أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نبيل هلال هلال - الفزاعة














المزيد.....

الفزاعة


نبيل هلال هلال

الحوار المتمدن-العدد: 3792 - 2012 / 7 / 18 - 22:21
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إن خروج المسلمين بالسيف على المستبد هو الفزاعة التي لم يمل الفقهاء من تحذير الناس من مغبتها , في حين أثبتت الأيام أن هذا الخروج كان هو الشيء الوحيد الذي كان يجب فعله . وبقيت الشعوب في وضع المتفرج على اللعبة دون القدرة على تغيير قواعدها , وتم استئناسها حتى إنها تركض نحو عبوديتها ركضا , وإن أصابها وهَن هرولت , وإن تعبت واصلت سعيها صوب عبوديتها ولو زحفا . ومضى المواطن في دولة الخليفة كالمطية الذلول : مركوب ومحلوب . فالدور الوحيد الذي يقبله المستبد من الأمة هو أن تكون البقرة الحلوب في عطائها والحمار في طاعته والكلب في وفائه , على أن يكون هو الجزار الذي ينحر الجميع متى أراد ذلك . ويحرِّم تراثُنا "الديني" الخروجَ على الحاكم ولو فسق وظلم ونهب مادام يقيم الصلاة !! ذلك ما قاله فقيه السلطان , وكأنما يكفي الأسد أن يضع على ظهره فروة خروف كي يصبح حَمَلا وديعا .
والفقيه هنا يخوِّف الناس من مغبة هذا الخروج إذ قد يطالهم الضرر منه ولن يسلَموا من سيوف السلطان , فجبنوا واستكانوا , وقد تدرك الحادثاتُ الجبانَ ويسلم منها الشجاع البطل . وأضعف الحيوان يدافع عن نفسه بالناب والمخلب إن عدا عليه عاد , إلا المسلم إذ علَّمه فقيه السلطان أن يمتثل ويخنع فذلك من حسن الإيمان , والطاعة غير المشروطة لأُولي الأمر إنما هي الطُّعم للعبودية . وتغييرُ الحال غيرُ واقع إلا بأدوات ليست في أيدينا , وعن طريق قوم لم يولدوا بعد , وربما لن يولدوا في بلادنا أبدا . فلا تغيير أو حراك ما لم ينهض الناس أنفسهم بأعبائه , ولا محرر للأمة من خارجها , فلابد من مجاهدين بالسيوف والرماح ليحصلوا على الخبز لهم ولأبنائهم , ومع الخبز الحرية والعدالة .
وإن اكتفى الناس بالأماني كانوا كمن أراد الغنى بلا مال أو الكثرة بلا عشيرة. والله يقول : { وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ }البقرة251 . فصراع الناس مع بعضهم البعض من سنن الله الفاعلة , وهو ضروري لمنع فساد الأرض ولتحقيق التوازن بين القوى الفاعلة في دنيا الناس على مدار التاريخ .
فدرء الفساد يكون بالصراع والدفع, ولا يمتنع الفساد من تلقاء نفسه , وصدق الله إذ يقول ذلك , وكذب كل منافق كذاب . وهذه الآية تكشف عن الحقيقة الكنز وهي أن التغيير لا يحدث مصادفة أو لمجرد تمنيه , وأن السماء لا تستأثر بإحداثه , وإنما الناس هم وراء صنع التغيير بالمدافعة والصراع والتصدي والمواجهة . وكذب كل فقهاء السلاطين ممن قالوا بالمهادنة والتريث والاستجداء والاسترخاء تجاهلا وجهلا بسنة الله الفاعلة التي يعلنها في كتابه في آيات باقيات إلى يوم القيامة. فالآمال المجردة بلا وسيلة , تقطع أعناق الرجال , وهي كالسراب يغر من يراه , والخير كله فيما أُكرهت النفوس عليه . وهل يصح في قياس أن يُحصد زرع بغير بذر؟ ومن عجب أن المسلم المروَّض يمشي في حروبه إلى أعدائه رابط الجأش غير هياب للموت بينما هو أجبن الناس في مواجهة سلطانه المستبد وهو عدوه الحقيقي , ومثله في ذلك مثل الجاموس وهو أجزع خلق الله من وخز بعوضة , بينما يمشي إلى الأسد ثابت الجنان !
وفات الجميع أن ما للفرعون من الجرأة على الناس هو بمقدار ما مع الناس من التهيب منه , ومعه من الإقدام عليهم بمقدار ما معهم من النكوص عنه . وصوَّرلنا الفقهاء أن كل ما علينا فعله لتغيير أحوالنا وإزاحة الفرعون ومنابذة جنوده , كل ما علينا فعله هو الانتظار في سكون واطمئنان حتى يموت ذلك المستبد , وفاتهم أن وراءه أبناء وأحفاد وأُسرة سيحلّون محله , وعليه , فعلينا الانتظار للأبد , وأمة الإسلام في حالة انتظار دائمة منذ أربعة عشر قرنا , والمضحك المبكي أنها لا تزال تنتظر تحقيق ما لم يتحقق منذ أكثر من ألف عام ويزيد ! فالمُنى رأسُ مال المفاليس , وليس بصياح الغراب يهطل المطر, إذ فات الجميع أن الأمر ليس في التخلص من طاغية , فسيخلفه طاغية آخر, وأن الأوْلى هو القضاء على الظروف التي تخلق الطاغية والطغيان . فهل نحن فاعلون ؟ ولما كانت المواجهة بين من حازوا كل شىء وبين من عدموا كل شىء , هي الطريق المؤدية إلى الثورة , استمات الفقيه السلطاني للحيلولة دون حدوثها بكل الوسائل , واستخدم الدين وسيلة لتبرير الأوضاع القائمة , لتبرير سلطة الحكام والمحافظ على الأوضاع الاقتصادية التي تقوم على الاستغلال والظلم , مروِّجا أن : سلطان غشوم أفضل من فتنة تدوم .
لذا كان كل سلطان يعتلي العرش ويتشبث به إلى أن يموت ..... منعا للفتنة !



#نبيل_هلال_هلال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الضرب على القفا
- لا ترموه بالبيض الفاسد ,لكن قبلوا قدميه
- الله والقرآن -سنريهم آياتنا في الآفاق
- القرآن والزمان -الجزء الثاني
- طار الكفرة إلى المريخ والقمر
- هزيمة أعدائنا ستكون بالدعاء أو الوباء -علينا فقط انتظار المع ...
- الميزان
- انشغلنا بالنقاب واللحى
- ضرب بالنعال
- لا فساد للسمكة ما لم يفسد رأسها
- الله والزمان (مقال في جزءين)
- عدم وجود مؤسسة رقابية على الحاكم
- تقبيل قدمي الحاكم واجب ديني
- كلمات لكل من يتوهم أن القرآن يحض على عداوة المسيحيين
- نعم اطردوا المسيحيين من بيوتهم
- صراع الأرستقراطيات :الملأ والمترفون
- أعلاج السرطان بأقراص الأسبرين؟
- استخدام البنادق في الحرب حرام ,لأن أسلافنا المسلمين كانوا يح ...
- كلب السيدة الأولى له جارية تخدمه
- يدين الشرقيون جميعابالعبودية لمن يحكمهم ,فهو الحر الوحيد


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نبيل هلال هلال - الفزاعة