|
أولاد النهارده
محمد عبدالحكيم
الحوار المتمدن-العدد: 3787 - 2012 / 7 / 13 - 08:41
المحور:
المجتمع المدني
طبقه من الشعب المصري تفكر في اليوم"الحاضر" فقط و لا علاقه لها بالامس"الماضي" و لا الغد "المستقبل" ، أي انها طبقه ذات تفكير سطحي تأخذ بظواهر الأمور بالاضافه لضيق في الأفق ، فهي تتضايق عندما يعارضها أحد و كل تفكيرها اللحظه الراهنه فقط ، و هذه الطبقه متوغله في قطاعات كثيره من الشعب المصري ، تظهر في مجالات عديده و بأسماء متعدده مثل جماهير كره القدم "الالتراس" ، سائقي سيارات الأجره ، أغلب الحركات الثوريه ، و المراهقين ... الخ وهذه أمثله عمليه لمزيد من التوضيح : * نتيجة الجهل بالتاريخ ترتب عليه الجهل بالمستقبل ، لذلك هذه الطبقه لا تعترف بالفشل لأنها لا تعلم انها فشلت بسبب عدم وجود منهج علمي تفكر به ، فالثوار عندما وصلت الثوره لطريق مسدود و أصبحت مصر بين سندان العسكر و مطرقة الاسلاميين ماذا فعلت هذه الطبقه ؟ كالت السباب و اللعان على الشعب !! فأي شخص يعلم القليل عن مصر و طبيعة مجتمعها يعلم أن التيار الاصولي الاسلامي له قاعده شعبيه جارفه و أن المؤسسه العسكريه متوغله في كل ارجاء القطر المصري ، ولا يوجد تيار أخر فطبيعي جداً أن من سيحكم مصر إما اسلاميا أو عسكرياً ، والشعب مجبر على هذه الاختيار لعدم وجود بديل ثالث. أصبحت مصر تحت الحكم الاسلامي ماذا قالت هذه الطبقه العجيبه ؟ الشعب يجب أن يتذوق مرارة الاستبداد الديني حتى يعلم أن الحكم بأسم الله كذب وأن العلمانيه ضروره ، بالتأكيد من يصدق هذا الهراء هو جاهل حتى بالحاضر وليس بالماضي القريب فقط ، لأن التخلص من الاستبداد الديني سيكلفنا دماء ، و لننظر للوضع في ايران و العقد الاخير المجتمع الايراني يغلي و كان هناك مشروع ثوره تم القضاء عليها ، نعود للماضي القريب مصر كانت إماره اسلاميه تخضع للخلافه حتى عام 1924 و هذا نظرياً ، اما عملياً فهي كانت كذلك حتى فتره حكم محمد علي عام 1805 ، أي ان الشعب المصري كان تحت الحكم الاسلامي لعهد قريب جداً ، بعد حكم محمد علي او حتى بعد انهيار الخلافه العثمانيه هل تحولت مصر لدوله علمانيه ؟ ظلت مصر دوله اسلاميه حتى عهدنا الحالي ، فقوانين الاحوال الشخصيه ووضع الاقليات لم يتغير كثيراً عما كان موجوداً خلال خضوع مصر للخلافه الاسلاميه سواء بعد حكم محمد علي او حتى بعد انهيار الخلافه العثمانيه ، وأصبحت مصر دوله شبه دينيه و الشعب الأن يتطلع لدوله دينيه كامله لكي يحيي مشروع الخلافه الاسلاميه ، وسواء نجح المخطط الذي تسعى له جماعة الاخوان المسلمين او لم ينجح لن تتغير طبيعة الشعب المصري لأن هناك تيار أصولي مسيطر عليه ، وحتى في إيران لو نجحت الثوره في التخلص من الحكم الاسلامي سيأتي الجيل التالي للجيل الحالي يطالب بعودة حكم الاسلام ، هذا هو التاريخ و هذه هي طبيعة الشعوب ، الشعوب لديها حنين للماضي و العقل الجمعي لأي شعب ساذج ، و لذلك نحتاج لنخبه تقود الشعوب. * نتذكر الانتفاضه الفلسطينيه التي بدأت في 28 سبتمبر 2000 و الدعوات لمقاطعة السلع الامريكيه ، و بالطبع كعادتنا في أي فعل يتم إقحام الدين و يتم طرح السؤال المستفز ماذا يقول الدين ؟ الاخوان المسلمين إحدى الجماعات الأصوليه حملت لواء الدفاع عن المقاطعه ، و المؤسسه الدينيه الرسميه في السعوديه و في مصر حملت لواء المعارضه للمقاطعه ، وظهرت فتاوى تقول أن من يقاطع فهو آثم و فتاوى أخرى تقول أن من لا يقاطع فهو آثم !! و تمر الأيام و هذه الطبقه تتصارع فيما بينها على المقاطعه هل هي حلال ام حرام ، فهي دائما تكون مفعول بها ، و يتم التخلص منها بعد ادائها المهمه ، فلو تذكرنا جيداً احداث الانتفاضه سنجد ان كل المؤسسات الدينيه الرسميه رفضت المقاطعه و كل المؤسسات الدينيه المعارضه أيدت المقاطعه ، أي ان المقاطعه حلال او حرام هو صراع سياسي بين جماعه معارضه مع السلطه ، و الدين فقط واجهه لهذا الصراع لكي يتم التلاعب بهذه الطبقه ذات الفكر المحدود. اليوم أين المدافعون عن المقاطعه او المهاجمون لها ؟ اين المقاطعه ؟؟ اين الانتفاضه الفلسطينيه ؟؟؟ اين الطبقه التي انشغلت بالصراع الديني ؟؟؟؟ خطورة هذه الطبقه ذات التفكير السطحي انها تدمر الافكار التي تبني المجتمع ، فلو استمرت الثوره المصريه رهينه لهذه الطبقه فسيكون مصير الثوره المصريه هو نفس مصير المقاطعه للبضائع الامريكيه او الانتفاضه الفلسطينيه. فالثوره المصريه تم استغلال هذه الطبقه لخدمة مشروع جماعة الاخوان ، ولو لم تجني جماعة الاخوان ثمار الثوره من رئاسه و برلمان ستبحث هذه الطبقه عن تيار اخر لكي تخدمه ، لأن هذه الطبقه عاجزه ان تكون صانعة القرار . * جماهير كرة القدم هي اعظم مثال عملي لهذه الطبقه ، فنسمع الهتافات في المدرجات مثل "بالطول بالعرض هنجيب راسكم الارض" بالاضافه لسيل من السباب و التهديد بالقتل ، وهي صادقه فيما ترفعه من شعارات واحداث بورسعيد اكدت ذلك ، بمجرد غياب القبضه الأمنيه تم قتل العشرات من جماهير النادي الاهلي ، و بمجرد انتهاء الموسم الكروي تنسى الجماهير التهديدات و من فاز و من خسر حتى يبدأ موسم أخر و السيناريو يتكرر و هكذا ، وذلك ناتج عن الانشغال باللحظه الراهنه على حساب المستقبل و السطحيه في التفكير . أولاد النهارده طبقه واسعه من المجتمع المصري ، وهي ضحيه لخيانة المثقفين للأمه لإنشغال المثقفين بالسلطه على حساب المجتمع ، و هي ذات تأثير واسع فأصبحت هي المسيطره على الاعلام و الملاعب الرياضيه و المساجد و الكنائس و الشوارع و الميادين حتى السياسه اصبحت هذه الطبقه موجوده . لو استمرت مصر رهينه لهذه الطبقه فمصر ستكون في وضع أصعب ، و لذلك علينا عدم الاستسلام لهذه الطبقه أو الانخداع بما ترفعه من شعارات رنانه ، وانا لا اشك أنهم صادقين فيما يقولون ، لكن مصلحة الوطن ان نحتكم للعلم و أن نحرر العقل من أي سلطان إلا سلطان العقل ، وهذا يجعلنا ان نفكر في إنشاء تيار عقلاني داخل المجتمع المصري حتى نستطيع أن نصل لبر الامان . عن طريق التيار العقلاني نستطيع أن نحرر الشعب من سطوة هذه الطبقه المتشعبه ، و أن نحدث توازن داخل المجتمع حتى نستطيع نقل المجتمع المصري من الأحاديه إلى التعدديه ، و هذا بالتأكيد سيستغرق وقتاً طويلاً ، لكن بدون هذا التيار فلا تغيير في طبيعة الشعب و بالتالي سنظل في هذا الوضع و يستمر الجمود و الأخر يتقدم و نحن نتخلف.
#محمد_عبدالحكيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العلمانيه تتعثر بسبب المنتمين لها!! 3
-
اكذوبه النموذج الباكستاني في مصر
-
ما بين الدوله المدنيه و العلمانيه
-
الثور الهائج
-
التحالف مع الاصوليين من رابع المستحيلات
-
العلمانيه ضروره حضاريه 6
-
العلمانيه ضروره حضاريه 5
-
عيشوا بشرف جتكم القرف
-
العلمانيه ضروره حضاريه 4
-
العلمانيه ضروره حضاريه 3
-
العلمانيه ضروره حضاريه 2
-
العلمانيه ضروره حضاريه 1
-
الإسلام لا خير فيه
-
الملحد والحنين إلى الدين
-
إطلالة على الماضي بعين الحاضر -حادثه محمد وتأبير النخل-
-
ما بين العالم الافتراضي و الواقعي
-
يوم زي العسل
-
العلمانيه تتعثر بسبب المنتمين لها!! 2 -حركه علمانيون نموذجا-
-
نظره للوضع الراهن في مصر والسيناريوهات المتوقعه
-
ماذا لو كان هناك احتمال ثالث ؟
المزيد.....
-
اعتقال مسلح خطط لقتل وزيري الدفاع والخزانة ورئيس مجلس النواب
...
-
الإعلام الاميركي: اعتقال رايان انجلش عند باب الجنوبي للكابيت
...
-
تطهير عرقي وانتهاكات جسيمة.. الجنائية الدولية تتجه لإصدار مذ
...
-
الإمارات تستعرض تقريرها الوطني الثاني بشأن الميثاق العربي لح
...
-
المتحدث باسم أمين عام الأمم المتحدة:الانروا ستواصل عملها حتى
...
-
-السجن وليس الجيش-.. الحريديم يتظاهرون رفضا للتجنيد
-
لازريني لمجلس الأمن: تطبيق التشريع الإسرائيلي بشأن-الأونروا-
...
-
سيلينا غوميز تبكي بسبب خطة ترامب لترحيل المهاجرين و-قيصر الح
...
-
إعلام إسرائيلي: عودة النازحين لشمال غزة تعني فقدان أهم ورقة
...
-
بأمر ترامب.. هكذا تم ترحيل المهاجرين إلى كولومبيا
المزيد.....
-
أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|