أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سمير إسماعيل - حول عقلنة الفعل السياسي العربي - ملاحظات اولية















المزيد.....

حول عقلنة الفعل السياسي العربي - ملاحظات اولية


سمير إسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 1107 - 2005 / 2 / 12 - 11:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إذا كان وعي الأمة لذاتها يمثل العصارة الذهنية التي تختزن حقائق تاريخها في تحولاته و تغيراته و انعطافاته فان تعمق هذا الوعي يحدد إلى درجة بعيدة رؤاها الواقعية لتاريخها و تجاربها السابقة و بهذا المعنى فان تقييم الماضي كان و لا يزال يشكل المحك الضروري لشحذ الضمير و العقل الإنسانيين هذا بغض النظر عن الانجازات الكبيرة التي حققها مسار البشرية العقلاني إلا أن ذلك لم يعق إبداع مختلف أنواع الطوباويات الفكرية و مشاريعها الاجتماعية
من هنا تبرز الأهمية القصوى لنقد و تذليل الأوهام الإيديولوجية التي رافقت نشوء و تطور الحركات السياسية المختلفة في الوطن العربي و اعتمادها كمقدمة ضرورية لرسم الخطوط العامة للرؤية الواقعية العقلانية للوضعية العربية المأزومة و استشراف آفاق تطورها
وإذا كان الفكر الاجتماعي و السياسي في تفسيره للواقع و في رؤيته لأسلوب تغيير هذا الواقع قد زاوج الرغبة بالإمكانية و الحلم بالحقيقة فان الحصيلة العامة لذلك قد شكلت الأساس النظري الذي استمدت و تستمد منه الفلسفات الاجتما-سياسية عناصر إبداعها النظري و إيديولوجيات بدائلها العملية و من هنا فان رفض الطوباوية لا تعني في الحقيقة سوى نفيها الجدلي باعتبارها لحظة ضرورية في التطور الفكري العقلاني و لا نقصد بالعقلانية هنا سوى العقلانية الانتقادية التي تضع مهمة الاستقلال الدائم للعقل في تأمل كل ما يجري و النظر إلى واقع الأمور و البدائل الاجتما-سياسية بمنظار المعرفة الحقة و بصور شعاراتها :عقل بأخلاق و قانون بحق و عدالة بإخلاص
فالعقلانية التي نرى ضرورة تمثلها من قبل الحركات الاجتما-سياسية العربية كشرط أساسي لتفعيل دورها ليست من النوع الذي يضع نفسه فوق الجميع أو بالضد منهم و لا تدعي مثلا امتلاك الحقيقة المطلقة بل تفسح المجال أمام القوى السياسية المختلفة في ظل شعارات حقيقية تكفل للإنسان وجوده الإنساني و تعطي لكفاحه ضد الظلم و جبروت الاحتلال معنى لا ينضب و بهذا المعنى أيضا يمكن النظر إلى العقلانية في عمقها التاريخي الذي يستند إلى تراثها العالمي ككل و العربي الإسلامي على وجه الخصوص
لقد تمخض القرن العشرون ما بين بدايته و نهايته عن ولادة كيان عالمي لم تكتمل معالم تطوره بعد و لا يزال يثير قلق الضمير الحي الباحث عن عالم لم يكفل للشعوب و الأمم و الدول و الأفراد وجودا مشرفا و معقولا و قد أثار ذلك و لا يزال يثير الفكر الاجتماعي و السياسي في نزعاته الإنسانية في الغرب و الشرق عند مفكريه و سياسيه و أدبائه و فنانيه لاستشراف الأفق الواقعي لهذا العالم الجديد و هو العالم الذي نرى أن على كل القوى و الحركات الاجتماعية التي تضع مهمة الكفاح من أجل العدالة الاجتماعية في صلب تصوراتها عن المثال الحق و المساهمة في تصويب "انحرافاته و شطحاته" و على الصعيد العربي فقد أخفقت الليبراليات البرجوازية و الماركسيات البيروقراطية في انتقاد الواقع بالصيغة التي يمكن أن تستثير بها المساعي الحثيثة لفلسفة البدائل الاجتماعية و الديمقراطية و من هنا فان المهمة المطروحة على القوى السياسية العربية المختلفة لا تقوم بإبداع فلسفة شمولية تفرض شعاراتها و فرضياتها باعتبارها حقائق مطلقة فقد ولى زمن الفرضيات الشمولية أو بصورة أدق أن الإيديولوجيات الشمولية هي مرحلة في تطور لاوعي الاجتماعي لا يتعدى في جوهره حدود تاريخيته الملموسة
و من هنا فانه حالما يدعي استشراف الأفق التاريخي للوجود البشري في أنماط معينة من المثال الاجتماعي فانه سيضع نفسه بالضرورة أمام مفارقات لا تحصى و لا يعني ذلك في الواقع سوى نوع من الاستمرارية الإيديولوجية في إبداع طوباويات الفكر الاجتماعي السياسي إلا أن ذلك لا يستلزم رفض تراثها العقلاني
كل ما في الأمر أننا نؤكد على أن الإيديولوجية الشمولية هي نوع من الكليانية التوتوليتارية الفكرية التي لا يمكنها التخلص من أوهام الطوباويات الاجتماعية بفعل عدم استنادها إلى المقدمة الضرورية للفكر العقلاني أي الإقرار بالتعددية و الخلاف كأساس لتثوير الوعي و ضمانة للحرية الاجتماعية و أسلوب لإحقاق العدالة الاجتماعية و الديمقراطية و هذا يعني أن المهمة القصوى المطروحة أمام الحركة السياسية العربية تتمثل في عقلنة الوجود العربي و عقلنة كيانه التاريخي أمة و دولا و شعبا و مؤسسات سلطات و أحزاب أي انها ملزمة بصياغة الحلول الواقعية الممكنة لمشاكل الوجود القومي و استشراف أفاق تطوره الثقافي و الحضاري الشامل و من هنا تأتي ضرورة النظرة الانتقادية و إعادة تقييم التجربة التاريخية في ضوء التحولات التي عصفت بالعالم خلال العقدين الأخيرين
مما سبق يبدو جليا التأكيد على قوة الإرادة الإنسانية في فعالية القوى الاجتما-سياسية في الواقع و في الحقيقة إذا كانت التقاليد العقلانية تشدد على هذا الأمر فإن ما يلزم صياغتها الآن عربيا هو الكيفية التي تتمحور بها عناصر العقلانية في الفعل السياسي باعتباره تمثيلا لإرادة العرب في التحقيق الممكن لمثل الحق و العدالة و التحرر و المساواة الاجتماعية
فعندما نقول أن الإنسان يصنع تاريخه بنفسه فإننا نقصد صنعه بإرادة عقلية واعية أي أننا نسعى لردم هوة القناعة السلبية بجبرية التاريخ في قوانينه و بالتالي تحريك القوى السياسية المختلفة بالصيغة التي تفتقد فيها أفعالها إلى ردة الفعل و نفسية الاستئثار و الانتقام فالتجربة التاريخية تبرهن على انه لا يمكن بناء كيان قومي اجتماعي ديمقراطي بدون قوى تمتلك إرادة كبرى للفعل السياسي
من هنا فان الواقع العربي المأزوم يجعل من سيادة العقلانية في الفكر السياسي شرطا ضروريا لتثوير الواقع العربي و كذلك فإن الجهد الفكري و السياسي لمختلف القوى ينبغي أن يتجه نحو عقلنة الذات و السلطات القائمة في آن واحد فهي المقدمة الضرورية التي تفرض أيضا نبذ الاحتراب الذي كان و لا يزال يستنزف الإمكانات و الطاقات الأساسية للعرب مجتمعات و سلطات و أحزاب و منظمات فهو يزجها في صراعات داخلية لا نهاية لها بينما يتجه العالم المعاصر نحو رفع شأن الوحدة الاجتماعية و اعتبارها المطلب الأكبر للاستقرار و التقدم و بالنتيجة لا يمكن النظر إلى تحقيق هذه الوحدة على أنها هبة ما خارجية بل ينبغي المساهمة في صنعها باعتبارها المصير العربي
إن عقلنة الوضع الاجتماعي السياسي العربي هو الخطوة الضرورية لإقامة الدولة الدستورية القانونية في كل قطر عربي و إن هذه الدول الدستورية القانونية لم تعد ضرورة موضوعية تستدعيها ملحات وطنية لتجديد الوضع السياسي و حفظ الاستقرار فحسب بل و تعتبر الأساس الذي لابد منه لقيام وحدة حقيقية للوطن العربي قادرة على بعث الحياة و عزيمة القوة فيه من جديد لكي يحتل مكانته اللائقة بين الدول



#سمير_إسماعيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحو رؤية جديدة للمسألة اليهودية - الجزء الثالث
- - نحو رؤية جديدة للمسألة اليهودية - الجزء الثاني
- نحو رؤية جديدة للمسألة اليهودية - الجزء الاول
- قراءة في كتاب ميثم الجنابي - العراق ومعاصرة المستقبل


المزيد.....




- بوتين يكشف عن معلومات جديدة بخصوص الصاروخ -أوريشنيك-
- هجوم روسي على سومي يسفر عن مقتل شخصين وإصابة 12 آخرين
- طالب نرويجي خلف القضبان بتهمة التجسس على أمريكا لصالح روسيا ...
- -حزب الله-: اشتباكات عنيفة بالأسلحة الرشاشة والصاروخية مع ال ...
- لبنان.. مقتل مدير مستشفى -دار الأمل- الجامعي وعدد من الأشخاص ...
- بعد 4 أشهر من الفضيحة.. وزيرة الخارجية الألمانية تعلن طلاقها ...
- مدفيديف حول استخدام الأسلحة النووية: لا يوجد أشخاص مجانين في ...
- -نيويورك تايمز- عن مسؤولين: شروط وقف إطلاق النار المقترح بين ...
- بايدن وماكرون يبحثان جهود وقف إطلاق النار في لبنان
- الكويت.. الداخلية تنفي شائعات بشأن الجنسية


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سمير إسماعيل - حول عقلنة الفعل السياسي العربي - ملاحظات اولية