|
التمويل الأجنبي والتطبيع...من يدفع للزمار يحدد النغمة
عليان عليان
الحوار المتمدن-العدد: 3784 - 2012 / 7 / 10 - 15:32
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بدأ الشارع العربي يدرك العلاقة بين التطبيع مع العدو الصهيوني وبين التمويل الأجنبي وذلك بعد طول تردد في ظل اعتقاد خاطئ بأن لا صلة بينهما، وجاء هذا الإدراك بعد أن بذل العاملون في مؤتمرات ولجان مقاومة التطبيع جهوداً مضنية للكشف عن هذه العلاقة. وكثيراً ما كان البعض في الصف الوطني والقومي المعارض يعترضون عند صياغة البيانات ، والمواقف ، والتوصيات على الربط بين التمويل الأجنبي والتطبيع ، إلى أن جاءت الشواهد المادية التي أزالت اللبس حيال هذه المسألة وآخرها المهرجان التطبيعي الذي جرى ترتيبه مؤخراً في القدس في الذكرى الخامسة والأربعين لحرب حزيران 1967، برعاية من منظمة التمويل الأجنبي " فريدريش أيبرت وبتنظيم من منظمة التعاون الاقتصادي الإسرائيلية ( آي سي أف ) ومركز عمان للسلام والتطوير ( إيه سي بي بي ) . لقد تم تسليط الضوء منذ تسعينات القرن الماضي على قضايا محسوسة تثبت الربط الجدلي ، بين التطبيع والتمويل الأجنبي ومن هذه القضايا ما يلي: أولاً: أن أعضاء من الوفد الفلسطيني المفاوض في مؤتمر مدريد عملوا في منظمات " أن جي أوز " ، ارتبطوا ومولوا من منظمات تمويل أجنبي مثل منظمة (فافو) النرويجية التي كان يترأسها تيري رد لارسون التي تدعو للتطبيع والقبول الشعبي العربي بالكيان الصهيوني. ثانياً: بعد توقيع اتفاقات أوسلو عام 1993 ومعاهدة وادي عربة عام 1994 تبلور ما سمي بتحالف كوبنهاجن ، الذي ضم عدداً من المعنيين بالفكر والاقتصاد وأشباه المثقفين من مختلف الاتجاهات وممن كانوا محسوبين ذات يوم على الصف الوطني والقومي واليساري والإسلامي ، حيث انبروا للدفاع عن التطبيع مع العدو الصهيوني في مختلف المجالات باسم الواقعية. ثالثاً: عندما تصاعدت العمليات الاستشهادية ضد الاحتلال وفي عمق الكيان الصهيوني، في سياق مفاعيل انتفاضة الأقصى التي قضت مضاجع الاحتلال الصهيوني ، عملت الإدارة الأميركية بالتنسيق مع نظام مبارك آنذاك على عقد ما يسمى بمؤتمر السلام في الشرق الأوسط في شرم الشيخ في تشرين أول- أكنوبر 2000 ، والذي انبثق عنه بعثة لتقصي الحقائق برئاسة السناتور الأميركي جورج ميتشيل بهدف وقف الانتفاضة التي أوقفت الهجرة اليهودية إلى فلسطين، ودفعت قادة الكيان الصهيوني إلى طرح سؤال الوجود . في تلك الظروف استجاب أنصار التطبيع لاستهدافات مؤتمر شرم الشيخ وبدأوا بالظهور مجدداً وأقدموا على توقيع ونشر بيان في صحيفة القدس المقدسية بتاريخ 20-6 - 2002 ص (16) وفي مختلف وسائل الإعلام ، وبتمويل من الإتحاد الأوروبي ضد العمليات الاستشهادية ، متجاهلين حقيقة أن العدو الصهيوني هو الذي عمل على قمع الانتفاضة الجماهيرية بكل أساليب البطش العسكري الإحتلالي. واللافت للنظر أن معسكر المطبعين يلقي دائماً باللوم على المقاومة زاعماً أنها هي التي أفشلت ما يسمى بالعملية السلمية ويتجاهل حقائق الأمر الواقع ، التي يفرضها العدو الصهيوني يومياً من استيطان وجدار وتهويد للقدس ، تلك الحقائق التي دمرت ما يسمى بالعملية السلمية بشهادة كافة المسئولين في السلطة الفلسطينية. لقد توقفت العمليات الاستشهادية منذ فترة طويلة جراء ظروف لا يتسع المجال لذكرها ، وتم لجم المقاومة في الضفة بفعل خارطة الطريق وبرنامج الجنرال دايتون ، وخاضت غزة ولا تزال تخوض حرباً دفاعية في مواجهة العدوان الصهيوني المستمر ومع ذلك يستمر الاستيطان والتهويد ، على قدم وساق بالضد من خارطة الطريق نفسها ، ويستمر أزلام التطبيع بالدعوة لتفعيله حرصاً على المال السحت ، الذي يجنونه من التمويل الأجنبي. ورغم القمع والاستيطان والتهويد المستمر للقدس ، نرى أزلام التطبيع المنضوين في بعض منظمات " الأن جي أوز " مستمرين في خلق حقائق الأمر الواقع التطبيعية ، انسجاماً مع حقائق الأمر الواقع الاستيطانية والتهويدية !! على نحو ترتيب لقاءات تطبيعية بين طلاب عرب ويهود ، وبين مثقفين عرب ويهود تحت عنوان " السلام المزعوم ". وآخر هذه اللقاءات التطبيعية مهرجان القدس التطبيعي الذي تم توريط بعض الضباط الأردنيين ممن شاركوا في حرب 1967 والتغرير بهم للذهاب إلى القدس ، والجلوس إلى جانب الضباط اليهود القتلة لتكريمهم ، أولئك الضباط الأردنيون الذي قاتلوا بشرف وبسالة في حرب 1967 ، خاصةً في معركة تلة الذخيرة بحي الشيخ جراح في القدس . وكان جنود الجيش العربي الأردني قد سطروا في تلك المعركة ملحمة بطولية ، في مواجهة العدو الصهيوني ارتقى منهم 97 شهيد من أصل 101 على هذا التل، بعد أن ألحقوا بالعدو خسائر فادحة على صعيدي القتلى والجرحى. واللافت للنظر هنا أن هذا اللقاء التطبيعي جاء رغم السلام البارد مع الكيان الصهيوني ، ورغم عدم وجود سفير أردني في تل أبيب منذ فترة طويلة ، ورغم استمرار الاستيطان ، ورغم توقف المفاوضات الفلسطينية المباشرة مع العدو الصهيوني منذ تشرين أول 2010 ، ما يعني أن من يرعى هذه اللقاءات التطبيعية يقدم خدمة جليلة للعدو الصهيوني ومشروعه الاستيطاني والتهويدي رغم تنكره للمعاهدات الموقعة معه ، ناهيك أن إقامة هذا اللقاء التطبيعي في القدس يصب في خانة تسويق القدس كعاصمة موحدة أبدية مزعومة للكيان الصهيوني. وأخيراً حذار من التمويل الأجنبي من قبل هذه المنظمات أمثال منظمة كونراد أديناور ، وفريدريك ناومان ، وفورد فاونديشن ، وفافو وغيرها والتي أثبت العديد من الباحثين دورها في خدمة الثقافة الرأسمالية الغربية ، التي تدعو للتطبيع العربي مع الكيان الصهيوني ومن هؤلاء الباحثين الباحثة البريطانية ساندرز التي كشفت في كتابها الشهير " لمن يدفع الزمار.. الحرب الثقافية الباردة " صلة العديد منها وخاصة منظمة "فورد فاونديشن " بأجهزة استخبارات غربية وعلى رأسها جهاز الاستخبارات الأميركية " سي آي إيه ". فهذه المنظمات زرعت في البلدان العربية آلاف الدكاكين المزعومة تحت عناوين " مراكز الدراسات ، ومؤسسات تعليم الديمقراطية وحقوق الإنسان الفرد - بدلاً من حقوق الشعب - وحقوق المرأة والطفل ، والإخاء بين الأديان وغيرها من المسميات". وهذه المنظمات تكلف في البداية هذه الدكاكين بعمل ورش عمل حول قضايا لا تثير شبهة ، لقاء بضعة آلاف من الدولارات وبعد فترة يتم تكليفها بعمل ورش عمل ودراسات ، حول أهمية السلام والتطبيع لقاء مبالغ مضاعفة ، وحينها يصعب على ضعاف النفوس التراجع ويقوموا بتنفيذ ما يطلب منهم ، لتشجيع التطبيع مع العدو الصهيوني لأنه - وعلى حد تعبير أحد الضالعين في دراسة أهداف منظمات التمويل الأجنبي الغربية - "من يدفع للزمار يحدد النغمة" [email protected]
#عليان_عليان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أسئلة وتحديات في مواجهة الرئيس المصري المنتخب
-
مقال
-
رداً على اتهامات سرجون والفنان وليام نصار الزائفة لفرقة -شرق
...
-
إعلان بعبدا فوز بالنقاط لحزب الله على فريق (14) آذار
-
محكمة مبارك محطة لإعادة انتاج النظام السابق
-
في مواجهة مرشح الفلول أحمد شفيق
-
إعجاز المقاومة في خطاب نصر الله
-
حمدين صباحي والبرنامج الذي يشبه صاحبه
-
أسرى الحرية يهزمون إرادة الجلاد الصهيوني
-
مقال : الانتخابات الرئاسية في مصر شأن عربي بامتياز
-
مقال : أسرى الحرية يخوضون معركة كسر عظم مع السجان الصهيوني
-
التطبيع من تهافت المفتي جمعة إلى مبررات الهباش
-
أسرى الحرية يواصلون الدق على جدران الخزان
-
ترشح عمر سليمان إهانة لثورة 25 يناير المصرية وأهدافها
-
يوم الأرض محطة للمراجعة وتجذير النضال الوطني الفلسطيني
-
قمة العار في بغداد
-
معركة الكرامة ملحمة نضالية لاستنهاض الهمم
-
البرنامج النووي الإيراني والابتزاز الإسرائيلي لواشنطن
-
العدوان على غزة مقدمة لإستراتيجية إسرائيلية جديدة
-
فضيحة الإفراج عن النشطاء الأميركيين في مصر
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|