أيوب بن حكيم
الحوار المتمدن-العدد: 3808 - 2012 / 8 / 3 - 21:16
المحور:
المجتمع المدني
النظام الكامل أسطورة إنسانية حاول بنو آدم خلقها لكي يتميزوا على غيرهم من الكائنات التي تجاورهم حسا و غيبا، إلا أن البشرية اصطدمت بذاتها ، فانذهلت ، و مرت عشرات القرون،قبل أن تبدأ هذه البشرية في إيهام نفسها بكمالية نظمها المعرفية و الأخلاقية،فعملت على صناعة الكمال من خلال اللاكمال[1]،حيث خلقت نماذج بشرية شاذة ـ في نظرها ـ لكي تضمن الكمال،فإذا بالكمال يتحول عبدا للاكمال،و القدسي يصبح قنا للمدنس،فلا يوجد نظام كامل دون أن يكون نتاجا لنظام غير كامل .
دعت هذه الإنسانية التي ننتمي إليها إلى حظوظ عظيمة من حرية التعبير و حرية الأفراد،فألغت الرق و العبودية و نادت بالعدالة الاِجتماعية،في حين صنعت لنا هذه الإنسانية اللاإنسانية مجموعة نماذج مُشَيْطَنة منها "المومسات"،"المساجين"،و "الشواذ الجنسيين" و "المجانين" و "الإرهابيين" و "المتعصبين"[2] .
هذه النماذج المأبلسة ، أصبحت تشكل لنا راحة و خطرا في نفس الآن ، راحة لأننا ننظر إليها على أنها هامش و نحن مركز فيحفظ ذلك كرامتنا الظاهرة،وخطرا لأنها أصبحت تصنفنا،فلا يمكننا أن نصنف ذواتنا دون أن تكون هذه النماذج موجودة،فالعاقل مقابل المجنون،و السوي مقابل الشاذ و العفيفة مقابل المومس ..و هكذا ..يتبع
ـ هوامش :
[1] ـ مفهوم نشأ في التحليل النفسي مع فرويد،و سيؤسس لفلسفة "ما بعد الحداثة " إلى جانب تضايفه مع مفاهيم هيدجرية و نيتشوية .
[2] هذا مشروع فوكو عموما ، و إن كان قد نظر إليه من جهة العقل والمركز،وهذا ما انتقده فيه دريدا .
#أيوب_بن_حكيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟