أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - داود البصري - بين قصر النهاية العراقي .. وفيللا تازمامارت المغربية ... صورتان لعالم في طريق التغيير ؟















المزيد.....

بين قصر النهاية العراقي .. وفيللا تازمامارت المغربية ... صورتان لعالم في طريق التغيير ؟


داود البصري

الحوار المتمدن-العدد: 260 - 2002 / 9 / 28 - 04:21
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 

رياح التغيير التي تهب على عالمنا العربي اليوم ولو تحت قعقعة السلاح وأزيز الطائرات وشعارات النظام الدولي الجديد أو محاربة الإرهاب وغيرها من الشعارات والأطر التي تستلزمها الإستراتيجيات الدولية المتصارعة للسيطرة على عالم لم يزل في طور التشكيل ، لاتنفي الحقيقة العربية العارية بضرورة التغيير والإنطلاق من عالم الجمود القاتل نحو عوالم جديدة أساسها وعمادها التلاؤم مع الواقع المعاش ، وفهم حقيقة الأوضاع الدولية والإقليمية والتعايش مع الثقافة الكونية السائدة وفق منطق المشاركة الواعية الحرة لا منطق التابع والمتبوع ! وذلك بطبيعة الحال أمر له علاقة بتحرير الإرادة وبقدر هائل من الإنفتاح والتعاطي مع الحرية المسؤولة وقيمها التي لاتقبل التجزأة .

فلقد مرت بالعالم العربي تجارب صعبة وشرسه كان بعضها مسرفا في مأساؤيته ومغرقا في سوداويته وضمن الظروف التي أفرزتها الهزيمة القومية الكبرى في الخامس من يونيو / حزيران عام 1967 والتي كانت إشارة واضحة لهزيمة وتراجع المشروع السياسي المبني على الشعارات العنترية والبرنامج الشمولي وإهمال الديمقراطية وحرية التعبير ومنع المواطن من المشاركة السياسية ولو عبر توفير الحرية لإبداء الرأي فقط لاغير! ، فجاءت الهزيمة العسكرية والحضارية أيضا تعبيرا أمينا عن حالة الكبت والقمع الشمولي فالحرية والنصر من سمات المجتمعات الحرة الخالية من أي شكل من أشكال العبودية وتكميم الأفواه التي أضحت ولعقود طويلة للأسف (سنة عربية متبعة)!... فبعد تلك الكارثة القومية دخلت المجتمعات العربية في طور جديد هو طور (الإنقلابية) لتصحيح الأوضاع و(الرد على الهزيمة القومية)! ولكن المشكلة أن أداة التغيير هي نفسها أداة الهزيمة! فتغيير الأشخاص لم يتبعه تغيير في السلوكيات ولا المناهج ، كما أن سوق الشعارات قد أزداد رنينها بربط الأوطان ومصائرها بالأنظمة الحاكمة التي أسبغت على نفسها تسمية (التقدمية) تمييزا لها عن أية أفكار مخالفة ليبدء بذلك فعلا وقولا مشروع تجزئة الأوطان وتدمير كل مقومات الإبداع الحر وبناء مجتمعات الشمولية المهزومة من الداخل دائما وأبدا! وكان ذلك أيضا جزءا من حالة الإستقطاب الدولية وتأثرا بالتيارات السائدة فيه ووجود ماكان يسمى ب (المعسكر الإشتراكي)! والذي كان الملاذ الآمن لأنظمة القهر العربية للإحتماء من مطالبات التغيير الديمقراطي وهي على أية حال متطلبات ليست صعبة ولاعصية على التنفيذ .. فكل ماتتطلبه هو تراجع الحاكم عن (ألوهيته) والإقرار بأن هنالك عقول أخرى تفكر ، ومن أن هنالك آراء مخلصة أيضا.. ولكن قد أسمعت لو ناديت حيا؟.

لقد مرت بالعالم العربي تجارب كبيرة  وخطيرة كانت حالات الإستفادة من تجاربها ودروسها منعدمة تقريبا إلا في حالات نادرة إستطاع بعضها الإفلات من أسر الماضي وجراحه ، فيما إستمر البعض الآخر في المكابرة ومعاكسة رياح التغيير وحقائق العصر ومناهضة كل الضرورات الإستراتيجية كتعبير أخير عن خيارات ولدت ميتة!.

وتكاد أن تكون الصورة سوريالية ونحن نتابع المشهد السياسي العربي والذي فاق وبمراحل أبعد التصورات السوريالية تطرفا وجنوحا؟ فمع نهاية الستينيات عاش العالم العربي أوضاعا إنقلابية أي قيام أنظمة إنقلابية بشرت المواطنين العرب بالمن والسلوى وبتحقيق الديمقراطية والقضاء على أسباب الهزيمة القومية والإنطلاق بالمشروع الحضاري العربي الشامل الذي سيعيد المجد العربي التليد وسيحرر الأرض من البحر إلى النهر ... وكلام ووعود كثيرة لاتتسع لها الذاكرة ولاحيز المقال ، وكانت الحالة كذلك في العراق وسوريا والسودان وليبيا والصومال ..إلخ ، كما شعرت الأنظمة المحافظة بالخطر من تلكم التوجهات والشعارات التي وجدت أرضية لها بين القطاعات الشبابية المتحفزة لبناء عالم أفضل ولو عبر الوعود التي لن تكلف مطلقيها شيئا على أية حال !.

في العراق تحديدا إبتدأ المشروع التغييري في السابع عشر من تموز / يوليو عام 1968 تحت يافطات براقة وشعارات جذابة وبيانات منمقة وبليغة توحي للبعيد بإيجابيات وآمال وطموحات .. بينما الحقيقة كانت مطمورة تحت رنين الشعارات ، فلقد إبتدأ التغيير فعلا ولكن من خلال السراديب والأقبية وغرف التعذيب وأفتتح الكرنفال التغييري من خلال بوابات ( قصر النهاية ) الأسطوري الذي كان يمثل خلاصة الجهد لتغيير المجتمع عبر سياسات القمع والتصفية للخصوم وبناء دولة الحديد والنار وإقامة الستار الحديدي العربي ! لقد كان ذلك القصر الذي شهد نهاية الأسرة الهاشمية الحاكمة في العراق صبيحة الرابع عشر من تموز / يوليو 1958 الساخنة بداية المشروع (النهضوي) لنظام القمع العربي الجديد؟ وكان مصنعا (ديمقراطيا) للتعذيب حيث إحتضنت سراديبه كل ألوان الطيف المجتعي والسياسي العراقي من اليمين وحتى اليسار من القوميين وحتى البعثيين المخالفين من السنة والشيعة والأكراد والآشوريين والتركمان وكل مكونات المجتمع العراقي التي تتأهب اليوم لممارسة إستحقاقات حلم التغيير ، وأستمر هذا الرمز التغييري يمارس سياساته التغييرية   طيلة خمسة أعوام قبل أن يعلن النظام عن هدم القصر وإعدام القائمين عليه!!! عام 1973 ولكن لتفتتح قصور أخرى ومعامل تعذيب متطورة تؤشر على تجذر المشروع التغييري والذي أودى بالعراق لما نراه اليوم؟

في الجانب القصي الغربي من العالم العربي كانت هنالك تجربة أخرى وقصة أخرى ونتائج مختلفة أخرى ، ففي المغرب تلك البقعة القصية من العالم العربي كانت الصورة السياسية منذ بواكير فجر الإستقلال عام 1956 بعد حصيلة كفاحية شرسة متوترة مع تصاعد مؤشرات الصراع بين الأحزاب الوطنية والقصر للسيطرة على القرار والسلطة في ظل تصاعد التدخلات الخارجية والمؤثرات الناجمة عن الحرب الباردة وإشتعال نار الثورة الجزائرية التي قربت بشكل حاد بين المشرق والمغرب العربي وكانت تراكمات الصراع بين مختلف التيارات تتنامى لتشكل إستمرارية متوترة في بلد يصارع مختلف التيارات من أجل التعبير عن الإستقلالية وإعادة البناء الإجتماعي والتخلص من عهود طويلة من (السيبة ) والفوضى ، ولم تكن المغرب بطبيعة الحال بعيدة عن الدعايات الثورية التي إستعرت في المشرق ولاكان بعيدا عن ممارساتها وإن إختلفت الصورة وتباين الفرقاء ، فكانت مرحلة الستينيات بمثابة مرحلة صراع بنيوية حادة ودخلت السبعينيات ليستقبل المغاربة سنواتها الأولى بأبشع محاولتي إنقلاب عسكري تمتا على التوالي في تموز /يوليو 1971 في قصر الصخيرات المغربي وحادث الطائرة الملكية في آب / أغسطس 1972 والتي قادتها نفس الجهة التي نفذت الإنقلاب الأول أي المجموعة العسكرية المترسبة من بقايا جيش الحماية الفرنسي والتي كان يمثلها رجل المغرب القوي وقتذاك الجنرال محمد أوفقير!  وهاتان المحاولتان وما تبعهما من توابع هزتا الوضع والتفكير الإستراتيجي في المغرب فكان الرد السلطوي عبر إجراءات تنفيذية وعقابية قاسية لاتتلائم والسماحة المغربية المعهودة فجنحت الأمور صوب الإجراءات الوقائية والتي تعني ترجمتها تجاوزات مريعة لحقوق الإنسان قام بها من يفترض أنهم يحمون الدولة والمجتمع فأقيم معتقل ( تازمامارت ) الصحراوي الرهيب الذي كان قبرا جماعيا مريعا للجماعات الإنقلابية ولكنه للحقيقة والتاريخ لايشابه من بعيد أو قريب قصور النهاية في العراق رغم بشاعته ووحشيته إذ أن جميع النزلاء كانوا ممن تورط في المحاولتين الإنقلابيتين ولم يكن قبرا جماعيا للمعارضة المغربية التي كانت ناشطة وفي حالة حوار معلن مع القصر كما كانت في حالة تحدي أيضا ، وبعد المتغيرات العالمية التي أعقبت حرب الخليج وهدوء الوضع الداخلي في المغرب وتقليص الفجوة بين أطراف الصراع الدولة والأحزاب لم يأل صاحب القرار المغربي جهدا في تصحيح الحالة وإسدال الستار على كل التجاوزات وإعترفت الدولة في مبادرة فريدة عربيا بمسؤوليتها الأخلاقية والقانونية عن كل التجاوزات مقرة مبدأ التعويض للمتضررين ثم ملأت المكتبات المغربية وصفحات الصحف بالعربية والفرنسية بمذكرات الناجين من ذلك المعتقل الرهيب وأبرزها مذكرات السيد محمد الرايس التي كانت مريعة ومعبرة عن عمق المأساة وصيغت بلغة شفافة تخلو من الحقد وتحاول أن تسمو على الجراح القاتلة ، وبرغم كل درجات وصور الصراع إستطاع العاهل الراحل الحسن الثاني وبذكاء سياسي وعقلية تكتيكية نادرة أن يجنب المغرب تبعات سياسات الحقد والإنتقام لينجح نجاحا مبهرا في تهيئة المغرب لدخول تحديات القرن الحادي والعشرين وليسلم الأمانة لمن خلفه وهو الملك محمد السادس وحيث يعيش المغرب اليوم حقبة البناء الدستوري والتقدم العلمي والمشاركة الشعبية في صنع القرار وإدارة إنتخابات شفافة تتيح لكل المغاربة المشاركة في نسج خيوط تجربتهم السياسية الخاصة دون نسيان الماضي بكل تفاصيله ورموزه وآلامه وإخفاقاته وليأخذ المغاربة عهدا إجتماعيا شاملا بعدم العودة لتازمامارت ! وعدم الرجوع لسياسات القتل والتصفية وإذابة الخصوم بالآسيد ... لقد كانت أيام مرة وتجربة مريرة ولكن الإبداع يكمن في كون كل ذلك قد تحول لتاريخ وشاهد حي على المأساة حيث حسم المغاربة أمرهم بإتباع طريق الديمقراطية الحصين والكفيل بإدارة عجلة التقدم في عالم لايرحم وأوضاع دولية لاتحتمل التأجيل والتسويف والمماطلة ، فكان الخيار المغربي إستراتيجيا وفاعلا ... فهل ستهب رياح المغرب هذه المرة نحو المشرق لتساهم في تعبيد ماخربه أصحاب الشعارات الرنانة الذين يحصدون اليوم نتائج مازرعت أياديهم؟

 



#داود_البصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيان أحرار الكويت ... وصمة عار في الجبين العربي الملوث ؟
- في الذكرى الثانية والعشرين لأم الحروب ؟ قادسية صدام السوداء. ...
- الشيخ يوسف القرضاوي .. والنظام العراقي .. وحكاية الذئب والحم ...
- الجوقة ( العطوانية ) في الحرب الإعلامية .. نماذج من صحافة ال ...
- فضائية الجزيرة ... بين حثالات الناصريين ... وبذاءات عبد ال ...
- هل يستطيع النظام العربي العاجز إحتواء الحالة العراقية ؟
- عبد الحليم خدام ... الباطنية... والتصريحات الباريسية ؟
- موسم التضامن مع القتلة ! (حزب الله ) اللبناني ... ونفي إره ...
- الشيخ يوسف القرضاوي .... وفتاوي (هونغ كونغ ) التدليسية ؟
- البرلمانيون العرب ... تضامن مع حرية الشعوب .. أم تكريس للطغي ...
- إرهاب النظام الصدامي موثق ولايحتاج لدليل ؟
- عودة (الشيخ) طه الجزراوي إلى صباه .. في القدرة على الإرهاب ؟
- طه الجزراوي في رحلته الشامية ... العراق ليس أفغانستان نعم . ...
- سعود الفيصل .. وأعمدة الحكمة الوهابية ؟
- بين بشار السوري .. وحسني المصري .. وحمد القطري ....
- الأمير وليد بن طلال وصدام ... ماحكاية (فيتنام ) الجديدة ؟
- رسالة لمعالي وزير خارجية دولة قطر
- السوريون .. بين دولارات صدام .. ونكتة الأمن القومي .. والحلو ...
- منظرو (الخرط السياسي) .. خلط الأوراق وترويج الأراجيف ؟
- كتبة (الخرط السياسي الحديث ) وأحاديث الإفك والحقد المبرمج ؟


المزيد.....




- تفجير جسم مشبوه بالقرب من السفارة الأمريكية في لندن.. ماذا ي ...
- الرئيس الصيني يزور المغرب: خطوة جديدة لتعميق العلاقات الثنائ ...
- بين الالتزام والرفض والتردد.. كيف تفاعلت أوروبا مع مذكرة توق ...
- مأساة في لاوس: وفاة 6 سياح بعد تناول مشروبات ملوثة بالميثانو ...
- ألمانيا: ندرس قرار -الجنائية الدولية- ولا تغير في موقف تسليم ...
- إعلام إسرائيلي: دوي انفجارات في حيفا ونهاريا وانطلاق صفارات ...
- هل تنهي مذكرة توقيف الجنائية الدولية مسيرة نتنياهو السياسية ...
- مواجهة متصاعدة ومفتوحة بين إسرائيل وحزب الله.. ما مصير مفاوض ...
- ألمانيا ضد إيطاليا وفرنسا تواجه كرواتيا... مواجهات من العيار ...
- العنف ضد المرأة: -ابتزها رقميا فحاولت الانتحار-


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - داود البصري - بين قصر النهاية العراقي .. وفيللا تازمامارت المغربية ... صورتان لعالم في طريق التغيير ؟