|
العلاقة بين الكل والجزء في الواقع الكردي -1
زوهات كوباني
الحوار المتمدن-العدد: 1108 - 2005 / 2 / 13 - 11:05
المحور:
القضية الكردية
العلاقة بين الكل والجزء في الواقع الكردي أُثبت علميا بان يوجد صيرورة العلاقات بين جميع مكونات الكون، الارض والشمس، الحيوانات والنباتات، جميع الكائنات الحية الاخرى مع بعضها البعض وفق القوانين الطبيعية المعروفة ، إذ أن كل شيء مترابط يُؤثر ويتاثرفي هذا الكون منذ بداية تشكل الحياة الى الان. بنفس الوقت تعتبر من النواميس الفلسفية الاساسية السارية المفعول الى وقتنا هذا. كل العلوم الاجتماعية والدراسات التاريخية وغيرها تؤكد ذلك ، وتدخل علاقة الكل بالجزء ضمن هذا الاطار الموجود، وهو عبارة عن علاقة جدلية . فمن خلال الجزء يمكن الوصول الى الكل وايضا من خلال الكل يمكن الوصول الى الجزء، فأحياناً يتقدم الكل على الجزء وأحياناً يتقدم الجزء على الكل ، ولذلك فهناك علاقة جدلية متبادلة بين هذين المفهومين ويتطلب الاقتراب الصحيح من استخدام هذه المعادلة بعد اجراء التكافؤ الصحيح والمتوازن بينهما، والا فان المعادلة تبقى غير متكافئة وحتى تصبح مستحيلة الحل وتسفر عن نتائج سلبية على كلا الطرفين. فالنتائج الحاصلة على الصعيد العالمي والكردستاني تثبت بانه هناك خروقات في تطبيق هذه العلاقة بشكل صحيح. وما أظهرته الانظمة الشمولية على الصعيد العالمي والمنطقة وحتى الاتحاد السوفيتي وكردستان من نتائج ودروس هي واضحة للعيان. ففي مرحلة تاريخية تم الاقتراب الوحيد الطرف من هذه العلاقة الديالكتيكية ولم يتم مراعاة الجوانب الاخرى اي الجانب الثاني منها بحيث تم وضع كل شيء في خدمة الكل وتم تهميش الجزء وهذا ما كان متتبعا في الاتحاد السوفيتي، بحيث وضعت قدرات وامكانات جميع الدول وحتى الحركات التحررية وكذلك الدول المتحررة لتوها من نير الاستعمار في خدمتها وتحت شعار بانه "عند نجاح الكل اي الاتحاد السوفيتي فعندها سيتم حل قضايا تلك البلدان الصغيرة والحركات الاخرى"، اي انه تم اهمال احتياجاتهم ومتطلباتهم وحتى الخصوصيات التي تعيشها من حيث الظروف التاريخية والمادية ونتيجة لهذا الاقتراب فان السلبيات التي كانت تحصل في هذه الحركات او الدول انعكست على الكل وتحولت الى مرض عضال انتهى بانهيار الاتحاد السوفيتي والكثير من الدول العظمى التي حملت هذا المفهوم. وكذلك فان تجربة الدول الراسمالية والامبريالية في بداية القرن العشرين اثبتت بانهيار الانظمة الفاشية الديكتاتورية وبعد حروب طويلة راح ضحيتها الملايين بانه لا يمكن للدول الراسمالية ان تعيش ما لم تاخذ ارادة الشعوب والاجزاء بعين الاعتبار، لذلك تم تأسيس منظمات دولية من امثال الامم الامتحدة ومنظمات حقوق الانسان من اجل معالجة هذه القضايا لانه بدون معالجتها بشكل شامل سيبقى النقصان والخلل وبالتالي فالجزء المتفسخ سيسفر عن تاثيرات سلبية لتفسخ العام، ولو لم تقم هذه المنظمات الدولية الانسانية وغيرها بوظيفتها على اكمل الوجه او انها استخدمت من قبل دول عظمى في خدمة مصالحها باشكال اخرى، ورغم ذلك فانها تدل على ان الشعوب والاجزاء فرضوا انفسهم ولو بشكلٍ محدود عليهم من اجل أخذ اوضاعهم بعين الاعتبار. اي ان التاريخ المنصرم القريب مليء بالعبر والدروس في هذا الصدد حول استخدام العلاقة بين الكل والجزء بشكل سليم والا فان النتائج ستكون مدمرة لن ينقذ منها الاثنين. لو عدنا الى التاريخ بنظرة سريعة لوصلنا الى نفس النتيجة فان معظم الامبراطوريات والدول الكبيرة والحركات الدينية والفكرية والسياسية كان احد اسباب فشلها الرئيسية هو عدم حل هذه العلاقة بشكل صحيح بين الجزء والكل ولم تهتم بالجزء وهذا ما أسفر عن تفسخ داخلي ومعارضة وعصيان والى غيرها من ردود الافعال، وحتى ان ذلك يذكر في الميتولوجيات التاريخية القديمة اذا لم يتم مراعاة القيم والمعتقدات التي يؤمن بها الجزء كان يسفر عن عصيان وهذا ما كان يتم تفسيره بغضب الالهة عليهم نتيجة عدم مراعاة خصوصياتهم الدينية والثقافية ويتم الانتقام منها وخير مثال في الامبراطورية الاشورية التي كانت تحكم العالم أجمع فقد ذكر في الميتولوجيات بانهم اي كانت تحكم العالم اجمع الاشوريين قدموا ودمروا كل معابدنا وهياكلنا وآثارنا وفي النتيجة كان غضب الاله على الامبراطورية حتى اودى الى تدميرها وتحطيمها وحرق مدينة نينوى بكاملها. وكذلك الامبراطورية الرومانية ونتيجة الضغط على الشعوب والعمل على اضطهادهم ووضعهم في خدمتها دون مراعاة حقوقهم اسفر عن عصيان العبيد وانهيار الامبراطورية وفي البداية عند تشكل اول امبراطورية في التاريخ الامبراطورية الاكادية بقيادة سارغون الكبير الذي اعلن عن نفسه امبراطور الجهات الاربعة لم يستطع ان يستمر اكثر من مئة سنة وانهارت نتيجة انه لم يستطع التحكم المطلق دون مراعاة وضع الاجزاء المنضوية تحت لوائها ولذلك اضطرت الى اجراء الترميمات ومن بعدها الاصلاحات وغيرها من اجل القدرة على المزيد من الاستمرارية، ونتيجة لذلك ظهرت الامبراطوريات المحلية الاخرى من البابلية والهورية والحيثية والفينيقية وغيرها وهكذا فان جميع الدول والامبراطوريات وحتى الحركات اذا لم تقترب من هذه الناحية بشكل موضوعي مستنتجة العبر والدروس من التاريخ المنصرم سيسفر عن نفس النتائج التي آلت إلها الانظمة الشمولية. حتى انه اذا عدنا الى اليوم الراهن والقرن العشرين فنجد ان نظريات الامبراطورية الوحيدة او القطب الواحد قد افلست تحت الضربات التي تلقتها من الشعوب الرازحة تحت حكمها او الدول التي كانت حليفة معها وعدم مراعاتها لحقيقة وواقعية تلك الدول. ما تقوم به الولايات المتحدة الامريكية ومشروعها في الشرق الاوسط الكبير وكذلك الاتحاد الاوربي والابتعاد عن مفهوم الامبراطورية المركزية الموحدة المهيمنة ماهو الا إعتراف بهذه الحقيقة وما تقوم به عبارة عن ترميمات واصلاحات غير واضحة هل ستنجح ام لا؟ وهي موضع الجدال والنقاش بين الكثير من المدارس النظرية والفلسفية. لانه اذا لم يتم الاقتراب الصحيح من هذه العلاقة الجدلية والنظر بان كل شيء هو من اجل الكل حتى النضال والحرب والعمل والتنظيم . اي انه يتم تطبيق فلسفةُ الضعيف في خدمة القوي والصغير في خدمة الكبير، وهي الى درجة كبيرة قريبة من شريعة الغابة ، وبالتالي سيسفر عن تخلف وتقزم وتراجع الصغير او الجزء وهو بدوره يؤدي الى عرقلة التطور بالنسبة للكل وصولاً الى كبر المرض والتحول الى سرطان لا شفاء له يفسد معها الكل وقد يؤدي الى انهيارها كما ظهرت في الامثلة التاريخية التي تم ذكرها. كذلك في الدول المتحكمة في كردستان نتيجة كونها لم تاخذ هذه الحقيقة بعين الاعتبار وتقديم الكل على الجزء في جميع الامور الى درجة تهميش الجزء اسفر عن تحول هذه الدول الى مركز للقلاقل والمشاكل ولم تجد الاستقرار ليوم واحد، حتى ان معظم الدول العظمى تستطيع ان تستغل هذا التناقض وتضعه في خدمتها من اجل استثماره. فمنذ تأسيس هذه الدول المهيمنة على كردستان(تركيا والعراق وايران وسورية ) وما تعيشه من عصيانات ومقاومات ومشاكل طيلة القرن العشرين ما هو الا برهان على هذه الحقيقة ، ولو قامت هذه الدول بالتطبيق الصحيح واعطاء كل ذي حقٍ حقه دون تقديم قومية او اثنية او طائفة او مذهب على اخر ولو استطاعت ان تجعل من دولتها حديقة جميلة تبهر بالالوان المتعددة من الزهور والورود، لما تعرضت الى مثل هذه المداخلات والاضطرابات. فلذلك يتطلب النظر الى المسالة من هذا الجانب وبشكل جدي وموضوعي والا انها ستسفر عن نتائج خطيرة تؤدي بحياة تلك الانظمة انفسها.
#زوهات_كوباني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مكانة عملية المضربين عن الطعام (مروان ورفاقه الذين انضموا ال
...
-
حوار نثري مع شيلان
-
قراءة في لوحة شيلان
-
العلاقة الجدلية بين العمل التنظيمي والعمل الفردي في الواقع ا
...
-
العلاقة الجدلية بين العمل التنظيمي والعمل الفردي في الواقع ا
...
-
شيلان ،عرس في مغمور ،قنديل وحلب
-
مجزرة الموصل العبر والدروس، المهام والوظائف
-
رسالة الى شيلان تخاطبها وتذكرها بحقيقتها رغم فراقها الابدي
-
ضرورة تجاوز الاحكام المسبقة في العقلية العربية والكردية
-
الاحزاب في جنوب غربي كردستان ومتطلبات المرحلة
-
الكارثة الموجودة في النظام العالمي والتطورات المحتملة
-
ماذا يحمل قمة شرم الشيخ للاكراد
-
الاخوة العربية- الكردية ام الاقتتال الداخلي
المزيد.....
-
الأمطار تُغرق خيام آلاف النازحين في قطاع غزة
-
11800 حالة اعتقال في الضفة والقدس منذ 7 أكتوبر الماضي
-
كاميرا العالم توثّق معاناة النازحين بالبقاع مع قدوم فصل الشت
...
-
خبير قانوني إسرائيلي: مذكرات اعتقال نتنياهو وغالانت ستوسع ال
...
-
صحيفة عبرية اعتبرته -فصلاً عنصرياً-.. ماذا يعني إلغاء الاعتق
...
-
أهل غزة في قلب المجاعة بسبب نقص حاد في الدقيق
-
كالكاليست: أوامر اعتقال نتنياهو وغالانت خطر على اقتصاد إسرائ
...
-
مقتل واعتقال عناصر بداعش في عمليات مطاردة بكردستان العراق
-
ميلانو.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يطالبون بتنفيذ مذكرة المحكم
...
-
كاميرا العالم توثّق تفاقم معاناة النازحين جرّاء أمطار وبرد ا
...
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|