أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - سعد هجرس - ! شعار البنوك المصرية : حسنة وأنا سيدك















المزيد.....

! شعار البنوك المصرية : حسنة وأنا سيدك


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1109 - 2005 / 2 / 14 - 09:10
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


الكلام عن أداء البنوك العاملة فى مصر اكثر من الهم على القلب .. ورغم كثرة هذا الكلام فان معظمه يندرج تحت باب الثرثرة والثأثأة غير المفيدة وغير المنتجة .
وإذا جرى هذا الحديث على لسان قيادات القطاع المصرفى فانه غالباً ما يكون بمثابة افتتان بالذات وادعاء بانه ليس فى الإمكان أبدع مما كان .. وإذا تجاوز الكلام هذه الحدود " النرجسية " فانه يدور فى معظم الأحيان حول قضايا جزئية وفنية .
لكن الأمر يختلف عندما يتكلم مفكر بوزن الدكتور إسماعيل صبرى عبد الله .. ساعتها تصبح النظرة شاملة ، وتكتسب الأرقام الجافة مدلولاتها الحية المرتبطة – أصلاً – بأحوال الناس وتحولات المجتمع ، وتصبح الملاحظات الانتقادية الثاقبة ناقوس إنذار يفيد البنوك والمتعاملين معها – صغاراً وكباراً – وينفع الاقتصاد الوطنى بأسره .
وهذا شأن تلك " التوطئة " السلسة التى كتبها الدكتور إسماعيل صبرى عبد الله لكتاب " القطاع المالى وتمويل التنمية فى مصر – التطور والاستشراف حتى عام 2020 " والتى تمثل ذروة السهل الممتنع، حيث رصد فيها الدكتور " إسماعيل " مدى كفاءة البنوك العاملة فى مصر فى جمع المدخرات وتوصيلها الى السوق المالية .
ونظراً لأهمية هذه التوطئة ، وحيث ان القراء المحتملين لهذا الكتاب الهام الصادر عن منتدى العالم الثالث سيكونون محدودين على الأرجح ، فان تعميم الفائدة تجعلني اترك مساحة مقالى الأسبوعي لأستاذنا العالم والمفكر الكبير الدكتور إسماعيل صبرى عبد الله .
***
يقول الدكتور اسماعيل : إذا لخصنا مدى كفاءة البنوك العاملة فى مصر فى جمع المدخرات وتوصيل معظمها الى السوق المالية نجد ابتداء أرقاما مذهلة . فوفقا لتقرير البنك المركزى عن سنة 2000/2002 وصل حجم البنكنوت المصدر فى نهاية سنة 2002 الى 45.6 مليار جنيه . وكان حجم النقد خارج خزائن البنك المركزى 45.3 مليار . أما حجم المتداول خارج الجهاز المصرفى كله فقد بلغ 42.2 مليار اى حوالى 93% من الحجم الكلى . ويعنى هذا ان الغالبية العظمى من المعاملات التجارية والمالية تتم نقداً دون مرور بالجهاز المصرفى . وهو وضع شاذ لا مثيل له فى اى دولة ذات وزن . وفى أوروبا مثلا نجد حرص الحكومات كبيراً على إتمام الناس لمعاملاتهم عن طريق الشيك او بطاقات الائتمان . والسبب الرئيسى لهذا التدخل الحكومى هو الرغبة فى متابعة تدفقات الأموال واتجاهاتها عن طريق ما يسمى " الجداول المالية " التى تمكن بنك فرنسا مثلا حين يقرض أحد البنوك او جهة حكومية ان يحدد بكثير من الدقة الجزء من القرض الذى سيعود الى خزائنه خلال الأيام القليلة التالية . وثمة سبب أخر هو التدنى بتكلفة إصدار البنكنوت واسترجاع التالف منها نظير الجديد . والمثل الشهير فى هذا الصدد هو قرار السيدة مارجريت تاتشر حين كانت رئيس مجلس الوزراء بسحب الجنيه الإسترليني الورقى من التداول وان تحل محله قطعة معدنية لا يزيد عن حجم " التعريفة " التى كانت متداولة فى مصر حتى اختفت هى والمليم تحت ضغط التضخم ، والانخفاض الكبير للقوة الشرائية للعملة المصرية .
ويمكن ان نضيف فى حالتنا دور البنكنوت المتداول فى الإضرار بالصحة العامة لما ينتج عليه من قاذورات وميكروبات وفيروسات . ويصف السياح الأوروبيون أوراق النقد المصرية " بالنقود القذرة " .
وللإنصاف يجب ان نؤكد ان المسئول الأكبر فى عجز الشيك عن الحلول محل الورق النقدى هو الحكومة . ففيما عدا مصلحة الضرائب ترفض كل الجهات الحكومية الشيك كوسيلة للدفع فى حين نجد الحكومات الأوروبية ترفض قبول النقود الورقية فى سداد ما يستحق لها لدى المواطنين . ولكن البنوك من ناحيتها حولت الشيك من وسيلة دفع الى كمبيالة تستحق السداد بعد عدة شهور ، وهى كمبيالة عجيبة لانها لا تستخدم فى إعادة خصم قيمتها لدى البنك المركزى . وهكذا تراكمت قضايا الشيكات مؤجلة الدفع بمئات الألوف مما زاد العبء على المحاكم بدون مسوغ حقيقي . وبدون الشيك يضطر الناس للاحتفاظ بمبالغ من النقود الورقية ولا تغنيهم ودائعهم لدى البنوك . والأصل المتبع فى بلاد الله التى تطبق القوانين بأمانة هو ان يكون للمواطن – ولا سيما من يمارسون التجارة بأوسع معانيها – حساب جار مصحوب بفتح اعتماد اى تغطية البنك لشيكات العميل فيما يزيد عن قيمة الوديعة فى حدود سقف معين .
وهذا ما ييسر التعامل بالشيك دون مواجهة مشكلة شيك بدون رصيد . وقد نظم القانون التجارى الجديد – الذى أفنى السنوات الأخيرة من حياته أستاذنا الجليل محسن شفيق فى صياغته – التعامل بالشيك وتحديد ضوابطه . ولكن من يسمون " رجال الأعمال " بنفوذهم فى مجلس الشعب انتزعوا من الحكومة الموافقة على تأجيل تطبيق المواد الخاصة بالشيك لمدة عامين فهم يفضلون الصيد فى الماء العكر . واحسب ان المدة المذكورة قد انتهت دون ان تتحرك الحكومة فى اتجاه تفعيل المواد المجمدة .
وكما أفسدت البنوك وكبار عملائها الشيك أهملت البنوك " مركز تجميع المخاطر المصرفية " الذى تقرر إنشاؤه فى قانون " البنوك والائتمان " الصادر فى 1957 ، وكان يقوم على أساس إخطار كل بنك باسم العميل الذى اقترض اكثر من عشرة آلاف جنيه . وهو مبلغ كبير قبل تدهور قيمة الجنيه فى ربع القرن الفائت وبواكر القرن الجديد . وفى مقابل ذلك للبنك ان يطلب من المركز بيانا بمديونيات اى عميل فى كل وحدات الجهاز المصرفى . وقد يسر هذا الإهمال اقتراض عملاء كبار من عدة بنوك قبل ان يغادروا البلاد الى منفى ذهبى .
وعلى العكس لا تعنى إدارات البنوك باجتذاب صغار المدخرين . ويكفى ان نذكر انها تعاقبهم . فحين يريد مواطن إيداع مدخراته المتواضعة ( اى يقرض البنك من حر ماله ) يتعين عليه ان يدفع للبنك رسوم فتح الحساب . والبنك هذا يذكرنا بالتعبير الشعبى "حسنة وأنا سيدك "! وحين يحضر العميل الى البنك ليستفهم عن أمر أو يضيف لوديعته يحتار بحثا عن الموظف المختص . وفى بنوك الدول المتقدمة يخطر البنك العميل بمجرد فتح الحساب باسم الموظف المسئول عن ملفه ، كما يبلغه اولاً بأول بتغير هذا الموظف . ومن أشكال تعذيب العميل انه إذا ورد شيكاً مقبول الدفع مسحوبا على فرع غير الفرع الذى يتعامل معه عليه ان ينتظر أسبوعا او اكثر حتى يصل المبلغ . أما إذا كان الشيك مسحوباً على بنك أخر فان الانتظار يطول الى أسبوعين فى المتوسط . كذلك امتنعت البنوك عندنا عن الاشتغال بنوع أخر يجذب العملاء من غير رجال المال والأعمال وهو معاونة أصحاب الودائع الراكدة ( اى التى لا تتعرض لكثير من السحب او الإضافة ) بتحويلها الى محفظة أوراق مالية لها عائد اكبر بشكل واضح من الفائدة على الوديعة لاجل يدفعها البنك للعميل مع ضمان عائد لا يقل عن سعر الفائدة على الوديعة . وبفضل المسئولون عن البنوك الاحتفاظ بهذه الودائع تحت تصرفهم ليوسعوا من إقراض المحظوظين وأصحاب النفوذ او لاسهام البنك فى مشروعات جديدة كثيرا ما تنتهى بالفشل . ويجلس عدد من المسئولين ومحاسيبهم فى مجالي إدارة الشركات التى يساهم البنك فيها نظير بدل حضور ومكافآت من الأرباح المحققة تضاف الى مرتباتهم من البنك .
وينسى مسئولو البنوك التجارية انها ليست بنوك استثمار . وإذا أراد أصحاب الشأن ان يدخلوا مجال الاستثمار فعليهم إنشاء كيان مستقل . فعندما أراد بنك باركليز ( ترتيبه 18 من بين 58 الأكبر فى العالم ) ان يتوسع فى الاستثمار انشأ قسما خاصاً لهذا النشاط . وقد قرر أخيراً إلغاءه لانه لم يحقق الأرباح التى كانت تنتظر منه.
وثمة مظهر أخر لدخول البنوك التجارية الى مجال الاستثمار فالأصل ان هذه البنوك لا تقرض لاكثر من سنة واحدة لان اغلب ما عندها من أموال ودائع لا تزيد عن سنة . وهى لذلك عماد السوق النقدية ( اى أشكال الائتمان قصيرة الأجل ) . ولكن الواقع يشهد بان كبار العملاء كانوا يقترضون رسميا لمدة سنة ، ولكن كانت البنوك تجدد القرض سنة بعد الأخرى لان المقترض يستخدمه فى إنشاء مشروع او توسيع مشروع قائم فيتحول القرض الى تمويل لاجل متوسط . وهذا المسلك مكن كبار رجال الأعمال من الاستثمار من غير مالهم وأغناهم عن طرح أسهم المشروع فى سواق رأس المال. وهكذا مازالت النسبة الأكبر فى شركات المساهمة المسجلة فى البورصة شركات عائلية مغلقة.
وأخيرا تحصل البنوك رسوماً على عمليات المودعين أعلى بكثير مما هو سائد فى أوروبا واذكر أنني حين دفعت اشتراكى فى جمعية علمية مقرها بيروت عن طريق البنك (قيمة 100 دولار ) خصم البنك من حسابى الدولارى لديه 25 دولاراً رسوم تحويل .. ! .
***
انتهى كلام الدكتور إسماعيل صبرى عبد الله .. الذى نضعه تحت نظر قيادات الجهاز المصرفى على أمل أن تدرسه بعناية ، وان تدلى برأيها فيه .. فالهدف الأساسي هو زيادة كفاءة البنوك العاملة فى مصر فى جمع المدخرات من أجل ضخها فى شرائيين التنمية .



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لمن تدق الأجراس فى بلاد الرافدين؟
- اغرب انتخابات فى التاريخ
- !عـــدلى .. ولينين
- برلمان العرب .. كوميديا سوداء
- ديمقراطية .. خلف القضبان !
- رجل الأعمال يحاور.. ورئيس التحرير يحمل مقص الرقيب
- لا يموت الذئب .. ولا تفنى الغنم !
- حرب عالمية ضد إرهاب الطبيعة
- إعادة انتخاب بوش أخطر من انفلاق المحيط الهندى
- !الأعمى الإنجليزى .. والمبصرون العرب
- الإعلام.. قاطرة الاستثمار
- ! الحكم فى نزاع -جالاوى- و -ديلى تلجراف- .. يديننا
- مفارقة -مادونا- الأمريكية .. و-وفاء- المصرية
- بوش وشارون .. أسوا أعداء الاستثمار فى العالم العربى
- !درس للعرب فى الديموقراطية .. باللغة الألمانية
- ! الاقتصاد غير السياسى
- ! لكن البعض لا يحبون شرم الشيخ..
- بيان شرم الشيخ.. الآخر
- أبو عمار: حاصروه فى الجغرافيا .. فحاصرهم فى التاريخ
- !الفنادق وشركات الطيران.. الرابح الوحيد في مؤتمر شرم الشيخ


المزيد.....




- المخاطر الجيوسياسية في الشرق الأوسط ترفع أسعار النفط
- ترمب يتفوق على بايدن في الاقتصاد والأخير يتقدم في الديمقراطي ...
- طريقة عمل فطائر السكر واللبن الاقتصادية في 10 دقائق في الطاس ...
- الرئيس الكيني: احتجاجات الضرائب هيمن عليها أشخاص خطرون
- طوكيو: الصاروخ الذي أطلقته كوريا الشمالية سقط خارج المنطقة ا ...
- إبسوس: ترامب يتفوق على بايدن في الاقتصاد والأخير يتقدم في ال ...
- مكاتب اقتصادية لـ-حماس- قريباً في العراق وتشكيل قاعدة سُنية ...
- تسلا تستدعي الآلاف من شاحنات سايبرتراك.. لهذا السبب
- بنك المغرب المركزي يخفض سعر الفائدة إلى 2.75 بالمئة
- بنك إسرائيل المركزي يستعد لاتساع رقعة الحرب على غزة


المزيد.....

- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - سعد هجرس - ! شعار البنوك المصرية : حسنة وأنا سيدك