أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ناهده محمد علي - الحب والكراهية .















المزيد.....

الحب والكراهية .


ناهده محمد علي

الحوار المتمدن-العدد: 3788 - 2012 / 7 / 14 - 17:22
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إن من أهم المشاعر الإنسانية التي يتميز بها الإنسان منذ خلقه هي مشاعر المحبة والكراهية , والشعورين هما عبارة عن رد فعل مؤقت أو دائم حسب ثبوت وقوة الشخصية الفاعلة وحسب قوة الدافع المقابل , فإذا كان الشخص طفلاً أو مراهقاً فمن الممكن أن تتغير مشاعر المحبة أو الكراهية الى اللا إهتمام أو تتغير الى العكس والسبب في هذا هو أن هذه المشاعر الإنسانية لا تنبعث إلا من خلال إستلام المعلومات الحسية من مخازن الذاكرة , ومخزن الذاكرة للطفل والمراهق يكون محدوداً , فهو مثلاً قد يمتلك إحساساً مرهفاً منذ الولادة وقد يكون محباً للطبيعة وعلى هذا الأساس فهو يحب الحدائق والمزارع وتبقى في ذاكرته صور ومناظر المزارع والأزهار والأشجار فهو قد يفضل اللون الأخضر لملابسه وورق حائط غرفته , فمخزن الذاكرة لديه مملوء بردود الأفعال الإيجابية تجاه هذا اللون , كما قد يحب المراهق طعاماً محدداً أو شراباً محدداً إرتبط في ذاكرته بأفعال محبذة , كأن يحب المراهق ( البيبسي كولا ) لأنه مرتبط في ذاكرته بإصطحاب أبيه له في طفولته الى الحدائق وقضائه وقتاً ممتعاً هناك وتبقى لديه الذكريات الجميلة التي عاشها في طفولته , كما أنه قد يحب فتاة ما في مراهقته وشبابه لأن هناك في مخازن الذاكرة لدية أجزاء محبذة ومرغوبة في تقاطيع وجه الفتاة كما أن لديه ردود أفعال إيجابية لطريقة سلوكها وطريقة مشيها وكلامها ومستوى معرفتها ونوع هذه المعرفة , كل هذا مُخزّن على شكل ذكريات , فقد تكون الفتاة تحمل أجزاء من وجه أُمه المحبب أو أجزاء من وجه نجمة سينمائية قد أُعجب بها وتدخل في هذا مستوى قراءاته ونوعها والتي تحدد مستوى رومانسيته أو واقعيته , تحرره أو تحفظه وقد يحدد هذا نوع الملابس التي يحب أن يراها على فتاته , ولهذا فإن القول المعروف ( بأن الحب قد يأتي من أول نظرة ) ليس صحيحاً لأنه في الحقيقة مجمع بطيء لردود أفعال سريعة تجمع كل ما هو محبذ لهذا الشخص أو ذاك , يستخرجها سريعاً من مخازن الذاكرة وتجري موافقة العقل عليها وعلى أن هذا الشخص أو المرأة مرغوبة ومحببة ويُعطى لها بهذا جواز المرور الى القلب .
إن الشعور الإنساني الإيجابي يربط البشر بسلسلة من الروابط بغض النظر عن البعد المكاني والزماني والحضاري . أن هناك محبَذات متفوقة وحديّة لدى شخص ما ومحبذات غير حديّة يمكن التساهل معها , فقد يمكن أن يتساهل الشخص بالمستوى المعرفي للآخرين وقد يتساهل بالمستوى المادي , وهو قد لا يتساهل بالمستوى الأخلاقي ويشكل هذا الإنطباع الأول حيث يعطي العقل الموافقة الأولية لكنه يجب أن يعطي الموافقة الثانية والي تمر بأفعال وردود أفعال مختلفة حسب نوعية الفرد لكي تثبت المشاعر الإنسانية تجاه شخص ما .
أما مشاعر الكراهية فهي أيضاً تمر من خلال مخازن الذاكرة , فقد يكره الإنسان اللون الأسود ويعمم كراهيته للجنس الأسود ولحالة الظلام الليلي ولهذا مسببات منطقية في مخازن الذاكرة لدى هذا الشخص , فإن كرهه للظلام قد يكون سببه حادث مر في طفولته وقد يكون الثوب الأسود الذي إرتدته أُمه طوال حياتها , وقد يكون حادث مريع مرَّ به وكان الفاعل رجل أسود , فتُختزن الذكريات المظلمة في مخازن الذاكرة وتبقى كجدار فولاذي أمام قبول هذا الشخص باللون الأسود , وقد يكره الإنسان تقاطيع محددة للوجوه البشرية والتي تذكره بتقاطيع شخص ما لديه معه تجربة حسية قاسية كأن يكون قد ضُرب من قِبل شخص ما أو عومل بشكل سيء في البيت أو في المدرسة أو في الشارع وقد يكون الشخص المكروه أحد المقربين ممن لديه ذكريات مؤلمة معه , وقد يكون الأب الشرس أو أي شخص آخر أخاف الطفل أو المراهق فتُحفر تقاطيع هذا الشخص في الذاكرة والعقل الباطن فيرفض هذا الشخص كلما يتعلق بذلك الشخص الذي تسبب له بالإحساس القهري , فإذا إقترب شخص من يحمل أجزاءً من تقاطيع ذلك الشخص فإن المعلومات السريعة عن الماضي تستخرج وبسرعة ويُرفض الشكل الخارجي أو السلوك الخارجي لهذا الشخص المقترب , وقد يحدث هذا في حالات التقديم الوظيفي وقد لا يجد الشخص المُقدِم مبرراً منطقياً لرفضه .
وقد يمتد إحساس الكراهية الى الطعام والشراب لأن الذكريات السيئة لأي طعام أو شراب قد يجعل تناوله مرفوضاً لأن الفرد بطبيعته يحب ما يريحه ويفيده ويقدم له الإحساس بالمتعة ويبتعد عن ما يقدم له الإحساس بالألم أو عدم الراحة .
إن أحاسيس الحب والكراهية هما الأساسين لكل العلاقات البشرية بين الأفراد فهي قد تقطع سلسلة العلاقات وقد تربطها سواء كانت بين غرباء أو معارف وبين المجتمعات ايضاً , فإن مجتمع ما قد يكره طباع وتأريخ وطعام مجتمع آخر أو قد يحبه ولهذا أسباب كثيرة ذاتية لأفراد هذا المجتمع ومستوى ثقافته ونوعها وأسباب موضوعية تأريخية عميقة وجغرافية .
ويبقى إحساس المحبة إحساس سهل ومريح للنفس الإنسانية ولا يحرق الفرد فيه الكثير من الطاقة بل قد يمر فيه بإرتخاء عضلي وإحساس إنسيابي ومنعش وهو ايضاً مثمر وإيجابي لأنه يؤدي الى تحفيز الفرد على الإنتاج وعلى حب الخير لنفسه وللآخرين , ولهذا يمكن أن يوصف بأنه إحساس قابل للفاعلية وغير رافض وهو كمن يفتح أبواب نفسه للآخرين وللعمل ولنشاطه اليومي وللطبيعة , أما إحساس الكراهية فهو إحساس صعب وسلبي قابض للنفس الإنسانية ومنفذ سلبي للطاقة , يصيب الإنسان بتشنجات عصبية هائلة وهو لأجل رفض إنسان وكراهيته يستهلك طاقة جسدية وعصبية كبيرة وهو إحساس غير فاعل وغير مُنتج , إذ أنه يستهلك الطاقة البشرية بدون إنتاج وقد يدفع بالفرد الى الإنزواء والإبتعاد عن المجتمع . إن القدرة على الكراهية هي قدرة نسبية فقد تكون عالية كما القدرة على الحب وإذا كانت القدرة على الكراهية عالية فإنها قد تصل الى أكثر من شخص وقد تكون غير منطقية وغير مبررة أحياناً , وقد تكون التربية الأُسرية والتعود على هذا الإحساس يجعل الفرد غير قادر على إيقافه ويصبح ايضاً غير راغب بإيقافه لأسباب مرضية وعصبية وهذا ما يدخل حيز المرض النفسي والعصبي , وقد يتضرر مجتمع بكامله من أفراد من هذا النوع لديهم مخزون هائل من الكراهية والذكريات الرافضة تجاه شخص ما أو عدة أشخاص أو مجتمع بكامله أو ضد مفاهيم سياسية وإقتصادية وإجتماعية ما , وإذا خرج هذا الإحساس من إطار الإحساس الى إطار ردود الأفعال القوية والوحشية حسب القدرة الفاعلة للشخص المعني فإن هذا الشخص قد يدمر نفسه أو عائلته أو مجتمعه .



#ناهده_محمد_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأعلام النفسي
- اللا إنتماء في الشارع العراقي .
- أسئلة مراهق .
- الإدمان وأنواعه
- إذا كان ربُ البيتِ بالدفِ ضارباً ... فشيمة أهل البيت كلهم ال ...
- اللاعُنف منذ الطفولة .
- الطلاق هل هو الحل .
- لا يسلمُ الشرفُ الرفيع من الأذى ... حتى ؟
- حينما يثور الطلاب .. لماذا !؟
- أطفال الشوارع ( المتسربين ) .
- نحن أُمة لا تقرأ .
- المُحاكاة ماذا بشأنها .
- أولاد سمك القرش .
- الحزن سمة أساسية في شخصية الفرد العربي .
- بمناسبة الثامن من آذار ... الخوف مرض أزلي لدى النساء في البل ...
- أخلاقية المرأة من يفرضها ؟
- متسولون .
- الذوق العام أم الذوق الخاص .
- هل المرأة العربية غبية !؟
- الإختلاط بين الجنسين في جميع المراحل التعليمية .


المزيد.....




- -قريب للغاية-.. مصدر يوضح لـCNN عن المفاوضات حول اتفاق وقف إ ...
- سفارة إيران في أبوظبي تفند مزاعم ضلوع إيران في مقتل الحاخام ...
- الدفاعات الجوية الروسية تتصدى لــ6 مسيرات أوكرانية في أجواء ...
- -سقوط صاروخ بشكل مباشر وتصاعد الدخان-..-حزب الله- يعرض مشاهد ...
- برلماني روسي: فرنسا تحتاج إلى الحرب في أوكرانيا لتسويق أسلحت ...
- إعلام أوكراني: دوي صفارات الإنذار في 8 مقاطعات وسط انفجارات ...
- بوليتيكو: إيلون ماسك يستطيع إقناع ترامب بتخصيص مليارات الدول ...
- مصر.. غرق جزئي لسفينة بعد جنوحها في البحر الأحمر
- بريطانيا.. عريضة تطالب باستقالة رئيس الوزراء
- -ذا إيكونوميست-: كييف أكملت خطة التعبئة بنسبة الثلثين فقط


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ناهده محمد علي - الحب والكراهية .