فراس بهار البيضاتي
الحوار المتمدن-العدد: 3801 - 2012 / 7 / 27 - 12:47
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أحدثت ثورة التطور التكنولوجي بوسائل الإعلام المرئية والسمعية والاتصال تغييرا" جذريا في الواقع العراقي بعد عملية التغيير فأنقسم المجتمع على نفسه إلى عدة فئات مختلفة التوجهات والأعداد وفي ما يلي وصف موجز لهذه الفئات أرجو إن أكون موفق بوصفهم:-
الفئة الأولى وهي كبيرة نسبيا" وتشكل خطرا" محدقا" في ظل تباين وغياب التوازنات لأفراد هذا الفئة (الفكري, والسلوكي) ، وبغياب الرقابة الذاتية والشعور بالمسؤولية لدى الكثير من هذه الفئة اتجاه المجتمع والوطن ، وبسبب بساطة وتخلف السواد الأعظم من هذه الفئة وأيمانهم بماضي مركب مضطرب يؤمن بحكم (ألاهية وقدسية رجل الدين) , تم توظيفها ببساطة واستغلالهم من قبل رجال الإسلام السياسي وصنعوا لهم مفاهيم سلبت عقولهم , وأفعالهم في بعض الأحيان تكون خطيرة و مدمرة للسلم الأهلي والحياة اليومية البسيطة للمواطن.
الفئة الثانية تغيرت مفاهيمهم ومعاييرهم جذريا"بعد النهضة الكبيرة في استخدام تكنولوجيا المعلومات لمعرفة شتى العلوم الحديثة حيث أصبحت هذه الفئة ليست بحاجة إلى مرشد ديني لتعليمهم فهم النصوص وسماع المواعظ الدينية وأصبحت هذه الفئة محصنة لا تنطلي عليها الوعود الكاذبة من هذا الجهة أو تلك وهي التي يعول عليها بتأسيس منهجية يمكن إنقاذ الفئة الأولى , وكلنا موقنين بصعوبة الهدف , وطريقة الوصول إلية , وانه ليس بالأمر الهين . ولكنه ليس الأمر المستحيل الأمر مرهون بالوقت.
أما الفئة الثالث ويمكن استنتاجها من معطيات المقارنة بين الفئتين الأولى والثانية وهي فئة هلامية تقل وتكثر حسب الظروف.
بعد هذا الوصف المبسط لهذه الفئات وعلاقتها بالخطاب الديني وفهمها لأمور الحياة ندخل في صلب موضوع بحثنا!!
ابتلت مجتمعاتنا بعدة إمراض أخطرها هي انفصال العقيدة عن السلوك أو بمعنى أدق إنتاج تدين بعيد عن الأخلاق , وموضوع بحثنا نتاج جوهري لهذا الإفراز نسمعه ونتحسسه ونعيشه كل يوم ،ألا وهو موضوع ارتفاع أصوات كثير من أئمة الجوامع والمساجد والحسينيات ، من خلال مكبرات الصوت الخارجية ، في صلاتهم يوميا" وخصوصا" في شهر رمضان المبارك ، وفي غيرها من سائر الصلوات ، والمحاضرات والمناسبات الدينية, وتصل في بعض الأحيان إلى حد المسابقات , غير مبالين بالمحاذير الشرعية ، ومشاعر الناس من كبار السن وأطفال رضع وأناس من طوائف وديانات أخرى.
حيث يعلم الجميع إن رمضان هو عبارة عن (مشاعر وشعائر) وبما إن شهر رمضان المبارك مميز هذه السنة بارتفاع درجات الحرارة فيجب مراعاة الجانب النفسي لشريحة كبيرة من الناس وضنك العيش لدى الكثيرين من العراقيين.
وإن من المسلمات العبادة ، هي الإخلاص للعقيدة وأتباع التعليمات الدينية ببساطة وسلاسة لا على ما تهوى نفس رجل الدين وابتداعه البدع التي تبعد العباد من العبادة وكما يقال (تبعيدا" لا تعبيدا") فلا مجال للتعبد بالمحدثات ومكبرات الصوت بأحجام وأعداد مبالغ بها , بدعوى تحقيق مصالح ، وجلب منافع , وتثبيت الدين وما سوها من المبررات ، فهناك قاعدة عامة متفق عليها بالإجماع مفادوها (درء المفاسد خير من جلب المصالح) وإذا تعارضت المصالح والمفاسد ، وجب مراعاة الأكثر منها والأعظم ، فيجب هنا مراعاة المصلحة العامة ، فإن تساوت فدرء المفاسد مقدم على جلب المصالح . فمن وجهة نظري بان استخدام هذه الطرق للعبادات عبارة عن تشويش وتضليل لمفهوم العبادة السليمة وهي طريقة بدائية نسبيا" عفا عليها الدهر وتركتاه كل الدول الإسلامية الكبيرة مثل المملكة العربية السعودية وإيران ودول الخليج وتركيا ومصر إلا العراق فما يزال مستمرا" ومتمسكا"بهذه الطريقة ولا نعلم لماذا هذا الإصرار والتمسك .
من واجب كل متعبد إن يسلك الطريق السهل والبسيط للعبادة ، وأن يرحم إخوانه المتعبدين الآخرين من المذاهب والديانات الأخرى الذين تشوشت عليهم عباداتهم بما يسمعون ، من هذه الأصوات العالية حتى لا يدري المرء ماذا قال ولا ماذا يقول في الصلاة من دعاء وذكر .
فإن هناك استنتاج قديم تجدر الإشارة إليه مفادوه (إذا ظهر شيء واشتهر ، فشب عليه الصغير وهرم عليه الكبير ، حتى صار من ينكر هذا الأمر ، قد أتى بأمر مستنكر ، وهكذا البدع تبدأ شبرا ، ثم تكون ذراعا ثم تصير باعا ، تبدأ شيئا فشيئا حتى تتمكن وتصبح أمورا ثابتة )
الخلاصة من هذا الطرح هو تحفيز الوقفان الشيعي والسني لوصول إلى قرار شجاع وجرئ يضع العراق بين إقرانه من دول الجوار والعالم الإسلامي , إما بالنسبة للمعترضين , ومن المتوقع إن تكون هناك معارضة كبير من أئمة وخطباء الجوامع والمساجد والحسينيات بسبب تغيير مألوفا تهم فيمكن محورتهم وإقناعهم عن طريق عمل مؤتمرات موسعة واستضافة رجال دين ممن خاضوا التجربة من دول الجوار مثل تركيا وإيران والمملكة العربية السعودية ومصر وشرح محاسن تلك التجارب وأثرها على الايجابية على مجتمعاتهم .
ختاما"في هذا المرحلة يجب مراعاة وتخفيف حدة وشدت الخطاب الديني لسببين الأول التنوع الموجود بأطياف الشعب العراقي والسبب الثاني سخونة المنطقة التي صاحبة التغيرات , والمرحلة الراهنة لا تتحمل المزايدات والمناكفات.
ونتمنى من الله التوفيق
#فراس_بهار_البيضاتي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟