أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مهدي بندق - مصر بين سكة السلامة وسكة الندامة















المزيد.....

مصر بين سكة السلامة وسكة الندامة


مهدي بندق

الحوار المتمدن-العدد: 3786 - 2012 / 7 / 12 - 21:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في المأثور الشعبي يُستعار للمترددين إزاء المواقف الحاسمة صورة الشخص الحائر أمام ثلاث طرق عليها لافتات : سكة السلامة ، وسكة الندامة ، وسكة الذي يذهب ولا يعود . وفي الحالة المصرية " سياسيا ً " يتبادل النخبويون تعبير " النموذج التركي والنموذج الباكستاني والنموذج السوداني والصومالي ...الخ
وما من شك في أن الخيار القادم من بين هذه النماذج إنما هو رهين بتوازنات القوى وتوجهات وبراعة (أو عدم براعة) اللاعبين في الداخل، فضلا عن مؤثرات القوى الخارجية وعلى رأسها أمريكا وأوربا ، جنبا إلى جنب دول الخليج وإيران و...إسرائيل الجارة اللدود !
دعنا نعرض عن سكة الذي يذهب ولا يعود ، أعني طريق النموذجين الصومالي والسوداني فحالهما لا يسر صديقا ً ولا حتى عدواً، ويكفي أن الأول منهما فقد دولته بكاملها، في حين فقد الثاني نصف الدولة باستقلال جنوبه عن شماله. وما ذلك إلا لتنكبهما طريق الحداثة استمساكا ً بالقبائلية والعشائرية والتناحر الديني والطائفي .
سكة الندامة مفتوحة علي النموذج الباكستاني – وهو نموذج منذر بالتحقق في مصر – وجوهره اقتسام السلطة بين العسكر والقوى الدينية برعاية أمريكية مباشرة. ومن عجب أن تزعم صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في مقالتها الافتتاحية الأسبوع الماضي أن واشنطن حزينة ومتألمة لخطى مصر الحثيثة على طريق باكستان! وأخذت الصحيفة تعدد أوجه التشابه بين القاهرة وباكستان، خاصة في ظل تردي الأوضاع الأمنية ، مشيرة إلى محاولات المجلس العسكري الحصول على امتيازات خاصة، تجعله صاحب نفوذ سيضر حتما بمستقبل التحول الديمقراطي للبلاد ( هكذا قالت الصحيفة ) وسيؤدي لأزمة قادمة لا محالة مع الرئيس ، كما في باكستان الذي لا يخضع فيه الجيش للرئيس بل يمكنه عزله، وقد جرى ذلك مراراً وتكرارا ً. ولذلك فإن الدعم الأمريكي لباكستان تقلص مع حدة الاضطرابات بها وتراجع حقوق المدنيين، وهو ما يتكرر الآن في مصر التي يخطط الكونجرس الأمريكي لوقف المعونة عنها في سياق المزيد من الابتزاز السياسي لإبعاد الجيش نهائيا عن مراكز صنع القرار، وما لم تشر إليه الصحيفة الأمريكية بالطبع أن يتلو ذلك الانفرادُ بحكومة مهتزة لن تجادل كثيرا ً في حل مشكلة حماس على حساب الأمن القومي لمصر .
*** *** ***
ربما كان النموذج التركي هو ما يمثل "سكة السلامة" في الحالة المصرية ومن ثم يجب استعراضه من منابعه :
كان من بين النتائج الكارثية للحرب العالمية الأولى هزيمة الإمبراطورية العثمانية وضياع كل ممتلكاتها فكان أن أطاح الجنرال كمال أتاتورك بالخلافة العثمانية 1923 وبعدها رأى ومعه النخبة المثقفة من ضباط الجيش أن نهضة تركيا الحديثة رهينة بتشييد جمهورية تأخذ بأساليب الدولة اللبرالية الحديثة، مع التسليم بأن الإنسان التركي لن يتحول ثقافيا ً بين ليلة وضحاها من حالة "الرعية" إلى وضعية "المواطنة" ، ومن ثم فعلى النخبة "الواعية" أن تمهد له الطريق بالتعليم العصري والفكر المتقدم والنشاط الاقتصادي الحديث، بجانب تصديها للقوى التقليدية الرافضة لذاك التحول، فلقد دأبت تلك القوى على حشد الجماهير للمطالبة بإعادة الخلافة كما في انتفاضة الشيخ سعيد الكردي عام 1925 ثم في مناورات حكومة عدنان مندريس بتحالفها مع كبار ملاك الأرض الزراعية ممن ساءتهم التأميمات وتحديد الملكية، وبتهييجها الغوغاء على الدولة، مما اضطر الجيش إلى التدخل بانقلابه الأول في 1960، ثم بانقلاب 1971 ضداً على نجم الدين أربكان الذي حاز بشعاراته الدينية "شعبويةً" كبيرةً بين أوساط المحافظين ولدى الفئات الأكثر فقراً وجهالة. وأخيراً ولأسباب مشابهة تدخل الجيش التركي عام 1980 بقيادة رئيس أركانه الجنرال كنعان إيفرين، الذي أصبح رئيساً للجمهورية لسبع سنوات أضفي فيها الحماية على حكومة تورجوت أوزال لتستكمل التحولات الحداثية المنشودة للبلاد. وباكتمال تلك التحولات لم يعد للدولة التركية مانع أن يتولى حكم البلاد حزب يرى في الدين عاصماً من الزلل الأخلاقي والتفسخ الروحي، ما دام ذاك الحزب مؤمناً بأن الدين للديان وأن الدولة للمواطنين أيا كانت عقائدهم أو أيديولوجياتهم أو لغاتهم أو جنسهم Race أو نوعهم Gender.
فهل يمكن لجماعة الأخوان – وقد دانت لها رئاسة الدولة - أن تسعى لإجراء تحولات عميقة في أيديولوجيتها وسياساتها احتذاءً بالنموذج التركي ؟
الشاهد أن هذا التحول في مصر قد يكون سهلا في بعض النواحي خاصة وأن براجماتية الجماعة الإخوانية سوف تجنبها الصدام مع المؤسسة العسكرية، فجنرالات مصر ليسوا علمانيين كنظرائهم الأتراك فلا سبيل لاستعداء الشارع المصري عليهم بهذه الذريعة، وجراء الهدوء النسبي الذي قابل به الأخوان مسألة الإعلان الدستوري المكمل ( والمكبل ) قام الجنرالات بنقل السلطة إلى الرئيس المنتخب د. مرسي من دون التخلي عن جوهرها، فقد ُجردت جماعة الإخوان من سلطاتها في البرلمان الذي هيمنت عليه قبل حله، بينما ظل المشير طنطاوي رئيس المجلس العسكري الحاكم الفعلي ، كما تأكد احتفاظ الجيش بالسيطرة على وزارة الدفاع، ووزارات الداخلية والخارجية والعدل فضلا عن استمرار الميزات الاقتصادية الكبيرة التي تعتبر ملكا خالصاً للقوات المسلحة ُتقطع يد من يحاول الاقتراب منها كما صرح بذلك أحد الجنرالات المصريين، وكأنه يقول : ابنوا أنتم قواعدكم الاقتصادية بعيدا ً عنا .
التحول إذن متاح نظرياً ولكنه سيكون أكثر صعوبة في النواحي العملية، فأخوان مصر وإن كانوا معبرين عن قطاع من البورجوازية التجارية إلا أنهم لم يبلغوا شأو التيار الإسلامي التركي في تجميع الرساميل التجارية ( 12% من الاقتصاد القومي ) ومن ثم فلقد ظلت جماعة الأخوان المصرية ضعيفة في سيطرتها على مجمل طبقة البورجوازية التجارية الكبيرة بما يحد من نفوذها المالي ، وذلك بسبب تغوّل رأسمالية نظام مبارك السابق وهيمنتها على مساحات كثيرة من قطاع الأعمال. وهو ما يفسر نسبة النصف التي حصل عليها الجنرال شفيق في الانتخابات الرئاسية الأخيرة رغم الصخب الأخواني سياسياً تحت شعارات ثورة يناير وليس باستحقاقاتها على أرض الإنتاج القومي.
التحول إلى النموذج التركي إذن أمامه أشواط طويلة وعمل كثير لا مندوحة من مباشرته عن وعي، أقله تحجيم السلفيين وترميم صدوع الثقة عند القوى اللبرالية والانسلاخ عن التبعية لأمريكا وتجنيب الرئيس مرسي أن يكون كنزاً استراتيجياً جديداً لإسرائيل.



#مهدي_بندق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل تطلب حماس سيناء كوطن بديل ؟
- أنور عبد الملك وتغيير العالم
- لماذا تجنبت ثورة يناير كلمة الاشتراكية ؟
- أيام البين السبعة
- أشباح الميلشيات بين القاهرة وبيروت
- الجذور المعرفية للفكر الفاشي
- ديمقراطية بلا ديمقراطيين
- إلى متى نتقبل ثقافة الأساطير ؟
- مصطلح الثورة مغترب في اللغة العربية
- المتحذلقون ونظرية المؤامرة التاريخية
- احذروا النموذج الباكستاني في مصر
- ازالة اسرائيل على الفيس بوك
- رسيالة من البرزخ
- قصيدة : المنام
- مجتمع الاستعراض في عالم رأسمالية ما بعد الحداثة
- من يكتب تاريخ مصر في قادم الأيام
- موضع السر
- قطرة في المنام الوجيع
- مقدمة مقترحة للجنة صياغة تاريخ مصر الحديث
- الديمقراطية المصرية حمار بوريدان


المزيد.....




- أوكرانيا تعلن إسقاط 50 طائرة مسيرة من أصل 73 أطلقتها روسيا ل ...
- الجيش اللبناني يعلن مقتل جندي في هجوم إسرائيلي على موقع عسكر ...
- الحرب في يومها الـ415: إسرائيل تكثف هجماتها على لبنان وغزة ...
- إسرائيل تعلن العثور على جثة الحاخام تسفي كوغان في الإمارات ب ...
- اتفاق الـ300 مليار للمناخ.. تفاصيله وأسباب الانقسام بشأنه
- الجيش اللبناني: مقتل جندي وإصابة 18 في ضربة إسرائيلية
- بوريل يطالب بوقف فوري لإطلاق النار وتطبيق مباشر للقرار 1701 ...
- فائزون بنوبل الآداب يدعون للإفراج الفوري عن الكاتب بوعلام صن ...
- الجيش الأردني يعلن تصفية متسلل والقبض على 6 آخرين في المنطقة ...
- مصر تبعد 3 سوريين وتحرم لبنانية من الجنسية لدواع أمنية


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مهدي بندق - مصر بين سكة السلامة وسكة الندامة