أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وائل السواح - متى يمكن التعامل، ديموقراطيا، مع الإسلام السياسي















المزيد.....

متى يمكن التعامل، ديموقراطيا، مع الإسلام السياسي


وائل السواح

الحوار المتمدن-العدد: 1109 - 2005 / 2 / 14 - 09:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تفضل السيد مسؤول صفحة الرأي في جريدة السفير بنشر المقال المرفق في جريدة السفير عدد 9/2/2005، ولكن بعد أن "نقحه وقصقصه وأعاد تفصيله على قد الجريدة." ولأن المنشور في الجريدة يعبر جزئيا فقط عن رأي الكاتب، ولأن الكاتب يعتقد أن الفقرات المحذوفة تستحق القراءة، فإنه يعيد نشر المقال الأصلي، متمنيا أن يكون الدافع وراء القصقصة هو حجم المقال وليس موقفا إيديولوجيا، وخاصة أن الفقرات المحذوفة تتعلق بالمرأة والأقليات الدينية والعرقية في سورية، وحقوق هذه الفئات التي أهمل مشروع الإخوان إيفاءها حقها، إما بتجاهلها أو بالتحايل عليها.كما نتمنى أن يكون الحذف جاء لأسباب فردية ولا يعكس سياسة الجريدة، لأن جريدة ترفض الدفاع عن حقوق المرأة والأقليات الدينية والعرقية في أي بلد جديرة بإعادة النظر فيها وفي رسالتها: خاصة إذا كانت "صوت من لا صوت له."
ومن الغريب أن يتفضل محرر الصفحة فيحذف عبارة من مثل أن المشروع تعمد "ألا يذكر شيئا عن قانون الأحوال الشخصية والطلاق وحضانة الأولاد والزواج المبكر وتعدد الزوجات وضرب المرأة وإهانتها والنظرة الدونية إليها. وبدلا من ذلك, اكتفى التقرير بذكر "ضمان حق المرأة في العمل السياسي والمشاركة في الانتخابات النيابية والمحلية والنقابات وحقها في عضوية تلك المجالس وتولي المناصب العامة." وذلك حسن, غير أنه مؤسس نظريا على قاعدة رئيسية مفادها أن " البيت هو الميدان الأساس لعمل المرأة," وعلى أن مؤتمرات الإسكان ومؤتمرات المرأة "تسعى حثيثا لهدم الأسرة وتعويم العلاقات الإنسانية بين الرجل والمرأة, وتدعو إلى أشكال من العلاقات الإنسانية المبتذلة, تحت شعارات الحرية الفردية التي قادت الغرب إلى حالة من الانحلال الاجتماعي والفوضى والإباحية, ونشوء جيل كامل من الأبناء ناقصي الإنسانية, مجهولي النسب." وهذا هو الخطاب الإسلامي التقليدي فيما يتعلق بالمرأة, وهو، كما يتوضح، آخر معقل يمكن للإسلاميين أن يتراجعوا فيه.
أما المساواة بين البشر فهي مساواة بين البشر بعيدا عن "نظريات الأجناس والأعراق والألوان." وهذا أيضا أمر حسن، ولكن الوثيقة تتجنب بما لا يبشر بخير كل ذكر للمساواة بين الأديان (في الحياة الدنيا) وهي بذلك تقودنا لقبول المقولة التالية وهي أن "المواطنة انتماء شرعي يقوم على أساس هويتننا الإسلامية،" ومن هذا المنطلق تعرف الوثيقة للمواطنة حقوقها وتحدد واجباتها، باعتبارها "واجبات إسلامية ووطنية وقومية."
وائل السواح

وفيما يلي النص الأصلي:


المراجعة السياسية والبرنامجية التي يقوم بها الأخوان المسلمون في سورية, والتي تحمل عنوان "المشروع الحضاري الإسلامي لسورية المستقبل،" تؤكد أن الخطاب الإسلام-سياسي في سورية يتعرض لتحولات ميتامورفية شائكة ومعقدة ومتداخلة، لا بد من الوقوف عندها بتأن وعناية.

لقد نشأ الخطاب الإسلام-سياسي في سورية في ثلاثينات القرن المنصرم كحركة سياسية غير منغلقة ولا منسحبة. وضم تيار الإخوان المسلمين في العهد الذهبي للديموقراطية قادة متميزين كمؤسس الجماعة مصطفى السباعي ومعروف الدواليبي وعصام العطار، الذين لا يمكن تجاهل دورهم في اللعبة الديموقراطية السورية. ويحب الإخوان دائما أن يذكروا الحكاية الماتعة عن رفض الشيخ السباعي لعرض تقدم به عسكريون سوريون للقيام بانقلاب عسكري وتسليم السلطة للإخوان. وليس لدي ما يدفعني لتكذيب هذه الحكاية، فشخصية السباعي والدواليبي لا تنسجمان مع العقلية العسكرية في الحكم.

على أن ما جرى بعد ذلك شأن مختلف تماما. فمع بروز العقلية الكفاحية لمناضلي حركة التحرر الوطني العربية، ومع تسلط العسكر بالقوة على مقدرات البلاد وبروز مفهوم القوة العسكرية كعامل حاسم في المعادلة السياسية السورية وتطور أمراض اجتماعية منشؤها تشوهات قومية وطائفية متخلفة بدأت تبرز بقوة على الساحة الاجتماعية والسياسية, نشأ بالمقابل تيار أصولي، متشدد، متعصب ومتطرف، استباح الدم وتجاوز كل الخطوط الحمر في الأخلاق. وكان مرجعه في القتل والاغتيال والتدمير "كتاب الله وسنة نبيه."

نشأ هذا التيار في سورية منذ الستينات بقيادة الشيخ مروان حديد، الشيخ الحموي المتشدد، الذي قاد فصيلا مسلحا من الأخوان سرعان ما انشق عنه باسم "الطليعة المقاتلة،" أما التيار الأساسي في الإخوان، ومركزه حلب والشمال السوري فوجد نفسه في نهاية السبعينات، ومع مجزرة المدفعية وسلسلة الاغتيالات والتفجيرات التي جرت بعدها، منساقا إلى لعبة "الطليعة المقاتلة" متورطا بجزء من أشد عملياتها الإرهابية، وقتذاك. ونأى تيار دمشقي معتدل، كان يقوده من ألمانيا عصام العطار، بنفسه عن هذه اللعبة، وأراد أن يلعب دورا سياسيا، بيد أنه حوصر من جانب السلطة من جهة والإخوان من جهة أخرى.

العمليات العسكرية الدموية للإخوان انتهت برد فعل معاكس ومساو في الشدة أو يزيد من قبل السلطة دفع بالبلاد إلى فترة امتدت طيلة الثمانينات وكانت من أشد الفترات كآبة في تاريخ سورية المعاصر. وهي تذكر بوصف ماركس لمرحلة لويس بونابرت في فرنسا في القرن التاسع عشر، حين قال "لو أن فترة زمنية طليت سوادا فوق سواد لما كانت أشد حلكة" من تلك الفترة. ولقد عانى السوريون كثيرا من أجل تضميد جروحهم وزيارة سجنائهم أو محاولة ذلك, ولكن أيضا من أجل تحصيل أساسيات الحياة اليومية كالخبز والسكر والسمن والمناديل الورقية التي خلت منها الأسواق والبيوت والمخازن. أما السلطة فكانت منهمكة إما في الصراع على السلطة، إثر تمرد السيد رفعت الأسد عام 1984، وإما في مواجهة الحصار الأوروبي الذي فرض بسبب الدور الذي لعبته بعض الأجهزة السورية في الخارج في تلك الأثناء.

التغيرات بدأت تطرأ في التسعينات, وتحديدا بعد غزو العراق للكويت والحرب العالمية التي قادتها الولايات المتحدة لتحرير الكويت. لقد أدت تلك الحرب إلى انشطار المجتمعات العربية إلى شطرين: أحدهما مع حرب تحرير الكويت فيما يتراوح الآخر ما بين رفض التدخل العسكري الغربي وما بين تأييد صدام حسين تأييدا جاهلا وأعمى في "أم المعارك."

هذه التغيرات طالت الشارع الإسلامي والإسلام السياسي، كليهما. وبدأت الشخصيات الإسلامية المتشددة والعصابية، أمثال الشيخ يوسف القرضاوي والشيخ سعيد رمضان البوطي وتلامذتهم الصغار بالظهور على شاشات الفضائيات، التي بدأت منذ ظهورها تلعب دورا أساسيا في الترويج للخطاب الإسلامي الجديد الذي راح يتصف أكثر فأكثر بالانعزالية والانغلاق ورفض الآخر: خطاب يستبطن الإكراه ويستبطن التطرف ويروِّج الإرهاب وكراهية الآخر دون خجل أو مواربة. وإنما من هذا الخطاب, ومن خزان أفغانستان التي كانت حربها قد انتهت ووجد مقاتلوها العرب أنفسهم عاطلين عن العمل، كان أن انطلقت الشرارات الأولى للإرهاب "الإسلامي" الذي تتوج بأحداث 11 أيلول.

وشئيا فشيئا، صار رجل كأسامة بن لادن ومساعده أيمن الظواهري عالمين فقيهين وقائدين سياسيين ومكافحين عنيدين ضد الإمبريالية الأمريكية، وهما تساويا في ذلك، بنظر العديد من الإسلاميين والقوميين واليساريين، مع عبد الناصر وفيدل كاسترو. ولم يقف داعية واحد، سواء أكان تقليديا مثل القرضاوي, أو على الموضة كعمر خالد ليقول إن أسامة بن لادن لا يمثل الإسلام أو أن عمله عمل لا-إسلامي مرفوض ومدان، دينيا وإنسانيا وأخلاقيا.

على الجهة الأخرى، كان تيار آخر من الإسلام السياسي يتبلور. وسواء في سورية أم في الخارج, بدأ تيار سياسي إسلامي يطرح نفسه كتيار معتدل، بديل ومفارق لإسلام بن لادن وشركاه. ففي الداخل, ولأسباب لا يمكن الجمع بينها, برز تيار براغماتي يقوده الشيخ محمد الحبش، وهو صهر أحد أبناء المفتي الراحل أحمد كفتارو الذي بدأ نجمه يسطع بسرعة شهاب، منذ أن رشح نفسه للانتخابات النيابية "كمستقل" وفاز بأغلبية وافرة من الأصوات, رغم وقوف المفتي ضد ترشيحه. غير أنه إلى جانب هذا التيار، وبالتوازي معه، لا يمكن للمراقب إلا أن يراقب باهتمام واحترام كبيرين علمين إسلاميين كبيرين هما مفتي حلب الدكتور أحمد حسون والشيخ الكردي الجليل الدكتور معشوق الخزنوي، اللذان يعطيان للإسلام معنى مضيئا ونكهة منفتحة.

وفي الخارج، كانت قيادة الإخوان المسلمين في المنفى تطور رؤية سياسية تختلف عن رؤيتها التي سادت في العقود الأخيرة من القرن الفائت، وتحاكي أكثر تجربة مؤسسيها "اللبراليين." وتجسد مشروع الإخوان الجديد في وثيقتهم التي طرحوها مؤخرا باسم "المشروع الحضاري الإسلامي لسورية المستقبل," التي لا بد من الاعتراف أنها تحول نوعي لا بد من الوقوف عنده ولا فائدة من تجاهله.
تطرح الوثيقة ما يسميه الإخوان رؤيتهم "الإسلامية المتجددة، في إطاريها الزماني والمكاني، لإعادة بناء الفرد والمجتمع والدولة، وإصلاح النظم والمناهج والمؤسسات في قطرنا لوضعه على مدرجة التحرر والنهوض." وهم يصورونه على أنه "رؤية مستقبلية، تجسد إصراراً عملياً على نفي الصبغة الماضوية التي يسعى البعض إلى إغراق الإسلام فيها، ومحاصرته في دائرتها. وهو سعي للتواصل والتشابك مع العصر ومع الحضارة ... مع الآخر عقائد ومناهج وسياسات، ومع الوطن المؤسسة والقضية والإنسان، لتثبيت المكانة، وإزالة كل غبش لحق أو ألحق بصورة الذات."
ولسوف يشعر القارئ المتصفح بالراحة إذ يقرأ بسرعة سطور هذا المشروع. ولسوف تستوقفه خاصة عبارة مثل "ممارسة قيم التسامح والتعايش المشترك واحترام حقوق الإنسان،" أو "الاعتراف بالتعدد وحق الآخر المختلف في اختيار العقيدة التي يشاء،" أو " رفض العنف كأداة تعبير." بيد أن القارئ المتأني سوف يصدم بكمية التناقضات التي يحتويها المشروع. فمن جانب، يدعو المشروع إلى "رفض الدكتاتورية ... وإثبات حق الشعب بالاختيار الحر لنظامه السياسي،" وذلك بواسطة "الاحتكام إلى صناديق الاقتراع واعتماد آليات العمل الديموقراطي،" ومن جانب آخر يدعو المشروع إلى "الهوية العربية الإسلامية للمجتمع السوري،" وإلى أن دين الدولة الإسلام." وفي ذلك عود على بدء, بعد أربعين عاما من فرض الهوية العربية ودين الدولة بقوة العسكر و"الدستور" والجامع والمفهوم الساذج للأكثرية، التي انطلقت سنة 73 إلى الشوارع كمدحلة مطالبة بتعديل الدستور، متناسية تاريخا مشرقا لسورية كان فيه المسيحي رئيسا لمجلس النواب وللحكومة، دون أن يسأل أحد عن دينه أو مذهبه؛ وانصاع أولي الأمر وقتها فتم إضافة مادة تقول إن دين رئيس الجمهورية هو الإسلام.
وبقراءة متأنية أيضا, نجد أن المشروع برمته ينطلق من ركنين اثنين: الحاكمية لله والمال لله. فمن الناحية التشريعية، تقرر الوثيقة أن "الله سبحانه وتعالى قصر الحكم عليه وحده" وهي بذلك تقصر كل التشريعات البشرية على اجتهادات يمكن للمسلمين القيام بها فقط من خلال تلك الأحكام بواسطة "الاجتهاد من خلالها والبناء عليها."
أما القاعدة الرئيسية الثانية فهي أن المال لله. ومن هنا يرى المشروع إن "الملكية المطلقة هي هنا لله تعالى وحده كما, كما كانت الحاكمية المطلقة هناك لله تعالى وحده. وفي ظل هذه الملكية المطلقة, "يستخلف الإنسان ليتصرف في هذا المال حفظا وتنمية وإنفاقا." وحقيقة أن المال مال الله وأن الإنسان ما هو إلا مستخلف فيه تفتح في المجال أمام تأويلات متعددة "تفتح الآفاق أمام التشريعات الاقتصادية في حالات النوازل والجوانح, ليرجع ما للفرد على المجموع." أما من يعرف النوازل والجوانح ومن يحدد الفرد والمجموع, فلم يكلف المشروع نفسه عبء شرحه وتفسيره, ولا كيف يختلف هذا عن التأميم, مثلا.
ولقد فشل المشروع أيضا في إبداء صورة مستقلة ومختلفة عن المرأة. وهو تعمد إلا يذكر شيئا عن قانون الأحوال الشخصية والطلاق وحضانة الأولاد والزواج المبكر وتعدد الزوجات وضرب المرأة وإهانتها والنظرة الدونية إليها. وبدلا من ذلك, اكتفى التقرير بذكر "ضمان حق المرأة في العمل السياسي والمشاركة في الانتخابات النيابية والمحلية والنقابات وحقها في عضوية تلك المجالس وتولي المناصب العامة." وذلك حسن, غير أنه مؤسس نظريا على قاعدة رئيسية مفادها أن " البيت هو الميدان الأساس لعمل المرأة," وعلى أن مؤتمرات الإسكان ومؤتمرات المرأة "تسعى حثيثا لهدم الأسرة وتعويم العلاقات الإنسانية بين الرجل والمرأة, وتدعو إلى أشكال من العلاقات الإنسانية المبتذلة, تحت شعارات الحرية الفردية التي قادت الغرب إلى حالة من الانحلال الاجتماعي والفوضى والإباحية, ونشوء جيل كامل من الأبناء ناقصي الإنسانية, مجهولي النسب." وهذا هو الخطاب الإسلامي التقليدي فيما يتعلق بالمرأة, وهو، كما يتوضح، آخر معقل يمكن للإسلاميين أن يتراجعوا فيه.
أما المساواة بين البشر فهي مساواة بين البشر بعيدا عن "نظريات الأجناس والأعراق والألوان." وهذا أيضا أمر حسن، ولكن الوثيقة تتجنب بما لا يبشر بخير كل ذكر للمساواة بين الأديان (في الحياة الدنيا) وهي بذلك تقودنا لقبول المقولة التالية وهي أن "المواطنة انتماء شرعي يقوم على أساس هويتننا الإسلامية," ومن هذا المنطلق تعرف الوثيقة للمواطنة حقوقها وتحدد واجباتها، باعتبارها "واجبات إسلامية ووطنية وقومية."
ولكي يكون كل شيء قانونيا، لا بد من "أسلمة القوانين تدريجيا،" وذلك لاعتقاد محرر الوثيقة أن " الشريعة المنزلة من عند الله رحمة للعالمين أرفق وأحكم وأرعى لمصلحة الناس أجمعين." وبذلك يرجع المشروع الإخواني إلى المربع الأول. فمنذا الذي يمكنه بعدئذ أن يقول عكس ما جاء به المشروع "الحضاري" من كلام منزل لا مجال لمناقشته؟
فهل يمكن, إذن, اللقاء مع برنامج جديد للتيار الإسلامي في سورية؟ بتقديري أن الوثيقة التي بين أيدينا لا تؤهل لمثل هذا اللقاء, وذلك للأسباب التالية:
* لم يتحمل الإخوان المسلمون مسؤوليتهم عن حمام الدم الذي جرى في سورية في سبعينات وثمانينات القرن الماضي, ولم يقدموا اعتذارا عن دورهم في تلك العمليات الإرهابية المروعة, وعوضا عن ذلك طالبوا بلجنة مستقلة للتحقيق في تلك الأحداث, وفي ذلك شراء للوقت لا مبرر له, إذا كانوا فعلا يرغبون بدخول اللعبة السياسية الديموقراطية من مدخلها السليم.
* لم يدن الإخوان العمليات الإرهابية التي تجري في شرق الكوكب وغربه باسم الإسلام. إن كلاما ضبابيا عاما عن تسامح الإسلام ومحبته وجنوحه للسلم ليس بديلا عن إدانة تامة وكاملة وواضحة بدون لبس للإرهاب الدولي الذي يروع البشرية ويهدد الحضارة الإنسانية بأكملها.
* لم يحدد المشروع موقفه من غير المسلمين (من مسيحيين ويهود وصابئة ويزيد يين, ولكن أيضا من علمانيين غير متدينين, يضعون ولاءهم للوطن وليس لدين بعينه أو طائفة بعينها) من حيث إمكانية احتلالهم مناصب سياسية عالية كرئاسة الجمهورية والبرلمان والحكومة. وبقيت سورية بالنسبة إليهم "ذات هوية عربية إسلامية, فالإسلام دين وحضارة للمواطن المسلم, وهوية حضارية للمواطن غير المسلم." إن فرض هذه المقولة كمسلمة من قبل المسلمين فيه إجحاف وافتئات على كل الأقليات غير المسلمة والعلمانية التي تعتبر أن هويتها الوحيدة التي تقبلها هو انتماؤها لسورية, وأن كل ما عدا ذلك يمكن النقاش حوله. إن ما فات محرر التقرير أن الأغلبية تستطيع دائما أن تتحدث عن المساواة, وهي تعلم أنه يمكنها دائما أن تطبقها بشكل انتقائية لا يفيد منه في النهاية إلاها.
* لم يحدد المشروع سياسة للتعامل مع القوميات غير العربية في سورية, ولم تتم الإشارة, باستثناء مقولة ترددت كثيرا حول المساواة بين جميع المواطنين في الدستور وأمام القانون. إن من واجب الأغلبية دائما أن تكفل الحقوق الدستورية والسياسية والثقافية للأقليات والمحافظة على ثقافتها ولغتها وحضارتها، ومن واجب الأقليات بالمقابل السعي الحثيث للاندماج أكثر بمجتمع الأغلبية. بيد أن القارئ المتمعن لن يجد في الوثيقة أي التزام أخلاقي أو سياسي أو أدبي يقدمه الإخوان للأقليات القومية والعرقية والدينية والمذهبية التي تغتني بها سورية, وبها تأخذ لونها ونكهتها وتميزها.
وبالتالي يبدو أنه لا يزال على الديموقراطيين السوريين في المرحلة الراهنة العمل بشكل مستقل عن التيار الإسلامي, الذي لا بد له من أجل العودة إلى الخريطة السياسية السورية من:
1. أن يبادر إلى نقد المرحلة السوداء من تاريخه وتقديم الاعتذار للسوريين جميعا على الجزء من المسؤولية التي يتحملونها،
2. أن يناضل من أجل المبادئ الإسلامية النبيلة من خلال برنامج سياسي وطني بعيد عن ومفارق للبرنامج الإسلامي الذي يعتمد مسلمات إلهية لا يمكن لأحد مناقشتها, ناهيك عن تبديلها أو تغييرها،
3. وأن يعتبر الإنسان، لا الله، محور نضاله السياسي, مبتعدا بذلك عن التسلح بالنصوص السماوية غير القابلة للنقاش والتبديل،
4. وهذا يقتضي تغييرا في التسمية. إن التيار الإسلامي السوري ليس أكثر إسلامية من حزب العدالة والتنمية في تركيا, الذي لا يحوي في تسميته كلمة إسلامي،
5. وأن يعيد رفع الشعار السوري الخلاق "الدين لله والوطن للجميع،" بكل ما في ذلك من معنى وبكل ما يمكن أن يؤدي إليه من نتائج أهمها المساواة المطلقة بين المواطنين السوريين عربا وغير عرب، مسلمين وغير مسلمين، مؤمنين وعلمانيين ورجلا ونساء بما يسمح لأي سوري أو سورية أن يتبوأ أي منصب سياسي في الجمهورية بدون قيد أو شرط.
_________________________________________
*كاتب سوري



#وائل_السواح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- ثبت تردد قناة طيور الجنة الجديد على النايل سات وعرب سات
- تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 Toyor Aljanah نايل سات وعرب ...
- اللواء باقري: القوة البحرية هي المحرك الأساس للوحدة بين ايرا ...
- الإمارات تكشف هوية مرتكبي جريمة قتل الحاخام اليهودي
- المقاومة الإسلامية تستهدف المقر الإداري لقيادة لواء غولاني
- أبرزهم القرضاوي وغنيم ونجل مرسي.. تفاصيل قرار السيسي بشأن ال ...
- كلمة قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي بمناسبة ...
- قائد الثورة الاسلامية: التعبئة لا تقتصر على البعد العسكري رغ ...
- قائد الثورة الاسلامية: ركيزتان اساسيتان للتعبئة هما الايمان ...
- قائد الثورة الاسلامية: كل خصوصيات التعبئة تعود الى هاتين الر ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وائل السواح - متى يمكن التعامل، ديموقراطيا، مع الإسلام السياسي