|
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج49
محمد الحداد
الحوار المتمدن-العدد: 3797 - 2012 / 7 / 23 - 19:01
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الباحث : أليس الانبياء يا عم قد وضحوا طريق الايمان ؟!! ومع ذلك لا يستطيع حتى معتنقوا الأديان السماوية أن يصلوا الى الإيمان الذي تتكلم عنه .. فهم لا يجدونه في أنفسهم ... المؤمن : نعم .. لقد وضح الأنبياء طريق الايمان الى الناس .. ولكن وعبر الزمن تجد أن أغلب تلك الاديان قد حرفت اليوم .. و هي ليست كما وضحها الأنبياء .. فالمفاهيم اليوم اختلطت على الناس ... و لو تجاوزنا مشكلة التحريف .. فحتى عند من يملكون نصوص صحيحة تجد هنالك مشكلة أكبر .. وهي عدم القدرة على التمييز بين ما هو مهم من تلك التعاليم وما هو غير مهم .. فأغلب الناس اليوم يتمسكون بالتعاليم الغير مهمة و يعظمونها تعظيماً شديداً .. ويهملون المهم من التعاليم ويحتقرونها مع انها واضحة جداً ... الباحث : لم أفهم يا عم ... المؤمن : في تعاليم الأنبياء أمور جوهرية أساسية .. و هي الأهم .. بينما يهملها الناس بهذا اليوم ... الباحث : لماذا ؟!! المؤمن : لأنهم لا يفهمونها .. و لأنها صعبة التطبيق على النفس .. لذلك تراهم يسارعون الى التعاليم الغير مهمة .. فيعظمونها بشدة .. ويرفعون من شأنها .. لأنها سهلة التطبيق .. ولكنها لا تأتي بفائدة جيدة ترجى... لا تحسب يا بني بأني سآتي بتعاليم لم يصرح بها الأنبياء من قبل .. و لكني سأوضح تلك الأمور التي يحتقرها الناس .. و التي هي جوهر طريق الإيمان .. والتركيز الإلهي عليها ... الباحث : شوقتني .. ابدأ يا عم ... المؤمن : اعلم يا بني بأن الخطوة الأولى هي الأصعب والأشد على الإنسان .. وهي تحرير العقل من كل شيء موروث .. والخروج الى الله من كل الدوائر والحلقات العقلية المفروضة عليه .. التحرر العقلي ولو مؤقتاً حتى يجد الانسان طريق الايمان ويتمكن من تمييز الحق من الباطل ... الباحث : لم أفهم يا عم ... المؤمن : هناك اليوم أديان كثيرة .. واتجاهات فكرية كثيرة على الأرض .. و يولد الإنسان على أحد هذه الأديان .. وبحكم التربية والتقليد يتعصب الإنسان لدين الآباء والأجداد .. وحتى في نفس الدين تجد مذاهب متعددة .. فعلى الإنسان أن يخرج في البدء من تلك الدوائر المغلقة ... أن يحرر عقله من كل شيء موروث ... الباحث : كيف يا عم ؟!! المؤمن : يولد البوذي فيجد نفسه يسجد لصنم بوذا .. ويولد الهندوسي ويجد أهله يعبدون البقرة مثلاً .. ويولد المسيحي وهو يقول أن الرب هو المسيح .. ويولد المسلم فيجد أهله يعبدون التقليد الأعمى .. والشيوعي يتبع ماركس ولينين .. وهكذا... هذه المسألة .. وهي تسليم العقل للغير .. تعني اغلاق العقل .. على الانسان أن يحرر عقله في البدء ولو مؤقتاً .. عليه أن يخرج من تلك الدوائر المغلقة ... الباحث : صحيح يا عم ... المؤمن : يخرج الى الله بقلب خالٍ من أي اتباع عقلي .. و يقف في صحراء الوجود خالياً من أي أفكار مسبقة أو أي تعنت أو تحيز لأي جهة كانت .. يقف وقوفاً منفرداً بين يدي الله ... الباحث : يعني يلحد بالأديان يا عم ؟!! المؤمن : لا يا بني .. أقصد أن يسافر سفراً عقلياً في طلب الحقيقة بدون أفكار مسبقة لأي دين أو مذهب أو اتجاه فكري .. لا أعني الإلحاد والإنكار .. لأن الملحد نفسه يتحيز الى فكرة الإلحاد ويذم الله والأديان .. أنا أقصد أن يفرغ الإنسان عقله من أي تحيز لأي جهة كانت .. دين .. فكر فلسفي .. فكر مادي .. فكر إلحادي .... هكذا يخرج الانسان الى الله خالي تماماً من أي فكر مسبق تفرضه الوراثة أو التقاليد الدينية أو الفكرية لأي جهة كانت ... الباحث : هذه صعبة على أغلب الناس .. لأنه حتى الملحدين عندهم أفكار مسبقة سيئة عن الله والاديان ... المؤمن : قلت لك أن الخطوة الأولى هي أصعب خطوة على الإطلاق .. بعدها ستكون المراحل أسهل ... الباحث : نعم يا عم خالي تماماً من أي فكر مسبق لأي دين أو اتجاه فكري ... المؤمن : فاذا تأكد الإنسان أنه لا يميل لأي جهة كانت .. و أن قلبه وعقله خالي تماماً من أي أفكار مسبقة .. سيصبح الطريق أسهل و يستطيع أن يبدأ بالخطوة الثانية ... الباحث : نعم يا عم .. و الخطوة الثانية ؟ المؤمن : الخطوة الثانية ليست صعبة .. ولكنها الأهم .. فلا يمكن للإنسان السير على طريق الايمان بدونها .. لأنه سيكون أمر مستحيل ... الباحث : ما هي يا عم ؟!! المؤمن : اعلم يا بني أن النفس نفسان .. النفس المطمئنة والنفس الأمارة .. النفسان في داخل كل انسان .. و على الإنسان أن يروض النفس الأمارة حتى تطيعه ... الباحث : كيف يا عم ؟!! المؤمن : يعاندها ويخالفها في أي شيء تطلبه .. حتى تضعف .. وتضعف .. الى أن تموت ... الباحث : لم أفهم ... المؤمن : اذا كان لك حصان مشاكس مثلاً .. لا يطيعك .. و هو يأخذك حيث يريد .. النفس الأمارة مثل هذا الحصان .. تأمر بالشر دائماً .. فاذا كانت تطلب .. و أنت تعطيها كلما طلبت .. فإنها ستقوى وتتمرد عليك .. وتكون هي التي تقودك حيث تريد .. وهي لن تقودك الى الخير .. بل الى الشر و الهاوية .. فاذا عاندتها وعاكست رغباتها .. ضعفت و أصبحت أنت الذي يقودها .. عندها بإمكانك أن تأخذ لجامها بيدك .. وتقودها الى طريق الايمان ... واذا لم تفعل ذلك .. قادتك هي الى طريق الهاوية ... الباحث : أيضاً لم أفهم يا عم .. كيف لي أن اعاندها حتى تضعف ؟!! المؤمن : تعاندها أي لا تعطيها ما تشتهي ... الباحث : كيف يا عم ؟ المؤمن : اذا طلبت الأكل الشهي .. تعاندها ولا تأكل .. بل و تبعد الطعام الشهي عنك .. و تأكل الأكل البسيط .. هذا بمثابة تسديد ضربة تأديب للنفس .. اذا اشتهت النظر الى امرأة جميلة .. تعاندها ولا تنظر .. اذا اشتهت سيارة فارهة .. تعاندها وتركب سيارة بسيطة .. اذا اشتهت أن تتكلم في أعراض الناس .. تعاندها وتصمت .. اذا اشتهت أن ترد على من يشتمك .. تعاندها ولا ترد ... النفس لها رغبات سيئة كثيرة .. اذا اطعتها .. تمردت عليك .. واخذتك بعيداً عن طريق الايمان ... الباحث : هذا صعب يا عم .. هذا صراع .. صراع ... المؤمن : في البداية فقط .. فعندما تستسلم لك النفس .. فانه سيكون أمر سهل للغاية .. لأنها ستكون ضعيفة جداً حينها ... الباحث : وهل هذا الأمر ضروري يا عم ؟!! المؤمن : يستحيل السير في طريق الإيمان بدونه .. لأن هذه النفس سيئة للغاية .. فاذا قويت .. ستهلك الانسان في المعاصي ... الباحث : اعاكس طلبات النفس واعاندها في كل شيء ... المؤمن : نعم ستضعف وتضعف و أنت ستقودها الى طريق الايمان ... الباحث : مثلاً يا عم النفس تشتهي أن أطيع والدي ... المؤمن : النفس الأمارة لن تشتهي الخير .. لن تشتهي ذلك مطلقاً .. التي تشتهي الخير هي النفس المطمئنة .. هذه تأمر بكل خير .. أطعها ... الباحث : كيف أميز بينهما ؟!! المؤمن : الأمر واضح .. النفس الأمارة تأمرك بكل ما هو سيء ... الباحث : اذا أبتعد عن كل ما هو سيء ... المؤمن : أنت لم تفهم بعد .. في البداية لا يمكنك أن تبتعد عن كل ما هو سيء ... في البداية عليك تسديد ضربات للنفس فقط .. في مواضع الشهوات .. لكي تضعف وتضعف .. فالابتعاد عن الأمور السيئة غير مستطاع قبل أن تضعف النفس .. عليك اضعافها بتسديد ضربات .. كل ما تشتهيه النفس اعمل خلافه حتى تضعف .. هل فهمت ... الباحث : نعم يا عم .. في الشهوات النفسية اعاندها واعاكسها في كل شيء .. أعمل عكس ما تطلب لكي تضعف و أتمكن من قيادتها .. ولكنك قلت بأنها ستموت ... المؤمن : نعم تموت .. و لا أستطيع التحدث عن هذا الأمر الآن .. سأخبرك عنه لاحقاً .. المهم أنك فهمت الخطوة الثانية ... الباحث : نعم فهمت يا عم ...
نقلها لكم محمد الحداد 23. 07. 2012
#محمد_الحداد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج48
-
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج47
-
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج46
-
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج45
-
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج44
-
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج43
-
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج42
-
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج41
-
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج40
-
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج39
-
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج38
-
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج37
-
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج36
-
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج35
-
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج34
-
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج33
-
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج32
-
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج31
-
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج30
-
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج29
المزيد.....
-
أبرزهم القرضاوي وغنيم ونجل مرسي.. تفاصيل قرار السيسي بشأن ال
...
-
كلمة قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي بمناسبة
...
-
قائد الثورة الاسلامية: التعبئة لا تقتصر على البعد العسكري رغ
...
-
قائد الثورة الاسلامية: ركيزتان اساسيتان للتعبئة هما الايمان
...
-
قائد الثورة الاسلامية: كل خصوصيات التعبئة تعود الى هاتين الر
...
-
قائد الثورة الاسلامية: شهدنا العون الالهي في القضايا التي تب
...
-
قائد الثورة الاسلامية: تتضائل قوة الاعداء امام قوتنا مع وجود
...
-
قائد الثورة الإسلامية: الثورة الاسلامية جاءت لتعيد الثقة الى
...
-
قائد الثورة الاسلامية: العدو لم ولن ينتصر في غزة ولبنان وما
...
-
قائد الثورة الاسلامية: لا يكفي صدور احكام اعتقال قيادات الكي
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|