أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - أنس فاعور‏ - الأنظمة الشمولية و مهزلة الاستقرار السياسي















المزيد.....


الأنظمة الشمولية و مهزلة الاستقرار السياسي


أنس فاعور‏

الحوار المتمدن-العدد: 1107 - 2005 / 2 / 12 - 11:29
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


الأنظمة الشمولية و مهزلة الاستقرار السياسي
‏- النموذج السوري-‏
‏ أنس فاعور‏
‏ لا نكاد نستمع إلى إذاعة أو فضائية تابعة أو محسوبة على هذا النظام أو ذاك أو نكتب ‏استقرار سياسي في محركات البحث على شبكة الانترنيت إلا و نجد و نرى آيات الاستقرار ‏السياسي في ديار العربان رغم انتشار الأمية و الفقر و البطالة و التخلف. و أذكر عندما كنت ‏في جامعة دمشق منذ سنوات قالت لنا بثينة شعبان التي تشغل الآن وزيرة المغتربين في ‏النظام السوري في إحدى اللقاءات إن سورية أفضل من إيطالية لان سورية مستقرة سياسيا ‏في حين إيطالية في ذلك الوقت كادت تبقى بلا حكومة حتى شكلت حكومة الخبراء لإدارة ‏البلاد و لكن ذهل الجميع من محاضرتها كما يذهل القراء من مقالاتها فكيف تكون ايطاليا ‏البلد السادس في العالم ذو 1, 1 تريليليون دولار ناتج قومي و معدل أعمار سكان 42 سنة و ‏متوسط دخل فرد 25000 دولار أسوء من سورية ذات 17 مليار دولار ناتج قومي و معدل ‏أعمار 20 سنة و متوسط دخل فرد 950 دولار و فوق كل ذلك يكون نظام شمولي أفضل من ‏نظام ديمقراطي.‏
و مشكلة الأنظمة الشمولية و أجهزة إعلامها و من والاها من جلاوزة القلم و وطاويط ‏المعرفة أنهم يأتونك بأشباه حقائق و أنصاف مفاهيم ليستروا عورات هذه الأنظمة و يبرروا ‏جرائمها و عدم شرعيتها فنرى الخلط بين الاستقرار السياسي و الديمقراطية و التطور و ‏الأمن و التنمية في مختبرات الأجهزة القمعية الرهيبة و في محاولة لاستغباء العقول بترهات ‏تافهة تضع الدول العربية كسورية تقع في مواقع متقدمة في التطور العالمي من حيث ‏الاستقرار و لعلنا نجد اليوم من يقول لك أن صدام حسين بنى استقرارا في العراق قل نظيره ‏يحن إليه العراقيون حتى الآن..... فكيف يكون الاستقرار السياسي و ما هي حقيقة الاستقرار ‏السياسي الذي تبنيه الأنظمة الشمولية ؟‎ ‎
إذا عرفنا أن الديمقراطية هي مشاركة الشعب في الحكم و السلطة باختيار ممثليه في ‏مؤسسات هذه السلطة لإيصال صوته و متطلباته إليها و من هنا نعرف ما لذلك من أهمية ‏لحضور تأثير الشعب في صنع القرار و لكن هذا التأثير يحتاج إلى حالة من الأمن و ‏الاستقرار تجعل المواطن واثق من نفسه مطمئن عندما يبدي حقه السياسي و إبداء رأيه و ‏على ذلك يكون هذا المجلس أو تلك المؤسسة الديمقراطية تجسيدا للمشاركة الشعبية ‏فالاستقرار إذن هو استقرار سياسي اجتماعي يضمن للجميع التأثير السياسي و المشاركة ‏الديمقراطية و لكن الاستقرار السياسي كثير ما يكون خادع و لا يعبر عن أي مشاركة شعبية ‏و الأمثلة التاريخية توضح ذلك ‏‎ :‎
ـ في ألمانية النازية كان الاستقرار السياسي سيد اللعبة حيث كان كل الألمان يؤيدون الأفكار ‏النازية التي تقوم على أفضلية العرق الآري و ضرورة سيادته على الغير بينما نجد ‏الديمقراطية ضعيفة إن لم تكن معدومة. ‏
ـ في الأنظمة الشمولية التي بناها حزب البعث السوري و العراقي نجد حالة من الاستقرار ‏السياسي لم يعرف له التاريخ مثيل كما يقول المثل الشعبي رن الإبرة ترن فالكل مؤمن بعث ‏الأمة العربية وألوهية الأب القائد المناضل المجاهد و كما كان يقول حافظ الأسد ـ أنتم كلكم ‏بعثيون ـ أو كما كان يقول صدام حسين ـ العراقي الجيد هو البعثي الجيد ـ.‏‎ ‎‏ ‏
ـ و في تشيكوسلوفاكيا السابقة وضح فاسلاف هافل في رسالة وجها إلى رئيسه السابق ‏غوستاف هوساك هذا الاستقرار المزعوم عندما خاطبه متسائلا ـ لماذا يسلك الناس كما ‏تسلكون ؟ لماذا يعملون كل ما من شأنه أن يوحي إجمالا بهذا الشعور الغالب بأن مجتمعنا ‏متحد تماما و يؤيد حكومته تأييدا تاما ؟ ـ ثم يعود فيخاطبه قائلا ـ إن الجواب واضح لكل ‏مراقب نزيه ذلك لما يعتريهم من خوف. ‏
فمتى يتحقق الاستقرار السياسي ؟ في الحقيقة إن للاستقرار السياسي مقومات أساسية لابد من ‏تحقيقها حتى نتمكن من الحديث عن استقرار سياسي حقيقي وكيف شوهت النظم الشمولية ‏هذه المقومات‎ :‎
أولا ـ مجموعة المثل العليا التي تكون العقد الاجتماعي فالتقاء الأفراد ضمن مجموعات و ‏المجموعات مكونة مجتمعا لابد أن تستند إلى مجموعة من المثل المشتركة العقلية أو النقلية ‏تشكل شبكة تربط بنيان المجتمع بعضه البعض و تربطه بالمجتمعات البشرية الأخرى و هنا ‏أسست النظم الشمولية قيم سياسية و اجتماعية غريبة أو مستوردة بلبوس وطني مثل تفوق ‏العرق الآري و بعث الأمة العربية و نبوغ الرفيق القائد و ديمقراطية اللجان الشعبية و ‏فرضتها على المجتمع. ‏
ثانيا ـالانتقال من هذه القيم و القواسم المشتركة نحو بناء سلطة القانون و المؤسسات كضمانة ‏أساسية لتحقيق العدالة و المساواة و الحد ما أمكن من التجاوزات و بمقدار ما تستند هذه ‏السلطة إلى المثل و القواسم المشتركة لتكوين الأمة و بمقدار ما يتم تلافي التجاوزات عن هذا ‏القانون و هذه المؤسسات نحو تحقيق درجة أعلى من العدالة بمقدار ما تقترب هذه السلطة ‏من المشروعية السياسية و الاجتماعية و بمقدار ما ابتعدت عنه فقدت مشروعيتها و احترامها ‏و درجة قبولها شعبيا و الواضح أن الأنظمة الشمولية استعاضت عن دولة القانون و ‏المؤسسات بالسلطة الأمنية و تجيير القانون لمصلحة النخب السلطوية و إشاعة أجواء ‏التخويف و الترهيب عبر وسائل التعذيب الرهيبة و الاعتقالات الاعتباطية و المجازر و ‏المقابر الجماعية و اعتقدت بان مشروعيتها يمكن أن تحقق من الاعتراف الدولي الذي نادرا ‏ما تدخل لرفع الظلم عن الشعوب المقهورة بل على العكس كانت الأطراف الدولية و خاصة ‏الغربية تبتز الأنظمة الشمولية مقابل تنازلات عن الحقوق الوطنية مستغلة غياب تأثير ‏الشعوب صاحبة هذه الحقوق. ‏
ثالثا ـ ضرورة وجود آلية تضمن سير الحياة الاجتماعية و السياسية القائمة على الحركة في ‏ظل القانون و المؤسسات و الحركة أصلا عبارة عن تفاعل و تناقض و تنازع و لولا ذلك لما ‏كان هناك شيء اسمه مجتمع أو حضارة و هذا يتطلب وجود ديمقراطية حقيقية قائمة على ‏التداول السلمي للسلطة و هذا التنازع و التفاعل و التداول هو أساس تطبيق العدل و هنا لابد ‏من القول من أن العدل صيرورة اجتماعية لا يمكن تطبيقه بالمطلق و لكنه بفعل الحركة ‏الاجتماعية السياسية يقترب من درجة مرضية للأغلبية الساحقة و هذا يتطلب وجود أحزاب ‏معارضة عشية كل استحقاق و وجود صحافة حرة و حضور مؤسسات المجتمع المدني و ‏المنظمات اللاحكومية لتشكل جبهة واسعة مطلبية تسهل الوصول إلى اكبر قسط ممكن من ‏العدالة و لكن و بالمقابل و كما قال مونتيسكيو ـ عندما لا تشم رائحة لمعارضة فلا وجود ‏لديموقراطية ـ و في الحقيقة هذه مقولة توضح سياسة الأنظمة الشمولية فهي حجبت التفاعل ‏و التنازع بانتصار قوة وحيدة بفعل القوة الغاشمة و دفعتها غطرسة القوة إلى دمج السلطة ‏التنفيذية و التشريعية و القضائية بيدها و إخضاع و تزييف و تجيير مؤسسات الصحافة و ‏المجتمع المدني و ما حصل لهذه المؤسسات في سورية في مطلع الثمانينات خير دليل على ‏ذلك و بذلك توقفت الحركة و خرجت سورية من التاريخ البشري و أصبحت تدعى جمهورية ‏الخوف مملكة الخوف بسبب شللها التام و كأنها مقبرة لا حياة فيها. ‏
رابعا ـ المنفعة المشتركة و المصلحة العامة فالإنسان مهما قدمت له إن لم تقدم له عمل و ‏دخل و مستوى معيشة كريمة لا تكون قد أعطيته أي شيء و سيبقى ساخط على النظام العام ‏و الحقيقة بان ما يربط المجتمعات ببعضها البعض هو تبادل المصالح الاقتصادية و تتعزز ‏العلاقات التضامنية بتعدد ضروب المصالح النفعية المتبادلة و كلما ازدادت الحاجة بين أفراد ‏المجتمع لتبادل المصالح فيما بينهم لتحقيق المنفعة المتبادلة كلما ازداد الحرص على تعزيز ‏أواصر تلك العلاقة ما يؤسس لحالة التضامن و الاستقرار الاجتماعي انطلاقا من المصلحة ‏الذاتية المرتبطة بشبكة المصالح العامة و ما تحققه من تبادل المنفعة أما في النظم التوتالية فقد ‏اختصرت المصلحة قسريا في مصالح النخب السلطوية فنشأت طبقة طفيلية سادت المجتمع ‏ذو العلاقات المشوهة مكونة من البيروقراطية الرأسمالية و الرأسمالية البيروقراطية فتراجع ‏الأداء الاقتصادي و تراجع معه الحس بالمسؤولية بسبب انتشار الشعور بالتهميش فنتج عن ‏ذلك في سورية استشراء الفساد في جميع مفاصل المجتمع إضافة إلى فقدان الإنسان لأي ‏شعور بآدميته و من ناحية أخرى تزايد ت الهجرة أو التهجير إن جاز التعبير سواء على ‏مستوى الأيدي العاملة أو الأدمغة أو رؤوس الأموال فوصل عدد المغتربين أو المغربين إلى ‏أكثر من ستة ملايين و الأموال الوطنية في الخارج إلى 75 ـ 125 مليار دولار. ‏
و فوق كل ذلك تصل الأحوال العامة في النظم التوتالية الشمولية إلى درجة غريبة لا تقنع ‏حتى الأطفال في ظل ألوهية الرفيق القائد فرغم المآسي و الانتكاسات الاجتماعية و ‏الاقتصادية يبقى هو البطل الملهم....الخ و من هزلية هذا الواقع و لنفهمه جيدا نذكر أن ‏السوريين و خاصة في الثمانينات و التسعينات بدأوا يتداولوا فيما بينهم نوادر مضحكة مبكية ‏لما ألت أمورهم في ظل النظام الشمولي الجاثم على صدورهم منذ عقود و إحدى هذه النوادر ‏تقول أنه يحكى أن مؤتمرا لإدارات الأرصاد الجوية و التنبوءات المناخية عقدته يوما الأمم ‏المتحدة حضرته سورية بوفد كبير العدد و كل أعضاءه من الأجهزة الأمنية ـ ممثل عن كل ‏فرع ـو خبير وحيد ـ أو شبه خبير أو خبيير ـ و أعطيت الكلمة للوفد السوري فبدأ الخبير أو ‏شبه الخبير أو الخبيير بالكلمة قائلا ـ تعاني سورية من جفاف منذ سنوات ترافقت مع نقص ‏الهطولات المطرية....ـ عندها بدأ باقي أعضاء الوفد ـ أحم أحم ..احم ..ـ فاستدرك الخبير أو ‏الخبيير أو شبه الخبير بالقول ـ و لكن بعد الحركة التصحيحية المجيدة التي قادها السيد ‏الرئيس الرفيق المناضل باني سورية الحديثة...الخ من الصفات التسع و تسعون نجحت ‏الثورة في زيادة نسب الهطول المطري بما يتناسب مع المصالح القومية العليا للأمة العربية ‏و أعادت للغيوم وجهها البعثي الأصيل و تم استبعاد الغيوم الانعزالية التي تهدد مستقبل الأمة ‏و نضالها الدائب من أجل إقامة المجتمع العربي الاشتراكي الموحد....ـ . ‏



#أنس_فاعور‏ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- ماذا يحدث في دمشق بعد عملية طرطوس الأمنية؟
- أذربيدجان تقيم يوم حداد وطني غداة مقتل 38 شخصا في حادث تحطم ...
- لقطات جوية لشاطئ دينامو في أنابا بعد كارثة بيئية
- سلطات البوسنة والهرسك تعتقل وزير الأمن
- إغلاق مضيق البوسفور أمام حركة السفن
- -كلاشينكوف- تختبر مسيّرة عسكرية ضاربة
- في اليوم الـ447 للحرب: الرضّع يتجمدون من البرد في غزة واليون ...
- القضاء الإداري يقبل طعن المبادرة ضد إلغاء انتداب موظفة بالمج ...
- -يجب علينا ألا ننتظر ترامب لإتمام الصفقة مع حماس- - هآرتس
- وفد استخباراتي عراقي يزور دمشق للقاء الشرع (صور)


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - أنس فاعور‏ - الأنظمة الشمولية و مهزلة الاستقرار السياسي