|
المعارضة السورية واللبنانية أو يهود الداخل
جميل جابر
الحوار المتمدن-العدد: 1109 - 2005 / 2 / 14 - 09:08
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
قرأت اليوم مقالاً للدكتور ماهر ياسين منشوراً في "كلنا شركاء" بتاريخ 10/02/2005 بعنوان "سوريا والخروج المشرف من لبنان"، في هذا المقال يتهجم ياسين على كتاب لبنانيين وسوريين وصفهم بأنهم "يتجرؤون على سوريا وعلى دور سوريا في لبنان بوقاحة لم نشهدها من قبل...."). ولم يكن مثل هذا المقال وما احتواه من شتائم وإتهامات ولغة ثأرية من كاتب سلطوي ليثير إهتمامي الخاص لولا أنني قرأت فيه المقطع التالي:(في البداية لا جدوى من تحميل مسؤلية المأزق الذي حشرت سوريا نفسها به على هذا الطرف أو ذاك فما جرى قد جرى والمطلوب الآن التعامل مع الواقع بحنكة وحكمة وإلا فإن سوريا تتجه نحو خروج مذل من لبنان يسعد ويدخل الفرحة على يهود الداخل الذين لا يمكن أن يخدعوا أحد حين يقولون أنهم حريصون على سوريا حرصهم على لبنان وأنهم مع الحفاظ على أقوى العلاقات مع سوريا فتاريخهم مليء بالغدر والخيانة والعمالة وسكين الخيانة يبرق خلف ظهورهم...) هنا، لا بد للقارئ أن يتساءل عمن قصدهم السيد ياسين ولم يسميهم وصنفهم بـ"يهود الداخل" فالكاتب يستعير الديانة اليهودية ليصبغها على المعارضة اللبنانية والكتاب السوريين واللبنانيين المطالبين بالإنسحاب السوري من لبنان. من الواضح أن الكاتب الغاضب يصنف كل معارض للوجود السوري الأمني في لبنان على أنه يهودي ولأن صفات اليهودي ببساطة ـ بمفهوم الكاتب ـ هي الغدر والخيانة والعمالة فيرى من حقه أن يطلق على أصحاب الرأي الآخر لقب" يهود الداخل" بقصد الإساءة طبعاً.ولا يقلل من الفعل التخريبي لهذا المفهوم إعترافه بوطنية البعض من المعارضين اللبنانيين مثل نسيب لحود وبطرس حرب ووليد جنبلاط. نتذكر الآن، والحال هكذا، كيف أنه في ثلاثينات القرن الماضي في ألمانيا وفوق إحدى الملصقات الانتخابية لحزب هتلر النازي ظهر رجل يمد إصبعه محذراً الناس من الأحزاب الأخرى المنافسة قائلآ (العدو في الداخل) وفي فترة لآحقة بعد استلام الحزب النازي للسلطة قرر أن على كل يهودي يعيش في ألمانيا أن يلصق نجمة داود على ثيابه الخارجية لتمييزه عن الألمان غير اليهود أصحاب العرق المتفوق وشكل ذلك بداية حملة تصفية دموية للقضاء على اليهود في أوربا. ونقارن ما حصل تاريخياً لمن صنف بعدو الداخل في ألمانيا النازية ونتساءل عما إذا كان ماهر ياسين سيرغمنا على ارتداء أزياء خاصة وعلى أن نضع نجمة داوود بصفتنا يهود الداخل ولكي يميزنا!
من ناحية ثانية، بعد تأسيس دولة إسرائيل على حساب الشعب الفلسطيني إستفادت إسرائيل من دعم دولي وتضرر العرب لأنها نجحت في تصوير العرب على أنهم معادين لليهود ومعادين للسامية واستفادت من دور الضحية واستغلت تصريحات بعض من العرب وكتاباتهم ضد اليهود. أولا يتساءل جندي البعث القومي الأمين ماهر ياسين عن أبعاد كلماته!؟
لا يمكن لأي إنسان عربي أو أجنبي يقرأ ما كتبه السيد ياسين وعناه عن(يهود الداخل) دون أن يسد أنفه من رائحة العنصرية والحقد الدفين الذي يكنه للرأي الآخر. ولعلمك يا سيد ياسين: "اليهودي" هو من اعتنق الديانة اليهودية والتي هي إحدى الديانات السماوية، واليهودي ليس بالطبيعة والفطرة غادر وخائن وعميل وسافل إنه أولآ بشري مثلنا من لحم ودم. وقيمنا العربية والإسلامية تعترف بالإنسان والأديان وترفض العنصرية. نشر الكراهية ياسيادة الدكتور هي المقدمات لعمليات تصفية وإغتيالات ونشر الحروب فهل المطلوب من كتاب السلطة الآن المشاركة بتأجيج ثقافة الكراهية لإشعال النيران في لبنان من جديد؟ قل يا سيادة الدكتور ما تريد وخذ من إتهامات النظام وقاموسه ما ترى وخذ الإتهامات الجاهزة من جعبتكم البعثية المتسلطة وهي متعددة،أذكرك بجزء منها: وإن شئت فتكلم عن التآمر على أهداف الثورة وبتفتيت الوحدة الوطنية، جزأرة الوطن، نشر أخبار تحط من عزيمة الأمة والإتهام بزعزعة الأمن والإستقرار لكن لا تكرر مرة أخرى هذه المفاهيم العنصرية البغيضة على أبناء شعبك... نحن في سوريا عانينا الكثير من حقد النظام على المعارضين حيث ُزجوا في السجون لسنوات طويلة وعُذبوا بوحشية وأُهينوا إلى أبعد الحدود في وطنهم وعلى أيدي جلادي النظام وأفرغ المحققون كل ما عُبئوا وحُقنوا به من حقد وكراهية على من تسميهم( يهود الداخل). حين أقرأ مقالك فإنني استرجع حقبة مظلمة من تاريخ سورية وأسمع شتائم المحققين وصراخ المجلودين في أقبية التعذيب وأستعيد صور مأساة مدينة حماة و أقرأ ذكريات السجناء من جديد وأدعوا لسجناء الرأي والصامدين في سجون سوريا ومنهم رياض سيف وحبيب عيس وعارف دليلة بالحرية. إنها الأيديولوجية الفاشية التي تؤمن بتصفية الآخر وترفع بالقائد إلى مستوى القداسة هذه الأيديولوجية التي لم ولن تجلب إلا الدمار..ماذا يفيد الإلحاح على الحوار مع الغرب إذا كان(يهود الداخل) جزء من منظومة فكرية ما زالت فائحة في بلادنا.ألم يسمع الدكتور ياسين بالمحاولات والجهود الكثيرة التي يقوم بها دبلوماسيون ومسؤولون سوريون.من أجل الحوار مع يهود أمريكا؟
لقد كان حرياً بنشرة "كلنا شركاء" التي تحاول إظهار إنفتاحها على العالم ألا تسمح بنشر مفاهيم عنصرية معادية للإنسانية ولها فعل كارثي في المنطقة وتتعارض كلياً مع مفاهيم شعبنا وقيمه. في الغرب وأمريكا يروج العنصريون والمحافظون الجدد أن العرب والإسلام هم سبب الإرهاب ويدفعون نحو صدام الأديان والثقافات ناشرين صورة مشوهة عن العرب. كم هو مخجل أن يستلهم الدكتور ياسين مصطلحه العنصري من نفس المستنقع. ومن جديد نسأل: ماذا يمكن أن يأتينا به السيد ياسين لاحقا بعد التهويل والتهديد هل سيطالب( يهود الداخل) بوضع نجمة داود فوق ثيابهم تمهيداً لسحقهم!؟
#جميل_جابر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بعض ملامح المظهر السوري الرسمي في الخارج
-
سورية: بين السياسة الداخلية والخارجية- 2
-
سورية: بين السياسة الخارجية والداخلية - 1
-
الحزب القائد والجبهه الوطنية
-
الإصلاح في سورية ولعبة الكشتبان
المزيد.....
-
روسيا أخطرت أمريكا -قبل 30 دقيقة- بإطلاق صاروخ MIRV على أوكر
...
-
تسبح فيه التماسيح.. شاهد مغامرًا سعوديًا يُجدّف في رابع أطول
...
-
ما هو الصاروخ الباليستي العابر للقارات وما هو أقصى مدى يمكن
...
-
ظل يصرخ طلبًا للمساعدة.. لحظة رصد وإنقاذ مروحية لرجل متشبث ب
...
-
-الغارديان-: استخدام روسيا صاروخ -أوريشنيك- تهديد مباشر من ب
...
-
أغلى موزة في العالم.. بيعت بأكثر من ستة ملايين دولار في مزاد
...
-
البنتاغون: صاروخ -أوريشنيك- صنف جديد من القدرات القاتلة التي
...
-
موسكو.. -رحلات في المترو- يطلق مسارات جديدة
-
-شجيرة البندق-.. ما مواصفات أحدث صاروخ باليستي روسي؟ (فيديو)
...
-
ماذا قال العرب في صاروخ بوتين الجديد؟
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|