|
صلاح الدين الأيوبى وعبادة الفرد
طلعت رضوان
الحوار المتمدن-العدد: 3785 - 2012 / 7 / 11 - 22:18
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
بعد ثورة شعبنا فى شهرطوبة/ يناير2011كتب البعض أنّ مصرفى حاجة إلى صلاح الدين الأيوبى أوعبدالناصر. وأذكرأنه عندما كان د. عماد أبوغازى يُشرف على صفحة تراث الأمة بجريدة الدستور(الإصدارالأول) كتب فى تقديمه لدراسة أ. رفعت محمد عن صلاح الدين ((تفتح صفحة تراث الأمة ملفًا سوف يُثيرالكثيرمن الجدل وسيُغضب الكثيرين ، ومع ذلك نفتحه لأننا حريصون على الهدف الذى أعلناه فى العدد الأول وهوالسعى إلى الحقيقة ومحاولة الوصول إليها. وأنّ صلاح الدين الذى قدّمه يوسف شاهين شخصية غيرتاريخية. حاول يوسف شاهين فى فيلمه أنْ يُسقط الماضى فى عصرالحروب الصليبية على الواقع العربى فى الستينات ، فطرح شعارالوحدة العربية. ولم يقتصرأمرتقديم صلاح الدين بشكل مفارق للحقيقة على السينما فقط ، فإنّ صلاح الدين فى كتب التاريخ المدرسية شخص آخرغيرصلاح الدين الذى يُقدّمه لنا رفعت محمد من خلال قراءة مُتأنية فى المصادرالتاريخية سوف تُزعج الكثيرين)) ووعد كل مُنزعج بحق الرد وأضاف ((وإنْ كنتُ أنا شخصيًا مقتنعًا بكل كلمة وردت فيه)) (16/10/96) وكما تنبّأ د. عماد أبوغازى جاءت ردود المُنزعجين ومنهم مُذيع عبدالناصر(أحمد سعيد) فأرسل ردًا للجريدة نشرته فى 20/11/96وفيه وصَفَ دراسة رفعت محمد بأنها ((عُهرآخرصيحة)) وأنّ ((جيلنا الذى أضاع القدس يُهاجم صلاح الدين الذى استرد القدس . أليس هذا هوالفـُجربعينه؟)) ولأنّ جريدة الدستورفى زعمه تسعى إلى تخديرالشعب بالأكاذيب ، لذلك نصح رئيس التحريرأنْ يُوزّع مع كل عدد ((جرام هيروين لتُصبح جريدتكم أكثرجرائد العرب توزيعًا)) واستهل مقاله قائلا ((أخرجتنى من قبرى ما نشرتموه عن صلاح الدين)) ولأنّ المقال إجترارللصيغ الإنشائية عن العروبة وسب كل مختلف معها فكريًا ، لذلك كان د. عماد أبوغازى على حق فى تعليقه على ((صاحب قاموس الشتائم الأشهرفى تاريخ الإعلام المصرى)) والذى لم يتعظ من كارثة بؤونة/ يونيو67وخرج من قبره ((ليُذكرنا بنفسه وبأيام سوداء فى تاريخنا)) وبعد تسع سنوات فتحتْ جريدة القاهرة ملف صلاح الدين ، فيتعالى صياح المُنزعجين الذين تنبُأ بهم د. أبوغازى وينشرون صيغهم الإنشائية عن العروبة وتحريرالقدس ، لدرجة أنّ أحدهم نفى عن صلاح الدين جريمة هدم الأهرام ونسبها إلى المصريين. وبرّربناء القلعة لحماية القاهرة من الغزاة. أما أ. رفعت محمد الذى يحترم المنهج العلمى فكتب أنّ صلاح الدين كما ذكرابن واصل قال عن المصريين أنهم ((أعداء وإنْ قعدتْ بهم الأيام . وأضداد وإنْ وقعتْ عليهم كلمة الإسلام)) وقلعته هى أفضل ترجمة لهذه المشاعرالمُتبادلة بين الطرفيْن . وأنّ القلعة بُنيتْ لحماية الحاكم من انتفاضات الشعب وليس لحماية القاهرة . والقلعة التى من أجلها فرض صلاح الدين السُخرة على المصريين وهدم أهرامًا وآثارًا تركها وفضل الإقامة فى الشام بين الصليبيين وفرق الحشاشين الانتحارية لأنها أكثرأمنًا من الإقامة بين المصريين . والوجدان الشعبى الذى خلد بيبرس فى ملحمة شعبية ، لم يعترف بصلاح الدين ولم ينس ما فعله به. ومن عهد صلاح الدين ابتكرالعقل الجمعى المصرى الفعل (استكرد) ومشتقاته والذى دخل إلى العامية المصرية منذ ذلك العهد)) المراجع أمامى كثيرة وكلها تروى جرائم صلاح الدين ضد شعبنا ونهب ثرواته وتوزيع أراضى مصرعلى أقاربه مثله مثل أى مُستعمر. فذكرالمقريزى ((تسلم السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب القصربما فيه من الخزائن والدواوين وغيرها من الأموال والنفائس ، وكانت عظيمة الوصف واستعرض من فيه من الجوارى والعبيد فأطلق من كان (حرًا) ووهب واستخدم باقيهم وأطلق البيع فى كل جديد وعتيق ، فاستمرالبيع فيما وُجد بالقصرعشرسنين . وأخلى القصور من سكانها وأغلق أبوابها ثم ملكها أمراءه. وأخذ أصحابه دورمن كان يُنسب إلى الدولة الفاطمية ، فكان الرجل (من جنود صلاح الدين) إذا استحسن دارًا أخرج منها سكانها ونزل بها)) (الخطط – ج 2 ص 284) وإلى الذين لايملكون المراجع الأصلية ويملكون وجدانًا مصريًا ويُهمهم التعرف على المسكوت عنه فى شخصية صلاح الدين الأيوبى ، أرجوهم قراءة كتاب د. محمود إسماعيل (سوسيولوجيا الفكرالإسلامى- سينا للنشرعام 92) خاصة أنه من الباحثين المُدققين فى النقل عن المصادرالأصلية ، فذكرأنّ صلاح الدين إختص نفسه وأسرته وأجناده بأجود الأراضى الزراعية. وقال المقريزى ((وأما ما كان فى أيام صلاح الدين إلى أيامنا هذه فإنّ أراضى مصركلها صارت تُقطع للسلطان وأمراؤه وأجناده ، مصداق ذلك إقطاعه أباه الإسكندرية ودمياط والبحيرة . كما أقطع أخاه شمس الدين توران شاه قوص وعيذاب . وأقطع أخاه العادل حلب والكرك والشوبك والبلقاء فضلا عن بعض قرى مصر)) (ص 38) وأنّ حكم صلاح الدين (إتسم بالتعصب الدينى والمذهبى وتعرّض أهل الذمة للاضطهاد وتعرّض الشيعة والمُتصوّفة للبطش والتنكيل) (ص62) وأنّ القاهرة ((شهدتْ إبان حكم صلاح الدين شغبًا من العوام على العسكرالأيوبى . لكن صلاح الدين لم يتقاعس عن محق المُشاغبين بإحراق أحيائهم والبطش بنسائهم وأطفالهم . كما نجحتْ بعض قيادات الشيعة الإسماعيلية فى إثارة العوام فى مناطق الأطراف كالإسكندرية والنوبة ، فقاموا بانتفاضات قمعها صلاح الدين بوحشية وقسوة ، إذْ صلب الثوارعلى الأشجار) (ص 161، 162) وصلاح الدين هوالذى أصدرالأمربقتل الفيلسوف الحلبى الحرالسهروردى وطارد الفيلسوف الأندلسى ابن سابين . وفى عهده تعرّضتْ مراكزالعلم الشيعية للقضاء عليها : دارالعلم ودارالحكمة. وتخريب المكتبة الفاطمية الشهيرة بالقاهرة . وجرائم صلاح الدين ضد شعبنا وضد الشعوب التى حاول إحتلال أراضيها ذكرها أكثرمن مؤرخ . لذا أتمنى أنْ يقرأ الجيل الجديد كتب التاريخ الأصلية لمعرفة الحقيقة الراقدة فى غرف انعاش الثقافة المصرية السائدة التى لم ترفى صلاح الدين إلاّمُحرّرالقدس ، وتجاهلتْ جرائمه فى حق شعبنا وغيره من الشعوب . كتب ابن الأثيرفى كتابه (الكامل فى التاريخ) أنّ صلاح الدين أحرق وخرّب ونهب هووجنوده المدن التالية : الإسماعيلية ، عسقلان ، الكرك وشوبك وطبرية. وأرسل إلى ولده الأفضل ((يأمره أنْ يُرسل قطعة صالحة من الجيش إلى بلد عكا ، ينهبونه ويُخرّبونه. ونهب المسلمون (من جنود صلاح الدين) ما جاورهم من البلاد . وغنموا وسبوا وعادوا سالمين)) (هيئة الكتاب المصرية- عام 98ص 38، 44، 131، 132) إنّ لغة العلم تــُحتــّم أنْ يستبعد الباحث أهواءه السياسية وعواطفه الدينية. وأنّ المؤمن بمصريته وبالعقل لايهمه أنْ يعتنق شعبنا مذاهب الشيعة أومذاهب السنة ، لأنّ الإيمان بمصرهو الأساس الذى عليه نصعد وننهض ونصنع مستقبلا أرقى . وبداية التحررأنْ نتخلص من إدمان الأساطيرالزائفة التى تــُمجّد فى عبادة الفرد ، كما يفعل العروبيون والأصوليون الذين يبتهلون إلى القدرأنْ يُرسل إليهم بطلا مُخلصًا شبيهًا بصلاح الدين الأيوبى أوعبدالناصر، رغم جرائمهما ضد شعبنا . إنّ الوعى بقدراتنا البشرية ، والوعى بمواردنا الطبيعية ، هوالتحدى أمام الثقافة السائدة البائسة فى مصر. هذا الوعى هوالبديل إذا أردنا صناعة مستقبل أرقى من واقعنا البائس ، مستقبل مُتحضربروح مصرية وعلى مبادىء العلمانية ، وليس التشعلق بحبال مُهترئة ، تتمسك بآفة عبادة (البطل الفرد) وصدق الفيسلوف الألمانى هيجل فى قوله الحكيم ((سُحقــًا لشعب يعبد البطل أيًا كان هذا البطل)) . ***
#طلعت_رضوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جدل العلاقة بين التعصب والتسامح فى (المهدى)
-
أنور عبدالملك ورؤيته لنهضة مصر
-
الإسلام الصحيح فى حوزة من ؟
-
حميمية العلاقة بين الموت والحياة
-
التراث الإنسانى بوجدان وعقل الأنثى
-
يونيو67، يونيو2012
-
هل العلمانيين واليسارالإسرائيلى خرافة؟
-
هل سينحاز الرئيس للعدالة أم للسلطة ؟
-
من بعيد : نور من عصر التنوير المصرى
-
الشعر عندما يكون مصرى اللغة والوجدان
-
الغزو العربى وكيف تعامل معه المؤرخون
-
الشخصية المصرية ونتيجة الانتخابات
-
الجذورالتاريخية للشريعة الإسلامية
-
قراءة فى دساتير بعض الدول
-
الغزوالعصرى لأسلمة شعوب العالم
-
الإبداع المصرى فى مجموعة (عيب إحنا فى كنيسة)
-
الحب والتعددية فى مواجهة الكره والأحادية
-
مِن القومية الإسلامية إلى القومية المصرية : لماذا ؟
-
ثورة يناير والإبداع الروائى
-
الأعياد المصرية : الماضى وآفاق المستقبل
المزيد.....
-
هآرتس: إيهود باراك مؤسس الشركة التي اخترقت تطبيق واتساب
-
الاحتلال يسلم عددا من الاسرى المحررين قرارات بالابعاد عن الم
...
-
هآرتس: الشركة التي اخترقت تطبيق واتساب أسسها إيهود باراك
-
السويد ترحل رجل دين ايراني دون تقديم توضيحات
-
10 أشخاص من الطائفة العلوية ضحايا مجزرة ارهابية وسط سوريا
-
الجنة الدولية للصليب الاحمر تتسلم الاسير الاسرائيلي كيث سيغا
...
-
الجنة الدولية للصليب الاحمر في خانيونس تتسلم الاسير الثاني
-
الجنة الدولية للصليب الاحمر في خانيونس تتسلم الاسير الاسرائي
...
-
إطلاق نار على قوات إسرائيلية في سوريا وجبهة المقاومة الإسلام
...
-
تردد قناة طيور الجنة الجديد بجودة HD على جميع الأقمار الصناع
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|