أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - داود روفائيل خشبة - ثيوقراطية الدستور المقترح














المزيد.....

ثيوقراطية الدستور المقترح


داود روفائيل خشبة

الحوار المتمدن-العدد: 3789 - 2012 / 7 / 15 - 00:12
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


حين أصبح من الواضح أن الجمعية التأسيسية فى تشكيلها المعيب الثانى، الذى لم يختلف جوهريا عن التشكيل المعيب الأول الذى أبطله حكم القضاء، مهددة بدورها بالبطلان، أخذت تسابق الزمن لتضعنا أمام أمر واقع يتمثل فى دستور مقترح يحقق مقاصد تيار الإسلام السياسى. ويكفى أن نلقى نظرة على ما نـُشر عن الصياغات المقترحة لبعض المواد لنتبيّن ملامح الفاشية الدينية التى يصطبغ بها الدستور المقترح. وأكتفى هنا بهذه الملاحظات السريعة.
تتحدث المادة الأولى عن "ديمقراطية شورية"، ومع أن الإسلاميين أنفسهم يعترفون بأن كلمة "شورية" غير محددة المعنى إلا أن لنا أن نتوقع أن إقحامها يفتح الباب لتأويلات تفقد بها الديمقراطية مضمونها المدنى.
فى المادة الثانية أدخلوا عبارة تنص على أن "الأزهر الشريف هو المرجعية النهائية لتفسيرها"، وهذا عمليّا يجعل الأزهر سلطة تتجاوز سلطة المجلس التشريعى وتتجاوز سلطة المحاكم بما فيها المحكمة الدستورية العليا، وهذه ثيوقراطية صريحة سافرة. ثم إن السلفيين لا يزالون يعلنون أنهم لن يقبلوا بإبقاء النص على "مبادئ الشريعة الإسلامية"، ويطالبون إما بإحلال كلمة "أحكام" محل كلمة "مبادئ" وإما بإزالة الكلمة فتكون الشريعة الإسلامية على إطلاقها هى المصدر الرئيسى للتشريع.
يأبى السلفيون القول بأن السيادة للشعب ويريدون النص على أن "السيادة لله وحده وقد جعلها الله للأمة". فإلى جانب الإصرار على استدعاء الله بمناسبة وبغير مناسبة توكيدا لدينية الدولة، فإنهم يقررون أن الله حين أوكل ما له من سيادة إلى الناس قد جعلها "للأمة"، فأى أمة يقصدون؟ بموجب مصطلح الإسلاميين المعتاد لا شك أنها الأمة الإسلامية، وهكذا تنتقل سيادة الشعب وسيادة الوطن إلى أمة لا نعرف لها حدودا ولا نعلم ما معالمها.
عند الحديث عن حرية العقيدة يتحدثون عن "حق إقامة أماكن العبادة للديانات الثلاث وفقا لتقديرات الدولة السياسية". وهنا أمران جديران بالالتفات إليهما. أولا، إذا كانت حرية العقيدة حق للجميع فلماذا يقتصر حق إقامة أماكن العبادة على الديانات الثلاث؟ وحتى "الديانات الثلاث" تفسَّر تفسيرا منقوصا، فنحن نعلم أن السلطات المصرية، استنادا إلى مرجعية الأزهر، تنكر على المسلمين الشيعة حق إقامة أماكن عبادة لهم. ثانيا، تقييد حق إقامة أماكن العبادة، سواء قصرناها أو لم نقصرها على الديانات الثلاث، بجعله "وفقا لتقديرات الدولة السياسية" يفتح الباب لكل ألوان ودرجات الاستبداد والتمييز، إذ أن "تقديرات الدولة السياسية" عبارة هلامية لا ضوابط ولا معايير لها. (هامشيا: لماذا "أماكن العبادة" بدلا من تعبير "دور العبادة" المعتاد؟ هل نلمح مغزى دفينا هنا؟)
عند الحديث عن التعليم يريدون النص على "إلزام الدولة بالإشراف على جميع مستوياته وأنواعه"، ومع أن إشراف الدولة على التعليم مطلوب وضرورى إلا أن هذا النص يمكن أن يكون وسيلة لقمع حرية الفكر، خاصة حين تكون الدولة دينية، وخاصة أن النص يشير إلى التعليم بجميع مستوياته وأنواعه فيشمل الجامعات والمراكز البحثية والمدارس الخاصة بفئات أو طوائف معينة.
هذه ملاحظات عفوية سريعة حول بضع نقاط، ولكن من الواضح أن دستورا تضعه جمعية يسيطر عليها التيار الدينى لا يمكن أن يأتى دستورا ملائما لدولة مدنية تفتح المجال لحياة حرّة ولمجتمع يسعى للنهوض والتقدم. لا بد للقوى التقدمية من أن تناضل فى سبيل دستور يكفل الحريات على أوسع نطاق، ويبرأ من الخضوع لأى سلطة فوقية تلاشى سيادة الشعب وتصادر الاحتكام لمرجعية العقل.
القاهرة، 14 يولية 2012



#داود_روفائيل_خشبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هيپاتيا: الحقيقة، الأسطورة، الأكذوبة
- كم يسيئون إلى إلإههم!
- الدين: مفهومان متناقضان
- الدولة المدنية والدولة الدينية
- لغة الإسلام السياسى
- الفيلسوف والسياسة
- من هو المثقف؟
- هل الإخوان شركاء الثورة؟
- بكائية للثورة
- ضرورة نقد الدين
- المفهوم الفلسفى للدين
- مسيرة الفكر الإنسانانى
- دعوة للعقلانية
- ظاهرة زغلول النجار
- همس الحيّة
- مصر فى التوراة
- رسالة إلى فضيلة الشيخ يوسف القرضاوى
- دعوة للعقلانية


المزيد.....




- الولائي يهنئ بانتصار لبنان والمقاومة الاسلامية على العدو الا ...
- شيخ الأزهر يوجه رسالة حول الدراما الغربية و-الغزو الفكري-
- هل انتهى دور المؤسسات الدينية الرسمية؟
- استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2024 على ال ...
- الكشف عن خفايا واقعة مقتل الحاخام اليهودي في الإمارات
- الجهاد الاسلامي:الاتفاق أحبط مسعى ايجاد شرق اوسط حسب اوهام ا ...
- الجهاد الاسلامي:نؤكد على وحدة الدماء وصلابة الارادة التي تجم ...
- الجهاد الاسلامي:نثمن البطولات التي قدمتها المقاومة بلبنان اس ...
- الجهاد الاسلامي:اتفاق وقف اطلاق النار انجاز مهم يكسر مسار عن ...
- حماس تشيد بالدور المحوري للمقاومة الإسلامية في لبنان


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - داود روفائيل خشبة - ثيوقراطية الدستور المقترح