أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عبد العزيز محمد المعموري - سيرة وذكريات - في الهدف والطموح















المزيد.....

سيرة وذكريات - في الهدف والطموح


عبد العزيز محمد المعموري

الحوار المتمدن-العدد: 3781 - 2012 / 7 / 7 - 19:43
المحور: سيرة ذاتية
    


سيرة وذكريات .... في الهدف والطموح

عبد العزيز محمد المعموري – معلم متقاعد وعضو اتحاد أدباء وكتاب العراق – بعقوبة

كان معلم اللغة العربية في مدرسة خرنابات الابتدائية مرجعا" من الطراز الممتاز وكان يبعث في تلامذته الطموح وحب التطلع ، وكنت واحدا" من تلامذته سنة 1944 حين كتب على السبورة بيت الشعر للمتنبي ( إذا غامرت في شرف مروم .. فلا تقنع بما دون النجوم ) ثم التفت إلينا طلاب الصف الخامس الابتدائي قائلا" : من منكم يريد أن يكون طبيبا" ؟ ومن منكم يرغب أن يكوم مهندسا" بل من منكم يحب أن يكون أديبا" كطه حسين أو المازني ؟ ...الخ وقال : لا تضحكوا ، كل هذه الطموحات يمكن الوصول إليها إذا كانت لديكم العزيمة والإصرار !
وامتلأت جوانحي فرحا" بتحقيق هذه الطموحات لمجرد أن أغرس في نفسي الرغبة في الوصول والمثابرة على الدراسة لأنها وحدها السبيل إلى تحقيق الأماني .
ألم يقل الشاعر من رام وصل الشمس حاك خيوطها سببا" لآماله فتعلقا ) وأنا مصمم على الوصول إلى الشمس ولابد من حياكة الخيوط !! .
كنت ألتهم المعلومة من المعلم التهاما" ، وحين العودة الى البيت أراجع الدروس باهتمام ورغبة ولا أترك موضوعا" دون هضم واستيعاب تامين وكلي ثقة بأنه لا وجود للمادة الصعبة مادمت راغبا" في فهمها واستيعابها .
ومضت السنة الدراسية كأنها حفلة عرس وكانت نتيجتي الأول في الصف الخامس الابتدائي وحملت نتيجتي لأبشر والدي بها وأرغب في أن يطّلع عليها كل أهالي قريتي ( قرية العبارة) ، لكن أحدا" لم يسألني عن نتيجتي ، فأخذت أهرول لأجلب استغراب الآخرين لكي يسألوني عن سبب الركض ، لأجيبهم : أريد تبليغ الوالد بنجاحي وكوني الأول في صفي ، فضحك الآخرون لأن النجاح والرسوب أشياء لا تثيرهم .
وانتقلت إلى الصف السادس ، ولم يكن لقرية العبارة من يمثلها في هذه المرحلة سواي ، أما أقراني فيكفيهم الوصول الى الصف الرابع ليتعلموا القراءة والكتابة وهو منتهى طموحهم وطموح آبائهم ، أما إكمال المرحلة الابتدائية فهو فوق تصورهم .
أما أنا الذي رام وصل الشمس فظللت أركض وراء خيوطها واستطعت عبور الصف السادس الابتدائي بدرجة الأول في محافظة ديالى على مرحلة الابتدائية ، فماذا عن خيوط الشمس ؟
قلت في سنة 1944- 1945 الدراسية كانت نتيجتي الامتحانية الأول على المدارس الابتدائية وقد فرحت بنتيجتي وسجلت في الصف الأول من ثانوية بعقوبة المركزية التي كانت الثانوية الوحيدة في اللواء ( المحافظة) وظللت أواظب على الدوام مشيا" على قدمي من قريتي (العبارة ) إلى بعقوبة صباح كل يوم علما" أن المسافة إلى المدرسة لا تقل عن 6 كيلومترات ونصف الكيلومتر ، وكان الدوام يبدأ من الساعة الثامنة صباحا" حتى الرابعة عصرا" وليس كدوام هذه الأيام الذي لا يجاوز الثلاث ساعات ، وكان الدوام على مرحلتين تنتهي المرحلة الأولى في الثانية عشرة ظهرا" تتبعها استراحة الغداء ثم يعود الدوام الثاني ، وفي هذه الفترة يحتاج طلاب بعقوبة الى الذهاب الى بيوتهم لتناول الغداء ، أما نحن القادمين من القرى المجاورة فكل منا يحمل في حقيبته أرغفة من الخبز وربما بيضة مسلوقة فيأكلها كغداء دسم ويحمد الله على نعمته !
كان دوامي في الثانوية مؤقتا" بانتظار أن يأتي أمر قبولي في كلية الملك فيصل الثاني التي كانت تختار عينة من خريجي الابتدائيات في عموم العراق على أن يكونوا ضمن الخمسة أو الستة الأوائل في محافظتهم .. وجاءت الترشيحات ولم يكن اسمي من ضمنهم ، بل ذكر اسم السابع في اللواء ، أما أنا الأول فلم يكن اسمي ضمن المرشحين ، فذهبت أشكو إلى مدير المعارف ( مدير التربية ) وكان المرحوم ( جواد الجصاني ) آنذاك فتعجب من الموضوع ، وقرع الجرس ليستدعي كاتب المديرية وكان اسمه كما أظن ( حميد يوسف ) قائلا" له :
( ما تشوف شنو هي قضية الولد ؟) فأخذني الكاتب الى غرفة السجلات وأخرج سجل الدرجات ليفتش عن درجاتي فيدهش لوجود شطب على درجة اللغة الانكليزية وبدلا" من المكتوب (87) مشطوب عليها والدرجة الجديدة 70 وذلك بالقلم الأحمر وبجانبها ( راسب ) وكيف يكون الرسوب لدرجة (70) وحمل السجل الى مدير المعارف وهو ( يدردم ) .. من الذي فعلها؟ من ؟ وهنا شاركه التعجب مدير المعارف أيضا" وما كان من السيد المدير الا أن نصحني بالتوجه الى كلية الملك فيصل الثاني الكائنة قرب المقبرة الملكية في الأعظمية .
وفي اليوم التالي استصحبني المرحوم والدي الى الكلية وفي مدخلها وجدت إعلانا" بأسماء المقبولين في المحافظات العراقية كلها ، وحين عاينت المقبولين من لواء ديالى وجدت اسمي يحمل رقم ( 1) .. ما هذه المفارقة ؟ من الذي حذف اسمي ضمن القائمة التي أرسلت الى بعقوبة ؟ ومن الذي حرّف درجة اللغة الانكليزية وحوّلها من (87) الى ( 70) بخط أحمر وكتب كلمة ( راسب) ؟ كيف تكون اللخبطة بهذا الشكل ؟ ولماذا أكون أنا المستهدف لا غيري؟
كان مدير ثانوية الملك التي تسمى ( كلية الملك فيصل ) انكليزي الجنسية يدعى المستر وود
أي السيد خشبة !وكانت الدراسة فيها باللغة الانكليزية تمهيدا" لإرسال طلبتها المتفوقين الى لندن لإكمال دراستهم .
دخلت على السيد المدير وسلّمت عليه بلغتي الركيكة ( كود مورننك ) ثم ( آيام ذفيرست ان ديالى) وأخيرا" ( آي وونت تو بي ان يور كولج ) وكنت أتصوره لا يعرف اللغة العربية ، غير أنه طبطب على كتفي قائلا" ): ما يخالف ما يخالف ) ونادى على مدير القسم الداخلي قائلا" : اقبله ، لكن مدير القسم بادرني بالقول : وين جنت أفندم والطلاب صار لهم اسبوعين بالدوام ؟
قلت له : كنت انتظر ترشيحي من قبلكم فلما لم يصلني جئت اليوم . قال : يوجد طالب بصراوي ضايج ربما سيترك الدوام ، حينذاك ستكون مكانه ! قلت : وإذا لم يترك ؟ التفت إلي مدير القسم الداخلي بانزعاج قائلا" : هات جنسيتك ، وحين تصفحها قال : عمرك بيه زيادة سنة روح زغّر عمرك بالمحكمة .. وهكذا تخلص مني .
وتوجه المرحوم والدي الى محكمة بداءة بعقوبة لطلب تصغير عمري سنة واحدة ، وجلب للمهمة شاهدين من بعقوبة .
وحين نودي على أحد الشاهدين نظر اليه القاضي بغضب وسأله : هل بيتك مجاور لبيتهم أم مقابله ؟ قال الشاهد : لا هذا ولا تلك ، فصرخ به القاضي : كيف عرفت تاريخ ولادته ؟ اخرج يا شاهد الزور !! فلما سمع الشاهد الثاني أسرع هاربا" من تصرف كهذا ، وعاد القاضي ليوجه
بذاءته الى والدي : أنتم حمير ، أنتم دواب ، لماذا لم تعترض على تولد ابنك قبل هذا التاريخ ؟
وهكذا شاءت سلوكية هذا القاضي الظالم أن تغير مجرى حياتي وبدلا" من أن أكون مهندسا" أو طبيبا" أو أستاذا" للغة الانكليزية صرت معلما" في مدرسة ابتدائية !



#عبد_العزيز_محمد_المعموري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين أدوية اليوم وأدوية الأمس
- الأخطاء اللغوية
- عمتنا النخلة والفلاح ووزارة الزراعة..
- كلمات على طرف اللسان 2/2/2011
- كلمات على طرف اللسان 31/1/2011
- تصحيحات لغوية
- كلمات على طرف اللسان : (هل كرمنا عمتنا النخلة ؟ )
- كلمات على طرف اللسان
- لا بارك الله في أمة كثرت أعيادها
- الحركة الوطنية في ديالى ( من ذكرياتي )
- نحن والأطباء ونقابتهم
- أيام مضت ... عملية سطو غريبة
- المظلومان
- مستوى التعليم ماذا حلّ به ؟
- نحن والمبيدات
- العراقيون بين رأس (شو) ولحيته
- حين نكحل العين فنسبب لها العمى
- الانسان هذا اللغز الغامض
- حكاية لها معنى
- قراءة الصف الأول الابتدائي 00 بين الخلدونية والتوليفية وجناي ...


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عبد العزيز محمد المعموري - سيرة وذكريات - في الهدف والطموح