أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - عدل ظالم...ومساواة حرام














المزيد.....


عدل ظالم...ومساواة حرام


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 3809 - 2012 / 8 / 4 - 02:45
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في مواجهة منظومة القيم العالمية الحديثة كما يصونها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وبالأخص قيمة المساواة بين جميع المواطنين بصرف النظر عن اللون أو الجنس أو العرق أو الدين أو اللغة، نجح الفكر والفقه الإسلامي في تلفيق حيلة هروب وأسرف في الصقل والزيادة عليها لتتحول إلى ضلالة كبرى، وأصبح يكاد يصدقها من كثرة تكرارها: "العدل في الإسلام". أمست قيمة العدل تحتل مكانة عالية في التصور والتنظير الإسلامي ما يوحي وكأنها الأعظم بين جميع القيم الأخرى، بينما هي، في حقيقة الأمر، ليست أكثر من حيلة هروب من متطلبات منظومة القيم الإنسانية العالمية الحديثة، وبالأخص المساواة- القيمة المفتاح إلى الحريات وحقوق الإنسان والتسامح وقبول التعددية الثقافية والدينية والديمقراطية. على ميزان المساواة، إعطاء الرجل، مهما كانت الأسباب والمبررات، أكثر من نصيب المرأة في أي شيء هو ظلم مؤكد في حق المرأة؛ وجمع الرجل، تحت غطاء الشرعية، بين أكثر من امرأة واحدة هو جور صريح لا لبس فيه على حق وكرامة المرأة. المساواة هي أن ترث المرأة مثل ما يرثه الرجل بالضبط؛ وأن يكتفي الرجل بامرأة واحدة مثلما تكتفي المرأة برجل واحد بالضبط، وإذا سمح له بالتعدد يسمح لها بمثله بالضبط، حتى لو لم تتوفر لها القدرة أو الرغبة لتنفيذ ذلك فعلاً. هذه هي المساواة: حق أي وكل إنسان في أن يحصل على معاملة بالمثل ومساوية تماماً في كل شيء لتلك التي يحصل عليها أي وكل إنسان آخر، إلا إذا اختار، بإرادته الحرة، أن لا يحصل عليها.

المفكرون والفقهاء الإسلاميون لا يريدون هكذا مساواة، ولا يطيقون حتى النظر أو التفكير فيها أساساً، لأنها ببساطة تسقط فوق رؤوسهم بنيانهم النظري والتطبيقي المشيد منذ آلاف السنين على غواية المرأة للرجل والتمييز والتفرقة بين الناس ما بين مؤمنين وكافرين، أهل الجنة وأهل النار. إذا انتهت هذه الغواية والتفرقة وسادت المساواة، انتهوا هم أنفسهم أيضاً، لأنهم وكلاء الجنة والمنقذون من النار. في تلك المواجهة الأخلاقية العصرية، اهتدى هؤلاء المفكرون والفقهاء إلى حيلة أخرى، العدل، تسمح لهم بادعاء محاباة وتطبيق قيمة المساواة المعاصرة، لكن بعد أن تضاف إليها صفة "العادلة"، تمييزاً وتكريماً لها عن تلك "الظالمة" التي تنادي بها المواثيق الدولية، على حد قولهم. هم يرون في مساواة المرأة بالرجل في الإرث أو الإنفاق على الأسرة أو العمل خارج المنزل أو ربما قيادة السيارة وحدها إجهاد وظلم واضح وصريح للمرأة، بالنظر إلى طبيعتها الفسيولوجية الهشة والضعيفة التي تجعلها مناسبة لمهام محددة، وغير صالحة لأخرى كثيرة يختص بها الرجال. الطبيعة الفسيولوجية الأقوى للرجل تجعله الأنسب للخروج من البيت سعياً وراء الرزق، والمرأة الأنسب للوقار في البيت ورعاية الصغار. هذه، في تصورهم، هي القسمة العادلة حتى لو كانت غير متساوية، ولابد أن تكون غير متساوية لأن المساواة فيها ظلم، بالنظر إلى عدم التساوي الفسيولوجي الفطري بين الرجل والمرأة. في قول آخر، الفوارق الفسيولوجية الفطرية بين الجنسين تعطي المبرر والمسوغ للفكر والفقه الإسلاميين للتفرقة وعدم المساواة بين الرجل والمرأة في أمور دنيوية، وحتى أخروية، كثيرة. هذا، في ظنهم، هو العدل، أو، بدقة أكثر، "العدل في الإسلام" بالتحديد.

طبقاً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، كل من الرجل والمرأة إنسان، نوع واحد ونفس النوع، رغم اختلاف جنسيهما بين ذكر وأنثى. المرأة هي نفس نوع (طينة) الرجل، ولم تخلق من ضلع أعوج ولا مستوي منه، إنما هي ند له ومساوية له تماماً في النشأة والتطور؛ ومن وحدة النشأة والنوع هذه، انبثقت وحدة الحقوق، وأهمها الحق في المساواة. هذا الحق في المساواة يعني أن لي، أنا المرأة، الحق مثلك تماماً، أنت الرجل، في كل شيء، حتى لو كانت طبيعتي الفسيولوجية الهشة والضعيفة تحول بيني وبينه، أو أنني اخترت طواعية الابتعاد عنه وفضلت عليه شيء آخر. للتوضيح بأمثلة ملموسة، أنا المرأة، في منظور القيم الكونية الحديثة، لي نفس الحقوق مثلك تماماً، أنت الرجل، لا تنقص ذرة واحدة في أن أرث مثلك، وأكدح خارج المنزل مثلك، وأنفق على الأسرة مثلك، وأخدم في الجيش مثلك، وأقاتل الأعداء على الجبهة مثلك، وأقود السيارة مثلك، وأجلس على المقاهي مثلك، وأفعل، بالمطلق، كل ما تفعله مثلك تماماً، بقدر استطاعتي وبقدر إرادتي. لا يحول، ولا يجب أن يحول، بيني، أنا المرأة، وبين كل الحقوق المتاحة للرجل، إلا شيئين لا ثالث لهما: (1) القدرة (2) الإرادة. هكذا، في جميع المجتمعات الحرة، للمرأة الحق في الالتحاق بكافة الأعمال والمهن مهما بلغت مشقتها، وبالشرطة والجيش والقضاء والطيران والرئاسة والبرلمان وكل مؤسسات الدولة دون استثناء، ثم تترك لها الحرية في أن تختار ما تقدر عليه وما تريد منها. الحق يبقى حقاً حتى لو لم يمارسه صاحبه.

مفهوم "العدل في الإسلام" قائم على مفهوم الحقوق غير المتساوية، القائم بدوره على مفهوم الخلق غير المتساوي للرجل والمرأة؛ الرجل مخلوق من مادة مستقلة بينما خلقت المرأة من مجرد ضلع في الرجل نفسه. عند التسليم ببديهة، أسطورة، الخلق غير المتساوي هذه، يصبح من المنطقي تماماً، ومن العدالة أيضاً، أن لا يتساوى الرجل مع المرأة في الحقوق والواجبات، لأن في ذلك تجاهل وتجاوز لطبيعتهما الفطرية غير المتساوية ذاتها، ومن ثم ظلم للمرأة ومحاباة للرجل. أما إذا سقطت هذه الأسطورة، تصبح المرأة مساوية تماماً للرجل في كل شيء، بالمطلق، على أساس أنها مساوية له، بالمطلق أيضاً، في النشأة والتطور.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مساواة في الدين؟
- بكائية الخضيري على البرلمان المسكوب
- مرجعية الأزهر...لبنة في بناء قديم
- يوم الفرقان: الجمعة 28 يناير 2011
- الديمقراطية كفر بالله؟
- المشروع الإسلامي التجريدي وإشكالية الصراع المحتوم
- -حكم بين السلطات-، أضلولة أخوانية
- الدائرة الأخوانية الإسلامية المغلقة
- سلطان الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر
- نصف إله + نصف شيطان = مساواة
- الحرية وتطبيق الشريعة
- امسك...إسلامجية حرامية
- آلهة شياطين
- بسم الدين وبسم العلم...نخون الوطن
- وماذا لو حكم الأخوان؟
- من ثورة مدنية سلمية إلى زحف إسلامي ترهيبي
- هزيمة مشروع الإسلام السياسي في مصر من الجولة الأولى
- أسطورة الإله...أسطورة الوطن
- أدعياء دين وكاذبون ديمقراطية
- تحالف المشروع الأخواني-السلفي، نعمة أم نقمة؟


المزيد.....




- قوات جيش الاحتلال تقتحم مدينة سلفيت في الضفة الغربية
- وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور ...
- بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
- ” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس ...
- قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل ...
- نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب ...
- اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو ...
- الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
- صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
- بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021 ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - عدل ظالم...ومساواة حرام