جريس الهامس
الحوار المتمدن-العدد: 3806 - 2012 / 8 / 1 - 08:27
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
الشخصنة . وإعدام التاريخ والرأي الاّخر- مع الثورة السورية الرائدة رقم 38 .
بعض الناس الذين يدبوا على هذه الأرض يعيشون في القرن الحادي والعشرين ككائنات حية لكن عقولهم وأخلاقهم وممارساتهم مازالت حية ترزق في عهد العبيد والجواري والغزو والسبي ...إلخ ومازالوا يعيشون عصر عبادة الأوثان الحجرية والبشرية والحيوانية ..والسجود لها والخوف منها .. وما زال البعض من أصحاب العقول المسطحة الذين ما زالوا مؤمنين :
بأن الفرد الذي يملك الثروة والأتباع وصك العمالة للطغاة هو صانع التاريخ ,,و الشعوب قطعان مطيعة له من الرعايا لا غير .. لم لا ؟ وقد أعادوا بعد رقصهم على حبال الدجل والنفاق حول العالم زمن أدلجة الدجل والإستبداد الشرقي ,, وأطلقوا على أنفسهم الأسماء والألقاب التي ترضي غرورهم ,, كما ترضي أسيادهم في زمن الغدر والشعوذة والضحك على الذقون , وحكم الفرد أو الطائفة أو العشيرة أو المافيا والزعامات الراقصة حول طواحين الهواء ....
أما الغيارى الذين يؤمنون : بأن لاإمام سوى العقل ولا منقذ سوى وحدتنا الوطنية الديمقراطية ومحبتنا وإخلاصنا لدماء وأحلام شهدائنا الأبرار وإحترام الرأي الاّخر .على الأقل كما قال الفقيه الشهير ( أبو حنيفة النعمان الذي قال : ( علمنا بهذا الرأي فأخذنا به . فمن جاءنا بأفضل منه قبلناه ) .
أما هؤلاء المرتبطون بسرة الوطن , ولا يمتون بأية صلة قديماً وحديثاً للطغاة الذين قتلوا شعبنا وأذلوا شبابنا خلال نصف قرن من عمر البشرية والحضارة ..فمصيرهم بين قطيع الببغاءات والمتسلقين والمنافقين ومسوخ الحكواتية لا يختلف عن مصيرالسيد المسيح مع تجار الهيكل البغاة أوقيافا وعصابته من العنصريين والطائفيين وبائعي صكوك الغفران في مجلس اسطنبول التابع للناتو وللمخابرات المركزية والموساد الإسرائيلي أو البدع الجديدة التي إخترعتها أساطين المخابرات الأسدية أو أزلام رفعت السابقين المندسين ..كاختراع حكومة المديرين أيام الإحتلال الفرنسي للمزيد من تشرذم القوى الوطنية لتصفيتها .
2 –
فوجئ العرب والعالم بزج القاتل بشار وعصابته جميع أسلحة وأفراد جيشه في حربه ضد الشعب الأعزل وقتله الناس بالجملة والأنكى من ذلك كيف سحب اّخر قطعة عسكرية من جبهة الجولان بموافقة إسرائيلية سافرة .. تاركاً دمشق مفتوحة عسكرياً أمام الجيش الإسرائيلي القابع في جبهة الجولان التي لاتبعد سوى 40 كم فقط عن دمشق ...
وهذا ليس غريبا على نظام عاش بحماية إسرائيل وأمريكا وروسيا منذ انقلابه واغتصابه السلطة 1970 .. بل إذا علمنا كيف نفذ إنقلاب الثامن من اّذار 1963 بقوات جاءت من جبهة الجولان نفسها بقيادة اللجنة العسكرية السرية التي شكلت في القاهرة أثناء حكم الإنفصال البرلماني في سورية ..وكان حافظ الأسد أحد أعضائها قام بتصفية الجميع وفق مخطط مرسوم في اتفاقات موقعة مع العدو الصهيوني رفض المنشقون كشفها حتى الاّن ..
لذلك سأعود لتسجيل ماوقع في الثامن من اّذار 63 في الإنقلاب العسكري السابع وبعده في سورية لتعلم الأجيال الشابة الثائرة التي أعادت الروح والربيع لشعبنا وأرضنا وجبالنا التي هيمنت عليها شريعة قطاع الطرق والجناة , و قحط عقول الطغاة وأهوال الإستبداد الشرقي والصهيوني معاً ..
في 1/ 11 / 1962 أصدر السيد خالد العظم مرسوما يلغي فرض حالة الطوارئ التي أعلنت في عهد الوحدة مع عبد الناصرفي مطلع عام 1959 – وأصدرت حكومته الديمقراطية برنامج عمل ديمقراطي نهضوي يطلق الحريات العامة الإقتصادية والسياسية دون قيود رغم معارضة العسكر والإخوان المسلمين ..كما حدد السيد رشاد برمدا وزير الداخلية في حكومة العظم موعداً للإنتخابات البرلمانية القادمة في منتصف حزيران 1963 عن جريدة –النصر الدمشقية تاريخ 2 / 11 / 62 ..
كان النظام البرلماني الديمقراطي الذي حدد السيد خالد العظم ممثل البورجوازية الوطنية السورية الصناعية الشريفة والمتقدمة سياسة حكومته من خلاله بتاريخ 21 / 12 / 62 بما يلي : ( بعد استعراضه الخطة التنموية الضخمة لتطوير البلاد وتصنيعها ونهضتها وأبرزها _ التوقيع على إتفاقية بناء سد الفرات وصوامع الحبوب , ومد سكك حديدية جديدة وغيرها من مشاريع بناء القاعدة الإقتصادية الوطنية قال حرفيا :
( إن نقطة إهتمامنا ألرئيسية الثالثة هي السعي لحكومتكم الوطنية والقومية لكي ترفع سورية راية نظامها الجديد عالياً..نظام التلازم بينبين الديمقراطية السياسية والديمقراطية الإجتماعية في ظل الدستور والحرية والعدالة . فقد إنتهت التجارب الطويلة التي مرت بها سورية, وكان بعضها شديد القسوة , إلى إقتناع أبنائها,,أن كل قتل للحريات السياسية على حساب إنجاز الإصلاحات الإجتماعية أولاً هو قتل لإنسانية الإنسان ..والإنسان أعز ما في الوجود.. كما إقتنعت أكثرية أبنائها في الوقت نفسه ,, أنه ليس من حرية صحيحة لأصحاب البطون الجائعة , والعقول الجاهلة والأجساد المريضة ,,لهذا فإن سورية العربية اليوم ترفع راية التلازم الذي لاإنفصام له .. بين الديمقراطية السياسية والديمقراطية الإجتماعية ..وتنادي : إن الإنسان العربي بحاجة إلى الحرية وإلى الخبز والكرامة معاً..وكل تضييق على هذه الحاجات المتلازمة الثلاث أوالتفريق بينها ,,إنما هو قتل عمد لها جميعاً,, بل لقتل إنسانية الإنسان ..لذلك قررنا بذل جهدنا لإشباع جو وطننا حرية وعدلاً وعملاً ومشاريع مثمرة ,تعود خيراتها للجميع .. بقدر حرصنا على تحقيق الإستقرار والثقة وحرية تشكيل الأحزاب السياسية والإعداد لإنتخابات نيابية حرّة..ما من حزب واحد يستطيع أن يستلم المسؤولية لوحده في هذه المرحلة .....)
بينما كان خالد العظم وبشير العظمة وحكومتهما الوطنية يبذلون قصارى جهدهم الوطني لترسيخ قواعد النظام البرلماني وحركة التحرر الوطني السورية في جبهة وطنية ديمقراطية واحدة .. كان البعثيون والناصريون والقوميون العرب والإخوان المسلمون يتاَمرون لإسقاطها خلف الإنقلاب العسكري الذي كانت تعده المخابرلت الأمريكية الإسرائيلية والمصرية حتى أصبحت رائحته تزكم الأنوف ولم يعد سرأً في تلك الأيام ..وكان البعثيون والناصريون في سباق محموم لإقتناص الدولة كلها بالإتفاق مع وزير الدفاع عبد الكريم زهر الدين وقائد الإنقلاب ( المقدم زياد الحريري )الذي إتصلت به المخابرات المركزية بواسطة أحد عملائها السوريين المقيم في سويسرا وفق ما جاء في عدة مصادر وأهمها مذكرات الوطني الكبير أكرم الحوراني ج4 ص 3159 وهو المقدم / زياد الحريري / وضباطه الجاهزين لإحتلال عاصمتهم دمشق لإغتيال أبسط حقوق الإنسان وإعدام الحرية لإيصال دبكتاتور سفاح ترضى عنه الدوائر الإستعمارية وإسرائيل .... ولكن من أين أتوا ياترى ؟؟
سأجيبكم لكن بعد توضيح موقف الإخوان المسلمين وزعيمهم يومها / عصام العطار / المقيم في ألمانيا اليوم والذي يتصدر مؤتمرات ومجالس الجماعة لتحريرسورية وإقامة نظام برلماني ديمقراطي فيها - كما يزعمون في مجلس إسطنبول اليوم صنيعة نفس المخابرات مع الموساد الإسرائيلي وحلف الناتو وأتباعهم في الخليج –
فرغم أن حكومة العظم الديمقراطية البرلمانية عام 1962ضمت إثنين من الإخوان المسلمين بين أعضائها هما السيدين : عمر عودة الخطيب وزير التموين ,و نبيل الطويل وزير الصحة ,,لم يكن لزعيمهم عصام العطارعمل --- الذي اتخذ من جامع الجامعة السورية منبراً له كل يوم جمعة -- سوى شن افتراءاته وهجومه اللا أخلاقي على حكومة العظم وعلى الشيوعيين وسائر الوطنيين وفي مقدمتهم أكرم الحوراني وعفيف البزري وأمين النفوري وغيرهم .. راجع صحبفة الرأي العام –والنصر الدمشقيتان بتاريخ 13 /11 / 62 .. قال عنه المرحوم خالد العظم في مذكراته ما يلي : ( لقد ثبت لي بعد إنقلاب 8 اّذار كيف كان عصام العطار يخادعنا ..لقد أحسنت الظن فيه , لكن تكشف فيما بعد أنه كان ذا عشرين وجه وخمسين لسان – مذكرات ج3 ص 372 )
وكان الناصريون يوزعون ألأموال على الطلاب وبعض النقابيين ليتظاهروا ضد حكومة العظم لإسقاطها ,,بواسطة معتمدتهم في دمشق لبسيدة ( ثريا الحافظ ) زوجة الصحفي منير الريس صاحب جريدة بردى --- مذكرات الحوراني 4 ص 3124 .
... والاّن أقول لكم من أين جاءت القطعات العسكرية التي احتلت دمشق صبيحة الثامن من اّذار 1963 ...
كان قائد الإنقلاب المقدم – زياد الحريري – قائداً لجبهة الجولان مع العدو الإسرائيلي وواحدا من اللجنة العسكرية المؤلفة من إثني عشر ضابطا" تشكلت في القاهرة بإشراف المخابرات المركزية والمصرية ثم إنضم لها العضو رقم 13 السيد أمين الحافظ بعد إنقلاب 8 اّذار—
نقل زياد الحريري ملحقاعسكريا في السفارة السورية في موسكو ورفض التنفيذ وباءت كل مساعي الوطنيين بالفشل للجم العسكريين من الإشتراك في دفن الجمهوريةوعزف الموسيقا الجنائزية معلنة اغتيال الإنسان والوطن في إنقلاب عسكري جديد ..
كان قائد الإنقلاب يتنزه في شوارع دمشق حسب ما جاء في مذكرات الأستاذ الحوراني ج4 ص 3157 – وبعد إتمام خطة الإنقلاب مع قيادة الجيش واللواء راشد قطيني رئيس المخابرات في دمشق ..أصدر أمراً للحواجز العسكرية بين القنيطرة عاصمة الجولان ودمشق بفتح الطريق للإنقلابيين القادمين من قوات الجبهة مع العدو الصهيوني بقيادة العمبد توفيق الشوا – والرائد سليم حاطوم .. وقطعت المسافة من القنيطرة إلى دمشق ( 60 كم ) ددون إطلاق رصاصة واحدة ..وكان في استقبالها في ساحة الأمويين زياد الحريري وراشد قطيني ..وتوجه سليم حاطوم لإحتلال مبنى الإذاعة والتلفيزيون في تمام الساعة الواحدة من صبيحة الثامن من اّذار ليصبح فيما بعد دونجوان الأغاني الثورجية التي أنتجها عقل البعث وحرر العالم بها ... بينما كان قائد اللواء 70 أفضل قطعات الجيش السوري تنظيماً وتسليحاً اللواء محمد عودة – المكلف بالدفاع عن العاصمة يغط في نومه في منزله ..وكان ثمن خيانته تعيينه ملحقاً عسكرياً في باريس ..وترك الضباط الوطنيين في اللواء الذين كنا نعرفهم عن قرب دون قيادة لايعلمون ما يفعلون .. وبقى سلاح الطيران وحده متمرداً بقيادة هيثم المهايني قائد سلاح الطيران يحوم بطائرته فوق دمشق دون جدوى .
...وكان أول ما فكر به صانعو إنقلاب الخيانة السافرة / إعادة فرض حالة الطوارئ والأحكام العرفية على الشعب السوري بالأمر العسكري رقم 2 صبيحة الثامن من اّذار /
وسنعود لنتابع لنتابع مافعله حكم العسكر الإنكشاري والمرتزقةوأدوات الإستبداد والطاعنين الغدّارين بوطننا وشعبنا خلال نصف قرن تضاف لظلامية الإحتلال التركي الأسود بل أكثر بشاعة وخقداً .. – 1 / 8 – لاهاي .
#جريس_الهامس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟