مالك بارودي
الحوار المتمدن-العدد: 3803 - 2012 / 7 / 29 - 09:12
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
إستوقفتني هذه الحملة التي تدور حول سؤال "زواج المسلم/ة من مسيحي أو يهودي ... الخ أو من لا ديني/ة" (الرابط: http://www.ahewar.org/guest/default.asp?code=arabic&t=83&wom=) فأردت أن أجيب على هذا السؤال الذي طالما شغل فكري لإرتباطه بأوجه ومشاكل عديدة ومتشعبة أتمنى أن أتوصل إلى الإلمام بها في ما سيلي من كلامي.
في البداية، يجب أن أقول لكم بكل صراحة ودون لف أو دوران: أنا مع الحرية الكلية في إختيار الزوج بعيدا عن أي تأثيرات دينية. فما المشكلة إذا كان مسلم يريد الزواج من مسيحية أو حتى من ملحدة أو بوذية أو يهودية أو إحدى شهود يهوفا...؟ وما المشكلة في أن تتزوج مسلمة من مسيحي أو ملحد أو من معتنق أي ديانة أخرى؟ الحب والتفاهم هو ما يحدد العلاقات بين الناس وليس الدين. الدين شيء شخصي فردي لا يجب أن يتجاوز حدود الشخص الواحد إلا عند ضمان إقتناع الآخر. والتمييز بين الديانات شيء سخيف ومن يؤمن به يثير شفقتي لأن عقله لم ينضج بالدرجة الكافية التي تجعله يعترف بحرية الآخر. لا الدولة ولا أي مؤسسة ولا الأشخاص لهم الحق في منع إثنين من ديانات مختلفة من إقامة علاقة أو من الزواج.
أرجو ان تتفتح العقول المغلقة وتضاء العقول المظلمة التي تتخذ من خرافات الدين مقياسا لكل شيء. الحرية هي القاعدة والعقل هو الفيصل أما الدين فرجاء أتركوه في مكانه الأصلي أي لا تجعلوا منه شيئا مقدسا ولا يجب مخالفة قواعده لأنه في النهاية كل الأديان مختلفة وكلها تكفر كلها... حتى في وسط كل دين هناك طوائف تكفر بعضها البعض: في الإسلام الشيعة تكفر السنة والصوفيون يكفرون الوهابيين والوهابيون يكفرون الشيعة وهكذا إلى ما لا نهاية له. فإذا إعتبرت أن صاحب الدين المقابل كافر، فأنت لا تقل كفرا عنه من منظوره. أعني أنه في نهاية الأمر: الكل كفار.
ثم أن من يدعي بأن الدين فطري في الإنسان واهم، لأن الإنسان يولد لادينيا، أي بلا توجه ديني... فالدين يغرس في الإنسان من طرف عائلته وأهل حيه وأهل بلدته ومن طرف المجتمع. فإذا كان الدين مكتسبا، فهو مثل أي معلومة يتلقاها الإنسان في حياته، ليس أهم من درس فيزياء يتلقاه التلميذ ولا أجدى من كتاب يقرأه. كلها مكتسبات. فعلى أي أساس تتحكم خاصية مكتسبة (الدين) في خاصية فطرية(إنسانية الإنسان وحريته)؟ أقول هذا لأن كثيرا من العقليات المتشبثة بالدين تقول بأن الدين خاصية فطرية في الإنسان لا يجوز أن يتجاوزها ولا أن يخرق قواعدها... فكل الناس ولدوا بلا دين، وعلى هذا الأساس هم كلهم بشر متساوون لا فرق بين المسلم والبوذي والمسيحي واليهودي والوثني ومن يعبد الشمس أو القمر أو البقر... ومن يقول عكس هذا ويعتبر إستنادا إلى دينه ودين عشيرته أن الآخرين أقل منه إنسانية عليه أن يراجع حساباته منذ البداية.
في الختام، لا أملك إلا أن أعيد ما قلته سابقا: أرجو ان تتفتح العقول المغلقة وتضاء العقول المظلمة التي تتخذ من خرافات الدين مقياسا لكل شيء. الحرية هي القاعدة والعقل هو الفيصل أما الدين فرجاء أتركوه في مكانه الأصلي.
-----------------------
للإطلاع على جملة مقالاتي، الرجاء زيارة مدونتي: http://chez-malek-baroudi.blogspot.com
#مالك_بارودي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟