|
عنجهية الخليج... وحق النقض الفيتو
علي حسين غلام
الحوار المتمدن-العدد: 3810 - 2012 / 8 / 5 - 09:56
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يجب أن تتوقف رحلة الجامعة العربية في محطتها الأخيرة المثيرة للجدل والتي أدت إلى إنعطاف الجامعة عن المسار الذي بموجبه تم تأسيسها، حيث غدت مطية وأداة لتمرير القرارات الجائرة التي تكتب بأيادي عربية متغطرسة متخلفة (كالحة الوجوه مازالت تعيش الجاهلية وبعقيلة البداوة) وبأفكار وسيناريوهات دموية أمريكية وأسرائيلية لتمزيق المنظومة العربية وتغيير خارطتها السياسية، بمسميات الديمقراطية وحقوق الإنسان، ولهاث الشعوب العربية المتعطشة الى الحرية والكرامة والتغيير ولكن؟ بثورات عفوية وفوضوية بلا أهداف موضوعية مدروسة ومرسومة لحل المشاكل المستديمة من الأستبداد القديم، ولا بإطار سياسي معلوم ومحدد برؤية واضحة تنقذ هذه الشعوب من مأسيها وعدم إنزلاقها نحو الأسوء مما كانت والإنحدار الى الصراعات الطبقية والأثنية والطائفية، والركوب المتهور للشباب المغامر أمواج التغيير بنظرة ضيقة لا تتعدى كونها ردود أفعال مضطربة نتيجة كوامن وترسبات الماضي الأليم الطويل دون الإكتراث للصعوبات الهائلة التي ستواجههم وما سيحدث لهم حاضراً ومستقبلاً، ولا بمصير دولهم وعدم إستقرارها وما ستؤول اليه الأحداث والتداعيات الإجتماعية والإقتصادية والسياسية ما بعد التغيير، في حين يقف المثقف والواعي العربي متفرجاً لا يقوى على تقديم المشورة والنصح لتقويم مسار الأنتفاضات الشعبية بما يؤمن الحد الأدنى من تحقيق الأهداف المرجوة التي تتطابق مع تلك التطلعات والأمنيات وعدم أنحرافها عن مسار الأصلاح والتقدم والتطور والتحذير من الأيادي الخفية الغربية التي توجه هذه الثورات وفق أراداتها وأجنداتها، خوفاً أن يحسب على النظام السابق الذي سقط أو بأية تهمة أخرى. لقد لعبة الجامعة العربية دوراً كبيراً في سقوط القذافي من حيث تدويل القضية في مجلس الامن وإصدار قرار تحت البند السابع ومن ثم تمويل الحملة العسكرية بأموال خليجية ودعمها أعلامياً وسياسياً، وما آلت اليه الأمور من خراب ودمار وصراع قبلي في هذا البلد الذي سيحتاج الى سنين طوال في سبيل إعادة البنية التحتية الأقتصادية والسياسية، والحال نفسه الآن في سوريا التي تعيش المأساة فقد تم تدويل القضية الى مجلس الأمن ولكن الفيتو الروسي الصيني لثلاث مرات أوقف التدخل العسكري في هذا البلد، وقادم الأيام كارثي أسود طالما هناك دعم قطري- سعودي علني بالمال والسلاح لما يسمى بالجيش الحر وإنزلاق الصراع الى حرب أهلية طائفية تمتد بنيرانها دول إقليمية أخرى وتأجيج وتأزيم صراعات دولية. هناك قضية أخلاقية وسياسية يجب التوقف عندها ملياً والتمعن فيها بعمق وطرح التسأل الى متى ستبقى الجامعة العربية رهينة بيد دول الخليج لتمرير المؤامرات والدسائس؟ ولا يوجد رادع سياسي قوي أو الحد الأدنى من التوافق على إيقاف هذه المهازل والمهاترات الخليجية في تدمير الدول العربية الواحدة تلو الأخرى، وأستخدام المال النفطي في خلق الإضطرابات الدموية بحمى الطائفية في بعض البلدان وجر المنطقة برمتها الى نزاعات وصراعات إقليمية وتدخلات دولية محصلتها أن تعيش إسرائيل بعصرها الذهبي وتنعم بالأمن والأمان لعقود قادمة من جهة، وتدمير المجتمعات وإستنزاف الإقتصاديات والطاقات العربية من جهة أخرى، فضلاً عن تخلفها عن ركب التقدم والتطور والعودة بها الى القرون الوسطى بأستبداد جديد من قبل القوى الظلامية للقاعدة في هذه الدول المضطربة، إن أعادة هيكلة الجامعة العربية بما يشبه مجلس الأمن وإعطاء حق النقض الفيتو لبعض الدول المؤسسة لهذه الجامعة مثل العراق ومصر ودول أخرى سيكون عاملاً حاسماً في إعادة الجامعة الى وضعها الطبيعي (المخزي أصلاً) وفك القيود الخليجية وتقليم مخالبها وإعادة التوازن السياسي بعدم تمرير القرارات الجائرة التي تستهدف بعض الدول التي لا تدور في الفلك الخليجي- الأمريكي، وهذه الهيكلة لا يمكن تنظيمها وتنفيذها في الوقت الحاضر على أقل تقدير لأسباب كثيرة في مقدمتها الضعف الأقتصادي لبعض الدول العربية التي لاحول لها ولا قوة ناهيك عن إرتباطها بالمعونات المالية الأمريكية والدوران في فلكها، والكل يعلم إن قوة الأقتصاد للدول تتناسب طردياً مع قوتها السياسية ومقياساً لحضورها القوي والمؤثر في الساحة الأقليمية والدولية، كما هو شأن القزم الغني قطر الذي يجول ويصول في الساحة دون رادع حتى من القوى العظمى، ولكن طرح هذا المشروع بعد بلورته على مائدة النقاش في الأوساط العربية والدولية سيكون ناقوس خطر يدق في أروقة الجامعة ويخلط الأوراق الخليجية ويجعلها تدخل في دوامة القلق والتخوف من المستقبل وما يترب عليه من تداعيات ومعطيات جديدة تهز أركان قوتهم المادية وعنجهيتهم الخاوية، خصوصاً هناك بوادر قوية لعودة روسيا والصين بقوة الى الساحة السياسية العالمية وإعادة الروح الى التعددية القطبية لتصبح ثلاثية بعد أن كانت ثنائية، وستبدأ الحرب الباردة بعناوين وصيغ جديدة منها الحفاظ على سيادة الدول وحرية الشعوب في تقرير مصيرها وعدم إتخاذ قرارات تحت الفصل السابع هذا من جهة، إضافة الى إحتمال إنهيار الأقتصاد الغربي الآيل للسقوط وتفكك منطقة اليورو وكل الدلائل تشير الى ذلك من جهة أخرى، مما سيؤدي الى تغيير في جميع المعادلات السياسية وموازين القوى العسكرية الدولية وكذلك التغيير في خارطة التحالفات الدولية كما حدثت لدول الأتحاد السوفيتي السابق، لذا على هذه الدول المباشرة في طرح هذا المشروع في الجامعة العربية لغرض النقاش والتشاور والتحرك على الدول التي لا ترتبط بدول الخليج مباشرة ولا تتأثر بها مثل الجزائر، أو الدول المعتدلة التي تعارض ضمنياً السياسات الخليجية مثل السودان في سبيل تكوين لوبي يستطيع على الأقل التلويح بالمشروع للحد من النفوذ والسطو الخليجي وإرسال إشارات تحذيرية بأن هناك قوى تعارض توجهاتهم وأجنداتهم وعدم تكرار الأفلام والسيناريوهات السابقة، فضلاً عن أعطاء الدافع المعنوي للدول الأخرى المترددة لإعادة الثقة بنفسها والدخول في اللعبة السياسية كون صوتها له قيمة تأثيرية لترجيح أحدى الكفتين في حال التصويت على هذا المشروع. لقد زادت قطر والسعودية من خلال إخضاع الجامعة العربية في إذلال الشعوب العربية والإستهانة بدولها إرضاءاً وتخادماً لأسيادهم ، وأستخدام لغة التهديد بمجلس الأمن والجيوش الأمريكية والأطلسية وغربان القاعدة لتدمير الدول التي تأبى أن تكون مطية أو في فلك الخليج، ويقودوا العرب الى حقبة تأريخية سوداء سوف تذكرها الأجيال القادمة بالخزي والعار لهاتين المارقتين الغارقتين في أسنة العمالة ووحل الحقد من تأريخ وأصالة الآخرين!!! فلابد من صفعة قوية تعيد دول الخليج الى رشدها وواقعها ومكانتها التي تتناسب وحجمها الحقيقي... والشعوب العربية المظلومة قادرة وكفيلة بذلك.
#علي_حسين_غلام (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الصراعات... بين الشخصية والسياسية
-
المثقف الفيلي بين الأستقلال والتبعية
-
الشباب الفيلي بين الواقع والطموح
-
العراقية وتصحيح الموقف الخاطئ
-
العراقية والمأزق الخطير
-
دمنا يهدر بإسم الشراكة الوطنية
-
الإعلام الفيلي والمسؤولية التأريخية
-
عراقليكس لفضح المستور
-
مصير الفيلية والدولة الكوردية
-
فيلي بلا كفن
-
يلهمني كل ما فيك ايها الفيلي
-
كبوة الفيلية عابرة
-
شعب مسكين
-
سفراء أمريكا ... بلطجية
-
ربيع تحول الى خريف عربي
-
ما يجري عليهم!!؟ لعنة العراق
-
العرب وضياع الهوية والذات
-
الأقزام وأوهام التعملق
-
مقالة ( عنوانها ) لا تستحقون كل هذه ...التضحيات
-
أزدواجية أمريكا...وجه قبيح
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|