب 2012 الحادي والعشرين من رمضان، ذكرى استشهاد الامام علي (ع) في العام 40 للهجرة، اثناء امامته للمسلمين في صلاة الفجر، تحت سقف مسجد الكوفة، على يد عبد الرحمن بن ملجم. نجحت المؤامرة مع علي (ع) لانه مكشوف المقاتل ثقة بذاته المؤمنة، في حين لاحت معاوية جزئيا وفلت منها عمرو بن العاص لانه جبان يستعيذ بسوءته من المواجهة. استشهاد الامام (ع) اكد انه ليس سياسيا، لانه إمام امة وفقيه، تقيده التقوى عن استيفاء الشروط الواجب توفرها في رجل السياسة، اكد ذلك بحكمته الشهيرة: (لولا التقوى لكنت ادهى العرب). وكان مطلع انهيارات خلافته هي الخطوة الاولى التي اتخذها، بعزل معاوية الراسخ الثبات في بلاد الشام، ما جعلها بلادا منيعة بدل ان تعود اليه. وتوالت الانكسارات التي اسفرت عن حربين محرجتين (الجمل) و(صفين) حربان محرجتان لان الاولى ضد زوجة رسول الله عائشة، هزمت فيها، فبعثها علي معززة مكرمة الى معاوية، والثانية اعطت معاوية شرعية الوجود باعتباره ندا، على عرش دولة نظيرة للخلافة، وليس واليا عاصيا طمعا بالحكم.. حرب صفين حولت خلافة معاوية الى كيان متكامل الاركان، بعد ان كان مجرد والٍ يتمنى رضى الخليفة علي عنه فيبقيه على كرسي الولاية الذي تحول بعد حرب صفين الى عرش خلافة! لو كان الرجل سياسيا ما تورط بهذه الهنات الاجرائية التي اضعفته وقوت اعداءه؛ لانهم ساسة دهاة وهو فقيه.. حكيم.. ورع من (أهل الله). البناء الاعجازي لشخصية علي كفكر نظري محض وديني تطبيقي، ليس فيه فسحة لتكتيك سياسي من النوع الذي يمكنه مواجهة التحديات البديهية ازاء نظام الدولة المطلقة.. اية دولة لا على التعيين. اتفق اصحاب الرأي على التخلص من اقطاب المشكلة الثلاثة.. علي ومعاوية وعمرو بن العاص، وتكفل المتفقون بنصب شراك الخطة للأقطاب الثلاثة، فنجح ابن ملجم بقتل عليٍ شهيداً وتعرض معاوية لمحاولة اغتيال ادت الى انقطاع نسله، وفلت ابن العاص لانه جبان حذر يخاف بذات جنون صدام حسين في الخوف على نفسه، والذي عشناه! وابن العاص معروف بجبنه الى حد قرقوزي، اذ واجه عليا بسوأته عند ما وجد نفسه بمواجهة سيف علي، الذي اغمض عينيه، مائلا بوجهه حياءً واخلى سبيله؛ بغية تركه يعاني عار الواقعة ما عاش بعد ذلك، لكنه عاش من دون ان يطرف له جفن حياء عند ذكر الواقعة، التي ظل يتندر بها معاوية عليه الى ان فرقهما الزمان. اذ وقف علي (ع) وسطا بين جيشه وجيش معاوية يوم (صفين) مناديا: - فلنحقن دماء المسلمين، ونتنازل.. رجلا لرجل، بالسيف. فقال عمرو لمعاوية: - انصفك الرجل. اجاب معاوية: - طمعت بها. على اعتبار ان اية مبارزة لعلي تنتهي بغريمه للموت، حتى تطامن العرب على ان الهزيمة امام الامام علي ليست عارا. هذا ما افاد منه عمرو بن العاص الذي استجار بعورته! فكيف يصمد فارس بمثل تقوى علي امام هؤلاء!؟ وهو القائل: (ما جادلت عالما الا وغلبته وما جادلت جاهلا الا وغلبني) فهو ما بارز شجاعا الا وغلبه مترفعا عن مبارزة الجبناء الذين يستغلون هذا الترفع في تمرير مقاصدهم الدنيئة، حتى احتار في كيفية الزام جيشه بالاستجابة اليه. اية سيما خسف تلك التي كابدها الامام علي ازاء العراقيين، الذين اضطروه لنقل مقر الخلافة من المدينة المنورة الى الكوفة كي يكون قريبا منهم يلجمهم شظى سيفه كلما نبا جحفل معارضين، فاتعبوه على القرب ولم يستجيبوا له في وأد الفتنة الاموية النامية بين مدن بلاد الشام حتى اودت به فأخذها معاوية واعلن دولته تطبيقا لمقولة والده ابي سفيان على قبر حمزة عم النبي: - يا حمزة، ان الامر الذي تنازعنا فيه، آل الينا. اذن هي الجاهلية انبثقت تجدد نفسها في الحكم الاموي بتنصيب معاوية خليفة، بعد استشهاد علي (ع). الحكم العربي الاسلامي، دام منذ ما بعد حكم الرسول محمد (ص) الى ان سقطت الخلافة العباسية، تحت هاجس الفتنة، تربص متوتر لا انبساط فيه، ما ان يغفل الخليفة عينا، حتى تسمل الاخرى، ولم يبرأ كرسي الخلافة من توتره الا بمقدار ما يجور الخليفة على المسلمين. لذا طوت الحروب والازمات الداخلية، عهد الامام علي في الخلافة الراشدية، وانطوى الرشد بحلول الدولة الاموية على دفة الخلافة التي احالتها الى رفاه كسروي، بعد ان كان عمر بن الخطاب (رض) يتبسط تحت خيمة لا تقيه الحر ولا البرد، لكنها وقته نار جهنم، تبسطا في السلوك، وشدة في العدل. الجمعة 21 رمضان يستعيد مسجد الكوفة لحظة فاضت روح الامام علي الى بارئها حيث تنتظره جنة الخلد التحاقا بالانبياء والاولياء.. شهيد ايمانه بالله ورسوله والاسلام دينا لدولة العدل وسط عالم من الاستقواء على الضعفاء بالحيلة والخديعة والتدليس وطمس الحقائق اظهارا للباطل. فلنعِ الدرس العلوي في الخلافة ونتحاشاه، او نتحاشى الخلافة ان كنا اتقياء بدرجة تحجبنا عن الدهاء اللازم للسياسة.
#عمار_طلال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ستاند آب كوميديا اسلامية راقية
-
الموجة الجديدة نصف قرن من الانهيارات الرئاسية
-
توضيحا لالتباس القصد زحام يرضي غرور المسؤولين
-
هل تصوم السياسة في رمضان
-
رجال اكبر من المناصب
-
23 آب 1921 عيدا وطنيا للعراق
-
لي الحقائق والانعطاف بالبديهيات
-
لا يخفون فسادهم انما يخرسون الافواه المعترضة
-
ضرغام هاشم الموصلي الذي استشهد دفاعا عن الجنوب
-
تصدع الموقف وانقلب السحر على العراق
-
اليوم الموسوي
-
هذا امردبر بليل
المزيد.....
-
قائد -قسد- مظلوم عبدي: رؤيتنا لسوريا دولة لامركزية وعلمانية
...
-
من مؤيد إلى ناقد قاس.. كاتب يهودي يكشف كيف غيرت معاناة الفلس
...
-
الرئيس الايراني يدعولتعزيز العلاقات بين الدول الاسلامية وقوة
...
-
اللجوء.. هل تراجع الحزب المسيحي الديمقراطي عن رفضه حزب البدي
...
-
بيان الهيئة العلمائية الإسلامية حول أحداث سوريا الأخيرة بأتب
...
-
مستوطنون متطرفون يقتحمون المسجد الأقصى المبارك
-
التردد الجديد لقناة طيور الجنة على النايل سات.. لا تفوتوا أج
...
-
“سلى طفلك طول اليوم”.. تردد قناة طيور الجنة على الأقمار الصن
...
-
الحزب المسيحي الديمقراطي -مطالب- بـ-جدار حماية لحقوق الإنسان
...
-
الأمم المتحدة تدعو إلى ضبط النفس وسط العنف الطائفي في جنوب ا
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|