|
اللعب مع الغبار
أحمد النجار
الحوار المتمدن-العدد: 3783 - 2012 / 7 / 9 - 20:54
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في مجتمعاتنا المبتلية بمختلف الابتلاءات، هناك فريقان - هما من جملة تلك الابتلاءات بل من اشدها مضاضة – قعدت بهما قلة الحيلة فبقيا يلعبان مع الغبار الذي خلفته قوافل اقوام قدموا عطاءاتهم الجزيلة للانسانية ومضوا، وبعضهم لا زال يقدم ويتقدم في سيره ولم يلتفت لمن ضل يلهث خلفه من اولئك الذين لا يُحسنون سوى مداعبة الاحلام دون بذل اي جهد لتحقيقها، وهذان الفريقان يقفان على طرفي نقيض في المتبنيات،وطريقة التفكير، واسلوب الخطاب، وكل فريق منهم يرى الحق كل الحق فيما يذهب اليه هو وكل ما عداه من افكار ورؤى عبارة عن سفسطات وهلوسة ورغبة في قيادة المجتمع الى وراء الوراء.. الفريق الاول يمثله الاسلام المتشدد، الذي يريد العودة بالمجتمعات المسلمة حسب زعمه الى زمن الرسالة الاول سلوكا وطريقة حياة. وخطورة هذا الفريق تكمن في كون اصحابه يعتقدون بانهم فهموا اكثر من سواهم نصوص القران الكريم والسنة النبوية فبالغوا بمنح انفسهم صلاحيات لم يكن المسلمون الاوائل يجرؤون على منحها انفسهم فخرجوا من ابواب هذا الفهم باجازة في التكفير حتى لبعض المسلمين الذين يختلفون معهم في بعض الجزئيات لتتجسد بعض فتاواهم في افغانستان ومن ثم على ارض بلاد الرافدين التي لا تزال تئن من جراحات تسبب في معظمها الفكر التكفيري المقيت ناهيك عن الفتاوى التي تتعلق بالمراة وحريتها وبعض طرق العيش العصرية وسواها من الامور. هولاء ارادوا ان يعيدوا للاسلام هيبته الاولى وزمانه الوضاء فاذا بهم عار عليه وخيبة، وشحوا سمائه الزاهرة بالق السلف ظلمة بسوء فعال اسوأ خلف. كان ينبغي على الذين لا تتوفر فيهم اهلية حمل الاسلام كما هو رسالة خير وهداية ان لا يضعونه على السنة المتربصين به غرضا لسهامهم. مرت قافلة المسلمين الذين تشربوا مبادئ الاسلام الحقة تحمل مشاعل الهداية والتنوير فمن لم تسعفه عزيمته اللحاق بركب الصادقين الاولين على صعيد الفكر والاستنارة ضل يلعب مع الغبار الذي اثارته قوافل اصاحب الهمم العالية فانتج لعبه متاعبا مكلفة لمجتمعه وللاخرين.. اما الفريق الاخر فهم الذين أُعجبوا بالغرب وما توصل اليه وما انتجه من نظريات اقتصادية وسياسية واجتماعية ..الخ. اعجابا اورثهم في نهاية المطاف انتهاج عدم الانصاف في كثير من التوصيفات والمقارنات. والحقيقة ان الغرب لديه ما يبهر في هذا الزمن الذي يشهد تفوقا غربيا واضحا على اكثر من صعيد، بيد ان المعجبون بالحياة الغربية من ابناء مجتمعاتنا يريدون لنا القطيعة التامة مع التراث الاسلامي والارتماء في احضان الغرب من خلال احلال التجربة الغربية غير منقوصة في محل تجربتنا التي تمثل في الكثير من جوانبها هوية وتميز.. يشمئز اصحاب هذا الفريق من كلمة دين ..او اسلام ويعزون تأخر المجتمع الاسلامي الى تمسكه بهذا الاسلام واحكامه التي لم تعد تتناسب مع العصر بزعمهم، ومنحهم اصحاب الفريق الاول مفردات اكثر رنينا للتعبير عن الاسلام بسوء بعد ما قدموا الاسلام للعالم بالصورة التي رايناها.. تحضرني الان كلمة لاحد المسلمين المعتدلين قالها في لقاء تلفزيون حول قضية الرسوم المسيئة للرسول الكريم التي نشرت في الدنمارك حيث قال: (افعالنا هي التي رسمت نبينا بهذه الصورة في مخيلتهم فرسموه كما قدمناه لهم). والغريب في اصحاب الفريق الثاني انهم يدخلون في سجالات مع الذين لا يوافقونهم في بعض ارائهم حول مسائل في التشريع الاسلامي لا تشكل عائقا مطلقا بوجه التقدم لو استطاعت فئة ان تقودنا اليه، ومعظم هذه التشريعات تتعلق بالمرأة ..كالحجاب والارث وتعدد الزوجات وغيرها لكنهم يحملون عليها بشدة حتى يخال المرء ان قطعة قماش تضعها المراة على راسها تحجب عنا عالما ضخما من الازدهار، والحقيقة انهم كاصحاب الفريق الاول لا افكار لديهم تفضي الى خلق نهضة حقيقية، سوى قشور الافكار الغربية، فتراهم يلجأون الى قشور القضايا بعيدا عن لبابها، يخوضون من اجلها معارك كلامية وكلما خرجوا من معركة تلفتوا فوجدوا الركب الحضاري تجاوزهم بسنين ضوئية مسرعا في سيره حيث الاهداف التي رسمها الخلاقون من ابناء الامم فيعودون الى نفس الغبار لمواصلة اللعب. ///////////////////////////////////////////////////////////////////////////// *الصراحة تُدني العاقل صديقاً، وربما تُبعد الجاهل عدواً..
#أحمد_النجار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
علمانيون في بيئة مسلمة
-
إضافة صورة لموضوع - موجودا كالريح متوفرا كالانفاس
-
موجوداً كالريح .. متوفراً كالأنفاس
-
خليجي 21 الى البحرين.. هل البحرين اكثر امناً من البصرة؟
-
الارهاب في العراق.. ومحاولة جديدة لاقلاق العراقيين
-
لماذا العراق لا نصير له
-
بين النصارى والمسيحيّين
المزيد.....
-
اللواء باقري: القوة البحرية هي المحرك الأساس للوحدة بين ايرا
...
-
الإمارات تكشف هوية مرتكبي جريمة قتل الحاخام اليهودي
-
المقاومة الإسلامية تستهدف المقر الإداري لقيادة لواء غولاني
-
أبرزهم القرضاوي وغنيم ونجل مرسي.. تفاصيل قرار السيسي بشأن ال
...
-
كلمة قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي بمناسبة
...
-
قائد الثورة الاسلامية: التعبئة لا تقتصر على البعد العسكري رغ
...
-
قائد الثورة الاسلامية: ركيزتان اساسيتان للتعبئة هما الايمان
...
-
قائد الثورة الاسلامية: كل خصوصيات التعبئة تعود الى هاتين الر
...
-
قائد الثورة الاسلامية: شهدنا العون الالهي في القضايا التي تب
...
-
قائد الثورة الاسلامية: تتضائل قوة الاعداء امام قوتنا مع وجود
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|