علي عبد الكريم حسون
الحوار المتمدن-العدد: 4278 - 2013 / 11 / 17 - 15:54
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الشيوعية لم تحتل بلدا أو تغتصب مالا
كتابات عن نظرة الشيوعيين العراقيين وموقفهم من الدين
عنوان المقالة مأخوذ عن قول للشيخ الجليل والشخصية الدينية البارزة محمد حسين كاشف الغطاء . وذلك في معرض رفضه المشاركة في المؤتمر المسيحي الأسلامي في مدينة بحمدون اللبنانية , والذي دعا إليه رئيس جمعية أصدقاء الشرق الأوسط الأمريكية ( هوبكنز ) عام 1945 عبر رسالته لكاشف الغطاء , داعيا إياه للعمل الموحد ضد الشيوعية . بإعتبار أن الأسلام والمسيحية لهما نفس الأهداف ولهما أيضا نفس العدو : (( المادية والشيوعية )) وكان رد الشيخ رائعا . إذ قال في معرض الجواب : ((( ..... فالشيوعية لم تحتل بلدا أو تغتصب مالا عربيا .... ))).
ويؤكد بطاطو في ص 362 من سفره الضخم : ( أن الشيوعيين العراقيين تجنبوا بطريقة مدروسة توجيه حتى أصغر إساءة إلى معتقدات الناس ) . وأنهم إبتعدوا كليا عن موضوع الدين . وهناك نص لزكي خيري : ( في تأريخ الحزب الشيوعي العراقي الذي إنتميت إليه منذ العام الأول لتأسيسه , لاتوجد أية إحالة تورط فيها الحزب في صراع مع المتدينيين من أي دين كانوا , وفي أية عقيدة من عقائدهم , أو طقس من طقوسهم . ) .
وقد بذل الشيوعيين العراقيين جهدهم لعدم إثارة مسألة الدين .. على الأقل مستلهمين موقف أنجلز الواضح : ( إننا لسنا ضد الدين , بل ضد التطبيق السلبي للدين ...ويصف أنجلز: بالحماقة إعلان الحرب على الدين , أثناء وبعد الكومونة . ) ويضيف : ( أن الحرب على الدين جملة فوضوية . ) . وقبله هاجم ماركس الهيغليين الشباب الذين وضعوا : ( الدين في موضع العدو , مؤكدا أن هذا الموقف يخفي العدو الحقيقي " العدو الطبقي " . وكان لينين واضحا في كتابه ( الأشتراكية والدين ) برفضه أن يكون الألحاد جزء من برنامج الحزب . كما دعا الى قبول رجل الدين في عضوية الحزب الشيوعي . حيث قال في عام 1909 : ( لايجوز القول بصورة قاطعة وبالنسبة لجميع الظروف أن رجال الدين لايمكن أن يكونوا أعضاء في الحزب الشيوعي . وإن لم يقف ضد برنامج الحزب يمكن لنا أن نقبله .. لأن التناقض بين برنامجنا ومعتقدات رجل الدين , متعلقة به وهو تناقض شخصي ) .
أما بليخانوف فكان واضحا في تحديد مكان الصراع على الأرض ووصفه إياه بالصراع الأجتماعي . بعد تأكيده على أن : ( في كل دين عنصر إيماني يعكس العلاقة بين البشر والطبيعة ) .
وقد أورد حنا بطاطو أسماء ستة عشر قياديا شيوعيا في فترة الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي هم أبناء رجال دين أو من عائلة أسياد . منهم الشهيد الشبيبي وعبد الله مسعود القريني وداود الصائغ وعامر عبد الله وسلام عادل وباقر ابراهيم وبهاء الدين نوري وأبو العيس
ويبدو أن ضابط الأستخبارات البريطاني راي كان همه الأساس هو توجيه الشرطة العراقية السرية وقادتها : بهجت العطية ونائل الحاج عيسى وعبد الرزاق عبد الغفور # . نحو إجتثاث الشيوعية ليس بالطرق البوليسية وحدها وإنما بالأجراءات التصحيحية حسب قوله وهي ماأسماه بالمعالجة الدينية .
رغم كل ذلك فلم تزج المؤسسة الدينية في العراق كامل ثقلها في الصراع الدائر بين المؤسسة البوليسية الملكية والحزب الشيوعي العراقي . ولكن زلزال الرابع عشر من تموز 1958 حفزّ قسم منها بجناحيها السني والشيعي على التصدي للمد الشيوعي ##, مدافعين عن الملكية الأقطاعية ومحرمين التعامل مع قانون الأحوال الشخصية . حيث كانوا على يقين بأن الشيوعيين وحزبهم كانا وراء إصدار القانونين . فجاءت فتاواهم بتحريم الشيوعية وتحريم التعامل مع الشيوعيين ومحرمين مصادرة أراضي كبار الملاكين الأقطاعيين , والخضوع للمحاكم المدنية بمسائل الأرث والزواج والمعاملات ## #.
ولكن كيف نظر وتعامل الحزب الشيوعي العراقي مع الحركات والأحزاب والتيارات الأسلامية وفي خضم رفع القوى الدينية لشعار التعارض بين الأيمان وعدم الأيمان كقضية رئيسية :
يشير الباحث الدكتور فالح عبد الجبار في جواب على سؤال مثار من قبله : هل نستطيع القول بالتعاون أم الصراع مع القوى الدينية سياسيا ؟؟ : (إلى أن الحزب الشيوعي العراقي وجد نفسه مع القوى الدينية بمواجهة نظام البعث .... ورغم إتخاذه موقفا بناءا من بيان التفاهم الذي أصدره حزب الدعوة أوائل الثمانينات . والبيان التأسيسي للمجلس الأعلى للثورة الأسلامية عام 1982 إلا أنه لم يتخلّ عن حقه في نقد المفاهيم والآراء التي يراها خاطئة في بيانيّ الجهتين المذكورتين . ) . إذن فهناك ميادين إلتقاء ممكنة في السياسة العملية يقابلها تناقضات مستعصية إيديولوجية – سياسية . ويمكن تلمس ذلك جليا من خلال متابعة مجريات العملية السياسية منذ 2003 ولغاية الآن , حيث لم يمتنع الحزب الشيوعي العراقي من ممارسة حق إبداء الرأي , إنطلاقا من استقلاله السياسي / الأيديولوجي / التنظيمي ولتوضيح الموقف من طروحات الأحزاب الدينية سياسيا .
فالبرنامج الأقتصادي للمجلس الأعلى يتكون من سطرين فقط وكذلك برنامج الأتحاد الأسلامي الكردستاني فيه حديث مبتسر عن إصلاح الوضع الأقتصادي – الصناعي – الزراعي فقط . ويمكن سحب الحديث عن الدستور والمرأة ####. بمعنى أنهم مدافعين أمناء عن مصالح طبقة معينة هي الرأسمالية والرأسماليين وأصحاب المعامل . حيث يحرمون تحريما قاطعا حق الأضراب والأعتصام
ويبقى السؤال مشروعا وقائما : هل من الممكن أن يقبل الأسلاميين بالتعددية ؟ وهل يمكن لهم أن يحمون حقوق الذين يختلفون معهم وعنهم ؟ أنا مع القائلين بأن الديمقراطية الأسلامية ممكنة نظريا ولكنها في التطبيق العملي تكشف عن وجه آخر .
# الأخير عبد الرزاق عبد الغفور هو معاون نائل الحاج عيسى جلاد الشيوعيين أبان العهد الملكي . جرى نقله قبل ثورة الرابع عشر من تموز إلى الحلة مديرا لشرطتها وبذلك أفلت من محاكمة محكمة الشعب له في وجبة ضمت وزير الداخلية سعيد قزاز وبهجت العطية مدير التحقيقات الجنائية وعبد الجبار فهمي متصرف يغداد وعبد الجبار أيوب مدير الشرطة . وهو بالمناسبة عم وزير التعليم العالي زمن المقبور صدام المدعو همام .
## يرد ذكر عبارة المد الشيوعي أو المد الأحمر في أدبيات الأسلاميين , في إشارة إلى تصديهم له بعد ثورة الر ابع عشر من تموز . وهذا يعني أنهم لم يتصدوا للعهد الملكي , لأنهم يدافعون عن المحاصصة الأقطاعية والعلاقات الرأسمالية , ومتصدين للثورة وللمد الشيوعي , حيث أشار المالكي قبل أشهر إلى أنهم تصدوا للماركسية والحداثة وللألحاد منذ 1958 .
### الفتاوى سيئة الصيت أشهرها فتوى محسن الحكيم في 22 شعبان 1379 وهذا نصها حسبما أوردها الباحث الدكتور رشيد الخيون : (( لايجوز الأنتماء إلى الحزب الشيوعي , فإن ذلك كفر وإلحاد أو ترويج للكفر والألحاد , أعاذكم الله وجميع المسلمين عن ذلك وزادكم إيمانا وتسليما ))
وكان السيد آنذاك حجة الأسلام ولم يصل لمرتبة آية الله . ورغم عدم النص على العراقي كتسمية للحزب الشيوعي , فإنه كان يقصد تحريم الأنتماء إليه . وقد إستعمل النظام الخميني في إيران نص الفتوى لتحريم نشاط حزب تودة مستفيدا من عدم تسمية موطن الحزب الشيوعي . والطريف أن هذه الفتوى تبعتها فتاوى أخرى لتحريم الشيوعية كفكرة وفلسفة وعقيدة . ومن أشهرها : فتوى عبد الكريم الجزائري في نفس السنة ومهدي الحسيني الشيرازي وأبو القاسم الخوئي ومحمد مهدي الخالصي . علما أنه يحفظ للشيخ طه جابر العلواني خريج الأزهر , رفضه إصدار فتوى بقتل الشيوعيين بعد إنقلاب 8 شباط الأسود عام 1963 .
#### وهناك قول للخميني وجهّه لخامنئي : ( أستطيع وقف النص القرآني من صوم وصلاة فكيف تحاججني بالدستور ) وهو ينطلق بذلك من كونه الولي الفقيه – ولاية الفقيه -
مصادر المقالة :
1 – فالح عبد الجبار
2 – رشيد الخيون
3 حنا بطاطو
#علي_عبد_الكريم_حسون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟