|
تزوير أم جهل بالمعطيات.!
مصطفى بن صالح
الحوار المتمدن-العدد: 3798 - 2012 / 7 / 24 - 08:57
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
تزوير أم جهل بالمعطيات.! تقديم: بداية أود أن أسجل بوضوح الدوافع التي أملت عليٌ الإسهام في هذا النقاش الذي أعتبره ضمن اهتماماتي كمناضل في صفوف الحركة الماركسية اللينينية المغربية في إطار إحدى تيٌاراتها المناضلة ـ الخط البروليتاري ـ وكمناضل سابق في صفوف النهج الديمقراطي القاعدي الطلابي.. بهذا وعليه، أعتبر بأن جميع وجهات النظر الثلاثة المعروضة والموقعة باسم الشهداء زروال، بلهوراي والكاديري، بموقع الحوار المتمدن، تستحق النقاش أو بالأحرى التقويم من أجل النقاش. فالأكيد أنها آراء مسنودة من طرف مناضلين ثوريين أثبتوا ميدانيتهم وإسهاماتهم الملحوظة، بالرغم من جميع النقائص والعديد من المنزلقات والتناقضات والخلافات العميقة في مجال الأفكار والممارسات، التي انجرفوا إليها، والتي يمكن أن تجتذب أي كان من المناضلين كيفما كانت درجة إخلاصه ووفاءه لخط النضال الاشتراكي العمالي.
بعض الملاحظات الأولية ملاحظتي الأولى، وقبل أن أندفع لنقاش الموضوعات الكبيرة والقوية التي أطٌرت المقالات المعنية، هي مسألة استعارة الأسماء الكاملة لشهداء مغاربة أو غيرهم، كعبد اللطيف زروال، مصطفى بلهواري، عبد القادر الكاديري.. وهي مسألة مثيرة جدا وبالغة الخطورة في نفس الوقت، لأن التوقيعات باسم الشهداء يمكنها أن تحدث اللبس بعد زمن معين، إذ يمكن لبعض القراء، وهم كثر، ممن يجهلون تاريخ الشهداء وتاريخ استشهادهم.. بأن ينسبوا هذه المساهمات النظرية والسياسية للشهداء أنفسهم، وبالتالي كان الأحسن والأجدر أن تركـّب الأسماء وبألاٌ تحضر كاملة كتوقيعات، رفعا لأي التباس قد يدفع البعض لنعته بـ"الارتزاق باسم الشهداء". ملاحظتي الثانية، وهي منهجية أتوخى منها اعتماد النقاش النظري الراقي، البعيد عن القدح والسباب والتجني في حق المناضلين من "رفاق الطريق".. وبأن تناقش الأفكار والتصورات والبرامج بعيدا عن الأسِرٌة وغرف النوم.. فليست "الانتهازية والتحريفية" شتيمة محقـٌرة، بل هي موقف ونقد لاتجاه معين زاغ عن الطريق، مزوٌرا المعطيات النظرية والمرجعية الماركسية اللينينية، خدمة لمصالح فئوية أو طبقية، نقيضة لمصالح الطبقة العاملة التاريخية في الثورة الاجتماعية والتغيير الاشتراكي.. الشيء الذي تفتقده الغالبية من المقالات التي اطلعنا عليها، الخاصة بالحركة الطلابية وحركات الطلبة القاعديين، حيث تغيب البرامج والتصورات المتصارعة، لينتصب الذم والسباب والنميمة والتجني والادعاءات الخرقاء..الخ ملاحظتي الثالثة، وقد أشرت لها في أكثر من مناسبة، تخص المعطيات التاريخية، التي ما زال التلاعب بها باديا وجليّا، دون أن نعرف أسباب ذلك، هل هي ناتجة عن جهل أم عن سوء نيٌة مبيٌتة، الغرض منها التزييف والتزوير لحقائق ثابتة ومعروفة لدى الخاص والعام؟
علاقة "التحريفية" بحركة الطلبة القاعديين فالرفيق الذي سمٌى نفسه زروال على اسم الشهيد عبد اللطيف زروال أحد قيادات "الجبهة الموحدة للطلبة التقدميين"، ومنظمة "إلى الأمام" الثورية فيما بعد مغادرته للجامعة، حاول من خلال مقالة قصيرة، الهجوم والتهجم، عوض النقد الرفاقي الذي نريده ونتوخاه، على تيار مناضل انتسب لحركة الطلبة القاعديين وعبرها للحركة الماوية العالمية بما هو حق مطلق له، دون أن يقدٌم الرفيق زروال أي مبرر لهذا الهجوم العدائي، ودون أن يفسٌر سبب هذه العدوانية وعلاقتها بالنضال الطلابي وبالتحالفات الطلابية التقدمية اللازمة خلال هذه المرحلة، بعيدا عن مدى ارتباطها وتأثر أطرافها بالحركة الماركسية اللينينية المغربية "الحملم" وعن طبيعة وشكل هذا الارتباط، هل هو "تحريفي" أم "أصولي" أم "مطوٌر ومبدع خلاٌق"..؟ فالحركة الطلابية المغربية، وارتباطا بإطارها التاريخي الاتحاد الوطني لطلبة المغرب ـ إوطم ـ حاولت على مدى سنوات وعقود تحصين إطار عملها ونضالها من خلال إعلان وتطوير مبادئ أصبحت مرجعية للعديد من المنظمات الجماهيرية الأخرى، وهي التقدمية والديمقراطية والجماهيرية والاستقلالية.. أما ما يخص تصورات وبرامج إوطم فهي خاضعة تاريخيا وموضوعيا للصراع الديمقراطي وموازين القوى بما تفرضه المراحل داخل الساحة السياسية وساحات الجامعة وميادين الصراع الطبقي.. إذ لا توجد تصورات وبرامج ثابتة في مسيرة وتجربة الحركة الطلابية، حتى ننعت من زاغ عنها بـ"المنحرف" أو "التحريفي" أو "المرتد".. الذي يدعو لشيء جديد لم يعهده الطلبة، وبشكل خاص التيارات الطلابية المناضلة والمتشبثة بالنصوص الأصلية، وبمقررات المؤتمر الوطني الخامس عشر، وما تضمٌنه من دعم للثورات في فيتنام وإريتيريا وفطاني وظفار.. والحال أن البعض ممن ينحون هذا المنحى يجهلون هذه الدعوات ويجهلون الحركات المطلوب مناصرتها ويجهلون كذلك مآلها وحالها، هل ما زالت موجودة أم انتفت أم غيٌرت جلدها..؟! فمنذ تأسيسها، احتضنت الحركة القاعدية جميع الحساسيات والتيارات والفعاليات اليسارية التقدمية، المعارضة للنظام القائم ولسياسته التعليمية، والمتعاطفة إلى حدٌ ما مع تجربة الحملم في الساحتين الطلابية والسياسية، ومنتقدة في نفس المجالين الأحزاب السياسية الإصلاحية المعارضة. في هذا السياق لم تعرف التجربة أي التزام سياسي أو تنظيمي تجاه أي منظمة من منظمات الحملم، التي كانت حينها تعيش حالة الانحلال والتفكك وإعادة البناء الفاشلة. بالإضافة لهذا لم تعتمد الحركة في إنتاج أدبياتها وأرضياتها على أية منظومة فكرية ضمن المنظومات والخطوط الإيديولوجية المتصارعة المعروفة، دفاعا عن الماركسية اللينينة، أو التروتسكية أو الستالينية أو الماوية..الخ وإن كانت اللغة المعتمدة هي لغة ماركسية والمنهج منهج ماركسي اعترف بوضوح، بالمادية والدياليكتيك والمادية التاريخية ووجود الطبقات وصراع الطبقات والبرجوازية والطبقة العاملة..الخ فلم يسبق لأية وثيقة أن حازت لاتجاه معين أو أن أعلنت عداءها لاتجاه آخر. وإلى حدود سنة 82، انتظم الطلبة القاعديون داخل تنظيم طلابي ديمقراطي واحد، وهي عبارة عن مجالس للمناضلين والمناضلات عن كل كلية أو معهد أو مدرسة عليا، وفروع جامعية تمثل المجالس بممثلين اثنين عن كل مؤسسة، ثم التنسيق الوطني بأربعة ممثلين عن كل فرع جامعي.. قبل أن ينشق الرفاق أنصار "وجهة نظر بنيس" الذين اشترطوا المظلـٌة السياسية كحل لأزمة الحركة الطلابية تحت غطاء العمل الوحدوي مع الأحزاب المنسحبة من المؤتمر السادس عشر ومن الميدان نفسه، ليعاود الكرٌة الرفاق أنصار "الكراس" بعد إصدارهم هذه الوثيقة في أكتوبر 84. هذه الوثيقة التي تضمٌنت بعض المواقف، اعتبرت حينها غريبة عن خطاب وتصور الطلبة القاعديين.. إضافة للبرنامج المقترح والذي تراجع في العديد من نقطه عن البرنامج المرحلي للطلبة القاعديين والذي تمٌت صياغته خلال تنسيقية دجنبر 82 والتي على إثرها انشق "البنيسيون".. وبالإضافة لهاته الأمور فلم يحترم الرفاق القواعد التنظيمية الديمقراطية، بل يمكن اعتبار سلوكاتهم وتصرفاتهم في الترويج لهذه الوثيقة بالأبوية والبيروقراطية، فغالبية الأطر والقيادات القاعدية لم تطـٌلع على الوثيقة لأنها وزٌعت على الطلبة دون أن تمرٌ عبر القنوات التنظيمية الديمقراطية المعمول بها.. بما شكـٌلته هذه الممارسات من تشكيك في قدرات الطلبة القاعديين. وبنفس الطريقة التي قدٌمت بها "مجموعة بنيس" وجهة نظرها سنة 82، أي بتجاوز خطير للآلية الديمقراطية وللبرنامج المتفق عليه قدٌم "الكراسيون" برنامجا مرحليا ضعيفا تم فيه التنازل عن أغلب المواقف والتصورات ذات الارتباط بأزمة الحركة الطلابية وبأوضاع إوطم التنظيمية. فلم تكن صائبة تحليلات ومعطيات الرفيق زروال في شيء، فالجهة التي اعتبرها "تحريفية انتهازية" ثبت بأن كان لها القسط والدور الكبير في التأسيس للتجربة القاعدية، وبأن ساهمت بشكل قوي وريادي في تجربة المجالس القاعدية السرية لسنوات 75/76 بإشرافها على إصدار مجلة "24 يناير" وعلى التنسيق الطلابي الوطني بمعية الأحزاب الإصلاحية التقدمية ـ الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، حزب التقدم والاشتراكية ومنظمة 23 مارس ـ خلال سنوات 76/77/78.. حيث لعبت "التحريفية" المعنية ـ منظمة إلى الأمام ـ الدور الريادي في التأسيس والتوجيه للتجربة القاعدية عبر أرضياتها وبرامجها المقترحة ومجموعاتها المؤثرة والقيادية، عبر تجربة جمعية المدرسة المحمدية للمنهدسين وتجربة فدرالية أوربا الغربية وبعض الأنوية الناشطة بكل من كلية العلوم بالرباط وكلية الآداب بفاس..الخ لقد حاولت التجربة القاعدية منذ أولى أرضياتها اعتماد الصراع على أرضيات وبرامج طلابية، متجنـٌبة السقوط في فخ التركيز على الصراعات ضد الأحزاب السياسية الإصلاحية الذي كانت تتوخاه هذه الأحزاب نفسها بغية عزل القاعديين عن قواعدهم، وعن الجماهير الطلابية التي كان ينقصها الوعي والمعطيات عن الأوضاع السياسية بالمغرب.. حينها كانت الأحزاب تركز بشكل كبير على قضية الصحراء باعتبارها قضية وطنية وكل من يشكك في ذلك عبر موقف تقرير المصير ـ الطلبة الجبهويون ـ أو عبر تجنب الخوض في النقاش عبر موقف اللاموقف ـ الطلبة القاعديون ـ فهو خائن ولا وطني..الخ من المواقف الحقيرة والمتجنية. نفس الشيء بخصوص الظروف التي أدٌت لمنع إوطم يوم 24 يناير 1973 والتي كانت تربطها تجنـٌيات هاته الأحزاب بانقلابات العسكر الفاشلتين 71/72 متهمة فيها حركة اليسار السبعيني بالتنسيق مع زعيم الانقلابيين الجنرال الجلاد محمد أفقير. حاولت الحركة القاعدية ارتباطا بهذه المعطيات وبهذه الحملة السياسية المسعورة والاستباقية، توجيه رماح الحركة الطلابية وقوى الجماهير نحو صدر النظام القائم، وهو ما جسٌدته إلى حدٌ ما أغلب الأرضيات والبرامج المقدٌمة، والتي انعدمت فيها، بالمناسبة، أية إشارة للمرجعية الفكرية التي تتبناها الحركة، ماركسية لينينية أو غيرها، ولم يتم في فحواها أي انتقاد لشيء اسمه التحريفية، على اعتبار أن ما يعبٌر عنه بـ"التحريفية" في قاموس بعض المجموعات الطلابية، كانت جزءا لا يتجزء من الحركة القاعدية، إن لم نقل هي مركز الثقل في التأسيس لحركة الطلبة القاعديين، واستمراريتها منذ أواسط السبعينات إلى أواخر سنة 84. لم تكن "التحريفية" سوى منظمة إلى الأمام نفسها بالرغم من الادعاءات التي ساهمنا جميعا في الترويج لها على اعتبار أن هناك جهة يمينية مراجعة، هيمنت على خط المنظمة وحوٌلت مساره الثوري.. ولم ينتصب حينها ولا بعدها أي خط تصحيحي ثوري.. لإعادة الأمور لنصابها، انتفض المناضلون الشباب المتعاطفون، وأغلبهم إن لم نقل جميعهم من خارج المنظمة، ضد هذا الانحراف وهاته المراجعة وهذا التقاعس..الخ لكن لم يسبق أن طفا إلى السطح أي نوع من الصراعات داخل المنظمة بين الخط التحريفي والخط والثوري.. ودليلنا أمامكم فيما يقدٌمه الرفاق الأماميون الثوريون الذين لا يرددون سوى إنتاجات "التحريفية" المعنية من مواقف وخطابات شعبوية وبرنامج طلابي مهزوز ـ برنامج الكراس ـ بما يحمله من تناقضات فضيعة وفاضحة، تناقضات بين برنامجه الداعي لوحدة سياسية مع الأحزاب الإصلاحية لإعادة هيكلة إوطم والدعوة للمؤتمر الاستثنائي، من جهة، والعداء المفرط من الجهة الأخرى، للعمل الوحدوي مع التيارات والمجموعات اليسارية التقدمية والثورية على أرضية شعارت ومطالب واضحة.! نذكٌر الرفاق الطلبة بأن الجبهة المعنية بالتحريفية ـ صوت "إلى الأمام" داخل الحركة القاعدية ـ لعبت الأدوار الحاسمة خلال جميع الصراعات التي عرفتها التجربة القاعدية وحسمت أغلبيتها لصالحها، الصراع الأول، حول رفع الحظر عن المنظمة إوطم، هل هو مكسب جماهيري أم هبة مسمومة من النظام؟ الصراع الثاني حول المشاركة في المؤتمر 16 أو مقاطعته، الصراع الثالث حول حل الجمعيات وانتخاب التعاضديات محلها مما عطـٌل تشكيل الفروع ومجلس التنسيق الوطني، الصراع الرابع حول المشاركة في المؤتمر 17 أو مقاطعته، ثم الصراعات التي عرفتها جلسات وكواليس المؤتمر 17 وما أنتجته من صراعات وانشقاقات فيما بعد ـ المبادرة الجماهيرية، وجهة نظر بنيس، وجهة نظر الكراس ـ فباستثناء تجربة الكراس التي كان مآلها الطرد والطلاق من صفوف القاعديين، حسمت الجهة المعرٌفة بـ"التحريفية" كل الصراعات لمصلحتها.. وهو الشيء الذي يجهله أو يتجاهله الكثير من المناضلين، فالصراعات التي خاضها الطلبة القاعديون في إطار "النهج الديمقراطي القاعدي" صراعات واضحة، حول تصورات وبرامج واضحة، موثقة وكلها معروفة لدى العام والخاص، احتضنتها ساحات الجامعة ومجلاتها الحائطية وحلقات النقاش الطلابية، ولم يكن أساسها فكري مرجعي حول الماركسية أو غيرها من المرجعيات.. ونتمنى من كل المشككين والمكذبين، وكل من لديه معطيات مدعمة أو مكذبة لما قدٌمناه، بأن يدلي بها للقراء والطلبة الجدد.. نتمنى كذلك من كل المحاربين لـ"التحريفية" بألاٌ يسقطوا حروبهم المشروعة ضد "التحريفية" على الحركة الطلابية وعلى جمهور الطلبة عموما.. فالصراع ضد "التحريفية" باعتباره صراع فكري سياسي يجب أن يتخذ شكله الديمقراطي بعيدا عن العنف والتهديدات والإرهاب. وقد طالبنا وألحٌينا في الطلب على شرح معنى التحريفية، ومن هم التحريفيون.. ويبدو أن الجميع ممن تستهويهم هذه المصطلحات الجوفاء يتهربون من الجواب، بالاستعمال المفرط لهذه المصطلحات التي أفرِغت من مضمونها الفكري والسياسي والعلمي، لتتحوٌل إلى شتيمة، وقذف تحقيري في حق المخالفين بشكل غريب إن لم نقل صبياني، حيث أصبح كل تيار ثوري في المغرب ينعت مخالفيه الذين يمثلون حوالي عشر تيارات أخرى بالتحريفية التي هو منها بريء!! دون أن يشرح ما يعنيه بالتحريفية، ودون أن يعرٌف ما المقصود من نصوص مستهدفة بالتحريف والتزوير؟ وإذا كان لينين إبٌان حياته وتجربته قد خصٌص المقالات والنصوص ضد مختلف أنواع المراجعة الفكرية والسياسية للمشروع الاشتراكي العمالي ضمن الحركة الماركسية والعمالية، فلم يكن حينها يبخل عن رفاقه البلاشفة وسائر الطلائع العمالية داخل الحركة الاشتراكية العالمية والأممية.. بالشرح والتفصيل في المشروع الاشتراكي والثورة الاجتماعية ورسالة الطبقة العاملة التاريخية وتحالفات الطبقات المضطهدة الضرورية وتجسيداتها داخل العمل السياسي وداخل النضالات الجماهيرية.. لم يكن يتردٌد حينها في نشر تعاليم الشيوعية بما هي اشتراكية علمية، على أوسع نطاق داخل الشبيبة المدرسية وفي صفوف العمال وشبيبة الأحياء الصناعية والمناطق الفلاحية المنتفضة وفي صفوف صغار الجنود والمجندين من شبيبة الأرياف إبٌان الحروب..الخ وفي خضم واجبه الدعوي كمناضل شيوعي وواجبه السياسي والتنظيمي كمناضل ثوري حارب وناهض بشكل ديمقراطي ورفاقي جميع الاتجاهات والتيٌارات التي كانت تنشط في أوساط الحركة العمالية بخلفية اشتراكية، بل وماركسية في أغلب الأحيان، لكنه صنـٌفها وعن حق "بالاقتصادوية" و"الشعبوية" و"الإرهابية الانقلابية".. كمصنفات ناتجة عن المراجعة والردٌة والانحراف عن التصور الماركسي للثورة والتغيير. ولم يكن حينها يرمي المخالفين داخل الحزب وخارجه، بدون شروحات ومناظرات واسعة وعميقة سواء في مراجعة بعض الجزئيات أو مراجعة المشروع الاشتراكي ككل، ويمكن الرجوع في هذا الصدد لمناظراته القيٌمة ضد "أصدقاء الشعب" وضد بليخانوف وكاوتسكي، وضد روزا وتروتسكي، وضد اليسراويين الألمان، وضد ستالين وبوخارين..الخ أما ما يقع في صفوف الحركة الطلابية المغربية الآن، فلا علاقة له بالمشروع الاشتراكي ولا بالماركسية اللينينية التي يجب أن تكون سندا مرجعيا لهذا المشروع.. حتى يُتـٌهم بعض مكوناتها بالتحريفية ـ تلك الترجمة السيئة لمصطلح المراجعة استنادا للينين ـ أو الانحراف عن الخط الثوري الذي صمٌمته منظمة "إلى الأمام" في بداية سبعينيات القرن الماضي. وفي نظرنا، فإن ما يقع الآن من تفكك، وتشرذم، واحتقان، وعنف خطير.. لا يجسٌد سوى العجز الواضح والفاضح الذي تعاني منه مختلف مكونات الحركة الطلابية التقدمية، وهو عجز مزدوج. عجز عن توسيع قاعدة هذه التيٌارات في الأوساط الطلابية، إن لم نقل تراجع وتقهقر لقاعدتها ولقاعدة المتعاطفين معها سنة، بعد سنة.. ثم العجز عن الانخراط في العمل الثوري كما هو مصرٌح به ضمن الخطابات المؤطرة لحلقات النقاش الطلابي، وما ينتج عنه بالتالي من تردد أو مشاركة محتشمة أو انعزالية في أحيان معينة عن الحركة الجماهيرية ونضالاتها الاحتجاجية والإضرابية، التي لا تشفي غليل أغلبية ثوار الحركة الطلابية. وبدون أن نقع في فخ التعميم، نعتبر وفقا لتقديراتنا المتواضعة والقابلة للنقد والدحض بأن جزءا من الصراعات التي تعرفها الجامعة بين مكونات الحركة الطلابية التقدمية لا نجد تفسيرا لأسبابها وخلفياتها سوى الذاتية النرجسية والزعماتية الغير مستحقة بين المناضلين وبين التيٌارات المناضلة، بالنظر لما نلاحظه ويلاحظه الطلبة والمتتبعون، من تقارب في الرؤى والمرجعيات التي ليست على كل حال هي الماركسية اللينينية، أو الاشتراكية العلمية، تيٌارات طلابية ثورية، ترفع شعارات راديكالية من أجل إسقاط النظام ومن أجل تغيير أوضاع الكادحين وتوزيع الثروات بشكل عادل.. تعمل بجد على تأطير أغلبية المعارك الطلابية وقياداتها في صداماتها مع قوات القمع، وهو ما يعرٌضها باستمرار للمتابعات والملاحقات والاعتقالاتّ..الخ وعلى نقيض هذا كله نجدها تتحاشى النقاش حول أوضاع الطبقة العاملة المغربية ونضالاتها ضد الرأسمال المحلي والعالمي الإمبريالي، وحول مشروعها الاشتراكي البديل ارتباطا وارتكازا على نقد تجارب البناء الاشتراكي الفاشلة. أغلبية هذه التيٌارات تركـٌز حملاتها العدائية على "التحريفية والانتهازية" متهمة بعضها البعض بهذه الآفة.. وإذا كانت هناك من "تحريفية". فلم تسلم التجربة القاعدية من آفتها كاتجاه، وهو كما سجٌلناه أعلاه، الاتجاه الذي سيطر وهيمن على خط التجربة منذ بداياتها الأولى، وهو نفسه الذي أشرف على صياغة "الكرٌاس"، وما تضمٌنه الكرٌاس من مواقف وتصورات وبرنامج.. هو من إنتاج هذه "التحريفية" التي صارعها وما زال، العديد من التيٌارات الثورية الماركسية وغيرها من التيٌارات الشعبوية واليسراوية الرفضوية، المعروفة بولائها ودفاعها عن إستراتيجية الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية الماوية الأصل والمفصل. فلا يمكن أن نقبل الآن، بعد هذه المدة الطويلة، أي منذ أكتوبر 84، بعد أن ادٌعى أنصار الكراس، أن حل أزمة الحركة الطلابية يمر عبر رد الاعتبار للأحزاب الإصلاحية التي فشلت بوضوح في قيادة النضال الطلابي وفشلت في تدبير عمل إوطم من خلال مساهمتها الكبيرة، والرئيسية في فشل المؤتمر السابع عشر وفي فشل معارك الحركة الطلابية ضد مخطط الإصلاح الجامعي والتعليمي بالتخلي والتواطئ وتكسير المعارك.. متوسلين أي الكراسيين، منها الرجوع لمواقع إوطم التنظيمية، للإشراف على إعادة البناء الشكلية والفوقية لإوطم وفق التصور البيروقراطي الذي ناهضه الطلبة القاعديون على طول وعرض تجربتهم النضالية، متسرٌعين حينها في الدعوة للمؤتمر الاستثنائي ضمن شروط ذاتية معروفة بضعفها البيٌن مقارنة بالشروط التي تم فيها فشل المؤتمر 17 والتي عمٌقها فشل المعارك ضد مقدمات الإصلاح، أي ضد ترسيم الأواكس ـ الحرس الجامعي ـ بالجامعات وعسكرة المدرسة المحمدية للمهندسين ـ إغلاق مقرات إوطم ومنع السبورات الإخبارية والمجلات الحائطية، شن اعتقالات واسعة في صفوف مناضلي ومسؤولي إوطم وضمنهم أغلبية القيادات القاعدية التي لحقتها أحكام وصلت لحد الثلاثين سنة.. وفي سياق هذه الاعتقالات تمت محاكمة الرفيقين بلهواري بعشر سنوات والدريدي بخمس سنوات وآخرون من نفس المجموعة بسنوات وصلت لاثني عشرة سنة وخمسة عشرة سنة. وللحقيقة والتاريخ الذي يعاند البعض في تزوير حقائقه، بأنه لا علاقة للشهيدين بالكراس وبمواقف الكراس، لا من قريب ولا من بعيد. وبالمناسبة نود للمرة الألف تقديم التوضيح التالي، فكثيرا ما يتم استغلال اسم هذين الشهيدين، مصطفى بالهواري وبوبكر الدرايدي، بطريقة انتهازية من طرف أنصار الكرٌاس وغيرهم من التيٌارات الأخرى، فمن باب الكذب والافتراء، ادعاء أن أنصار الكراس شاطروا في أية مرحلة من مراحل حياة بلهواري مواقفه السياسية والفكرية والطلابية. وللحقيقة والتاريخ، فإن موقف أو صرخة بلهواري داخل المؤتمر 17 والتي طالبت بتحمل المسؤولية في قيادة إوطم كيفما كانت الشروط والنتائج، والتي طالبت بإنجاح المؤتمر وعدم الانسحاب ولو انسحبت جميع الفصائل، بمن فيهم "رفاق الشهداء" حلفاء القاعديين قبل وأثناء المؤتمر 17 وهم آخر فصيل لجأ لابتزاز القاعديين منازعة عن رئاسة وأغلبية القيادة..الخ هذا الموقف الذي لم يكن ليعتدٌ به لأنه ببساطة مثل الأقلية الضعيفة التي لا تأثير لها داخل مراكز القرار القاعدية، هذه الأخيرة التي كانت حريصة على انبثاق قيادة وحدوية ائتلافية تجسيدا لمتطلبات المرحلة..الخ هذا الموقف الذي قدٌره العديد من الماركسيين والمناضلين القاعديين المبدئيين، باعتباره موقفا صادقا ومبدئيا، لكنه غير واقعي لأنه لم يكن يراعي طبيعة الاتحاد الطلابي المفروض فيه أن يعكس مبادئه وتعدديته السياسية بإخلاص، موقف يمكن اعتباره أقرب للعاطفة والصدق النضالي لتمثيل الجماهير الطلابية، وتجسيد طموحاتها، وقطع الطريق عن البيروقراطية والانتظارية والانتهازية السياسية..الخ لكنه غير واقعي لأنه سيساهم في تحويل الاتحاد من اتحاد لجميع الطلبة إلى اتحاد للطبقة القاعديين ومتعاطفيهم، المجردين من أي ذراع جماهيري آخر غير الذراع الطلابي، لإسنادهم ودعمهم في المعارك الطبقية الكبرى التي لا تحسم إلاٌ في الشارع ومن قلب المجتمع وبمشاركة قوى الشعب الكادح المعنية برمٌتها بقضايا التعليم والجامعة والحرية الديمقراطية..الخ إشارة أخرى مرتبطة بالشهيد الدريدي الذي لم يعش لحظات المؤتمر 17 لأنه كان حينها تلميذا ولم يلج بعد الجامعة إلا خلال سنة 82/83. وقد استغربت كثيرا لبعض التصريحات الصادرة عن بعض "منظري" الحركة الطلابية رغم أنهم يجهلون الكثير عن تاريخ الحركة وإطارها إوطم، يتشبثون ويروٌجون بشكل غريب للأساطير بطرق مشعوذة قريبة للأحاجي وبعيدة عن الواقع الذي عاشه المناضلون الأحياء والشهداء دون أن تكون لهم الرغبة في استشارة العديد من المناضلين الذين عايشوا التجارب وتلك الأحداث الطلابية، ليطلبوا منهم شهاداتهم المسؤولة والعلنية أمام عموم الطلاب وأمام الرأي العام، للمقارنة والمحاسبة..الخ لقد اتضح لي شخصيا، وبعد العديد من المقالات التي نشرتها تصحيحا لبعض المغالطات من هذا القبيل، بأن هناك اتجاه يرغب حقيقة في تكريس هذه الحالة وهذا الارتباك وبالتالي التشكيك في جميع المعطيات التاريخية، ليتيسٌر الأمر للبعض، ويفسح لهم المجال لصنع أحداث ووقائع من نسج خيالهم تكييفا لتطلعاتهم ومراميهم الفكرية والسياسية، ولو بإضافة التزوير والتلفيق لتاريخ الإطار وتاريخ المنظمات السياسية الثورية كـ"إلى الأمام" ولتاريخ الحركة الطلابية بأحيائها وبشهدائها..الخ فالجميع يعرف ويقـٌر بفشل المؤتمر 17، حيث كان فشله ذريعا وبكل المقاييس وعلى جميع المستويات، أهمها وأبرزها عجزه، بغض النظر عن الأسباب والمتسببين، وعن النقاشات السفسطائية فشل أم إفشال؟ عن إفراز لجنة الرئاسة في أول الأمر، وكانت ذريعة لطلبة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية للإنسحاب بعد رفضهم لتمثيلية الجناح اليساري داخل الحزب، المعروف حينها بـ"رفاق الشهداء مهدي وعمر" ـ حزب الطليعة حاليا ـ ليكتفي المندوبون بعد هذا الانسحاب بما تبقـٌى من القيادة لتسيير جلسات المؤتمر، قيادة مشكـٌلة من طلبة حزب التقدم والاشتراكية، و"الطلبة الديمقراطيون" أنصار جريدة أنوال لسان حال منظمة "23 مارس" الذين تحوٌلوا من السرٌية إلى العلنية ومن "23 مارس" إلى "منظمة العمل الديمقراطي الشعبي" قبل أن تندمج مع تيارات أخرى لتساهم في تأسيس الحزب الاشتراكي الموحد، إضافة لعضو وحيد انضم للائحة "رفاق الشهداء". هكذا كانت الصورة إلى حد ما وأتمنى أن يكذبها أحد من معاصري هذه الفترة، وأن يوضح للمناضلين الطلبة الذين لم يعايشوا فترة الثمانينات، بأن من يدعي أن الشهيد بلهواري كان رئيسا للمؤتمر 17، فيمكن اعتباره خارج التغطية، ولا يعرف شيئا عن الحركة الطلابية وعن تاريخ المنظمة إوطم وعن تاريخ الحركة القاعدية كذلك. إضافة لهذا وذاك، فهو لا يعرف شيئا عن وزن الشهيد في أوساط الحركة القاعدية، والذي لا يتعدى كونه قائدا محليا، ومناضلا طليعيا في موقع مراكش وفي كلية العلوم بالذات، حيث تحمل مسؤولية تاريخية في بناء المجالس القاعدية بها قبل المؤتمر 16، وتحمل مسؤوليته ككاتب عام تعاضدية الكلية الممثلة للطلبة بين المؤتمرين 16 و17، وما بعد 17 إلى حين اعتقاله على إثر انتفاضة الجياع المجيدة لسنة 84 لتتم محاكمته بعشر سنوات سجنا نافذا. بعد الاختطاف والتعذيب لمدة شهرين بدرب مولاي الشريف ـ المخفر السري الرهيب ـ وبعد المحاكمة والتجميع، انخرط الشهيد بمعية حوالي أربعين من المعتقلين السياسيين ـ مجموعة مراكش ـ أغلبهم من نشطاء الحركة القاعدية الطلابية والحركة التلاميذية وبعض المناضلين من ممثلي الحركة الديمقراطية الراديكالية بالمدينة، استشهد خلالها الرفيقين مصطفى وبوبكر بعد ستين يوم من الإضراب عن الطعام ضدا على الأوضاع السجنية والحرمان من متابعة الدراسة، ومن الإعلام والزيارة المباشرة..الخ. مع التذكير بمخلفات التعذيب الرهيب والإضرابات المتكررة عن الطعام، في صفوف المعتقلين، حيث ما زال العديد منهم يناضل من خارج السجن من أجل التغطية الصحية والاجتماعية، لحدود كتابة هذه السطور، دون أن يلقى سوى الإهمال والقمع والضرب ومنع الوقفات الاحتجاجية كما وقع خلال الأسبوع الأخير بالرباط. هذه هي سيرة الشهيد بشكل مختصر، لا ندعي ملامستها بشمولية، ونتمنى من الرفاق الذين عايشوا هذا المناضل الصلب والبسيط في نفس الوقت، سليل الطبقة العاملة ابن بروليتاري قح، ممن خبروا النضال النقابي بمعمل somia للتصبير بمراكش قبل أن يطرد بسبب نضاله و كفاحه النقابي ضد الاستغلال، أن يأخذوا المبادرة لإنتاج كراسة في مستوى عطاءات وتضحيات الشهيد، دون الارتكاز فقط على تجربته السجنية، وبعيدا عن الأسطورة والمبالغة والتقديس، بنفس الروح النضالية التي دفعت بالمناضلين القاعديين للتفكير في إنجاز كراس يخلد للشهيدين ذكراهم الأربعينية، قبل أن ينحرف عن مجراه، وقبل أن تتدخل الأيادي لحرف المبادرة عن اتجاهها، بتحويل الكراس من كراس يعرف بتاريخ الشهيدين ونضال المعتقلين السياسيين وعائلاتهم، إلى كراس لم يكن الهدف منه سوى نشر وجهة نظر سياسية لتدبير المرحلة الطلابية، بما هو حق لأنصاره ولا أحد ينكر أو يمنع عنهم هذا الحق، لكن المبادرة نقصتها بما هي ناقصة لدى المدافعين عنها حاليا، الجرأة السياسية لإعلان نقد ذاتي صريح باستقلال عن الحركة القاعدية والتزاماتها. لقد شكلت آراء الكراس ومراجعاته، استمرارية للمواقف التي سبق وإن احتد الصراع حولها منذ ولادة "النهج الديمقراطي القاعدي"، فمع ولادة "النهج" انتصب النقاش حول العمل الوحدوي مع الأحزاب السياسية الإصلاحية العاملة داخل أوطم، وخلال هذه النقاشات الحامية كان لابد من الارتكاز على تجربة المؤتمر 15 وتقييم نتائجه، وبين الرفض المطلق للتحالف مع الأحزاب من جهة، و الارتماء تحت مظلتها من جهة أخرى، حضر الموقف الذي كان يراعي طبيعة الإتحاد ومبادئه الضامنة بشكل موضوعي وتاريخي لتعددية تقدمية مطلوبة في الصراع على المستوى التعليمي والجامعي والديمقراطي..الخ. في هذا السياق انفصل تيار المبادرة الجماهيرية سنة 80/81 عن الحركة القاعدية واستقل عنها، ثم تيار مجموعة "وجهة نظر بنيس" سنة 82/83، لتليها مجموعة الكراس أواخر سنة 84.. وكلها تندرج في وجهة النظر المراهنة بشكل مبالغ فيه على دور الأحزاب الإصلاحية، أساسا اش ق ش، لقيادة الإتحاد الطلابي إوطم. كان حريا بالرفاق أنصار الكراس بألا يكرروا أخطاء وممارسات "مجموعة بنيس" وبأن يحترموا آليات النقاش الديمقراطية التي اجتهدت في صنعها وتطويرها الحركة القاعدية، بعيدا عن الهيمنة والأبوية والإسقاط.. وبأن يقدموا وجهة نظرهم الجديدة للنقاش والمقارعة مع الاحترام الكامل لضوابط النقاش الديمقراطي المنظم والالتزام بخلاصاته وما تمخض عنها من برنامج مرحلي ساهم الشهيد بلهواري في صياغته عبر مشاركته في مجلس التنسيق الوطني لحركة الطلبة القاعديين أواخر سنة 82. ويمكن أن يحسب لهذه التجربة النضالية، تجربة حركة الطلبة القاعديين، منذ ولادتها الرسمية خلال موسم 78/79، بأن عاشت وانخرطت في صراعات سياسية قوية اتجهت لكافة التجارب السياسية على مختلف مراحل النضال الوطني، إضافة للصراعات الفكرية الإيديولوجية التي انتقدت وحطمت طابوهات، كانت مقدّسة إلى حين، دون اللجوء إلى العنف أو التصفية أو المنع من ولوج الكليات لاجتياز الامتحانات، كما يفعله العديد من "ثوار" الحركة الطلابية الحاليين ضد مخالفيهم ومعارضيهم داخل الحركة القاعدية والحركة الطلابية عموما. اتخذت جل الصراعات شكلا ديمقراطيا علنيا عبر الكتابات والإسهام في حلقات النقاش، وعبر تقديم البرامج والبرامج المضادة أو البديلة، بتركيز النقاش حول موضوعات الحركة الطلابية، وحول مبادئ الإتحاد، وحول واقع التعليم ومخططات الدولة والإمبريالية لجعله حكرا على الطبقات المالكة والميسورة، وتصفية أبناء الكادحين ومنعهم من ولوج الجامعات والمعاهد العليا.. ولم تغب خلال هذه النقاشات موضوعات سياسية أخرى مرتبطة بالحريات والنضال الديمقراطي وسبل التغيير الاجتماعي وما تقتضيه من مساهمة طلابية..الخ، لكن ليس إلى ذلك الحد الذي ادعاه الرفيقين حول مواجهة "التحريفية" وإعلان "القطع التنظيمي" مع شيء اسمه المنظمة "إلى الأمام" دفاعا عن "الاستمرارية الثورية"..الخ، وهي صيغ ومصطلحات لا وجود لها إلا في مخيلة البعض، ولم تظهر للوجود إلا في بداية التسعينات، ويمكن الرجوع للتأكد من كلامنا، إلى الأرضيات التوجيهية التي تحكمت إلى حد ما في مسار "النهج الديمقراطي القاعدي" لتجدها متشابهة لحد التطابق، في العديد من النقط والمواقف والخلاصات والتقاييم والمراجعات والبرامج المقدمة..الخ، أرضية "مؤتمر 16 مؤتمر الردة والتراجع" الصادرة عن منظمة "إلى الأمام" حين كان "الأماميون الثوريون" و"الأماميون الإصلاحيون" على دين وملة واحدة، وأرضية ك.ق "في التطورات الأخيرة لأزمة الحركة الطلابية" عن مجلة أمفي العدد 23 الصادرة عن جمعية طلبة المدرسة المحمدية تحت مسؤولية أعضاء معروفين ومحسوبين على منظمة إلى الأمام لم يشكك حينها في ثوريتهم أحد من الأماميين أو القاعديين.. ثم أرضية "الست لقاءات.." الصادرة عن موقع جامعة فاس. ومن خلال الأرضيات الثلاث وما تلاها من أرضيات داخلية، محلية ووطنية أو انتخابية.. يصعب الحديث عن مرجعية ماركسية اتخذها الطلبة القاعديون لنفسهم سندا، أو عملوا على نشر تعاليمها وأدبياتها والدعوة لمشروعها المجتمعي الاشتراكي.. من الغريب كذلك أن يجزم البعض باضطلاع القاعديين بمهمة مواجهة "التحريفية" والحال كما قلنا أن "للتحريفية" المعنية، دور كبير في توجيه الحركة حينها، بل إن التحريفية المقصودة هي من عملت على إصدار الكراس بتلك الطريقة التي قبل بها الثوريون و الاصلاحيون من منظمة إلى الأمام سواء بسواء.. وهو ما عرض أنصاره للعزل والطرد من هياكل الطلبة القاعديين بالرغم من إعلانهم عن "أماميتهم" التي لم تشفع لهم في شيء. لم يكن النزاع حول المرجعية، وقلما ذكرت الاشتراكية كمشروع مجتمعي بديل مرهون بدور الطبقة العملة كطليعة للكادحين من أجل الثورة والتغيير وتحرير المجتمع من الاستغلال والطبقية.. كانت الأدبيات بمجملها عامة يمكن أن يتبناها أي تقدمي مبدئي قويم، دفاعا عن مصالح الجماهير الطلابية المادية والمعنوية ودفاعا عن حقها في التمثيل والتسيير لهياكل إوطم وإرساء ديمقراطية قاعدية بديلة لصد الهيمنة والبيروقراطية..أرضيات مدافعة عن الحريات الديمقراطية ومناهضة لأي شكل من أشكال التضييق والمنع والاعتقال.. أرضيات مدافعة ومناصرة لجميع النضالات الطبقية التي يخوضها العمال وصغار التجار والمستخدمين والتلاميذ والفلاحين الصغار والفقراء وعموم الكادحين.. أرضيات مناصرة لحقوق المرأة وللحركات التحررية الوطنية، ومناهضة للرجعية والامبريالية والعنصرية والصهيونية..الخ برنامج صالح لجميع التقدميين والديمقراطيين الحازمين بمن فيهم طبعا الماركسيين، بأن يعتنقوه ويدافعوا عنه داخل القطاع الطلابي.. عارضه من كان على توافق حينها مع السلطة الطبقية للنظام القائم ببلادنا، أي من كان حينها يومن بـ"المسلسل الديمقراطي" وعمل جاهدا على تمتين "الجبهة الداخلية" وفرض "السلم الاجتماعي" تحت مبررات "القضية الوطنية" ومواجهة "العدو الخارجي"..الخ صحيح، من الناحية التاريخية، وبعد أن تبيٌنت بالحجة والملموس مسؤولية القاعديين المنتسبين لمنظمة "إلى الأمام"، وهم أقلية داخل الحركة، لكن فاعليتهم وتأثيرهم كان جليٌا على حركة الطلبة القاعديين، بارزة على ما تضمنه كراس 84 من مواقف وتصورات وبرنامج. وللتاريخ أيضا، فقد كان للكراس أن يكون قاعديا لولا تلك الممارسات الانتهازية التي رافقت مسار الكراس، ابتداءا من التحضير وجمع المواد، إلى الطبع والتوزيع..الخ كاد الكراس أن يكون قاعديا صرفا، بعد أن تبنٌى فرع الرباط لحركة الطلبة القاعديين المبادرة القاضية بإصدار كراس يعرٌف بالشهيدين باعتبارهما شهيدي الحركة الطلابية والحركة القاعدية، ثم التعريف بواقع ونضالات المعتقلين السياسيين الذين كانوا يضمون حينها العشرات من الطلبة القاعديين بكل من مدن مراكش، البيضاء، الرباط، فاس، مكناس، وجدة، تطوان..الخ إضافة للتعريف بنضالات العائلات، البطولية والمتميٌزة، وتقارير الصحافة الوطنية وبيانات المعتقلين والهيئات الوطنية والعالمية المهتمة بواقع الحريات بالمغرب وبالمسار القمعي الذي كــٌذب بشكل سافر وصارخ شعارات "المسلسل الديمقراطي" و"السلم الاجتماعي" و"الإجماع الوطني"..الخ لم يطلع الرفاق القاعديون ممن كلفوا هذه الجهة بالإشراف عن الكراس، سوى بالصدفة، ليلة قبل طبع الكراس، ليتفجـٌر الصراع حول مضمون الافتتاحية، وحول المواقف والخلاصات والبرنامج الذي اندرج ضمن مقال عن أوضاع الحركة الطلابية وأزمتها التنظيمية، إضافة لبيان صدر باسم تعاضدية كلية العلوم بالرباط دون علم لأعضاءها حيث كانت غالبيتهم قاعدية وغير متفقة على ما تضمنه الكراس من انقلاب عن الأفكار والتصورات والبرنامج الذي تقدم به القاعديون للطلبة جماهير إوطم. كانت الوثائق الثلاثة تنطق بمواقف سياسية، اعتبرت حينها غريبة عن تصورات الطلبة القاعديين، أما المهم في الأمر والذي عمل على تفجير الأوضاع في هذا السياق وعلاقته بالكراس، فيمكن تلخيصه في التالي: ـ طبيعة ومضمون المواقف من الأحزاب السياسية العاملة في إطار إوطم، والتي كان الغرض منها إعادة فتح النقاش في صفوف "النهج الديمقراطي القاعدي" حول إمكانية التقارب والعمل معها في إطار تصور وحدوي مع أحزاب ما زالت متشبثة بـ"السلم الاجتماعي"و"الإجماع الوطني" و"الجبهة الداخلية" و"المسلسل الديمقراطي" كشعارات والتزامات..الخ ـ الطريقة التدليسية التي تم بها دس الوثائق بعيدا عن أنظار القاعديين دون العودة لآلياتهم التنظيمية الديمقراطية، ودون استشارتهم وأخذ رأيهم بصدد هذا التحول المفاجئ في القرارات والسلوكات، والحال أن الرفاق في المنظمة سبق وأن شاركوا القاعديين مواقفهم ووقفوا إلى جانبهم في صراعاتهم ضد "المبادرة الجماهيرية" وضد "وجهة نظر بنيس" التي انشقت وابتعدت عن الحركة لنفس الأسباب. ـ تحدي سافر للهيئات الديمقراطية المنظمة لعمل الطلبة القاعديين، وتحقير بيٌن لقراراتها وتراكماتها الميدانية، جسٌده "الكراسيون" بالاستفراد بعملية الطبع والتوزيع، بالرغم من العديد من النداءات والحوارات التي أجريت مع الرفاق بغرض وقف العمليات إلى حين الاستشارة والتعديل..الخ ـ تزوير سافر باسم تعاضدية كلية العلوم بالرباط، عبر إصدار بيان باسمها يوافق التوجهات الجديدة التي عبٌر عنها "الكراس"، بيان أصدره عنصر واحد ضدا على ما تبقى من الأعضاء الآخرين سبعة من الطلبة القاعديين و7 من حزب التقدم والاشتراكية وجميعهم لم يجتمعوا بعد لأن الفترة كانت فترة دخول جامعي.! نتج عن هذه الممارسات فصل للرفاق المساندين والمدعمين للوثيقة، حيث كان أغلبهم، وليس كلهم، متعاطفا أو منضما للمنظمة "إلى الأمام" ـ حزب النهج الديمقراطي حاليا ـ حينها فتح النقاش على مصراعيه وتناول قضايا فكرية وسياسية عديدة بحثت في دواعي هذا الانقلاب أو الانحراف الذي اتخذته المنظمة منحى لها، علاقة بالحركة الطلابية وبتجربة الطلبة القاعديين، لتبرز التيارات بقوة داخل الحركة، الشيء الذي سرٌع بتفتيت التنظيم القاعدي، فتعددت الولاءات ومراكز القرار، وكان طبيعيا أن تنظم التيارات نفسها دفاعا عن تصوراتها، باسم الماركسية اللينينة، وباسم التروتسكية، وباسم الماوية، وباسم الفوضوية الرفضوية والعدمية المغلفة بالماركسية اللينينية..الخ ليبقى الحال على ما هو عليه، إن لم نقل أن الأزمة تعمقت واستفحلت بنشرها لأفكار غريبة تستبيح العنف داخل الجامعة وفيما بين الفصائل التقدمية باسم "العنف الثوري" وباسم مواجهة المتآمرين والتحريفيين والظلاميين والشوفينيين والإصلاحيين والانتهازيين..الخ تحصينا للجامعة وصيانة للهوية التقدمية للحركة الطلابية وإطارها المكافح إوطم..الخ!! بهذا نكون قد صحّحنا ما تقدم به كذلك من سمٌى نفسه بدون حق، مصطفى بلهواري، فهي كما قلنا استعارة مشروعة من طرف المناضلين الذين يعملون ما في جهدهم لتمجيد الشهداء، لكننا وكما سجٌلنا بداية، سنكون عرضة للارتباك والخلط، حين يتم استعمال الاسم الكامل داخل هذا الفضاء المفتوح على العالم كله، حيث من البلادة والغباء اعتباره حكرا على القاعديين أو المناضلين المغاربة وكأنه مجلة حائطية بإحدى كليات الجامعة المغربية.. فيجب الأخذ بعين الاعتبار أن هذه الصفحات مفتوحة وعرضة لجميع القراء والمتتبعين الصحفيين والباحثين العرب، الماركسيين وغير الماركسيين..الخ وكفانا عبثا واستهتارا.. نريد شيئا من الجدية والمسؤولية.. عمليا وفعليا.. وليس عبر النيات التي لا ننشك أبدا في حسنها.
أي دور لـ"التحريفية" في بناء الحركة القاعدية؟ بالنسبة للرفيق مصطفى بلهواري، والذي تمنى من مخالفيه الجهل بالمعطيات، عوض نشر الخاطئ منها وبسوء نيٌة! انزلق هو نفسه لنفس المنحى الذي يحاول البعض من خلاله كتابة تاريخ الحركة الطلابية والحركة القاعدية والحركة الماركسية اللينينية المغربية.. حيث الاعتماد ليس على أساس الأحداث والوقائع والمعطيات المسجلة عينيا، بل على الخيالات وأساطير ما وراء الطبيعة، التي لا وجود لها في الواقع.. خيالات وأحلام تكون مبنية أساسا على انتظارات الرفاق في الحاضر والمستقبل، يعني ما يتمنوه ويتطلعون له بأن يحدث، وهو حق لهم بما هو حق لنا جميعا أن نحلم وأن نؤمن بحلمنا في الانتصار والقضاء على الرأسمالية وبناء الاشتراكية على أنقاضها لحدٌ القضاء على التمييز والطبقية وبناء الشيوعية.. هي أحلام جميلة نبيلة وإنسانية.. لكن شتان بين الحلم والواقع، مهما كانت درجة حمرة وأصالة ذلك الحلم الثوري الاشتراكي. وعلى غير ما يدٌعي فهمه البعض، فـ"الطلبة اللجانيون" و"الطلبة المجالسيون" و"الطلبة أنصار المجالس القاعدية" و"الطلبة القاعديون" و"الطلبة القاعديون التقدميون" و"الطلبة التقدميون" لم تكن سوى أسماء للوائح تقدمت بها الحركة القاعدية لحظة المؤتمر 16، لوائح تقدمت جميعها بأرضيات وبرامج متقاربة لحد التماثل.. أرضيات طلابية تجنـٌبت في غالبها الصراعات الفكرية والسياسية التي ورثتها الحركة الطلابية عن المؤتمر 15 والموجٌهة ضد الحزبين العاملين بإوطم ـ الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية ـ خصوصا فيما يتعلق باتجاهها الإصلاحي، وبالموقف من قضية الصحراء الغربية.. مركزة الصراع على محاور جديدة ومفهومة لغالبية الجماهير الطلابية، كالشكل التنظيمي الذي يجب أن يتخذه علاقة بمبادئه وعلاقة بتطورات الجامعة وتوسعها والتدفق الهائل للطلبة من أجل التحصيل بها، ثم موقع إوطم في الصراع ضد النظام علاقة بمخططاته ونظرته للتعليم والجامعة، وعلاقة بشعارات المرحلة، السياسية، كـ"المسلسل الديمقراطي"، "السلم الاجتماعي"، "الإجماع الوطني"، "الجبهة الداخلية"، "القضية الوطنية"..الخ على هذا الأساس اعتبرت الحركة القاعدية نفسها منذ البداية، بأنها نهجا ديمقراطيا قاعديا تمترس لخوض الصراع على أسس وقواعد وبرامج، واضحة ضد النهج البيروقراطي الهيمني المشكل حينها من الحزبين المذكورين سابقا إضافة لأشلاء منظمة "23 مارس" وأرست هذا المفهوم ـ النهج ـ في جميع أدبياتها ووثائقها وخطاباتها باعتباره فضاءا تغيب عنه مواصفات التنظيم بالمعنى العلمي للكلمة، الذي يشترط الانضباط السياسي والفكري، ويشترط الاسم الموحد والأرضية الموحدة..الخ إضافة لذلك. فمن يتكلم عن الحركة الماركسية اللينينية المغربية أواخر السبعينات، دون تريث ودون إلمام بالمعطيات الحقيقية حول أوضاع مكونات الحركة.. فلا مفر له من التيهان، وسيكون بالتالي عرضة لاستنتاجات مزاجية عديدة موجودة في الساحة السياسية والجامعية، الآن. فأوضاع الحركة، أو ما تبقى من الأعضاء والمتعاطفين مع المنظمات الثلاث "إلى الأمام"، "23 مارس"، وبدرجة أقل وأضعف "لنخدم الشعب" أوضاع لا يحسد عليها، من حيث التفكك والاهتراء والتشتت..الخ إلى درجة لا يمكن الرهان على أساسها، على أية أدوار يمكن أن تلعبها أطرها في الساحة النضالية، بالنظر لحملات القمع الرهيبة والمتتالية التي عانت منها المنظمات الثلاثة بغاية اجتثاثها وتدميرها وإبادتها.. إذ لم يتخذ قرار رفع المنع عن اتحاد الطلبة إوطم إلا بعد أن زُجٌ بعشرات المناضلين الطلبة والتلاميذ عبر حملة تمشيط واسعة تعدت المائتين احتفظ بمائة منهم بسجن مكناس في إطار المجموعة المعروفة بمجموعة مكناس والتي ضمت في صفوفها نائب رئيس الاتحاد عبد الواحد بلكبير والبعض من قيادات ومنهدسي النقابة السرية للتلاميذ ـ النقابة الوطنية للتلاميذ ـ والمجالس السرية للطلبة القاعديين بقيادة الفقيد عبد الحق بنيس. كانت الحملة شاملة وكاسحة لم تترك المجال للمناضلين لأخذ أنفاسهم، واستمرت الملاحقات والمتابعات والاختطافات ـ مجموعة بنو هاشم ـ والاغتيالات ـ الحسن التامك ـ حيث اكتفى ما تبقى من المناضلين، وبدرجة أولى ما يسمى في الثقافة التنظيمية السرية بالعناصر المحروقة التي غادرت لتوها السجن، أو المخافر تحت طائلة عدم المتابعة، إضافة للمتعاطفين الذين لم يدخلوا قط تجربة الخلايا السرية.. ليلعبوا الأدوار المهمة عبر بث الروح في هذا المشروع اليساري الجذري. لم تكن سوى جمعية المدرسة المحمدية للمهندسين بالرباط، وفدرالية أوربا الغربية.. هي من حظي بخدمات مناضلي "إلى الأمام" الصامدين، وبحكم أن الجمعية توفـٌرت حينها على منبر إعلامي نفوذ كبير وسط الطلاب ـ مجلة أمفي AMPHI العتيدة ـ فقد عمل المنبر للترويج لتصور المنظمة وقراءتها للأوضاع السياسية والجامعية، متقدمة بتقييمها للتجارب السابقة، ومنتقدة لتجربتها الطلابية من خلال قيادتها للمؤتمر الوطني الخامس عشر، مقترحة في نفس السياق وعلى هذا الأساس برنامجا ديمقراطيا، سرعان ما التفـٌت حوله كل الطاقات القاعدية، أو أغلبيتها الساحقة، بعد إجراء التعديلات الطفيفة اللازمة، بين هذا الموقع أو ذاك.. وبنفس الروح والتوجيه، خلص المناضلون في جامعات أوربا الغربية، لنفس التحليل والبرنامج على صفحات مجلة "الطالب التقدمي" الصادرة عن المنظمة بأوربا الغربية. فالمزورون فقط، هم من ينكرون هذه الأدوار الطلائعية التي اضطلع بها الرفاق التحريفيون من منظمة "إلى الأمام"، في الجمعية وغيرها من الجمعيات الأخرى بالمعهد الزراعي ومعهد الإحصاء ومدرسة المناجم عبر مجلات "الزراعي"، "المنبر"، "المعدني"..الخ في النضال من أجل استرجاع شرعية إوطم القانونية، وفي المطالبة بإطلاق سراح مناضلي ومسؤولي إوطم المعتقلين، وفي الرفض للإصلاح الجامعي والعمل على إسقاطه، وفي اتخاذ المبادرة الأولى للتنسيق من أجل توحيد النضالات الطلابية، وفي إقامة الأسابيع الثقافية، والتعبوية، والتضامنية مع نضالات الشعوب وضمنها طبعا الشعب الفلسطيني البطل..الخ هو اعتراف منا، بالرغم من خلافاتنا العميقة مع الرفاق في المنظمة سابقا وفي حزب "النهج الديمقراطي" حاليا.. "تحريفيون" أو "أصوليون"، ثوريون أو إصلاحيون.. لا يهم، المهم أنهم أنجزوا هذا وهي حقائق يجب تسجيلها وعدم التلاعب بها، تحت أي مبرر كان. بهذا نكون صحٌحنا الكثير من المعطيات لما ادعاه الرفيق مصطفى، ويمكن في هذا السياق أن نعذر الرفيق والعديد من أمثاله الذين تلقوا المعلومات الخاطئة عن الحركة القاعدية والحركة الطلابية والمنظمة إوطم والحملم..الخ عبر التداول الشفاهي السمعي وسط حلقات النقاش الطلابية، حيث تراكمت وتكرٌست هذه المعلومات الخاطئة في الذاكرة الطلابية الحديثة، بحيث يصعب الآن نقاشها أو المساس بها.. ساعد في ذلك الفراغ الذي أحدثته حملات القمع والمنع في حق العديد من المنابر الإعلامية، الطلابية وغيرها من المجلات الثقافية والفكرية والسياسية المهتمة بالشأن الطلابي، لينتصب الإعلام الشفوي في الساحات الجامعية، المنفلت من أي شكل من أشكال المسؤولية حيث يغيب السند والحجة في أغلب الحالات، بل تغيب فيه أية إمكانية السؤال والتساؤل النقديين وما ينتج عنه من خطورة بفعل التقادم حيث يصبح المعطى الخطأ حقيقة، كحقيقة رئاسة الشهيد بلهواري لمؤتمر معروف لدى العام والخاص بفشله وعجزه عن إفراز قيادة طلابية لتدبير النضال الطلابي منذ شتنبر 81 إلى الآن. ونسجل هنا بالمناسبة، أن مساهمتنا هذه، لن تفي بالغرض المطلوب، ولن تشفي غليل الرفاق من أمثال مصطفى، وهم كثر، إلاٌ إذا ساندتها ودعمتها شهادات أخرى من نفس الجيل من المناضلين الذين عايشوا فترة الحظر ومراحل المؤتمر 16 والمؤتمر 17 وما تلاه من حظر عملي..الخ حتى تسقط المزايدات والتأويلات والمشاحنات.. التي لا تقدم شيئا، لتنتصب حينها التقاييم الجدية والخلاصات المفيدة، لما فيه من مصلحة للحركة الطلابية التقدمية وجماهيرها المتعطشة للإنجازات والتقدم في نيل المكتسبات..الخ فالحركة القاعدية ومنذ التشكل، عبٌرت عن نفسها في إطار "النهج الديمقراطي القاعدي" الذي كان يضم في صفوفه بارتياح تنوعا هائلا من الحساسيات والاتجاهات اليسارية الرادكالية، فإلى جانب مناضلي "إلى الأمام" تواجد وإن بشكل أقل بكثير مناضلو "23 مارس" و"لنخدم الشعب" وبعض التروتسكيين والفوضويين وأنصار الثورة الطلابية الماركيوزية..الخ في ظل هذا الغنى والمعطيات البشرية الهائلة، استطاعت الحركة القاعدية الحازمة والمناضلة، بما أضفى نوعا من الهيمنة الميدانية والقاعدية لـ"النهج الديمقراطي القاعدي" على الساحة الطلابية، الشيء الذي مكـٌنه من توجيه وقيادة العديد من النضالات المهمة خصوصا معركة تسجيل الطلبة المطرودين، ومعارك إطلاق سراح المعتقلين..الخ بالرغم من هيمنة الأحزاب الإصلاحية على مقاليد المنظمة، وبالرغم من تعطيلها لأجهزة التنسيق الوطني ورفضها وعرقلتها لهذه المعارك مما جعلها عرضة للنقد والنبذ والاحتقار من لدن الجماهير الطلابية ككل. وداخل هذا التنوع، برزت بعض التحفظات والتخوفات، من طرف "إلى الأمام" خصوصا بعد بروز بعض الأصوات التي رفضت رفع المنع باعتباره مكسب ثم رفضت الاعتراف بالمؤتمر 16 وبقيادته الوطنية وبجميع المقررات السياسية والتنظيمية المرتبطة به. من جهتنا، ومن باب الإعلام والتنوير عرٌفنا وشهـٌرنا بتقييم المنظمة لحركة الطلبة القاعديين بعد حوالي سنة من عملها، وبعد مشاركتها في محطة المؤتمر 16، في الإطار خصّصت المنظمة في إحدى المجلات الصادرة عنها، فقرة ضمن مقال تقييمي للمؤتمر 16 عنونتها بـ"حركة الطلبة القاعديين" جاء فيها بالتدقيق: "لقد فرضت هذه الحركة نفسها منذ الإعلان عن رفع الحظر عن إوطم، وقد أشرنا، إلى ما سبق إلى هذه الحركة التي تشكل نقيضا للقطب الإصلاحي الشوفيني البيروقراطي داخل الحركة الطلابية ما زالت تعاني من سلبيات خطيرة لابد من تجازها لتصبح فعلا البديل العملي للتيار المهيمن حاليا على إوطم، وعلى رأس هذه السلبيات، افتقاد الطلبة القاعديين لبرنامج سياسي ونقابي موحد يشكل الأرضية لتشكيلهم كحركة موحدة على الصعيد الوطني". كان هذا هو التقييم الرسمي لتجربة الطلبة القاعديين من طرف منظمة "إلى الأمام" أو ما يعتبره الرفاق بـ"التحريفية"، بعد حوالي سنة من تشكلها الرسمي، وتتمة وخلاصة لهذا التقييم، اقترحت المنظمة برنامجها الذي سيصبح برنامجا للقاعديين، عبر التقديم، التالي: "وإذا كانت عناصر هذا البرنامج موجودة ولكن بصفة مشتتة وغامضة في بعض الأحيان، فإنه يطرح تركيزها في بنود واضحة. وفي رأينا يمكن إجمال المحاور الرئيسية لبرنامج الطلبة القاعديين في: 1. النضال من أجل تحقيق المطالب النقابية الملحة ومن أجل تعليم وطني ديمقراطي شعبي. 2. النضال من أجل الحفاظ على المبادئ الأربعة للاتحاد الوطني لطلبة المغرب وعدم السماح بتحريفها وتشويهها. 3. النضال من أجل تهييئ المؤتمر 17 تقدمي ديمقراطي سواء من حيث توجيهه السياسي والنقابي أو من حيث هياكله التنظيمية ـ الهيكلة القاعدية ـ. 4. التضامن العملي مع الحركة النضالية للتلاميذ ورجال التعليم والعمال والفلاحين ومع جميع النضالات الشعبية. 5. النضال من أجل انتزاع الحريات الديمقراطية وعلى رأسها إطلاق سراح المعتقليم السياسيين والنقابيين وعودة المنفيين والنضال من أجل الإفراج الفوري عن مسؤولية ومناضلي إوطم وعودة المنفيين منهم. وفي إطار هذا يطرح فضح المسلسل الديمقراطي المزعوم. 6. النضال من أجل تحرير سبتة ومليلية والجزر الشمالية ومناهضة الهيمنة الإمبريالية السياسية والاقتصادية والثقافية على بلادنا. 7. مساندة كفاح الشعب الفلسطيني وحركات التحررية العربية والعالمية والتضامنى مع جميع القوى التقدمية في العالم.
إن هذا البرنامج يتفادى الخلافات المطروحة بشأن المسألة الصحراوية وهو يطمس كل ما يتعلق بها مباشرة كما أنه يتجنب الخلاف القائم حول الاتحاد المغربي للشغل والكنفدرالية الديمقراطية للشغل. كل ذلك بهدف عدم إقحام الحركة الطلابية في الخلافات التي من شأنها أن تهدد وحدتها الطلابية وتشل نضالاتها الوحدوية ضد العدو المشترك"، فهل من تعليق ! وهو البرنامج الذي تم تعميمه على جميع المواقع والكليات والمعاهد والمدارس.. بما سيشكله كخلاصة لجميع التقاييم والقراءات النقدية والأرضيات..الخ بل هو البرنامج نفسه الذي سمي حينذاك بالإستراتيجي، والذي سبق أن دعى الرفاق "الأماميون الثوريون" مكونات الحركة القاعدية إعادته للواجهة وبث الروح فيه من جديد بتبنيه كبديل، لحظة انتقادهم لندوة 23 مارس بمراكش سنة 2010. في نفس السياق، ومن داخل إحدى التقاييم المتناغمة إلى حدٌ كبير مع المقالة نفسها، نجد في المقالة الموقعة باسم ك. ق.، والصادرة بمجلة أمفي العدد 23 الصادرة عن جمعية طلبة المدرسة المحمدية للمهندسين لسنة 79/80 أي لحظة تواجد كل من مصطفى البراهمة والشهيد أمين تهاني بمكتب الجمعية، وللمناضلين كامل الحق في تقدير واستنتاج ما يريدون من هذا المعطى التاريخي.. بحيث سجل ك. ق. كمدخل لتقييم المؤتمر 16 بأنه "رغم بروز بعض النزعات الفوضوية والفوضوية في الساحة الطلابية كرد فعل خاطئ على أطروحات النهج البيروقراطي وأساليبه اللاديمقراطية في خوض الصراع..".. معطيات إضافية مدعمة لما قلناه، وحين ندرج هذه المقالات كشهادات تاريخية فلا يعني ذلك أننا نتبناها أو نتبنى خلاصاتها، بل لنوضح لجماهير الطلبة ولعموم المناضلين التقدميين على أن المقالات كانت فعلا توجيهية وشكلت شبه إجماع في صفوف الحركة القاعدية، "بالرغم من بروز بعض النزعات.."، ولم تتعرض للنقد على طول تجربة الطلبة القاعديين.. الوثيقة الوحيدة التي نالت ما تستحقه من النقد الشفوي والكتابي، الفردي والجماعي الرسمي هي وثيقة الكراس لسنة 84 التي يتبنّاها حزب "النهج الديمقراطي" كما يتبنّاها "الأماميون الثوريون"، سواء بسواء، إذ لا غرابة إذن أن يتبنى الإصلاحيون والثوريون نفس البرنامج الذي يدعو أحزابا، لم تعد إصلاحية وفقط، ولم تعد تنتمي للصف اليساري التقدمي بأية صفة كانت.. للعمل الوحدوي وإعادة هيكلة إوطم وفق قوانين المؤتمر 16 لمواجهة الإصلاحات التعليمية وللدفاع عن مطالب الجماهير الطلابية، المادية والمعنوية.. متناسيا أن الأحزاب نفسها غيٌرت جلدتها ومواقفها ومفاهيمها نحو اليمين اللبرالي الملكي الذي لم يتأخر قط، ومن مواقع حكومية، عن الدفاع عن المصالح الإمبريالية والصهيونية في قضايا عديدة يعرفها العام والخاص بعد أن أزكمت رائحتها النفوس.
عن النقد الأهوج، العاجز عن إنتاج البدائل وبعيدا عن الموضوع الذي اختاره الرفيقين مصطفى زروال، وهي في الحقيقة ليس بموضوع، بقدر ما هو شحنة مكثفة من التهجمات الغير مبرّرة، على تيار مناضل في الساحة الطلابية والسياسية، له عطاءاته وتضحياته، بما تحتويه هذه العطاءات، من إيجابيات وسلبيات.. هذا التيار "الماوي" الذي تخلى نسبيا في هذه السنوات الأخيرة عن الزعيق والصراخ ليلتحق بطلائع البناء والتشييد والاجتهاد عبر الاقتراحات وصياغة المواقف والشعارات ونسج التحالفات..الخ.. نقول للرفيقين أنه ما كان للصراع أن يأخذ هذا المنحى وأن يختار المرء مثل هذه الدروب الضيّقة والملتوية لممارسة مثل هذه الصراعات، التي أصبحت غامضة وغير مفهومة، بعد أن تحوّلت من صراعات فكرية سياسية ومذهبية.. إلى أحقاد وحروب عدوانية بغاية التصفية والاجتثاث. بناءا على مخلفات العنف والعنف المضاد بين أطراف الصراع داخل "رفاق الطريق". فإذا كان الكلام على الأخطاء، وعلى البحث عن السابق في ممارستها.. من الأول الذي سبّ الآخر؟ ومن المبادر للعنف؟..الخ فلن نغلق هذا الباب أبدا. فللجميع أخطاءه وانزلاقاته الخاصة، ولم يسلم أحد من المناضلين الميدانيين، الممارسين والممانعين.. من الزلات والهفوات، ونحن تعلّمنا أن النقد والنقد الذاتي هو منهجنا وسبيلنا لتصحيح الأخطاء وتجاوزها، أمّا التجريح والتجنّي، والعنف والعنف المضاد.. فلن تكون له من نتائج سوى المزيد من التردّي والتشتت وضعف الأداء، كما هو واقع الحال داخل العديد من الجامعات، حيث اختار بعض المناضلين المجابهة الدموية ضد أعضاء الحركة الأمازيغية، دون أن يحرّكوا ساكنا تجاه مخططات النظام في التعليم، دفاعا عن الجامعة وعن مجانية التعليم وعن حرمة الفضاء الجامعي دفاعا عن الحريات الديمقراطية وعن حق الطلبة في التعبير والتجمهر والإضراب والتنظيم..الخ فإذا كان الواجب الثوري يشير علينا بدعم جميع الحركات الاحتجاجية المطلبية بكافة تلاوينها وتنوعاتها، فما بالك أن تحاصر تيارا مناضلا خبر السجون والمعتقلات، وقدّم التضحيات الجسام، منها شهيد الحركة الطلابية وشهيد الحركة القاعدية عبد الرزاق الكادري الذي لا يمكن لأي مناضل التنكر له أو نفي انتمائه للتيار المعني، أي تيار الطلبة الماويين.. فلا نحاسب نحن الثوريون من يبحث لنفسه عن موطئ قدم بل نحاسب من غادر الساحة وتقاعس عن النضال مفضلا الفرجة والزعيق والتأمل في مؤخرة الجماهير.. نحاسب الانعزاليين، بشدّة وندعم كل دعاة الوحدة والتحالفات التقدمية المبنيّة على الشعارات والبرامج الواضحة. فما هكذا تحاسب التيارات السياسية التقدمية بعضها البعض، فالجميع يعلم أن الرفاق الماويين يستحقون أكثر من موطئ قدم في الجامعة بنفس القدر والحجم الذي تستحقه جميع التيارات التقدمية التي يجب أن تتعاضد وتتحالف فيما بينها ضد المنع والقمع والحصار من أية جهة كانت.. ووفق ما تعلـّمناه من خلال الممارسة النضالية، فالمحاسبة تكون على أساس النقد الواضح للمرجعيات والتصورات والبرامج والالتزامات الميدانية..الخ نحاسب بعضنا حين يبدو في صفوفنا وضد التقاعس الذي يمكن أن يصيبنا ويعطّل أدائنا.. هذا منهجنا، وأملنا أن تتسع قاعدة الحركة التقدمية داخل الحركة الجماهيرية إطاراتها المنظمة وليس من حقنا مراقبة من حقق له موقعا جديدا أو عقد تحالفا تقدميا وسط الحركة الطلابية أو العمالية أو غيرها. ومن اختار لنفسه هواية الصراع مع الماوية والتروتسكية.. على أنها تحريفية بالنسبة للماركسية اللينينية، وانحراف عن الخط الماركسي اللينيني أو خط منظمة "إلى الأمام" الثوري.. فلن يتم ذلك من خلال جمل جاهزة وفقرات مختصرة جدا، بل يجب عرض الأفكار الماوية وشرحها بما يجنبها الكليشيهات، ليتم بعدها التعرض لممارسة وأطروحات وبرامج الماويين المغاربة في الساحة الطلابية وغيرها، ارتباطا ببرنامج النضال الذي تخوضه جميع التيارات التقدمية الجذرية بغض النظر عن التزامها من عدمه بالماركسية اللينينية التي لا تحتاجها التيارات كشرط للنضال الطلابي.. فالمجال الذي أقحمت نفسك فيه، مجال ضيّق وضيّق جدا، ولا يمكنه أن يجلب لك ولغيرك سوى المتاعب. فعلى حد فهمنا المتواضع، فإن مجال الصراع داخل الحركة الماركسية اللينينة يتجاوز بكثير مشاكل الحركة الطلابية ومطالب قاعدتها الاجتماعية، مجال يرتبط أساسا بالحركة العمالية وحلفائها داخل الفئات والطبقات الشعبية المعنية بالتغيير وبالمشروع الاشتراكي الذي لا تشكل فيه الحركة الطلابية فاعلا إستراتيجيا مضمونا.. فلا وجود، ولا شرعية لحركة ماركسية خارج الطبقة العاملة وخارج المشروع الاشتراكي، ولا مصداقية لأي ماركسي يناهض الحركات الثورية خارج الصراع الفكري السياسي، الرفاقي والديمقراطي. وبالتالي كان الأجدى والأجدر بالرفاق المتنازعين عن الإرث "الأمامي" بأن يخوضوا الصراع بطرق لا تعادي الوحدة والعمل الوحدوي، ولا تخوّن رفاق الطريق المعروفين بالتزامهم وحزمهم الميداني الذي لا لبس فيه.. وإذا كانت هناك من ضرورة للماركسية اللينينية كمرجعية، فيستلزم ذلك توضيح ماذا يفهم بالماركسية اللينينية؟ بتقديم عرض مبسّط ومختصر لهذه المنظومة الفكرية التي حوّلها البعض لأحاجي وطلاسم يصعب فكّ ألغازها، حتى نفهم هل هي منهج التحليل؟ هل هي الثورة الاشتراكية؟ هل هي الرسالة التاريخية للطبقة العاملة؟ هل هي بناء الحزب وفق مخططات وتاكتيكات لينين البلشفية؟ هل هي الحرب الأهلية أم هي الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية، وجبهة الطبقات الوطنية المتحدة، وحرب الشعب الطويلة الأمد، وحزب الطبقة العاملة والفلاحين وعموم الكادحين..الخ؟ فالبعض منّا كتيارات يسارية تقدمية يرى التعارض والتناقض بين هذين الاتجاهين، بين حزب الطبقة العاملة وحزب الجماهير الشعبية الكادحة، بين الحرب الأهلية وحرب الشعب الطويلة الأمد، بين المشروع الاشتراكي والمشروع الديمقراطي البرجوازي..الخ والبعض لا يرى في هذا تعارضا بل تتمة وتطويرا وإبداعا ماركسيا.. ونحن نقول أنه بالرغم من هذا كله، فبإمكان الجميع أن يوحّد الجهود خدمة لتطوير نضال الحركة الطلابية وخدمة كذلك لمصالح الجماهير الطلابية التي لا بد من تحسين أوضاعها الدراسية والمعيشية..الخ فواجب الماركسيين الآن، أن يجهدوا النفس لإقامة وحدة طلابية أوسع وأشمل، وبأن تصل دعواتها لجميع الفصائل التقدمية بما فيها الفصائل الإصلاحية التي لا تعادي نضالات الطلبة المناهضين "للميثاق التربوي"، والمطالبين بتحسين أوضاعهم الدراسية، وظروف التحصيل وأوضاع البطالة التي تنتظرهم بعد التخرج، وحالات التضييق والحصار التي تتعرض لها نضالاتهم وأنشطتهم..الخ وفي خضم هذه الوحدة، ستنتصب لا محالة مهمة الصراع الفكري والسياسي داخل الساحة الطلابية، يحق للجميع، آنذاك، إخراج ما في جعبته، أفراد وتيّارات ومجموعات، ممّا يعتقدونه مرجعية لهم، وممّا يقدمونه عل أنه برنامج للحركة الطلابية أو الحركة الجماهيرية أو الطبقة العاملة وحلفائها من عموم الكادحين والمحرومين والمهمشين..الخ وطبيعي جدا أن تعكس الصراعات داخل الحركة الطلابية مجمل الصراعات التي يعيشها المجتمع، وطبيعي كذلك أن تعكس الصراعات داخل الحركة الطلابية التقدمية الإوطمية نفس الصراعات التي تعيشها الحركة التقدمية باختياراتها المتنوعة، الإصلاحية والثورية، الماركسية والشعبوية التي ستعمل ما بوسعها كتيارات لاستقطاب أنصار لها ومروجين لأفكارها وأطروحاتها، بما هو حق ثابت ومطلق لها. هذه نظرتنا بدون تحفّظ، نختلف مع الرفاق الماويين والتروتسكيين والستنالينيين.. والرفاق في "النهج الديمقراطي" والخيار الديمقراطي وأنصار الكراس وأنصار الكلمة الممانعة.. لكننا لا ندعو لحصارهم أو منعهم من التواجد.. بل نعمل على مساندتهم ومساندة أنشطتهم لأنها تخدم مصالح الحركة الطلابية وتحاول قدر الإمكان الارتباط بالطلبة وبمطالبهم المشروعة المادية والديمقراطية، وهذا حد أدنى بالنسبة لنا لتأسيس وحدة نضالية مع كل الجهات التي تنحو هذا المنحى.
#مصطفى_بن_صالح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وحدة النضال الطلابي مهمة غير قابلة للمزايدة
-
عن الحقوقيين بطنجة، مرة أخرى..
-
جمعيات -مناضلة- أم شاحنات لجمع النفايات؟
-
من -وحي الأحداث-.. نقد ذاتي محتشم..
-
عن معزوفة المؤامرة التي تتعرض لها الجمعية المغربية لحقوق الإ
...
-
بين تقبيل الكتف، وتقبيل اليد مسافة قصيرة، فقط..
-
في ذكرى الشهيد المعطي الذي اغتالته عصابة -العدل والإحسان-
-
من قلب الندوة الطلابية، وعلى هوامشها.. موضوعات للنقاش
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|