أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدى السعيد سالم - متى يتم انصاف ضحايا التعذيب فى مصر؟!















المزيد.....


متى يتم انصاف ضحايا التعذيب فى مصر؟!


حمدى السعيد سالم

الحوار المتمدن-العدد: 3786 - 2012 / 7 / 12 - 17:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


التعذيب مصطلح عام يُستعمل لوصف أي عمل يُنزل آلامًا جسدية أو نفسية بإنسان ما وبصورة متعمدة ومنظمة كوسيلة من وسائل استخراج المعلومات أو الحصول على اعتراف أو لغرض التخويف والترهيب أو كشكل من أشكال العقوبة أو وسيلة للسيطرة على مجموعة معينة تشكل خطرا على السلطة المركزية، ويستعمل التعذيب في بعض الحالات لأغراض أخرى كفرض مجموعة من القيم والمعتقدات التي تعتبرها الجهة المُعذِبة قيمًا أخلاقية...يعتبر التعذيب بكافة أنواعه منافيًا للمبادئ العامة لحقوق الإنسان التي تم الإعلان عنها بتاريخ 10 ديسمبر 1948 وتم التوقيع عليها من قبل العديد من الدول سواء في معاهدة جنيف الثالثة الصادرة بتاريخ 12 أغسطس 1949 المتعلقة بمعاملة أسرى الحرب أومعاهدة جنيف الرابعة بتاريخ 1949 م المتعلقة بحماية المدنيين أثناء الحرب....

في عام 1987 م تم تشكيل لجنة مراقبة ومنع التعذيب التابعة للأمم المتحدة والتي تضم في عضويتها 141 دولة وبالرغم من توقيع العديد من الدول على هذه الاتفاقيات إلا أن توقعات منظمة العفو الدولية تشير إلى أن معظم الدول الموقعة لا تلتزم بتطبيق البنود الواردة في المعاهدات المذكورة، وهناك جدل حول استعمال كلمة "تعذيب"، حيث يتم في بعض الأحيان استعمال تعبير "سوء المعاملة" أو "التعسف" أو "التجاوزات" أو "وسائل قريبة من التعذيب" وخاصة من قبل الجهات التي قامت بعمليات التعذيب، حيث يعتقد البعض أن لكلمة "التعذيب" مدلول محدد يشير إلى شخص يحاول عبر كل الوسائل "انتزاع المعلومات"، من جهة أخرى فإن تعريف كلمة التعذيب كما ورد في المادة الأولى من اتفاقية مناهضة التعذيب هو:"الألم أو العذاب لأي سبب من الأسباب يقوم على التمييز أيا كان نوعه، أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص آخر يتصرف بصفته الرسمية" ....ويرى البعض أن توفر غرض محدد من إلحاق الأذى، هو الفيصل في التمييز بين التعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية، إذ لابد من توفر الغرض المحدد في التعذيب.... وهناك انواع واساليب كثيرة للتعذيب منها : التعذيب الجسدي : وهو أكثر الأنواع شيوعا ويشمل الكي وقلع الأسنان أو الأظافر واستعمال العصي أو السوط أو الهراوة بالإضافة للغمس في الماء المغلي أو الماء البارد والإخصاء وتشويه الوجه والأجزاء الظاهرة من الجسم وسلخ الجلد والتجويع أو الإجبار على الإفراط في الأكل والسحل أو السحق والتعليق بواسطة الحبال في أوضاع غير مريحة والصعقات الكهربائية ....

كما يوجد ايضا التعذيب النفسي باستعمال أساليب تلحق آلاما نفسية مثل : الإيحاء بأن الشخص على وشك أن يتم قتله اوالحبس الانفرادي اوالابتزاز اوالإجبار على مشاهدة شخص آخر يتم تعذيبه اوإجبار الشخص بأن يقوم بتعذيب شخص آخر أو إجباره على مشاهدة اعتداء جنسي أو استغلال خوف أو رهاب المعتقل من شيء ما واستعماله ضده أو منع الشخص من النوم أو إزالة المؤثرات الحسية بوضع عصابة على العينين وصم الأذنين أو إجبار الشخص على الكفر بمعتقداته الدينية أو إهانة مقدساته وحلاقة شعر الرأس وخاصة للسيدات أو الإهانة العلنية بإجبار الشخص على التعري على الملأ أو إجباره على الاشتراك في عمليات جنسية او اجراء كشوف العذرية على البنات كما حدث مع بنات مصر المتظاهرات من قبل الجيش والتحكم بدرجة حرارة مكان الاعتقال !!!... من ناحية اخرى هناك التعذيب بواسطة مواد كيماوية مثل إضافة الملح إلى جروح الشخص أو إيلاج الفلفل الحار أو البهارات إلى الأغشية المخاطية في الجسم أو إجبار الشخص على تناول بعض العقاقير التي تؤدي إلى أعراض جانبية غير مريحة.... وهناك ايضا التعذيب الجنسي عن طريق الاغتصاب أو إجبار المعتقل على القيام بفعاليات جنسية رغما عن إرادته أو إجبار المعتقل على الجلوس على زجاجة أو ما شابه من الأشياء او اجراء كشوف العذرية على البنات كما حدث مع بنات مصر المتظاهرات من قبل الجيش... وهناك التعذيب بالنوم وهو إما إجبار المعتقل على النوم لفترات طويلة مما يؤدي لضمور عضلاته أو منعه من النوم لفترات طويلة مما يؤدي إلى فقدانه للتركيز والهلوسة وإصابته بالوهن.... او وضع المعتقل في زنزانة انفرادية قذرة وضيقة ومظلمة أو حشر أعداد كبيرة في زنزانة واحدة لا تتسع إلا لشخص واحد... او عن طريق الكي بواسطة قطعة معدنية بحجم وطول قلم الرصاص للمناطق الحساسة من الجسم إضافة إلى الحرق بإطفاء أعقاب السجائر.... او إطلاق الحيوانات الشرسة على المعتقلين كالكلاب البوليسية المدربة والأفاعي والعقارب السامّة.... او الكي بالكهرباء في المناطق الحساسة من الجسم و الضرب المبرح حتى الإغماء.... او التعذيب عن طريق شوي الدجاجة كاملة : حيث يربط السجين العاري إلى قضيب متصل بملف ثم يصب الماء البارد عليه ، وبينما يلف القضيب بانتظام يجلد السجين ، وبعد فترة وعندما تصبح الجروح الناجمة عن الجلد حساسة فإن آلة أخرى تبدأ في تسخين الضحية من أسفل ، ومن ثم تحرق الجروح . ويعاد الجلد ، مع صب الماء الساخن هذه المرة على جسم الضحية ....

مما لاشك فيه انه وفقًا للأساس الدستوري الذي يتمثل في المادة 157 من دستور ما قبل الثورة فإن: "الوزير هو الرئيس الإداري الأعلى لوزارته، ويتولى رسم سياسة الوزارة في حدود السياسة العامة للدولة، ويقوم بتنفيذها" وبالطبع فإنه ليس من المتصور أن يكون التعذيب من ضمن حدود السياسة العامة للدولة..... ولذلك فإن اتساع نطاق التعذيب في مصر لدرجة وصف مصر بأنها من الدول التي يمارس فيها التعذيب بصورة منهجية يلقي بظلال من المسئولية على وزير الدفاع او الداخلية بوصفهما الرئيس الإداري الأعلى لوزارتهما او اى وزارة اخرى تمارس التعذيب ضد المواطن المصرى ....فإذا كان المبدأ الدستوري في افتراض براءة المتهم وما ينتج عن ذلك في إن الشك يفسر لصالح المتهم يحول دون قيام النيابة بدورها في سلوك طريق المحاكمة ضد الضباط المتهمين بالتعذيب إذا لم يتوافر دليل على التعذيب، فأن على النيابة أيضًا عليها واجب دستوري بتحريك الدعوى الجنائية متى كان هناك أي اعتداء على الحرية أو الحياة الشخصية لمواطن (م 57 من الدستور) وهى تعلم إن جريمة الاعتداء على الحرية الشخصية لا تسقط بالتقادم؟ ونتساءل: هل لا تدرك النيابة إن هؤلاء المواطنين الذين تم تعذيبهم يصعب عليهم في غالب الظروف معرفة أسماء معذبيهم أو ظروف تعذيبهم، حيث يكون ذلك في الغالب الأعم في أماكن مظلمة وهم معصوبي العينين وخاصة في جهاز مباحث امن الدولة السابق ؟ وهل يصعب على النيابة بحكم خبرتها الطويلة أن تستنتج إن سلطات الضبط الإداري تستطيع العبث في الدليل في مرحلة ما قبل لجوء المواطن المُبَلغ للنيابة العامة؟ وألم تسمع النيابة عن عشرات الحالات التي يتم فيها تهديد المواطنين بالتنازل عن بلاغات التعذيب، وأن المواطنين في أحيان كثيرة لخوفهم من سلطات الأمن ـ ولثقتهم أو أملهم في النيابة ـ يقومون بعمل البلاغات ولا يتهمون شخص بعينه بقيامه بالتعذيب في أماكن احتجازهم خوفًا من انتقام من يتهمونه بالتعذيب؟ ألا تستطيع النيابة استدعاء مسئولين قطاعات الشرطة أو أماكن الاحتجاز التي يدعى المواطنون تعذيبهم بها وسؤالهم عن ضابط الشرطة المختص الذي قام بالتحقيق أو استجواب المواطن ضحية التعذيب والذي تحوم شبهات حول ارتكابه التعذيب؟ أم إن النيابة تنتظر من هذا المواطن الضحية الذي ترفض اى جهة في الغالب إثبات تعذيبه ويصعب عليه إثبات ذلك، تنتظر منه تقديم دليل حاسم بتعذيبه؟!!...

ووفقًا للتقرير السنوي لجمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء لعام 2004 فإن المتهمين في قضايا التعذيب " يتمتعون بنفوذ قوي ويظلون في أماكن عملهم طوال فترة التحقيق معهم، وهو ما يساعدهم في اصطناع أدلة البراءة، سواء بإحضار بعض المجرمين المحتجزين لديهم للإدلاء بشهادات كاذبة أو حتى بتحمل المسئولية عن الضباط، أو باختلاق أوامر أجازات وهمية حيث يحصلون من جهة عملهم علي ما يفيد أنهم كانوا في راحة وقت حدوث التعذيب..... كما إنه حتى في حالة حبس الضباط احتياطيا فأنهم يتمتعون بمعاملة ممتازة، ويقوم زملاؤهم بمحاولة اصطناع أدلة لتبرئتهم" .... ولا نعتقد إن هذه الحقائق والاستنتاجات تغيب على خبرة النيابة العامة في مصر.... الجدير بالذكر انه في السابق كان هناك اعتقاد شائع بأن الشخص القائم بالتعذيب لابد أن يتحلى بصفات عدائية أو عنيفة في شخصيته ولكن وبعد الحرب العالمية الثانية جرت العديد من الدراسات الأكاديمية لتحليل ظاهرة الطاعة العمياء لأوامر قد تعتبر لا أخلاقية ففي الستينيات قام العالم النفسي ستانلي ملغرام (1933 م - 1984 م) بإجراء تجربته المشهورة في جامعة يايل والمعروفة باختبار ملغرام في محاولة منه لتفسير ظاهرة التنفيذ الأعمى لعمليات الهولوكوست من قبل الجنود العاديين وبعد ملغرام وفي عام 1971 قام عالم النفس الأمريكي فيليب زمباردو (مواليد صقلية 1933 م) بإجراء اختبار سجن ستانفورد واستنتج زمباردو أن الأشخاص العاديين وبمختلف المستويات الاجتماعية والثقافية معرضون للانصياع والطاعة العمياء عندما يتعرضون لنظام أيديولوجي يحظى بدعم اجتماعي ومؤسساتي وقال بأن الوضع أو الواقع هما اللذان سببا سلوك الأفراد أكثر من أي شيء موروث في شخصياتهم ... مما لاشك فيه ان هناك احتمالات أخرى واردة في علم النفس لتفسير تحول إنسان بسيط إلى جلاد ومنها : مدى قبول ظاهرة التعذيب في الوسط الذي يعيشه أو يعمل به ومدى ممارسة أفراد الوسط أو زملاء العمل لظاهرة التعذيب فالإنسان بصورة عامة يجنح إلى الاندماج والتأقلم مع الوسط لكي يشعر بأنه جزء من المجموعة.... الى جانب التنفيس عن مكبوتات فرضها المجتمع أو السلطة أو الدين على الأجزاء الغريزية في لاوعي الإنسان !!!..


وللأسف الشديد فانه بالرغم من استمرار خبراء القانون وأحزاب المعارضة والمنظمات المصرية لحقوق الإنسان في مطالبتهم بضرورة إصلاح قانون الإجراءات الجنائية بما يتضمنه ذلك من ضرورة عودة الفصل بين سلطتي الاتهام والتحقيق، إلا انه يبدو إن النيابة العامة تستمر في تقاعسها في تحريك الدعوى الجنائية في قضايا التعذيب..... وعلى سبيل المثال، فقد أشار أحد تقارير المنظمة المصرية لحقوق الإنسان عن التعذيب إلى أن المنظمة قد تقدمت في عام 2004 مثلا بعدد 22 بلاغ عن حالات وفاة بسبب التعذيب و عدد 70 بلاغ عن وقائع تعذيب..... وفي جميع هذه الحالات لم يتم إحالة سوى قضية واحدة إلى المحاكمة بينما لم يتم الانتهاء من التحقيقات في الجانب الأكبر منها حتى صدور التقرير(صدر هذا التقرير في مارس من عام 2005)، أو تم حفظ هذه البلاغات.... هذا التقاعس دعا العديد من اللجان الدولية لحقوق الإنسان ومنها اللجنة الدولية لمناهضة التعذيب للإشارة في أكثر من مرة ـ للأسف ـ إلى ضرورة وجود جهاز قضائي مستقل للتحقيق في قضايا التعذيب في مصر....والسؤال المنطقي هنا هو هل لم يتوافر بأي من ألاف البلاغات التي قدمتها منظمات حقوق الإنسان طوال السنوات السابقة أية معلومات كافية تستحق الرد؟!... أم هل لا تستحق بلاغات منظمات حقوق الإنسان أي رد؟ ولو افترضنا أن آلاف البلاغات كانت كاذبة، لوجب التحقيق فيها وإثبات ذلك ومحاسبة من يختلقون الوقائع! وهل خسر المواطنون أصحاب الشكاوى والبلاغات حقوقهم الدستورية وأبسط حقوق الإنسان فقط بسبب تطوع منظمات حقوق الإنسان للدفاع عنهم؟ وهل علينا أن ننصح المواطنين بأن يبتعدوا عن منظمات حقوق الإنسان مادامت الدولة (النائب العام) لن يردوا على هذه البلاغات، لكن ماذا يمكننا أن نقدمه كبديل لكل هؤلاء المواطنين الفقراء الذين لا يستطيعون تحمل أية أعباء دعم قانوني سوى عن طريق اللجوء لهذه المنظمات؟ مع العلم بأن توفير هذا الدعم القانوني ليس ترفًا أو عملا خيريا بل هو التزام دولي ودستوري.... على الدولة توفير طرق اللجوء للقضاء للإنصاف لرفع الانتهاك الماس بالحقوق والحريات الشخصية للمواطنين..


وابلغ دليل على صدق كلامى ما حدث مع ( هشام محمد عبد الحميد احمد )الذى تم القاء القبض عليه يوم فض اعتصام التحرير 8/7/2011 والذى قامت به قوات من الشرطة العسكرية ووحدات من الجيش ى يوم 1/8/2011 فى اول يوم من ايام رمضان الماضى ..حيث اخذوه الى ( س 5 /شرطة عسكرية ) الموجودة بجوار محطة مترو محمد نجيب بعابدين وهناك تم ضربه وشتمه هو ومجموعة من المقبوض عليهم عددهم 113 مواطن !!! حيث قام العميد ممتاز او الرجل الثالث فى الشرطة العسكرية والذى كان موجودا هناك بشتمهم واعطاء الاوامر بضربهم وتعذيبهم ... وبعد ذلك امر بترحيلهم فى 3 عربات ترحيلات غير آدمية الى السجن الحربى ... وعندما وصلوا الى السجن الحربى تم انزالهم بطريقة مهينة عن طريق اعطاء تعليمات لهم بوضع ايديهم على رؤوسهم كأنهم اسرى حرب وليسوا مواطنين يعبرون عن عدم رضائهم عن السلطة العسكرية الحاكمة .. الغريب والمخزى فى الامر ان هشام محمد عبد الحميد احمد عندما نزل من سيارة الترحيلات اختل توازنه فانهالوا عليه ضربا وركلا وصعقا وشتما بألفاظ ينتدى لها الجبين خجلا !!! ثم قاموا بتفتيشهم وتجريدهم من ملابسهم واخذوا اموالهم وتليفوناتهم المحمولة التى لم يستردوها حتى الآن !!! وعندما تم تسكينهم فى مجموعات موزعة على تخشيبة السجن الحربى ادخلوا هشام و 22 فردا فى زنزانة واحدة ولايوجد معهم سوى ( جركن ) مياه لشربهم !!! ولايوجد بها دورة مياة وتم معاملتهم معاملة حاطة بالكرامة !!!... الجدير بالذكر ان هشام محمد عبدالحميد احمد كان مصابا منذ احداث ماسبيرو فى يده اليسرى وعندما وصل الى السجن الحربى قاموا بضربه على يده المصابة مما اثر على اعصاب يده بشدة وحدثت بها بعض الجروح والشروخ !!! وعندم تم نقله الى مستشفى السجن الحربى نتيجة لكثرة الاصابات الموجودة بها من كثرة الضرب قام الاطباء بالسجن الحربى باعطاءه برشام للاعصاب فقط مما ترك اثرا على يده حتى الآن فضلا على الجرح النفسى المؤلم نتيجة ما تعرض له !!..بالرغم من وجود الجانبين الجسدي والنفسي للتعذيب فى حالة هشام محمد عبد الحميد احمد إلا أن الآثار النفسية تعتبر أكثر أهمية لكونها تبقى مع الشخص لفترة طويلة وتكون لها على الأغلب بصمات مزمنة في العديد من مجالات الحياة..... استنادا إلى أحد الكتب المنهجية لوكالة المخابرات الأمريكية فان عملية التعذيب تؤدي إلى تقهقر الإنسان إلى مراحل بدائية على عدة مستويات منها عدم قدرته على إنتاج أعمال إبداعية عالية المستوى وعدم القدرة على التعامل مع القضايا والمواقف المعقدة أو عدم القدرة على مواجهة الأزمات والمواقف المحبطة وعوائق عديدة في تواصل علاقات الشخص مع المحيطين به نتيجة لعامل الشعور بالعار والخضوع وفقدان الشعور بأهمية الذات وعدم القدرة على تغيير الواقع والخضوع للمتغيرات وانعدام الأمل بمستقبل مشرق وفقدان الكبرياء وعزة النفس نتيجة لبعض أساليب التعذيب المهينة ....


من ناحية اخرى هناك الكثير من التجارب التي تمت في القرن العشرين على الحيوانات بالإضافة إلى الإنسان وأدت إلى نتائج مفادها أن جرعة معينة من الألم الجسدي والنفسي قد يؤثر بصورة ايجابية على قدرات الفرد العقلية والجسدية لتحفيزه الأدرينالين ولكن هذه الجرعة إذا استمرت فإن الشخص يدخل إلى منطقة ضبابية من الإدراك يعرضه إلى قبول أية فكرة حتى إذا كانت منافية للمنطق أو مبادئ الشخص وهذه الفترة يستعمل عادة في ما يُسمى بعملية غسل الدماغ .... وفي بعض الأحيان يظهر الشخص المتعرض لعملية التعذيب تعاطفا مع جلاده وتعرف هذه الظاهرة النفسية المعقدة بمتلازمة ستوكهولم ( Stockholm syndrome) ....وفي بعض الأحيان ولفقدان شعور الشخص الذي تعرض للتعذيب بوجوده ككينونة فإنه يلجأ إلى تعذيب نفسه أو إلحاق الأذى الجسدي بنفسه كمحاولة لإثبات أنه ما زال موجودا ....ومن الآثار النفسية الشائعة للتعذيب بعد انقضاء فترة التعذيب هي الأرق والقلق وانعدام القدرة على التركيز والكوابيس أو ومضات من التذكر الدقيق لتفاصيل التعذيب بالصوت والصورة وقد يتطور الأمر إلى صعوبات في الذاكرة والقدرة الجنسية والعلاقات الاجتماعية والخوف أو الرهاب والوسوسة والهلوسة والكآبة ... بل من أشهر الأمراض النفسية التي قد يكون الشخص المتعرض للتعذيب عرضة لها هو ( post-traumatic stress disorder) او مرض توتر ما بعد الصدمة ... وهذا بعينه ما يحدث مع هشام محمد عبد الحميد احمد !!.. الغريب ان هشام لايجد اى عون او مساعدة لاثبات حقه بعد ان فقد عزة نفسه وكرامته على يد من يدعون انهم حماة الثورة !!!..

من الغرائب ان عالم مصري توصل لإختراع جديد يتمثل بالاستعانة بالحشرات للكشف عن الجرائم وخصوصاً تلك المتعلقة بالتعذيب والاغتصاب....حيث توصل الدكتور علي رسمي إلى كشف جديد يمكن من خلاله استخدام الحشرات كدليل إدانة على حدوث الجرائم بحسب وكالة الأنباء الكويتية...ووفقاً للدكتور علي: "في سابقة تعد الأولى من نوعها تم استخدام أنواع معينة من الحشرات في الطب الشرعي للتعرف على آثار التعذيب في الأشخاص الأحياء منهم والأموات وكذلك التوصل للجاني في جرائم الاغتصاب حتى ولو أسفرت عن وفاة الضحية".... حيث يعتمد الكشف الجديد على تحليل السائل الداخلي لبعض الحشرات التي تتواجد بجوار أو على جسم الشخص الذي تم تعذيبه ومن خلال نتائج التحليل يمكن الاستدلال على أن هذا الشخص توفي نتيجة التعذيب أم لا أو اذا كان مقيد اليدين أو تم ربط عينه بشريط....وأضاف أنه بتحليل هذه الحشرات وتتبع دورة حياتها يمكن أيضا الكشف عن جرائم التعذيب و الاغتصاب وتحديد هوية الجاني حتى ولو أدت جريمته الى وفاة الضحية... وأظن ان حشرات السجن الحربى لن تكذب على جرائم العسكر فى حق المتظاهرين والثوار بناءا على اختراع الدكتور / على رسمى !!!...


هناك الكثير والكثير من الأسئلة تجول فى خاطرى .... ولكن الأهم هو أن الاستمرار في تجاهل مثل هذه البلاغات يعد مؤشرًا جديدًا على تقاعس النيابة للأسف (ناهيك عن تقاعس النيابة)، طالما تعلقت الشكاوى بانتهاكات حدثت من وزارة الدفاع او الداخلية وخاصة في قضايا التعذيب.... والاستنتاج الأهم هو أن عشرات القضايا التي تمت فيها محاكمة الضباط المسئولين عن التعذيب لا تمثل سوى نسبة ضئيلة جدا من قضايا التعذيب، ولا تعطي مؤشرًا حقيقيًّا عن الصورة الكلية لقضايا التعذيب... لكن الأخطر من وجهة نظرى هو أن عدم تدخل رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وإمكانية علمهما بتقاعس النيابة العامة يمثل حلقة جديدة في إطار محاولات السلطة التنفيذية لحصار استقلال القضاء والإصرار على عدم استقلال النيابة العامة..... هذا السكوت يمثل قرينة أخرى حول تحمل رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المسئولية الجنائية بسبب تقصيرهما في اتخاذ خطوات جدية في سبيل توفير سبل قضائية مستقلة ونزيهة لمحاسبة المسئولين عن التعذيب... كما يتحمل وزير الداخلية او الدفاع المسئولية عن تقاعسه في التحقيق عن الشكاوى المتعلقة بتعذيب تابعيه أو إساءة معاملتهم للمواطنين!!!!!...الى جانب ان الواجب الدستوري لكل من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء يحتم عليهما فتح باب التحقيق في قضايا التعذيب اثناء الثورة وبعدها وإعلان الحقيقة.... فمجرد الإنكار وإلقاء الاتهامات ليس له من حيثية قانونية ..... فمن مصلحة الحكومة إبراء ذمتها من هذه التهم الخطيرة.... ونعتقد أن مجرد الاستمرار في الإنكار وعدم اتخاذ خطوات جدية ومعقولة للتحقيق في هذه الاتهامات ومحاكمة المسئولين عنها ـ إذا ثبتت نسبة هذه الوقائع عليهم - يمكن أن يُحمل كل من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء المسئولية الجنائية بوصفهما رئيسين لم يتدخلا لمحاسبة مرؤوسيهما على التعذيب الذي مارسوه، وهو الأمر الذي وصل لعلم هؤلاء الرؤساء من أكثر من طريق....


لذلك اطالب السلطات المصرية، بتعديل التشريعات الخاصة بجريمة التعذيب، بما يتوافق مع اتفاقية مناهضة التعذيب، للقضاء على التعذيب، وخاصة مواد قانون العقوبات المصرى فى المادتين 126، 129، حتى تتطابق مع مواد اتفاقية مناهضة التعذيب التى وقعت عليها مصر وأصبحت قانوناً داخلياً وتعديل كافة القوانين التى تتعارض مع الاتفاقية، وحماية ضحايا جرائم التعذيب وغيرها من الجرائم ضد الإنسانية، خاصة ضد المعتقلين والسجناء، وكافة أشكال العنف والمعاملة القاسية ضد المواطنين، وخاصة السجناء والمعتقلين....الجدير بالذكران الأمم المتحدة، قد أصدرت اتفاقية مناهضة التعذيب عام 1984، ودخلت حيز التنفيذ فى 26 يونيو 1987، لمناهضة التعذيب وكافة أشكال المعاملة أو العقوبة القاسية واللاانسانية، والتى تحط من كرامة الإنسان كنوع من إعلان الرفض العالمى لممارسة التعذيب والتضامن مع الضحايا ومساندتهم، وللتأكيد على عدم القبول أو السماح بارتكاب هذه الجريمة اللاانسانية وإنصاف ضحايا التعذيب، ومعاقبة الجناة، والحرص على عدم تكرار هذه الجريمة.... ورفض التعذيب بكافة صوره وأشكاله، و النضال من أجل القضاء علي التعذيب الذى تمارسه السلطات ...



#حمدى_السعيد_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هكذا تصنعون يا سدنة معبد تقديس الرئيس طواغيتكم وفراعينكم
- الى لميس عمر عفيفى : والدك لايقدر بثمن ولن يكرره الزمن
- محمد الماغوط طالب العذاب وشاعر الرثاء الكونى ورسول الحزن
- حلف مرسى أمام المحكمة الدستورية يعد اعترافا صريحا بالإعلان ا ...
- لا أمل فى صحافة جيدة الا اذا انفتح الباب لصحافة حقيقية
- جماعة الاخوان السلقلقية وزواج المتعة مع ايران
- لقد اتفق المجلس العسكرى مع جماعة الاخوان ضد مصر الثورة
- بسبب طمع الاخوان الديمقراطية اصبحت عبئا وليست حلا
- امريكا لماذا تدفع اكثر للثوريين طالما ستدفع اقل للاخوان
- فضائح المركزالقومى للسينما تزكم الانوف
- ايتها الاستثنائية : سأعيش ولن اموت حزنا عليك
- مخطط المجلس العسكرى الشيطانى لتنصيب عمر سليمان رئيسا
- سيناريو الايام القادمة فى الثورة المصرية
- برلمان المتأسلمين الى مزبلة التاريخ غير مأسوف عليه
- خالد سعيد يقول :هذه هى جرائم حماة الشعب فمن يحمى الشعب منهم؟ ...
- الاعلام المصرى ما زال أعمى
- هل ستموت الحقائق بالصمت؟!!
- مبارك والمجلس العسكرى وشفيق - الثلاثة يشتغلونها -
- انفراد : النص الحرفى لحيثيات الحكم في قضية مبارك ونجليه علاء ...
- لماذا وصلنا الى نقطة الصفر ...


المزيد.....




- تامر حسني يشارك فيديو مؤثر مع صديق عمره الراحل محمد رحيم
- شاهد كيف وصفت مراسلة CNN أجواء الهدنة في لبنان
- إسرائيل تنتهك وقف إطلاق النار والحكومة اللبنانية تستنكر.. فه ...
- باكستان تشهد تصاعدا في التوتر.. اتهامات جديدة لعمران خان وزو ...
- منظومة -إسكندر- الروسية تدمر خمس راجمات صواريخ -أتاكمس-
- ميقاتي يجدد الدعوة إلى -الضغط على إسرائيل لوقف خروقاتها-
- وزير الخارجية الألماني السابق يتهم الولايات المتحدة بالفوضى ...
- قاعدة جوية مصرية تستضيف تدريبا مصريا أمريكيا (صور + فيديو)
- عبد الملك الحوثي: سنواصل مهاجمة إسرائيل والسعي لأمر أعظم لدع ...
- نتنياهو يهدد حزب الله بحرب طاحنة شاملة ويعتبر ما جرى في لبنا ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدى السعيد سالم - متى يتم انصاف ضحايا التعذيب فى مصر؟!