أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - مساواة في الدين؟














المزيد.....

مساواة في الدين؟


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 3806 - 2012 / 8 / 1 - 08:25
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


المساواة هي المعاملة بالمثل، بالمثل تماماً دون زيادة أو نقصان، قدر المتاح دون تعمد التمييز والتفريق بين شخص وآخر. في الميراث، ليس من المساواة أن تعطي للذكر مثل نصيب الأنثيين. هذا تمييز صريح ومؤكد للذكر (الرجل) على الأنثى (المرأة). كذلك، عندما تجبي من رجل ضريبة أكبر من تلك التي تجبيها من آخر، أو تعفي منها البعض وتفرضها على آخرين، هذه، مهما كانت المبررات، ليست مساواة في المعاملة. أيضاً، عندما تحصر ولاية المناصب على البعض، وتحرم منها البعض الآخر، مهما كانت الحجج والتأويلات، هذه ليست أبداً مساواة، طالما أن الشروط الموضوعية المؤهلة واحدة.

الدين، أي وكل دين، لا يعرف المساواة ولا يقرها، حتى بين أتباعه أنفسهم. الدين هو بالأساس نظرة تمييز وتفرقة بين الناس، من منطلق اجتماعي وأخلاقي ظاهري، لكنه سياسي واقتصادي بالأساس. هل يتوقع من الدين، أي دين، أن يأمر أتباعه بإعطاء أتباع الأديان الأخرى نفس المعاملة التي يعطونها لأخوتهم في الدين؟ أليس الدين، أي وكل دين، هو في أساسه دعوى لهداية الضالين من الأديان الأخرى والمشركين وعديمي الأديان، بالحسنى في البداية ولا مانع من استعمال القوة إذا لم ينصاعوا. أساس الدين، أي وكل دين، هي دعوة إلى الصلاح والخير، من منظور أتباعه من داخله لأتباع الأديان والمعتقدات الأخرى من خارجه. طالما أنك تدعوني إلى الصلاح والخير، لابد أنك معتقد ومقتنع أني، بالتأكيد، في خطيئة وشر. من هنا ينشأ التمييز والتفريق الصارخ بين المؤمنين والكفار، أهل الجنة وأهل النار، الناجين والهالكين. حينئذ، بالطبع، يصبح من غير المنطقي الحديث بعد عن أي مساواة على الإطلاق بين هذين المعسكرين، الكارهين لبعضهما بالضرورة إلى أن ينتهي أحدهما أو ينتهيان الاثنان معاً.

هذه هي المعاملة المنطقية ما بين أتباع دين وأتباع دين آخر مخالف، حتى لو كانا نسيبين من نفس شجرة العائلة الدينية، مثل تلك المسماة الأديان السماوية: اليهودية والمسيحية والإسلام. يستحيل أن تجد فكرة عن المساواة في نظرة كل دين منهم للآخر. من أين تأتي المساواة وكل منها لا تعترف حتى بالأخرى وتكفرها وتعتبرها ضلال وشرك بالله؟ لم، ولا ولن، توجد مساواة بين أصحاب الأديان المختلفة، طالما حافظت تلك الأديان على أصولها التأسيسية الأولى، القائمة على مفهوم الصواب والحق المطلق، كما هي دون تجديد وتحديث وتطوير كبير. ليس ذلك فقط، إنما لم، ولا ولن، توجد مساواة حتى بين أتباع الدين الواحد. هناك دائماً تمييز وتفريق بين أتباع نفس الدين الواحد على أساس درجة الإيمان، والقرب والبعد من الله، والمساهمة في نشر ورفعة الدين.

داخل الدين الواحد ونفس الدين، هناك تمييز وتفرقة بين الناس على أساس العلم والتقوى والصلاح والإيمان ونصيب المساهمة في سبيل نشر الدعوى ونصرة الدين والجهاد في سبيله. من منظور الدين،أي وكل دين، البشر مرتبون هرمياً، يتربع على أعلى نقطة في القمة النبي أو الرسول المرسل من عند الله، يليه الأهل والصحابة والحواريين والأتباع والأنصار الأوائل. هؤلاء، بحكم قربهم من الرسول وصحبتهم له، لن يتساوى معهم أو حتى يقترب من قاماتهم أبداً أي من أتباع نفس الرسول والدين في كل العصور اللاحقة، مهما عظمت تقواه وإيمانه. من، من خلف العصور اللاحقة، يجرؤ على أن يدعي أنه مساوي، بحكم أنه إنسان مثله، لأبي بكر الصديق أو عمر بن الخطاب أو عثمان أو علي أو أي من الصحابة الآخرين؟ من يستطيع أن يدعي أنه متساوي في العلم، أو في القدرة على التفكير والفهم والفقه والفتوى، مثل الإمام أحمد بن حنبل أو الشافعي أو حنيفة أو بن مالك؟ من يستطيع أن يعارض، بحكم أنه بشر مثله له نفس الملكات الذهنية وربما أدوات أفضل بكثير من تلك التي كانت متاحة له، البخاري أو مسلم أو بن تيمية أو محمد بن عبد الوهاب؟ من يجرؤ، حتى في هذه الأيام، على أن يعارض قول، في أي وكل مجال، ينطق به القرضاوي أو محمد حسان أو صفوت حجازي؟ حتى داخل الدين الواحد ونفس الدين، لا وجود للمساواة ولا حتى اعتراف بها.

المساواة تعني الموضوعية والحيادية التامة في النظرة، والمعاملة المترتبة عليها، تجاه الأشخاص، بصرف النظر عن دينهم أو جنسهم أو لون بشرتهم أو لغتهم. طالما أن الدين، أي دين، يرى في نفسه وأتباعه الفريق الناجي والمختار من الله، والباقين في ضلال ولهم عذاب أليم، سيظل من السذاجة، والسخافة أحياناً، أي ربط بين الدين، أي وكل دين، والمساواة بين الناس. وطالما، داخل نفس الدين الواحد، ظل أتباعه يعلون بعضهم فوق بعض، والأكثرية الحاضرون يتبعون ويقلدون البعض، السلف الصالح، عمياناً بقداسة وحرفية كما لو أن الأواخر جنس منقوص أو كمالة عدد بينما الأوائل أولياء أذكياء حكماء معصومين، لا أحد يتكلم أبداً عن المساواة، حتى بين أبناء وأتباع الدين الواحد.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بكائية الخضيري على البرلمان المسكوب
- مرجعية الأزهر...لبنة في بناء قديم
- يوم الفرقان: الجمعة 28 يناير 2011
- الديمقراطية كفر بالله؟
- المشروع الإسلامي التجريدي وإشكالية الصراع المحتوم
- -حكم بين السلطات-، أضلولة أخوانية
- الدائرة الأخوانية الإسلامية المغلقة
- سلطان الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر
- نصف إله + نصف شيطان = مساواة
- الحرية وتطبيق الشريعة
- امسك...إسلامجية حرامية
- آلهة شياطين
- بسم الدين وبسم العلم...نخون الوطن
- وماذا لو حكم الأخوان؟
- من ثورة مدنية سلمية إلى زحف إسلامي ترهيبي
- هزيمة مشروع الإسلام السياسي في مصر من الجولة الأولى
- أسطورة الإله...أسطورة الوطن
- أدعياء دين وكاذبون ديمقراطية
- تحالف المشروع الأخواني-السلفي، نعمة أم نقمة؟
- أسطورة القوانين الوضعية والشرائع السماوية


المزيد.....




- نزلها “من هنا” تردد قناة طيور الجنة بعد التحديث على القمر ال ...
- وزير خارجية كيان الاحتلال: غوتيريش يقود أجندة معادية لاسرائي ...
- وزير خارجية كيان الاحتلال: غوتيريش يقود أجندة معادية لاسرائي ...
- كاتس يهاجم غوتيريش مجددا: يقود سياسة معادية لإسرائيل ولليهود ...
- ماما جابت بيبي يا أطفال..تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل ...
- بلينكن: السنوار كان مسؤولا عن أكبر مذبحة ضد اليهود منذ المحر ...
- استعلم عن تردد قناة طيور الجنة للاطفال بجودة عالية جدا مع اب ...
- ‏المقاومة الإسلامية تقصف مستعمرة زفلون بصلية ‏صاروخية كبيرة ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تعلن رصد تحركات جنود العدو الإسر ...
- خاص| ماذا قال مساعد القائد العام للجيش السوداني عن الإسلاميي ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - مساواة في الدين؟