رسالة محمد مرسي لشمعون بيرس

محمود فنون

الحوار المتمدن-العدد: 3806 - 2012 / 8 / 1 - 18:30
المحور: القضية الفلسطينية
    

الشعب الفلسطيني الخاسر الاكبر

في 24 حزيران 2012 القى محمد مرسي الرئيس المصري المنتخب حديثا ,القى خطابا افاد فيه بانه سيحترم اتفاقات مصر مع كل دول العالم .وقد القى ثلاثة خطابات في اسبوع واحد اكد خلالها كل التطمينات اللازمة لاسرائيل وامريكا على اتفاقات كامب دبفد وكل الاتفاقات التي عقدتها مصر السادات ومصر مبارك مع اسرائيل وامريكا .لقد قال ما يمكن تكثيفه "بأنه سيسير على طريق السادات ومبارك فيما يتعلق بالعلاقات الخارجية وخاصة العلاقة مع امريكا واسرائيل.
قد يقول قائل ان هذه لزوميات بروتوكولية .
يجب ان ننتبه ان هذا الرئيس المنتخب لم يأت بفضل صراعات انتخابية تقليدية بين احزاب متنافسة ,لقد اتى من رحم ثورة تقودها حركات وقوى واحزاب ,ترفع شعارات ومطاليب ولها برامج .
لم تكن حركة الاخوان المسلمين مؤيدة لاتفاقات كامب ديفد وما تلاها ,ولكنها لم ترفع خلال الحراك الشعبي المصري ,لم ترفع شعارات تتعلق بتحرير سيناء والغاء الاتفاقات المذلة والتي اهانت الامة العربية كلها والشعب المصري خصوصا ,واخرجت مصر عن مسارها القومي الذي اختطته في مرحلة الناصرية ,واهملت القضية الفلسطينية ,واعترفت باسرائيل .
(ملاحظة:اسرائيل دولة اقيمت بجلب المهاجرين والاستيلاء على اراضي الشعب الفلسطيني واقامة المستوطنات وتشريد الشعب الفلسطيني ...,وقد نفذت هذه السياسات بالقوة العسكرية وبمساندة من الدول التي انشأت اسرائيل ,وهذه الدول كانت ولا زالت ترى ان من حق اسرائيل ان تستولي على الارض وتقيم المستوطنات وتجلب المهاجرين الجددد... وان من يعترف باسرائيل انما يعترف بحقها في فلسطين وحقها في تنفيذ كل اجراآت المشروع والبرنامج الصهيوني الاساس الذي لا زال قائما تحت التطبيق).
ان الاعتراف باسرائيل يعني الاعتراف بحقها في الوجود على ارض فلسطين بمشروعها الصهيوني كما اسلفنا اعلاه .
وان حركة الاخوان المسلمين كانت تشارك في الحراك الشعبي والاحتجاجات ضد وجود السفارة الاسرائيلية في مصر .
وهي كحركة اسلامية كانت ترى ان فلسطين هي ارض اسلامية ووقف اسلامي ولا يجوز التفريط بشبر واحد منها ,بل ووجوب الجهاد من اجل تحريرها ..
في شعاراته اثناء الحراك الجماهيري لم ترفع شعارات تتعارض مع منهج مصر الرسمي وذلك التزاما باتفاقات عقدت مع امريكا وبريطانيا تتعهد فيها حركة الاخوان المسلمين باحترام المعاهدات واستمرار الاعتراف باسرائيل ...الخ
تأسيا على ما ورد اعلاه ,لم تطرح حركة الاخوان المسلمين في برنامجها الانتخابي ما يتعارض مع هذه الالتزامات ,كما انها لم تطرح برنامجا اصلاحيا يطال الاقتصاد والمبنى الاجتماعي ..الخ.لا كحركة اخوان ولا باسم الحرية والعدالة .
هنا ,يصبح رد محمد مرسي على رسالة التهنئة التي وجهها شمعون بيرس ,رئيس دولة اسرائيل ,يصبح هذا الرد منسجما مع المواقف المقررة حيث يقول في البرقية ما اترجمه حرفيا: انتهز الفرصة لاعيد التأكيدبانني اتطلع قدما لبذل افضل الجهود لاستعادة عملية السلام في الشرق الاوسط الى مسارها الصحيح من اجل انجاز الامن والاستقرار لكل شعوب المنطقة بما فيها الشعب الاسرائيلي"
و كما ترجمتها هآرتس "أشكرك على التهنئة التي أرسلتها بمناسبة شهر رمضان،( وأنا استغل الفرصة لأكرر وأؤكد على أنني أنوي تخصيص أغلب جهودي لإعادة السلام على طاولة المفاوضات في الشرق الأوسط، وتقويم مسار المسيرة السلمية، في سبيل تحقيق الأمن والاستقرار لكل شعوب المنطقة، بما فيها الشعب الإسرائيلي"(.
ان هذه اول برقية واول مراسلة مباشرة بين الرئيس المصري المنتخب حديثا ورئيس دولة اسرائيل ,وفي سياقها المكثف حرص مرسي على توكيدسيره على نهج السلام المعقود بين مصر واسرائيل .
وهنا نسجل الملاحظات التالية :

1- ان رد مرسي على بيرس ,انطوى على موقف سياسي ,ولم يقتصر على الجانب البروتوكولي في مناسبة بروتوكولية .
2- لقد اكد على ضرورة تحقيق الامن والاستقرار ".. للشعب الاسرائيلي "بشكل مخصص وذلك بعد ان قال "..من اجل انجاز الامن والاستقرار لكل شعوب المنطقة.."
3- لم يتطرق ولو بكلمة واحدة للشعب الفلسطيني ,مع ان الشعب الفلسطيني هو الاحوج للامن والاستقرار ,وهو الاحوج للسلام على اية حال .ومع انه سينص على حقوق الشعب الفلسطيني امام وسائل الاعلام العربية وبشكل استعراضي في مناسبات قادمة .
(قال كلينتون ان ايا من الزعماء العرب لم يطلب مني بشكل رسمي العمل على اقامة دولة فلسطينية ,هذا بالرغم ان الزعماء العرب كانوا يصرحون بذلك امامنا وفي كل وسائل الاعلام)
4- ان توكيد مرسي بالامن والاستقرار للشعب الاسرائيلي كما جاء في البرقية يتعارض كلية مع ما كان يتبناه مرسي وحزب الاخوان المسلمين "بأن فلسطين هي ارض وقف اسلامي وانه يجب اخراج اليهود الذين يدنسون ارضها الطهور ,وان الجهاد في سبيل تحرير الارض الفلسطينية هو فرض عين على كل المسلمين "بمن فيهم محمد مرسي نفسه .
ان مرحلة من تاريخ الامة العربية والاسلامية قد ولت وهلت بشائر مرحلة جديدة ,ينهي الاسلام السياسي فيها عداءه المعلن لأمريكا والصهيونية ,ويتنازل عن ثوابته السابقة ويبدأ مرحلة جديدة من التعايش مع الاستعمار الغربي والصهيونية .
ان دور مصر هو دور اساسي ومفتاحي سواء في الحرب او في السلم ,وعندما بدأت مصر السادات طريق الحل الامريكي تبعها الجميع ,واليوم وفي عهد الاسلام السياسي فأنها تسير على نهج السادات ومبارك ,بما يؤسس للحركات الاسلامية في كل البلدان العربية لتسير على هذا النهج ,سواء وصلت للحكم ام شاركت فيه ام ظلت في موقع المعارضة ,ومصر مرسي ستعمل على تدجين مواقف حماس كما كانت نصر مبارك وعمر سليمان تعمل على تدجين مواقف حماس سواء بتبريرات عقيديدية او بدونها ,والشعب الفلسطيني سيكون الخاسر الاكبر .

#محمود_فنون (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات