|
لو كانت اقتراحات أردوغان صادقة...
راضي كريني
الحوار المتمدن-العدد: 3798 - 2012 / 7 / 24 - 11:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تذكّرني اقتراحات أردوغان لروسيا، بزوجة رجل أعمى، كانت تتضرّع دائمًا إلى الله ليعيد البصر لزوجها؛ كي يرى حُسنها وجمالها.. وكان الزوج الأعمى يلوذ بالصمت إلى أن ضاق ذرعه مرّة، فقال لزوجته: لو كنتِ كما تقولين، لما تركك البصراء لي! يوم الأربعاء الماضي، استقبل الرئيس الروسيّ فلاديمير بوتين رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان، الذي حاول أن يغريه؛ كي تصوّت روسيا في مجلس الأمن إلى جانب مشروع قرار غربيّ حول الأزمة السوريّة، ولتشدّد موقفها من سورية. .ولتُسهم في تقدّم مجلس الأمن في الملف السوريّ المعطّل، ويتسنّى له أن يشكّل لجنة محايدة تقود المفاوضات بين المعارضة والنظام تفضي إلى تنحي الأسد وتشكيل حكومة مؤقّتة انتقاليّة... أكّد بوتين لأردوغان بأنّ روسيا ستستخدم حقّ النقض/الفيتو ضدّ أيّ قرار في مجلس الأمن يفرض عقوبات على سوريّة...وانتقده على انتهاك الطائرة التركيّة للمجال الجوّي السوريّ...وعلى موافقته على نشر قِطع من الدرع الصاروخيّ لحلف شمال الأطلسيّ على الأراضي التركيّة... ردّ أردوغان على بوتين، بأنّ نشر رادار الإنذار الأمريكيّ يعزّز القدرة الدفاعيّة والنظام الدفاعيّ لتركيا، ويغطّي كلّ الأراضي التركيّة، لكن... رغم أهميّة هذه القطع لتركيا؛ فتركيا على استعداد للتنازل عنها ونقلها إلى دولة قطر، مقابل عدم استعمال روسيا لحقّ النقض في الملفّ السّوريّ...ودعمها لمشروع القرار الغربيّ! لا يمكن للقيادة الروسيّة أن تتصرّف كدولة قوميّة ضعيفة، كمصر أو تركيا... وتنقاد إلى ثقافة النزعة الكونيّة الأمريكيّة في الاقتصاد والسياسة و...التي تسوّقها الإدارة الأمريكية لتجني الأرباح السياسيّة والماليّة منها.. ما زالت العزّة القوميّة الروسيّة راسخة ومتأجّجة ومتنامية في صدور العسكريّين الروس، خصوصا أنّ هذه العزّة كانت سببا رئيسا لشحذ الدافعيّة الداخليّة للمواطن الروسيّ وللجيش الأحمر، الذي تصدّى للوحش النازيّ وتغلّب عليه... إن كان الاتحاد السوفييتي عانى ووهن من التطاحن القوميّ والنزاع الأثني... ما أدّى إلى تفكّكه وانهيار سياسته الأمميّة، وإلى إيذاء الهيبة والعزّة الروسيّة...فروسيا اليوم لن تتخلّى عن الدولة القوميّة الروسيّة وعن حلفائها من الدول القوميّة، مثل سوريّة، خصوصا بعد أن تأنّت وصبرت على الوحدة الأوروبيّة، وذاقت مرارة فشل أوروبا في بناء وحدة فوق القوميّة. تأمّلت روسيا كثيرا أن تفوز بالوحدة الأوروبيّة كتعويض لها بعد تخلّيها عن العلاقات الأمميّة بين الدول الاشتراكية ودول عدم الانحياز سابقا، أو بالأحرى، بعد أن أسهمت هي نفسها في هدم وزوال السياسة الأمميّة...لذلك لا يمكن لروسيا أن تخطئ أكثر، وتعمل على هدم آخر معاقلها: الدولة القوميّة، لتغرق في مستنقع السياسة الكونيّة التي تفرضها الولايات المتحدة على العالم . روسيا تعرف جيّدا أنّه بعد حرب الخليج، بأنّ كافة الدول العربيّة، ما عدا سوريّة، قد تخلّت عن الوحدة القوميّة العربيّة لصالح النزعة الكونيّة الأمريكيّة وخدمة للمصالح الاقتصاديّة والأمنيّة لإسرائيل، وتعرف أنّ حلف الأطلسيّ أنشأ بالتعاون مع الرجعيّة العربية مجالسَ التعاون الاقتصاديّ الإقليميّة، المتناغمة والمتّسقة مع سياسة الإدارة الأمريكيّة..الساعية إلى القضاء على النزعة القوميّة العربيّة وإحلال النزعة الدينيّة مكانها، التي تحدّد بأن النظام الإيرانيّ وحزب الله الشيعيين والنظام السوريّ العلويّ هم أعداء السنّة في الدول الإسلاميّة. لذلك، ليتنازل الأكراد وليتخلّوا عن حقّ تقرير المصير القوميّ، لأنّ حلّ قضيتهم يكمن في حسم الصراع الطائفيّ بين السنّة والشيعة. وللتأكيد على طبيعة الصراع الطائفيّ، دفع حلف الأطلسيّ بعبد الباسط سيدا الكرديّ الأصل إلى رئاسة المجلس الوطنيّ السوريّ...وطالب بأن تفتح الجامعة العربيّة أبوابها لأردوغان زعيم حزب العدالة والتنمية ذي الجذور والتوجّه الاجتماعي الإسلامي، ليقود الحملة السنّيّة على سوريّة.. وبعد أن رفضت سوريّة اقتراحه باعتماد برنامج حزب العدالة والتنميّة التركيّ للإصلاح؛ حمل راية التحريض على الصراعات الطائفيّة، كي تتبنّى الدول الإسلاميّة رأسمالية السوق والتبعيّة، السياسة التي جعلت من مستقبل تركيا الاقتصاديّ مرهونًا بالولايات المتحدة الأمريكيّة وبقرارات شيوخ النفط العرب التعسفيّة ..المؤيّدة لبقاء الاحتلال التركيّ لأجزاء من الأراضٍي القبرصيّة والسوريّة. لكن .. لو كان أردوغان وحزبه وحكومته على هذه الدرجة من الحكمة والتحكّم بقيادة الصراع الطائفيّ لَما تركه المبصرون في الحلف الأطلسيّ ليتزعّم الملفّ السنيّ! لا بدّ أن يصحو الشعب التركيّ الذي تخلّى في الماضي عن السلطنة وقَطفَ ثمار التتريك.. ويكتشف مخاطر بقاء حزب العدالة والتنمية في السلطة!
#راضي_كريني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اِشربوا نخب - فالنتينو-
-
الإسرائيليّ المضّطرب
-
إن كنتَ أنتَ أنا؛ فمَن أنا؟
-
لنهبّ، لقد جاء الصيف
-
رنين الذهب يعمي البصر والبصيرة
-
الدّلافين الإسرائيليّة
-
مَن يستطيع أن ينمّي بذرة الخير؟
-
القدس لنا، وأورشليم لكم
-
احذروا درب إيهود براك!
-
لا صوت يعلو على صوتنا
-
أبو مازن، مِن بني ثقيف أم راهب أم ...؟
-
إلى متى سنبقى ضحيّة؟!
-
أيقظتْني ذكراه!
-
المفارقة الغريبة
-
ماذا بعد اجتماع الهالك والمالك وقبّاض الأرواح في اسطنبول؟!
-
-خكومة- تكنوقراطيّة!
-
صدأ العقل واضطراب الشخصيّة
-
صناعة الخوف
-
ما فاتنا شيء
-
هل هي مغامرة أم مقامرة؟
المزيد.....
-
العراق يعلن توقف إمدادات الغاز الإيراني بالكامل وفقدان 5500
...
-
ما هي قوائم الإرهاب في مصر وكيف يتم إدراج الأشخاص عليها؟
-
حزب الله يمطر بتاح تكفا الإسرائيلية ب 160 صاروخا ردّاً على ق
...
-
نتنياهو يندد بعنف مستوطنين ضد الجيش الإسرائيلي بالضفة الغربي
...
-
اشتباكات عنيفة بين القوات الروسية وقوات كييف في مقاطعة خاركو
...
-
مولدوفا تؤكد استمرار علاقاتها مع الإمارات بعد مقتل حاخام إسر
...
-
بيدرسون: من الضروري منع جر سوريا للصراع
-
لندن.. رفض لإنكار الحكومة الإبادة في غزة
-
الرياض.. معرض بنان للحرف اليدوية
-
تل أبيب تتعرض لضربة صاروخية جديدة الآن.. مدن إسرائيلية تحت ن
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|