أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدى السعيد سالم - المرأة لاتحتاج لمسرح لتعرف معنى العذاب فالحياة منحتها فرصا لاتحصى للتعرف عليه















المزيد.....


المرأة لاتحتاج لمسرح لتعرف معنى العذاب فالحياة منحتها فرصا لاتحصى للتعرف عليه


حمدى السعيد سالم

الحوار المتمدن-العدد: 3788 - 2012 / 7 / 14 - 01:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مقالى هذا يعتبر رسالة فاضحة عن مجتمع ما زال يتعامل مع جسد المرأة كسلعة تباع وتشترى ، وفي نفس الوقت محرومة من التعبير عن أحاسيسها لتلتزم الصمت تحت مقصلة المجتمع الذكوري الذي يمنع عنها اطلاق صرختها ،فتلتزم الصمت ، صمت الفراشات في عمر الصبا ، في موتهن على سريرالشهوة ، وحكم القوي ، الأب ، والأخ ، والزوج .... ماذا اذن هل تصمت المرأة لأنها تعرّي هذا المجتمع ؟ هل تصمت كي تنقاد لمجتمع مكبوت ؟ هل تصمت لأن حدود اللغة تجبرها أن تعود أدراجها وتلعق معاناتها وهمّها الأنثويّ ؟!..للأسف نحن ننقاد وراء عقلية متوارثة عبر العصور ، انقياد أعمى يخاف من الانفتاح الثقافي والاجتماعي والتكنولوجي الذي يحدث في العالم ، انقياد يلتزم التستر وراء أقنعة غبية آن لها أن تسقط ، انقياد وراء القبيلة ، والحارة ، والقرية ، والحرام بالسر ...المرأة أثبتت أنها تستطيع مضاهاة الرجل المبدع بمعظم أنواع الفنون والأدب والشعر ، القصة ، الرواية ، والأبحاث العلمية ، والتاريخ ...

إن المرأة في مجتمعاتنا تواجه بالرفض قبل أن تولد وتصادر حقوقها الطبيعية وهي بعد جنين في بطن أمها عندما تتمنى الأم وجميع المحيطين بها من الأهل والأقارب أن ترزق ذكرا فالأنثى مرفوضة قبل أن تولد وتصاب كثير من العائلات عند ولادتها بصدمة خاصة أبو الطفلة فهي هم ثقيل على الأب وهي عورة وهي عار حسب المعتقدات المتخلفة وتبدأ عملية القمع المنظم داخل الأسرة بإشعارها بان مكانتها في الأسرة تأتي في المقام الثاني بعد الولد وينسحب هذا على جميع حقوقها وفي جميع مراحلها العمرية وتكبر الفتاة وتكبر معها سلسلة الممنوعات وأنواع التمييز ، ممنوع الخروج ممنوع الاختلاط ممنوع إبداء الرأي ممنوع اخذ القرارات الخاصة بحياتها وممنوع قراءة هذا الكتاب ومشاهدة ذلك البرنامج وممنوع المشاركة في الأحاديث الثقافية والسياسية وتتسع قائمة الممنوعات في المجتمعات التي يزداد فيها سطوة الرجل ، انه حصار الفكر المنظم ومصادرة العقل المبرمج ومع مرور الأيام وكثرة قائمة الممنوعات الضاغطة على عقلها يبدأ تحجيم إمكاناتها العقلية فالأسرة والمجتمع يمارسون كل أنواع الحجر العقلي والمصادرة الفكرية ويبدأ مشوار تهيئتها للقيام بدورها الذي رسم لها لإرضاء الرجل وتقديم فروض الطاعة الواجبة عليها بحكم جنسها ، وتنكمش المرأة أكثر وينهار الجزء المتبقي من وعيها كانسان وتبدأ بتبني الآراء المحيطة بها بأنها فعلا ناقصة عقل ودين ويتم انسحابها النهائي إلى الداخل قانعة بدورها الذي لا يمكن أن يرتقي إلى الرجل فهو السيد وهي العبد وتتكرر هذه المهزلة في كل بيت وفي كل مجتمع ذكوري تم تنصيب الذكر فيه سيدا بدون منازع ....

الأنثى التي حباها الله بكل جميل ووهبها أعظم امتياز عندما أودع فيها خلاصة الطبيعة وجعل الأجيال تتربى في أحشائها فهي الأرض المعطاء التي لا ينضب عطائها ولا يمكن أن يمنعها الله من شئ منحه هو لها ، ذلك هو حقها بالتمتع بحقوقها كاملة دون نقصان ... مما لاشك فيه انه لا يقصم ظهر الرجل في المجتمعات المتخلفة مثل المرأة المتفوقة عليه في الذكاء والعقل....... إن حصل وتورط فاقترن بمثلها دون سابق معرفة بمواصفاتها فإن الطلاق آت لا ريب فيه.... أما أن يقترن الرجل الدميم بامرأة فائقة الجمال لكنها صغيرة العقل فذلك عز الطلب، وحينئذ لن يقنع الرجل بفك عرى هذا الزواج سوى الخلع أو الموت أو أن يكون بالصدفة ذا مروءة حقيقية يتفهم معنى إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان....الرجل عموماً يفضلها غبية لأن ذلك إرثه التاريخي الموغل في القدم...... يفضل الرجل المرأة الجميلة الغبية على الجميلة الذكية، ثم الغبية متوسطة الجمال على متوسطة الجمال الذكية..... حتى المرأة ذات الحظ المتواضع من الجمال والذكاء معاً قد تجد مدخلاً إلى الحياة الاجتماعية المستقرة كيدٍ عاملة مجانية وآلة تفريخ، أما المرأة التي نصيبها يكون في مجال الذكاء فقط فلا مكان يتسع لعقلها إلا في المجتمعات الذكية....

إحساس الأنثى الغريزي بأهمية الجمال في الحياة جعلها تتنازل عن جوهرها الإنساني وهو العقل...... العقل يدل الإنسان إلى التفكير والمطالبة بنصيبه في الكرامة والعدالة بينما الجسد مجرد وعاء ناقل لهذا الجوهر.... تتجسد مصيبة المرأة الحقيقية مع جمالها عندما يذبل هذا الجمال وتبدأ الحاجة إلى الحقوق وتقاسم المشترك مع الرجل الذي ولو أنه يذبل أيضاً بالتقادم لكنه يتمدد وينتفخ بالاستحواذ بحيث يملأ صدارة المكان والزمان ويحشر أم العيال في إحدى زوايا الحياة الحرجة.... هذا المصير البائس شاركت المرأة نفسها في بنائه حين استبدلت بضاعة الجمال ببضاعة العقل على حساب الأنثى الأخرى في مواجهة الحياة مع الرجل فخسرت المرأتان وبقي الرجل هو الرابح الأكبر.... هذه الخصوصية التاريخية للعلاقة بين الرجل والمرأة أثمرت شيئاً عجيباً وغير متوقع، أثمرت عداوة الأنثى للأنثى، أي عداوة المرأة الجسد للمرأة العقل في صراعهما القديم والمستمر للوصول إلى قلب الرجل وبشروطه الذكورية.... هنا تتشابه الحضارات كلها في الاحتيال على المرأة وإغرائها لتقديم نفسها كسلعة، وكلما كان اهتمامها بجسدها أكبر صار ثمنها في السوق أغلى، لكن بشرط أن تتنازل عن حقوقها في العقل والتفكير وملكية المال العام للرجل...إن المجتمع اليوم مطالب أن يخلي سبيل المرأة ويطلق سراحها من الحصار الفكري والمعنوي الذي يحيط بها من كل جانب لكي تتوازن شخصيتها وتعيش حياتها التي وهبها لها الله لان الرهينة لا تستطيع أن تبني جيلا متوازنا ولا مجتمعا سويا ، أنها نصف المجتمع فلا تدعوه عليلا بل افتحوا الأبواب للحرية المسئولة ليست فقط للمرأة بل للمرأة والرجل معا ، ونحن جميعا مطالبون أن نبدأ ببناء أجيالنا القادمة على قواعد المعرفة المتوازنة للحقوق والواجبات لكلا الجنسين وتعليمهم كيفية احترام الآخر المختلف ، وبالعلم والثقافة نستطيع تعليم أجيالنا كيفية استخدام العقل في إخضاع الرغبات لسلطانه وكبح جموح الشهوات دون مصادرة أو إكراه أو تشويه للجسد والعقل معا ....

هناك الكثير من الرجال الذين جعلوا للمرأة مكانة خاصة في قلوبهم وحياتهم ، وهناك من وقف بجانب المرأة وطالب بحقوقها بل قاتل في سبيل حريتها وإطلاق سراحها من سجنها التاريخي ، كما إن هناك من النخب الفكرية والأكاديمية والأقلام الحرة الشريفة المئات من الرجال التي تؤمن بضرورة مساواة المرأة بالرجل وإعطائها المكانة اللائقة بها ككيان مستقل ذو فكر ومواهب وإمكانات لا تقل عن الرجل ، منطلقين من إيمانهم بان اختلاف التكوين البيولوجي للمرأة عن الرجل لا يعني الاختلاف في القدرات العقلية والفكرية ولا يضعها في موضع أدنى من الرجل أو يعطيه الحق باضطهادها وتدمير حياتها .....إن المسؤولية الأخلاقية تقتضي أن يدرك الرجل بان للمرأة حقوقا طبيعية هي ليست منة منه وليست خروجا للمرأة عن الحدود التي رسمتها الطبيعة لها وإذا لم تكن حاجة أساسية للمرأة كما هي للرجل فلماذا خلقها الله فيها ، إن السؤال الذي يتردد في فكري دائما ؟؟؟ لماذا يتدخل الإنسان في أمور خلقها الله وجعل لها مسارا واضحا ، وأين هو التوكيل الذي منحه الله للمجتمع للعبث بجسد خلقه هو ومنحه كل المقومات التي تجعله يعيش بسعادة ومن الذي أعطى للرجل سلطة منح أو منع ، وكيف نصب نفسه الحاكم بأمره في اخص خصوصيات الخلق ، إن الرجل يعطي لنفسه من الحقوق ما تعجز القوانين الوضعية عنه فهو الذي يصادر حقوق المرأة باعتماده على عضلاته ويجعلها تعيش الخوف من سطوة قوته ولم يدرك بان الخالق أعطاه تلك القوة ليستخدمها في حماية المرأة والدفاع عنها باعتبارها الجنس الذي انعم الله عليها بكل أنواع الرقة لكي يكمل في داخلها أعظم رسالة لإدامة الحياة واستمراريتها ولكنه بوحشيته يستغل تلك العضلات لسحق كرامة المرأة وإذلالها...إن مفهوم اغلب الرجال في مجتمعنا الشرقي عن المرأة لا يعدو عن كونها أداة لخدمة الرجال سواء من قبل أبوها وإخوتها قبل أن تتزوج أو زوجها وأولادها بعد ذلك ، بالإضافة إلى معاملتها كسلعة معروضة للبيع يستطيع شرائها من يملك السعر الأعلى ويستمتع بها ثم يستطيع أيضا أن يرميها متى ما انتفت الحاجة إليها وحتى إذا احتفظ بها فسلاح الاستغناء عنها مرفوع دائما أمام وجهها مستندا على قوة العادات والتقاليد التي صممت خصيصا لمصلحة الرجل وخدمة لأنانيته وحبه لذاته ورغبته في فرض سيطرته النابعة من خلل في شخصيته ...

الغريب ان هناك كثير من النساء اللواتي لا زلن يعشن بعقلية الجواري والإماء وملكات اليمين ويعتبرن الرجل مركزا للكون وعليهن طاعته في كل ما يقوله أو يفعله حتى لو كان على حساب كرامتهن والقبول بنظرته الدونية إليهن والعمل على مصادرة ابسط حقوقهن ، ومن المؤسف أن يصدر هذا في أحيانا كثيرة عن نساء متعلمات وحاصلات على درجات علمية وعلى شاشات التلفاز مدعيات بان المرأة استطاعت الحصول على حقوقها ، ولست ادري عن أية حقوق يتحدثون وما هي هذه الحقوق التي تمتعت بها المرأة في مجتمعات دول العالم الثالث وفي مقدمتها المجتمعات العربية ، هل يتحدثون عن حقها في الحياة الحرة تحت ضوابط نابعة من عقلها الذي وهبه الله لها والذي لا تملكه بعد أن صودر من قبل المتكالبين على نزع أدميتها وإرادتها الحرة ، أو عن حقها المهمش في الاختيار لأبسط مستلزمات حياتها والذي يمنحها الإحساس بالسعادة بامتلاك القرار الذي يخص تفاصيل حياتها الأساسية ، أو عن حقها باستخدام فكرها المصادر في غياهب قوانين التخلف والهمجية والأعراف البدوية ، أم حقها المغيب عن كل تفاصيل الحياة الصغيرة والتي تبعدها عن سياسة القطيع وترفعها إلى المكانة التي وجدت من اجلها ، أو حقها الطبيعي بامتلاك إرادتها في اختيار شريك حياتها لتنشئ أسرة سعيدة هي عماد المجتمعات المتقدمة والمتوازنة ، أو حقها بالمحافظة على أجزاء جسدها الذي ترتكب بحقه المجازر باسم الشرف وكأن شرف الرجل الشرقي وشرف العائلة الشرقية مرتبطان بجهاز المرأة التناسلي من دون النظر إلى مفاهيم الشرف الأخلاقية الحقيقية...

جميع الموبقات التي يرتكبها رجال المجتمع من أنواع العهر الأخلاقي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي لا تنقص شرف الرجال المصان سوى ذلك الجزء الذي صودر بأمر العقول المدجنة والخاوية والخائفة من المرأة وهي الأنثى التي حباها الله بكل جميل ووهبها أعظم امتياز عندما أودع فيها خلاصة الطبيعة وجعل الأجيال تتربى في أحشائها فهي الأرض المعطاء التي لا ينضب عطائها ولا يمكن أن يمنعها الله من شئ منحه هو لها ، ذلك هو حقها بالتمتع بحقوقها كاملة دون نقصان !!.. المرأة الشرقية تعاني أنواعا من القهر والإذلال لا يمكن أن توصف ووسائل الإعلام مليئة بأنواع العنف الجسدي الذي يمارسه الرجل على المرأة بالإضافة إلى العنف النفسي , سواء أكان من قبل المجتمع الذي يمثله الرجل في العائلة والمزود بكل صلاحيات اضطهاد النساء وقهرهن بكل قسوة ووحشية إلى حد أن يغيب عن إحساسه شعور الأبوة أو الأخوة ويحل محله شعور الاستعلاء وتغلب عليه شريعة البداوة عندما يتسلط على نساء بيته ، هذا من جهة ومن جهة أخرى إتباع قوانين وحشية يسنها المجتمع وتنفذها العائلة بإخضاع الفتيات في كثير من مناطق الشرق الموبوء بالتخلف لعملية ختان وهي طفلة دون أدنى مراعاة لبراءة الطفولة التي تنتهك بوحشية ، وأيضا تهميش وإغفال حق المرأة الطبيعي بالاستمتاع كالرجل في علاقتها الزوجية التي احتكرها الرجل لنفسه من ضمن حقوق كثيرة استطاع الحصول عليها من غير وجه حق أو منطق أو تفسير علمي ، أو في قتلها لمجرد شبهة بحجة غسل العار ....

ومن الأمور التي تثير الاشمئزاز في الثقافة السائدة في أجزاء كثيرة من العالم الشرقي عادة ختان الفتيات كعرف من أعراف المجتمع لغرض تقليل أنوثة المرأة عن طريق تقليل رغبتها الجنسية وذلك بتشويه مظاهر أنوثة الفتاة إما بإزالة أجزاء حساسة من جسدها أو جعل العمل الجنسي غير ممكن لها باسم الحفاظ على الشرف في الوقت الذي فيه أصبح من المعروف علميا أن للجنس مراكز في الدماغ تنبعث منه الرغبات وان الجسم ليس سوى منفذ لتلك الأوامر أو الأحاسيس والمشاعر والتي أصبحت عصية على فهمها عند الرجل الشرقي ، وان اقتطاع أجزاء من جسد خلقه الله هو فقط فعل إجرامي يورث المرأة أنواعا مختلفة من الإحباط والكبت وأحيانا الجنوح ولن استرسل في هذا الموضوع فله أخصائيوه الذين كتبوا الكثير عن مساوئ الختان ومساوئ الإشباع الجنسي الغير مكتمل والناقص للمرأة عندما يشبع الرجل رغبته دون الالتفات إلى رغباتها الجسمية وجعلها متاع ومتعة وما يجلبه من مشاكل نفسية تنعكس على الحياة الزوجية وعلى الأطفال وبالتالي على المجتمع ككل ، وليس هذا فقط بل هناك الكثير مما يحدث في مجتمعاتنا من أنواع الاضطهاد والقتل للمرأة غدرا وبغير دليل ولشبهات كثيرا ما يثبت عدم صدقها وصحتها تحت شعار غسل العار حفاظا على شرف العائلة ....

أما ما يخص ختان فكر المرأة الشرقية فذلك يتم بشكل تدريجي وممنهج عن طريق الحصار الذي يفرض عليها ومن ثم يؤدي إلى تعطيل قابلياتها الفكرية ومواهبها الطبيعية لان الفكر والقدرات الفكرية لا تختلف عن أية قدرات حيث إنها لا تنمو في ظل الحجر والإقصاء وتبقى حبيسة ثم تتلاشى شيئا فشيئا إلى أن تموت وهذا أكثر قسوة من قطع جزء من الجهاز التناسلي الأنثوي لان الثاني يعطل القدرات الجنسية ويحرم المرأة من حقوق طبيعية وهبتها الطبيعة لها ويؤثر ذلك سلبيا على حياتها الشخصية وعلى محيطها الاجتماعي جراء معاناتها من الحرمان نتيجة لتلك الجريمة التي ارتكبت بحق جسدها الذي لم تراعي حرمته ، ولكن ختان العقل له أبعاد أكثر خطورة على المرأة وعلى مجتمعها والإنسانية ، فكم من قابليات وإمكانات أجهضت وحجمت ولم تؤدي دورها الذي كان من الممكن أن يساهم في أغناء الفكر الإنساني لان المرأة في إمكاناتها الفكرية لا تختلف عن أي رجل وهذا ما أثبتته تجارب الدول المتقدمة ، بل إن هناك بحوثا كثيرة تؤكد على إن للمرأة قابليات ومواهب فكرية وعقلية تفوق قدرات الرجل إذا ما أعطيت الفرصة وأتيح لها المجال باستخدام ما منحته لها الطبيعة ولنا في التاريخ شواهد كثيرة عبر العصور على ذلك ، صحيح أنها لا تملك القدرات الجسدية كالرجل ولكن قدراتها العقلية يمكن أن تكون بدرجة تفوق قدرات الرجل وإمكاناته ومواهبه ....

من الواضح أن الذين يتهمون الإسلام بأنه ينتقص من عقل المرأة قد بنوا أفكارهم على حديث : { ‏يا ‏ ‏مَعْشرَ‏ ‏النساء تَصَدَّقْنَ وأكْثِرْن ‏ ‏الاستغفار ، فإني رأيُتكُنَّ أكثر أهل النار . فقالت امرأة منهن ‏ ‏جَزْلة : ‏ ‏وما لنا يا رسول الله أكثرُ أهل النار؟ قال : تُكْثِرْنَ اللَّعن ،‏ ‏وتَكْفُرْنَ‏ ‏العشير ، ‏ ‏وما رأيت من ناقصاتِ عقلٍ ودين أغلبَ لذي ‏ ‏لبٍّ ‏ ‏مِنْكُن . قالت يا رسول الله وما نقصانُ العقل والدين؟ قال : أما نُقصانُ العقل فشهادة امرأتين تعْدِلُ شهادةَ رَجُل ، فهذا نقصان العقل ، وتَمكثُ الليالي ما تُصلي ، وتُفطر في رمضان ، فهذا نقصان الدين } ... فهموا منه أن النساء ناقصات عقل ، أي أن قدرات النساء على التفكير هي اقل من قدرات الرجال .... وهذا جرياً على المعنى الدارج للعقل من انه عضو التفكير ، ولسان حالهم يقول بان جهاز التفكير عند المرأة اضعف من جهاز التفكير عند الرجل ، وان هذا ينطبق على أية امرأة وعلى أي رجل في الدنيا ....ولكن الحديث نفسه ، وجرياً على هذا المفهوم ، يبين أن المرأة لا تقل في عقلها عن الرجل من حيث أنها ناقشت الرسول ، وأنها جزلة أي ذات عقل وافر ، ومن حيث أن الواحدة منهن تَذهب بعقل اللبيب أي الوافر العقل ..... فكيف تَذهب بعقله إذا لم تكن أذكى منه أو انه ناقص عقل على اقل الاحتمالات؟ ....بالإضافة إلى ذلك فان الإسلام يعتبر أن المرأة والرجل سواء أمام التكاليف الشرعية من حيث الأداء والعقوبة ، فلو كانت المرأة ناقصة عقل ، فكيف يكون أداؤها وعقوبتها بنفس المستوى الذي للرجل ، فهذا ينافي العدل الذي يتصف به الله وينادي به الإسلام .... فناقص العقل لا يُكلَّف بمثل ما يكلف به من هو اكمل منه عقلاً ، ولا يُحاسب بنفس القدر الذي يُحاسب به ، على فرض أن الرجل اكمل عقلاً من المرأة .... ولا يمكن فهم هذا الحديث بمعزل عن آية الدَّيْن التي تتضمن نصاب الشهادة ، وذلك في قوله تعالى : { واستَشْهدوا شهيدين من رِجالِكم ، فإن لم يكونا رَجُلَيْن فرَجُلٌ وامرأتان مِمَّن تَرضَوْن من الشُّهداء ، أنْ تَضِلَّ إحداهما فَتُذَكِّرَ إحداهما الأخرى } .... فالعلاقة بين هذه الآية والحديث وثيقة الصلة ، بل يكاد الحديث يُحيلنا إلى الآية صراحة ....لذلك فان برامج تنمية وتعليم التفكير لا تميز بين الجنسين في هذه الناحية ...... ولا تَدُل معطيات العلم المتعلقة بأبحاث الدماغ والتفكير والتعلم على أي اختلاف جوهري بين المرأة والرجل من حيث التفكير والتعلم .... كما لا تدل على اختلافٍ في قدرات الحواس والذكاء ، ولا في تركيب الخلايا العصبية المكونة للدماغ ، ولا في طرق اكتساب المعرفة .... فلم تظهر الأبحاث المتعلقة بالدماغ فروقا جوهرية ، إلا في حدود ضيقة لا تتجاوز ربع انحراف معياري واحد .... فقد أكدت كثير من الأبحاث تماثل نصفي الدماغ عند النساء بشكل اكبر منه عند الرجال ، لكن لم يتأكد أي شيء يدل على اختلاف في التفكير بناء على ذلك .... معنى هذا أن المرأة والرجل سواء بالفطرة من حيث عملية التفكير ، ولا يتميز أحدهما عن الآخر إلا في الفروق الفردية ، أي في مستوى الذكاء ودرجته وليس في نوعيته ....


إن المرأة في مجتمعاتنا الشرقية محاصرة من كل جهة ومهمشة ومحرومة من جميع حقوقها الطبيعية والإنسانية وأينما توجهت تجد الأبواب موصدة أمامها أو تواجه بنظرة الرجل الدونية لها سواء أكان أبا متسلطا ومتخلفا وبعيدا عن أساليب التربية التي تنبع من القوانين الوضعية والإلهية ومنقادا لأعراف بدوية وتقاليد عفا عليها الزمن والتي وضعها الرجل لكي يبرر سيطرته وسلطته ، أو أخا أنانيا لا يرى في الحياة سوى مصلحته ومتعته ويحاول بكل طاقاته أن يحرمها من كل حقوقها مهما كبرت في العمر فهو يتصرف وكأنه يملك مفاتيح حياتها طالما كانت في بيت والديها ويبقى وصيا عليها ما دامت حية مما يدفعها لقبول الزواج من أول طارق لتتخلص من سجن أخوها الأناني والمتسلط والذي يخفي نوازعه المريضة خلف أكاذيب الحرص على سمعة العائلة ولتذهب حياة أخته إلى الجحيم ، وأخيرا الزوج الذي تربى على أسس خاطئة فهو يرى نفسه مركز الكون والمرأة في نظره لا تعدو أن تكون لعبة خلقت لكي ترضي نوازعه أليست هي فتنة أو شيطان في معتقداتنا المنحرفة ....من حق المرأة أن تمتلك ذاتها، وأن تكون لها حرية التصرف في جسدها بعد أن يتغير الفكر الاجتماعي...... وألوم الغرب الذي يطالب بالحرية الجنسية قبل أي حرية أخرى..... وهذا أساء إلى حرية المرأة وإنجازاتها، لأن الفكر السلفي ارتدّ على مكتسبات المرأة بسبب هذه المطالبة.... فلا نستطيع أن نطالب بتحرر المرأة قبل تغيير القوانين التي تحكمها وخصوصاً قوانين الأحوال الشخصية....

هل الرجل الشرقي تربّى تربية صحيحة عن ثقافة الجسد واحترامه لجسده ، وكيف ينظر الى المرأة ؟!!.. انّ ( عملية الختان) والتي نفّذت بالمئات والآلاف من الفتيات في سن مبكّرة ظنّا أن الختان يجعل من جسد المرأة جمادا بدون مشاعر ولتفقد عنصر الشهوة واللذة .... وبذلك تبقى الأنثى الجسد المباح للرجل من أجل التناسل فقط وليس في ذلك أي احترام لجسد المرأة الذي امتدت اليه أيدي قاسية لتعبث بمكان حساس هو ملكها ولها ومن حقها ، وعندما كتبت الأديبة نوال السعداوي عن موضوع الختان في قصصها قامت الدنيا ولم تقعد لأن ذلك يثيرحفيظة الرجل المتزمت ...... الذي لم يتربى على مفهوم علاقته بجسده ، للأسف الشديد معظم الرجال في مجتمعنا ينظرون للمرأة كجسد فاللقاء الأول بينهما ليس تعارفا فحسب وانما ( الى السرير) لأن الرجل داخل مجتمع شرقي أيضا يعاني من الكبت وليس فقط المرأة ومن هنا علاقته بجسده لا تتعدّى موضوع التغذية والشراب.... وفي هذا أيضا ونحن كلنا مخطئون اذ لا نربي أولادنا وبناتنا منذ الصغر عن العلاقة الحميمة بينهم وبين أجسادهم ، علاقة احتواء وحب ، ورضا ، وعطاء ، وأنّ ملامسة الجسد في سن صغيرة تعني اكتشافه لنفسه ، والتقرّب منها ، أرى أن التربية بالتعامل مع الجسد ككل هي تربية صحيحة اذ هنا العلاقة ليست التعبير فقط عن لذة ونشوة وانما اتحاد بين الروح والجسد .... لم يعتد لا الرجل ولا الأنثى بمجتمعنا المكبوت أن يتقبّل جسد الآخر ويحتويه حتى أنه يخال للرجل أن المرأة جسد في الفراش وهو المنفّذ ، عليها مهمة ويجب أن تتمها على أكمل وجه ، والسؤال الذي يتبادر للذهن : هل عملية التوحّد بين جسدين ليس لها علاقة بالروح ، بالنفس البشرية ، بالكائن الحي الذي يختلف عن الحيوان بعقله والذي لا يتعاطى مع هذه العلاقة بشهوة الغريزة الموجودة عند الحيوان ؟ وكأني بالمرأة آله لا تتعب وعندما تنتهي مهمتها توضع في مخزن لقطع الغيار ويشترى مكانها ، حتى في عصرنا هذا تقبّلنا لأجسادنا فيه الكثير من الحدود ، فيه الكثير من الممنوع ، فيه الكثير من التردّد ، اذ أنّ اكتشافنا لأجسادنا في سن صغيرة ومنعنا من الاقتراب ولمس الأعضاء كحب استطلاع أدى بهذه العقلية أن تتفاقم ويغيب عن الذهن أنّ المجتمع هو السوط والجلاد لامرأة تبوح بوصف جمال جسدها والتعبير عن مشاعرها بصدق...

حمدى السعيد سالم



#حمدى_السعيد_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ارجو ان تفهمينى
- متى يتم انصاف ضحايا التعذيب فى مصر؟!
- هكذا تصنعون يا سدنة معبد تقديس الرئيس طواغيتكم وفراعينكم
- الى لميس عمر عفيفى : والدك لايقدر بثمن ولن يكرره الزمن
- محمد الماغوط طالب العذاب وشاعر الرثاء الكونى ورسول الحزن
- حلف مرسى أمام المحكمة الدستورية يعد اعترافا صريحا بالإعلان ا ...
- لا أمل فى صحافة جيدة الا اذا انفتح الباب لصحافة حقيقية
- جماعة الاخوان السلقلقية وزواج المتعة مع ايران
- لقد اتفق المجلس العسكرى مع جماعة الاخوان ضد مصر الثورة
- بسبب طمع الاخوان الديمقراطية اصبحت عبئا وليست حلا
- امريكا لماذا تدفع اكثر للثوريين طالما ستدفع اقل للاخوان
- فضائح المركزالقومى للسينما تزكم الانوف
- ايتها الاستثنائية : سأعيش ولن اموت حزنا عليك
- مخطط المجلس العسكرى الشيطانى لتنصيب عمر سليمان رئيسا
- سيناريو الايام القادمة فى الثورة المصرية
- برلمان المتأسلمين الى مزبلة التاريخ غير مأسوف عليه
- خالد سعيد يقول :هذه هى جرائم حماة الشعب فمن يحمى الشعب منهم؟ ...
- الاعلام المصرى ما زال أعمى
- هل ستموت الحقائق بالصمت؟!!
- مبارك والمجلس العسكرى وشفيق - الثلاثة يشتغلونها -


المزيد.....




- كيف يرى الأميركيون ترشيحات ترامب للمناصب الحكومية؟
- -نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح ...
- الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف ...
- حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف ...
- محادثات -نووية- جديدة.. إيران تسابق الزمن بتكتيك -خطير-
- لماذا كثفت إسرائيل وحزب الله الهجمات المتبادلة؟
- خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
- النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ ...
- أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي ...
- -هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدى السعيد سالم - المرأة لاتحتاج لمسرح لتعرف معنى العذاب فالحياة منحتها فرصا لاتحصى للتعرف عليه