|
كيف نفهم الموقف السعودي من الثورة السورية؟
جواد البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 3797 - 2012 / 7 / 23 - 15:22
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كيف نفهم الموقف السعودي من الثورة السورية؟
الموقف السعودي "الإيجابي" من الثورة السورية يَتَّخِذُه الموالون لنظام حكم بشار الأسد سبباً للطَّعْن (والتشكيك) في هذه الثورة لجهة كونها "ثورة شعبية"، ولجهة كونها "ديمقراطية الطَّابِع"، تَسْتَهْدِف إقامة "دولة مدنية"، يتساوى فيها المواطنون جميعاً في الحقوق المدنية والديمقراطية والسياسية والثقافية..؛ فكيف (يتساءلون في استغراب ودهشة) لفاقِد الشيء أنْ يعطيه (أيْ كيف لدولةٍ كالسعودية أنْ تكون صادقة في تأييدها لثورة إذا ما كانت شعبية، ديمقراطية، تَنْشُد "الدولة المدنية"؟!)؟! وفي طَعْني في هذا الطَّعْن، لن أنتصر إلاَّ لـ "الحقيقة الموضوعية"، والتي يكفي أنْ أنتصر لها حتى أجِدَ سبباً آخر مُهِمَّاً لانتصاري للثورة السورية، التي كمثل كل ثورة لا تخلو من العيوب والنواقص والخلال، ومِمَّا يُشوِّه جزءاً من وجهها الجميل. في انتصاري لـ "الحقيقة الموضوعية" الكامنة في موقف، وفي حيثيات موقف، السعودية من طرفيِّ الصِّراع المحتدِم في سورية، أقول (وهذا ما يجب أنْ يُقال، ويُفْهَم على خير وجه، ويُعْتَرَف به) إنَّ السعودية لا تَقِفُ مع الثورة السورية، أيْ لا تَقِف مع مطالبها وغاياتها، والتي في مقدَّمِها إقامة "الدولة المدنية الديمقراطية"؛ بلْ هي تَقِفُ ضدَّ نظام حكم بشار الأسد، ولأسباب لا أثَر لها يُذْكَر في مطالب وغايات الثورة السورية. والسعودية، في الوقت نفسه، تسعى إلى تسيير رياح التغيير في سورية بما تشتهي سفينتها هي؛ فهي تَسْتَثْمِر كثيراً من "قواها (المختلفة)" في هذا الصِّراع، توصُّلاً إلى إطاحة نظام حكم بشار، وإلى أنْ يأتي التغيير في سورية بنتائج قليلة الشَّبَه بمطالب وغايات الثورة السورية، وكثيرة الشَّبه بالمصالح والأهداف الإستراتيجية الإقليمية للسعودية. وأَزْعُم أنَّ "حَقْل الغَوَّار" هو الموضِع الذي فيه (ولو من الوجهة الرَّمْزيَّة) يكمن تفسير وتعليل الموقف السعودي من الثورة السورية؛ فهذا الحقل النفطي هو الأكبر في العالم، وفي "المنطقة الشرقية" من المملكة، من ثمَّ؛ وهذه المنطقة هي الأهم إستراتيجياً في السعودية، وتفصلها عن إيران مياه الخليج، وتُجاوِر جنوب العراق الشيعي؛ وهي المنطقة التي يتركَّز فيها شيعة السعودية، وتنتمي غالبية قاطنيها إلى الشيعة، الذين، بتأييدٍ إيراني، ينمو ويشتد لديهم المَيْل إلى الانفصال عن المملكة؛ وإنَّ "الغَوَّار" هو "الموقف السعودي" من الثورة السورية، في "حيثيته الكبرى"، التي تُرى بالبصيرة لا بالبصر. "حَقْل الغَوَّار"، وفي مناخ "الربيع العربي (الذي تسعى إيران في جعله ربيعاً شيعياً في دولٍ عربية)"، هو الذي يُلْزِم السعودية أنْ تَقِف ضدَّ نظام الحكم السوري (العائلي ـ العلوي، في المقام الأوَّل) المتحالِف مع إيران، ومع "حزب الله (الشيعي اللبناني)"، ومع القوى الشيعية في العراق. والسعودية تَثِقُ بأهلية نظام حكم بشار للصراع من أجل البقاء بما يَجْعَل الصراع في سورية (بين نظام الحكم هذا وبين شعبه الثائر عليه) يبدو صراعاً ضدَّ السنة، يخوضه العلويون المتحالِفون (طبيعياً) مع الشيعة العرب، ومع "إيران الشيعية (الفارسية)". وكلَّما اشتدَّ وعَنُف هذا الصراع اكتسب نظام الحكم السعودي مزيداً من الشعبية بين السعوديين السنة، وهُمْ غالبية مواطني المملكة، وتضاءل كثيراً، من ثمَّ، الوزن السياسي والإستراتيجي للحراك الشعبي الشيعي (الانفصالي من حيث المَيْل حتى الآن) في "المنطقة الشرقية"، وظَهَر الصِّراع الذي يُخاض ضدَّ هذا الحراك على أنَّه جزء من صراعٍ يُخاض (عربياً، وفي سورية على وجه الخصوص) ضدَّ إيران وحلفائها من العرب (العلويين والشيعة). إنَّها، ولدرء المخاطِر (الإيرانية ـ الشيعية) عن "حَقْل الغَوَّار"، "ذَهَبَت" السعودية إلى سورية، و"تحالفت" مع الثورة السورية (التي، لجهة مطالبها وغاياتها، لا وجه للشَّبه بينها وبين السعودية) ضدَّ نظام حكم بشار، ساعية، في الوقت نفسه، إلى جَعْل هذه الثورة تزداد شبهاً بالمصالح والأهداف الإستراتيجية الإقليمية للسعودية، وتتمخَّض عن نتائج يمكن أنْ تُتَرْجَم، سعودياً، بما يقي المملكة من "الشُّرور الإيرانية" التي تهبُّ عليها انطلاقاً من "المنطقة الشرقية". الثورة السورية تحتاج إلى الدَّعم بأشكاله المختلفة؛ وإنَّ من حقِّها أنْ تَحْصَل عليه، وأنْ تسعى في الحصول عليه، من العرب جميعاً؛ لكن بما لا يتعارَض مع مبدأ "السَّيْر على حدة، والضَّرب معاً"؛ فهذه الثورة يجب ألاَّ تحيد عن "مسارها الثوري الصاعد"، مهما "تَحَلْزَن (أيْ اتَّخّذ الشكل الحلزوني)"، وأنْ تَظَلَّ مطالبها وغاياتها الثورية الديمقراطية مقياسها الوحيد الذي به تقيس تقدُّمها من تراجعها؛ فالثورة الذكية تُوظِّف، وتَعْرِف كيف تُوظِّف، "الخارج" في خدمتها؛ فإنْ هي اضطُّرَت إلى خدمته، أو خدمة بعضه، فيجب ألاَّ تتحوَّل إلى خادِمٍ له؛ فشتَّان بين أنْ أخدمكَ وأنْ أغدو خادِماً لكَ.
#جواد_البشيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-الولاء اليساري- للحُكْم السوري!
-
قُطِعَت -الرَّقَبَة-.. وبَقِيَ -الرأس-!
-
حديث -المؤامرة-!
-
في -البيروقراطية-!
-
.. وبينهما أمورٌ مُشْتَبِهات!
-
-وابشَّاراه-!
-
مصر.. أهي -ولاية الفقيه الدستوري-؟!
-
بشار الذي يحبه شعبه!
-
نتحاوَر وكأنَّ الرُّعونة حوار!
-
عندما تُنْذِر -الغارديان- ب -أُفول- الديمقراطية في بريطانيا!
-
عرفات قُتِلَ ب -الشَّارونيوم-!
-
-أُمَّهات الحقائق- في الصِّراع السوري!
-
مِنْ -سجين طرَّة- إلى -سجين طنطاوي-!
-
مرسي الذي أصبح للثورة مرساةً!
-
لا شرعية في مصر تَعْلو -الشرعية الثورية-!
-
حتى يكون مرسي مرساةً للثورة!
-
قَوْلٌ عظيم لرَجُلٍ عظيم!
-
هذا الإنكار- ل -شعبية- الثورة في مصر وسورية!
-
مصر ثَوْرَة على -الوثنية الدستورية- أيضاً!
-
لِنَحْتَفِل بهزيمة شفيق لا بانتصار مرسي!
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|