|
مسلسل جريمة الختان (27) : المسلمون يتحججون بأن الختان صبغة الله
سامي الذيب
(Sami Aldeeb)
الحوار المتمدن-العدد: 3796 - 2012 / 7 / 22 - 09:07
المحور:
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
رأينا في المقال السابق ان القرآن لا يتضمن أي نص حول الختان. ورغم ذلك فإن المسلمين يتحججون بختان ابراهيم معتمدين على الآية «وإذ إبتلى إبراهيم ربّه بكلمات فأتمّهن قال إني جاعلك للناس إماماً قال ومن ذرّيتي قال لا ينال عهدي الظالمين» (البقرة 124:2). كما انهم يتحججون بآية ثانية تقول: «صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون» (البقرة 138:2).
يرى مؤيّدو ختان الذكور قديماً وحديثاً أن كلمة «الصبغة» تعني الختان. فالختان في رأيهم هي صبغة الله للمسلم التي تحل محل العمّاد الذي يصبغ به المسيحيّون أطفالهم بقصد الطهارة.
يقول القرطبي: «إن النصارى كانوا يصبغون أولادهم في الماء، وهو الذي يسمّونه المعموديّة، ويقولون: هذا تطهير لهم. وقال إبن العبّاس: هو أن النصارى كانوا إذا ولد لهم ولد فأتى عليه سبعة أيّام غمسوه في ماء لهم يقال له ماء المعموديّة فيصبغوه بتلك ليطهّروا به مكان الختان، لأن الختان تطهير. فإذا فعلوا ذلك قالوا: «الآن صار نصرانياً حقاً. فرد الله تعالى عليهم بأن قال «صبغة الله» أي صبغة الله أحسن صبغة وهي الإسلام. فسمّي الدين صبغة إستعارة ومجازاً من حيث تظهر أعماله وسمته على المتديّن، كما يظهر أثر الصبغ في الثوب [...]. وقيل: إن الصبغة الختان، إختتن إبراهيم فجرت الصبغة على الختان لصبغهم الغلمان في الماء».
ويقول إبن قيّم الجوزيّة: «إن الله عز وجل لمّا عاهد إبراهيم ووعده أن يجعله إماماً وعده أن يكون أباً لشعوب كثيرة وأن تكون الأنبياء والملوك من صلبه وأن يكثر نسله، وأخبره أنه جاعل بينه وبين نسله علامة العهد أن يختنوا كل مولود منهم ويكون عهدي هذا ميسماً في أجسادهم. فالختان علم للدخول في مِلّة إبراهيم وهذا موافق لتأويل من تأوّل قوله تعالى: «صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة» (البقرة 138:2) على الختان. فالختان للحنفاء بمنزلة الصبغ والتعميد لعبّاد الصليب. فهم يطهّرون أولادهم بزعمهم حين يصبغونهم في ماء المعموديّة. ويقولون الآن صار نصرانياً. فشرّع الله سبحانه للحنفاء صبغة الحنيفيّة وجعل ميسمها الختان فقال: «صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة».
وما زال الكتّاب المسلمون المؤيّدون لختان الذكور يعيدون علينا هذا التفسير لأيّة الصبغة. ويعتمد عليها مجدي فتحي السيّد ضمن كتيّب عن ختان الإناث بمعنى تعاليم الإسلام. فهو يقول: «عندما يتّجه البعض إلى نظم الغرب، أو تقاليع الشرق في حياتهم، أو عاداتهم، ينبغي لنا نحن أهل الإسلام، أن نلوذ بمنهاج الإسلام وتعاليمه وآدابه ليتحقّق لنا معنى كوننا «مسلمين». وهذا الفرار إلى دين الله الخالد لأن هو النظام الوحيد الصالح والشامل والمنزّه عن القصور والأخطاء الناتجة من المناهج البشريّة. وصدق الله العظيم حيث يقول: «صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون». لذا فيتحتّم على كل مسلم ومسلمة أن يحرصا على التمسّك بسُنَن وشرائع الإسلام، ليفوزا بخيري الدنيا والآخرة».
وأمام تفاقم الجدل حول ختان الذكور والإناث وضغط الأوساط الدينيّة المؤيّدة لهذه الممارسة، حاول معارضو ختان الذكور والإناث في أيّامنا الرد عليهم بالرجوع إلى القرآن حتّى تكون الحجّة القرآنيّة مقابل الحجّة القرآنيّة ما دام القرآن هو المصدر الرئيسي للشريعة الإسلاميّة. فهم يقولون إن الختان يتصادم مع فلسفة القرآن الذي يؤكّد في آيات عدّة على كمال خلق الله نذكر منها:
«خلق كل شيء فقدّره تقديراً» (الفرقان 2:25). «أفحسبتم إنّما خلقناكم عبثاً» (النور 115:23). «فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله» (الروم 30:30). «وصوّركم فأحسن صوركم ورزقكم من الطيّبات» (غافر 64:40). «وصوّركم فأحسن صوركم وإليه المصير» (التغابن 3:64). «هو الذي يصوّركم في الأرحام كيف يشاء لا إله إلاّ هو العزيز الحكيم» (آل عمران 6:3). «الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكّرون في خلق السماوات والأرض ربّنا ما خلقت هذا باطلاً سبحنك فقنا عذاب النار» (آل عمران 191:3). «الذي أحسن كل شيء خلقه» (السجدة 7:32). «وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلاً ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار» (ص 27:38). «لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم (التين 4:95). «الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار» (الرعد 8:13). «إنا خلقنا كل شيء بقدر» (القمر 49:54). «يا أيها الإنسان ما غرّك بربّك الكريم الذي خلقك فسوّاك فعدلك في أي صورة ما شاء ركّبك» (الانفطار 7:82). «وقال [الشيطان] لاتّخذن من عبادك نصيباً مفروضاً ولأضلنهم ولأمنيهم ولأمرنهم فليبتكن آذان الأنعم ولأمرنهم فليغيّرن خلق الله ومن يتّخذ الشيطان من دون الله فقد خسر خسراناً مبيناً» (النساء 118:4-119).
فإذا ما إعتبرنا أن ختان الذكور والإناث هو بتر عضو سليم لا يعوّض يلعب دوراً هامّاً في العلاقة الجنسيّة، فإنه علينا أن نعترف بأنه مخالف للقرآن ومرفوض منه. لا بل إن الآية الأخيرة تعتبر التعدّي على آذان الأنعم طاعة للشيطان. فكم بالأحرى التعدّي على سلامة جسد الإنسان؟! هذا ما سوف نتعرض له في المقال القادم.
---------------------- سوف استمر في مقالي القادم في عرضي للختان عند المسلمين يمكنكم تحميل كتابي ختان الذكور والإناث عند اليهود والمسيحيّين والمسلمين http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=131&action=arabic وطبعتي للقرآن بالتسلسل التاريخي مع المصادر اليهودية والمسيحية http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=315&action=arabic
#سامي_الذيب (هاشتاغ)
Sami_Aldeeb#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مسلسل جريمة الختان (26) : المسلمون يتحججون بختان ابراهيم
-
مسلسل جريمة الختان (25) : الختان في القرآن
-
صوم وصلِّي رزقك يُوَلِّي
-
مسلسل جريمة الختان (24) : الخصيان في ترانيم الكنيسة
-
مسلسل جريمة الختان (23) : الكنيسة بين الختان والخصيان
-
مسلسل جريمة الختان (22) : تكريم ختان المسيح وغلفته
-
مسلسل جريمة الختان (21) : موقف المسيحيين الامريكيين المعارضي
...
-
مسلسل جريمة الختان (20) : موقف المسيحيين الامريكيين المؤيدين
-
هوس الاعجاز الحسابي والعلمي والغيبي عند المسلمين
-
مسلسل جريمة الختان (19) : ختان الاناث عند مسيحي مصر
-
نبوءة القديس شربل: انتهاء الاسلام عام 2047
-
مسلسل جريمة الختان (18) : ختان الذكور عند مسيحي مصر
-
لماذا يا سامي تكره محمد والاسلام؟
-
علموا فكر احمد القبانجي
-
مسلسل جريمة الختان (17) : رأي مارتن لوثر
-
مسلسل جريمة الختان (16) : رأي توما الأكويني
-
أحمد القبانجي – فهم جديد للقرآن: القرآن ليس من الله
-
مسلسل جريمة الختان (15) : رأي اوريجين وكيريلوس المصريين
-
مسلسل جريمة الختان (14) : رأي يوستينوس الفلسطيني
-
مسلسل جريمة الختان (13) : موقف المسيح ورسله من الختان
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
-
الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2)
/ عبد الرحمان النوضة
-
الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2)
/ عبد الرحمان النوضة
-
دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج
/ توفيق أبو شومر
-
كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
كأس من عصير الأيام الجزء الثاني
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية
/ سعيد العليمى
-
الشجرة الارجوانيّة
/ بتول الفارس
المزيد.....
|