|
بوزون هيغز أو جسيم الرب هل سيكون إثباتاً للنظرية المعيارية أم ناسفاً لها؟
جواد بشارة
كاتب ومحلل سياسي وباحث علمي في مجال الكوسمولوجيا وناقد سينمائي وإعلامي
(Bashara Jawad)
الحوار المتمدن-العدد: 3781 - 2012 / 7 / 7 - 17:54
المحور:
الطب , والعلوم
بوزون هيغز أو جسيم الرب هل سيكون إثباتاً للنظرية المعيارية أم ناسفاً لها؟
قال العالم بيتر هيغز معلقاً على تسميتة الجسيم المرتبط بإسمه "إني أجد هذه التسمية" جسيم الرب" محرِجة لأنه وإن كنتُ أنا نفسي لستُ مؤمنا لكني اعتقد انها سوء استخدام للغة قد يجرح مشاعر البعض.
قبل أكثر من عام خصصت فصلاً عن بوزونات هيغز Bosons de Higgs أو جسيمات الله Particules de Dieuكما يشاع عنها في الأوساط الإعلامية غير المتخصصة وذلك في كتابي " الكون أصله ومصيره"، وتوقعت فيه أن العلماء سوف يتوصلون آجلاً أم عاجلاً لاكتشاف هذه البوزونات وكل المؤشرات تدل على ذلك. واليوم أثيرت الضجة الإعلامية مرة أخرى حينما أعلن في مركز سيرن الأوروبي CERN أي المركز الأوروبي للأبحاث النووية centre Européen pour la recherche Nucléaire أنه سيتم الإعلان عن نتيجة الأبحاث والتجارب المتكررة في هذا المجال في مصادم الهادرونات الكبير أو مسرع الجسيمات العملاق LHC . وفيما يتعلق بالتسمية فالعلماء يستخدمون التعبير الرسمي ألا وهو بوزونات هيغز وليس جسيمات الله فهذه الأخيرة جاءت من مقدمة الناشر لكتاب ليون ليدرمان Leon Lederman الذي صدر عام 1993 تحت عنوان :" جسيمات الله: ماذا لو كان الكون هو الجواب؟" The God Particule : If the Universe is the Answer --- La particule de Dieu : si l’Univers était la réponse حيث أصر الناشر على هذا العنوان بدلاً من العنوان الصلي الذي اقترحه المؤلف وهو الجسيمات المقدسة The God damn particule --- La sacrée particule. وقد استعار الروائي الشهير دان براون Dan Brown في روايته ملائكة وشياطين Anges et Démons تعبير جسيمات الرب أو جسيمات الله التي تحتوي على سر امتلاك بعض الجسيمات للكتلة ، حتى أن أحداث هذه الرواية تدور في جزء كبير منها داخل مصادم أو مسرع الجسيمات LHC في سيرن CERN في جنيف قرب الحدود الفرنسية السويسرية والذي يعتبر أكبر مجمع للأبحاث العلمية في العالم وأكثرها كلفة. ذهب خيال الكثيرين بعيداً حينما تساءل أحدهم هل سيستغل هذا الجسيم الغريب يوماً ما في تصميم أسلحة للتدمير الشامل، أم على العكس سوف يجلب للبشرية معرفة معمقة ستساعده على إنقاذ العالم من مىسيه ومشكلاته؟. إن وجود أو عدم وجود هذا البوزون ليس أمراً بديهياً أو بسيطاً، ولو تم إكتشافه فعلاً فسوف يؤكد فرضية تقول أن دوره جوهرياً في فهم لماذا تمتلك بعض الجسيمات للكتلة. يتعين علينا العودة قليلاً للغوص في عالم الجسيمات الآينشتيني والكوانتي أو الكمومي بغية إدراك حقيقة وأهمية مثل هذا البوزون. فنسبية آينشتين la théorie de la relativité d’Einstein تقول أن هناك فرق جوهري وأساسي بين الجسيمات ذات الكتلة particules massives والجسيمات عديمة الكتلة les particules de masse nulle، فالجسيمات التي تفتقد للكتلة تنتقل بسرعة الضوء بينما لايمكن لغيرها من الجسيمات بلوغ سرعة الضوء. والذي يعنيه العلماء هنا هو أن للضوء سرعة ثابتة ولكن في الفراغ وهي سرعة انتشار الفوتونات photons وهي جسيمات عديمة الكتلة. ومن المعلوم أن فوتونات الضوء القادمة من الشمس تحتاج إلى ثمان دقائق ونصف لكي تصل إلى لأرض . وبناءاً على ذلك اعتبرت السنة الضوئية année lumière وحدة قياس للمسافة وهي المسافة التي يقطعها الضوء لمدة سنة والتي تقدر بحوالي 9500 مليار كلم، لذلك لذلك حسبت المسافة التي تفصلنا عن أقرب نجمة إلينا وهي بروكسيما سانتوري proxima Centauri بـ 4.2 سنة ضوئية، ونجمة سيريوس Siriusتبعد عنا 8.6 سنة ضوئية ونجمة فيغا véga تبعد عنا 25.3 سنة ضوئية. مايزال العلماء يبحثون منذ عقود طويلة للعثور على تفسير سبب امتلاك بعض الجسيمات للكتلة وافتقاد البعض الآخر لها. فمن أين تأتي تلك الكتلة masse التي تدمغ الكون الفيزيائي بسمتها؟ اقترح العالم الفيزيائي بيتر هيغز peter Higgs قبل حوالي نصف قرن من الزمان فكرة تقول أن الفراغ ـ الذي هو ليس فارغ حقاً ـ غارق في حقل أو مجال champ موجود في كل مكان والذي بإمكانه إبطاء بعض الجسيمات، وربما يمكنه أيضاً إبطاء حركة الفوتونات عديمة الكتلة، ومن الناحية النظرية لا تعاني الفوتونات العديمة الكتلة من عقبات عند اجتيازها مجال هيغز champ de Higgs ويمكن لجسيمات أخرى أن تسلك نفس سلوك الفوتونات. لا يمكن مبدئياً حساب أو قياس هذا المجال الافتراضي بصورة مباشرة إلا أن الفيزيائيين ينطلقون من مبدأ أن مسرع ومصادم الجسيمات LHC يمكن أن يحثه ويؤدي إلى ظهور جسيم ـ هو في الوقت الحاضر افتراضي أيضاً ـ هو الذي نطلق عليه بوزون هيغز Boson de Higgs ، هكذا تبدو الأمور بسيطة نظرياً ولكن حان الوقت للانتقال من النظري إلى العملي أو التطبيقي . فبفضل الطاقة الهائلة المحررة في المصادم ومن جراء عملية التصادم collisions يأمل الفيزيائيون إظهار هذا البوزون ورصده عملياً. ولكن ما هو هذا البوزون الغامض وطبيعته؟ لنعد إلى الوراء قليلاً ايضاً ونتحدث عن المسار التاريخي في الحديث عن هذا البوزون. لفقد استخدم التعبير لأول مرة من قبل العالم الانجليزي بول ديراك Paul Dirac وعممه آينشتين. إن تعبير بوزون يستلهم إسمه من العالم الفيزيائي الهندي ساتيوندرا ناث بوز Satyendranath Bose الذي نشر سنة 1922 مقالاً بعنوان : قانون بلانك وفرضيات الضوء الكمومي أو الكوانتي Planck’s Law and the Hypothesis of Light Quanta والذي قدم فيه حسابات وإحصاءات كمومية ـ كوانتية حول الفوتونات. تبنى آينشتين هذه الفكرة وعممها على الذرات في سياق ما أصطلح على تسميته مكثف بوز ـ آينشتين condensat de Bose – Einstein والمقصود به حالة المادة المكونة من بوزونات في درجة حرارة منخفضة جداً . حيث يجد جزء من الذرات نفسه في حالة كمومية ـ كوانتية ذات طاقة منخفضة جداً. كما هو حال الهليوم 4 hélium4 الذي يحتوي على بروتونين ونيوترونين 2protons , 2 neutrons اللذين، في درجة حرارة قريبة من الصفر ـ اي ما دون 273.15- درجة يكون على هيئة سائلة قصوى superfluide. وهذه الصفة أو الخاصية مرتبطة بدرجة تكثيف بوز ـ آينشتين condensation de Bose – Einstein حيث يتحول جزء من غاز الهليوم 4 إلى بوزونات Bosons.
فقبل بضعة اشهر أجرى العلماء تجربة مثيرة على النيوترينوات Neutrios واكتشفوا أن بعض الجسيمات انتقلت بسرعة تفوق سرعة الضوء المقدرة بحوالي 299.792.458 متر في الثانية أو 300000 كلم في الثانية، وبالتحديد بستة كيلومترات في الثانية أكثر من السرعة الرسمية للضوء التي أعتبرت ثابتة ولايمكن تخطيها بموجب معادلات آينشتين في النسبية. بعبارة أخرى صار على العلماء لو صحت هذه النتيجة إعادة النظر كلياً ومارجعة حساباتهم رأساً على عقب في كلتا النظريتين الرئيسيتين في الفيزياء المعاصرة أي النسبية العامة والخاصة لآينشتين وميكانيكا لكونتا أو الكم . ولقد ضجت وسائل الإعلام غير المتخصصة بهذه النتيجة حتى قبل التحقق من صحتها حيث يتطلب الأمر إعادة التجربة عدة مرات وفي مناطق مختلفة وعلى يد فرق بحث ومختبرات مختلفة، وإذا أعطت كل التجارب نفس النتيجة عندها يتم تبنيها واعتمادها كدليل علمي، والحال أن لم يثبت ذلك خارج مختبر سيرن بل أعترف فريق العلماء الذي أجرى التجربة وأعادها عدة مرات بحدوث خطأ في حساباتهم. ولكن هذا لا يعني أنه لا يوجد ما هو أسرع من الضوء وهو الضوء نفسه فهناك فرضية تقول بتعدد سرعات الضوء على نحو هائل حسب الظروف المكانية والتكنولوجيا المستخدمة. نفس الشيء حصل مع تجارب الكشف عن بوزونات هيغز التي أعتقد العلماء أنهم قريبون جداً في الكشف عنها حيث ثبت لهم ذلك عبر تجارب محاكاة كمبيوترية عديدة أجروها قبل إجراء التجربة الفعلية في مصادم الهادرونات العملاق . أما البوزونات المعيارية القياسية فهي الفوتونات وبوزونات W et Z والغليوناتgluons والغرافيتونات gravitons لو ثبت وجودها مختبرياً وهي جزيئات الثقالة أو الجاذبية، والتي تتفاعل مع المادة في إطار القوى الكونية الجوهرية الأربعة ، ( القوة الثقالية أو الجاذبة، والقوة الكهرومغناطيسية، والقوة النووية الضعيفة، والقوة النووية الشديدة) والسؤال لماذ إضفاء كل هذه الأهمية والاهتمام ببوزونات هيغ مقارنة بغيرها من البوزونات؟ ولماذا انتظار كل هذا الوقت للتحقق من وجود أو عدم وجود هذه البوزونات المقترنة بإسم مقترحها بيتر هيغز ؟ الجواب وببساطة لم يكن العلماء يمتلكون مصادم ومسرع عملاق للجسيمات كالذي يملكونه اليوم في سيرن وهو LHC أي Large Hadron Collider الذي كلف تشييده 4 مليار يورو وهي كلفة عالية من أجل الغاية الأساسية ألا وهي إكتشاف وجود أو عدم وجود بوزونات هيغز إذ أن هذه الأخيرة أصبحت ضرورة ملحة، ومسألة حياة أو موت الحياة العلمية للعلماء المرتبطين بها ـ مجازياً بالطبع ـ ممن صاغ في الخمسين سنة المنصرمة الموديل أو النموذج القياس أو المعماري للكون modèle standard de l’univers فهذا النموذج يعلمنا بوجود جسيمات مادية أولية تاسيسية مثل الكواركات والليبتونات quarks et leptons وكذلك هناك جسيمات القوة مثل بوزونات القياس المعيارية bosons de jauge. إن احتكاكاتها وتفاعلاتها داخل الكون المرئي الحالي، تقود إلى القوى الجوهرية الأربعة سالفة الذكر التي تسيير وتدير وتتحكم بالطبيعة، أي الثقالة أو الجاذبية التي اكتشفها نيوتن وطورها آينشتين والقوة الكهرومغناطيسية التي تربط الالكترونات بنوى الذرات والقوة النووية الشديدة المسؤولة عن التحام وتماسك نوى الذرات ، والقوة النووية الضعيفة المسؤولة عن الاندماج النووي. وكما نعلم فإن الفيزيائيين حاولوا ويحاولون باستمرار، ويحلمون بأن ينجحوا في توحيد قواني الطبيعة وإن كل واحدة من هذه القوى تنتشر بواسطة جسيمات خاصة بها هي التي نسميها البوزونات وهي في الحقيقة ليست سوى الواجهات الملموسة والظاهرة لقوة تفاعلية واحدة ووحيدة جوهرية غير معروفة وغير مكتشفة لحد الآن ومن هنا تأتي أهمية بوزونات هيغز إذا تم إثبات وجودها. لقد بدأ العلماء بمهمة التوحيد نظرياً وعلى الورق لأول وهلة في سنوات الستينات من القرن الماضي في الولايات المتحدة الأمريكية وتركزت الجهود في البدء على قوتين جوهريتين هما الكهرومغناطيسية والقوة النووية الضعيفة . جرت الأمور بسلاسة فيما يتعلق بالفوتونات إلا أن بوزونات دبليو و زد W et Z كانت ذات كتلة كبيرة وقد أولدت هذه الزيادة في الكتلة تشوشات وتنافرات رياضية incohérences mathématiques وكان لا بد من إيجاد حلول عند ذلك بدا للفيزيائيين ، ومنهم بيتر هيغز ، أن هناك حل يتكثل بمقتره هيغز نفسه لموازنة الحسابات والمعادلات الرياضية المتفككة وذلك باقتراحه نوع جديد من الجسيمات والتي تتفاعل باستمرار مع البوزونات المعيارية W et Z بطريقة خاصة بحيث تختفي الخصائص السالبة لهذه الأخيرة مثلما تختفي التشوشات واللاتساوقات في النظرية. فبوزونات هيغز لاتكتفي بشرح وتوضيح وجود الكتل في البوزونات المعيارية bosons de jauge فحسب، بل وكذلك في الكواركات والليبتونات . فبمجرد إضافة جسيم جديد وخاص ومتميز للموديل أو النموذج المعياري يتمكن العلماء من حل جميع مشاكل الكتلة. لذلك سعى العلماء بكل ما لديهم من تاثير وقوة إقناع من أجل بناء وإنجاز هذا المسرع والمصادم العملاق الذي يتيح لهم التحقق عملياً ومختبرياً صحة فرضيتهم النظرية. فلو ثبت وجود البوزونات فسيكون هذا مصدر سعادة وارتياح لكل علماء الجسيمات وعلماء الكونيات بل وجميع الفيزيائيين في العالمحيث سيساعدهم ذلك على التخلص من كافة مشاكلهم النظرية في سيناريو مثالي يلتقي فيه الكترونين بسرعة هائلة فيتبادلان بينهما بوزونات معيارية bosons de jauge من نوع W et Z للتفاعلات الضعيفة، والفوتونات بالنسبة للقوة الكهرومغناطيسية، مع بوزونات هيغز التي تمنح باقي الجسيمات كتلها. وفي حالة العكس، اي في حالة إثبات عدم وجود هذه البوزونات الإعجازية، فإن نفس تلك الإلكترونات التي تلتقي بسرعات عالية جداً ستضطر لمجابهة هذا الظرف الجديد وتتبادل، ليس فقط الفوتونات والبوزونات الكلاسيكية فحسب، بل وكذلك سلسلة جديدة من البوزونات التي يمكن توصيفها بـ W’ و W’’ و X’ و X’’ حيث تتزايد كتلها . عندها ستبدأ حتماً ورغماً عن العلماء ، فيزياء جديدة .ولكن هناك آمال كبيرة بحدوث السيناريو الأول وإثبات وجود بوزونات هيغز لأن التجارب الحالية تسمح بشرح وتفسير تفتت التفاعل الموحد الكهرو ضعيف électrofaible وانشطاره إلى تفاعلين ـ في حالة صحة وصلاحية ميكانيزم هيغز mécanisme de Higgs ، حيث أن بوزونات هيغز تعطي كتلة ليست صفراً لبعض البوزونات المعيارية bosons de jauge أي W et Z للتفاعل الضعيف interaction faible مانحة إياها صفات وخصائص تختلف عن خصائص وميزات أو سمات بوزونات الكهرومغناطيسية أي الفوتونات. حصل علماء الفيزياء في مختبر سيرن الأوروبي، الذي يقع على الحدود الفرنسية السويسرية بالقرب من جنيف، على فرصة أخيرة، بغية العثور على ذلك الجسيم الذي يعرف بجسيم الرب، وذلك في الوقت الذي يتأهب فيه مصادم هادرون الكبير، الذي يعتبر أضخم مُعَجِّل أو مسرع جسيمات في العالم، للعمل على محاصرة الجسيم المراوغ. سبق لمسؤولي سيرن أن أعلنوا في العام الماضي بشكل مبدئي عن أنهم عثروا على "آثار" لذلك الجسيم، وقالوا إنهم سيقومون في غضون ستة أشهر، إما بالحيلولة دون هروب الجسيم أو إجبار العلماء على العودة إلى نقطة البداية. هذا وقد تمّ إصلاح المصادم خلال فصل الشتاء، وها هو يكمل مهمته عبر سلسلة من عمليات الإطلاق المختبرية قبل أن يشرع في بدء صدامات تحتاج إلى طاقة كبيرة. هذا ولم تفلح محاولات تحديد ذلك الجسيم على مدار ما يقرب من نصف قرن، منذ أن تنبأ بوجوده في البداية عالم الفيزياء البريطاني بيتر هيغز عام 1964. ونتيجة لعدم فعالية الأدوات المتاحة لدى العلماء في ما يتعلق بمساعي الكشف عن هذا الجسيم، بدأ المهندسون يحضّرون أجهزتهم في مختبر سيرن بغية القيام بمحاولة أخيرة. لا يعتقد العلماء فحسب أن جسيم الرب موجود، بل يرون أيضاً أن خصائصه تقع بين معايير معينة. وأشارت صحيفة التلغراف البريطانية إلى أنه في حال أظهرت تلك المحاولة الأخيرة أن ذلك الجسيم غير موجود، أو أنه يحظى بخصائص مختلفة تماماً عمّا يقوله أصحاب النظريات، فلا بد وأن يتم إلغاء المعادلات التي أعدّها الباحثون بهذا الخصوص، وهو الاحتمال الذي يثير خوف وترقب العلماء بالقدر نفسه. وبعد أن خضع المصادم لعملية إصلاح شامل هذا العام، في أعقاب فترة إغلاق الجهاز الذي يقدر بـ 6 مليارات إسترليني لمدة 18 شهراً، فإن الأجواء في سيرن تتسم الآن بحدتها وتألق الآمال . وذكرت صحيفة التلغراف في هذا الصدد أن المدير العام، رولف – ديتر هوير، طلب من العلماء إما أن يؤكدوا أو يستبعدوا وجود جسيم الرب الذي يعرف بـ "بوزون هيغز" قبل حلول فصل الخريف 2012. وهو التحدي الذي قبله كبير العلماء، سيرخيو بيرتولوتشي، بعدما أخبر الأطقم التي تحلل البيانات التي تردهم من اصطدامات المصادم أنه غير مهتم ببذل مجهود في تجميع بياناتهم (كما يحدث عادةً)، وطلب من كل طاقم أن يتوصل إلى نتيجة حاسمة بشأن قوة قياساتهم وحدها. ولمنح العلماء فرصة ذات طبيعة قتالية، وافق المهندسون العاملون في المختبر في الشهر الماضي على زيادة قوة المصادم خلال عام 2012 من سبعة تيرا إلكترون فولت إلى ثمانية تيرا إلكترون فولت. ونقلت الصحيفة البريطانية في هذا الصدد عن هوير قوله إن عام 2012 سيكون بطريقة أو بأخرى العام الذي سيتم فيه الكشف عن غموض جسيم الرب، وهذا ما حصل بالفعل. وأضاف: "نخطط للحصول على حوالى أربعة أضعاف الإحصاءات هذا العام، وهو ما ينبغي أن يسوّي مسألة نموذج هيغز القياسي بحلول نهاية فصل الصيف. وسوف نحصل آنذاك على إجابة لسؤال شكسبير: أن تكون أو لا تكون". أعقبت الصحيفة بقولها إن التفاؤل قائم بشكل مطمئن، لأنه من الإنصاف القول إن المصادم لم يبتعد عن البداية الأكثر تبشيراً. وبعد سردها لسلسلة العقبات التي واجهت العلماء في تجربتهم منذ إطلاقها، لأسباب مختلفة، أشارت التلغراف إلى أن هناك شعوراً متزايداً الآن بأن البحث ربما يكون على وشك الانتهاء أخيراً – وهو الاعتقاد الذي دعمه آخر تحليل للبيانات من مختبر تيفاترون الأميركي، الذي يعتبر أكبر مسرع جزيئات في العالم بعد مختبر سيرن الأوروبي، الذي عثر على "تغييرات صغيرة" مماثلة بشكل لافت للنظر في النتائج التي توصل إليها في هذا الخصوص. هذا ويدرك المسؤولون في مختبر سيرن أن التوقّعات الشعبية وكذلك السياسية بخصوص جسيم الرب بدأت تتزايد، بعدما باتت هناك حاجة إلى الكشف عنه عمّا قريب، خاصة في ظل ارتفاع تكاليف تشغيل المصادم (690 مليون جنيه إسترليني سنوياً)، في الوقت الذي تتعرّض فيه البحوث التي تكون مقصورة على أمر معين لتخفيضات في الميزانيات المقررة لها، لاسيما في ظل الضائقة المالية التي تعانيها أوروبا. مع هذا، فإن المهندسين يفكّرون أيضاً في التخطيط لمرحلة جديدة في عمر ذلك المصادم حيث يمكن تشغيله بأقصى طاقة، وهو ما يمكن أن يفتح نافذة جديدة لمرحلة ما بعد هيغز، والتي ربما تكون مرتبطة بالفيزياء فائقة الطاقة المرتفعة. وأعقبت الصحيفة بقولها إن ثمار جهود العلماء المضنية في هذا الجانب قد تتحقق عام 2014، حين يتم تشغيل المصادم مرة أخرى، بعد أن تم إغلاقه لمدة ثمانية عشر شهراً، حين يتمكنون في الأخير من فهم المادة المظلمة، تلك المادة الغامضة التي يعتقد أنها تشكل ربع الكون، مقارنةً بالجزء الواحد في الـ 25 المصنوع من مادة "عادية". وقال دكتور آلان بار، عالم فيزياء في جامعة أكسفورد، يجري أبحاثاً للكشف عن علامات دالة على وجود المادة المظلمة في الكاشف أطلس: "نعلم الكثير عن الشكل الذي سيبدو عليه جسيم الرب إن كان له وجود. أما المادة المظلمة فهي ترتبط أكثر بقصة غير معروفة. وقدَّم علماء الفلك الكثير من الأدلة على ضرورة وجود تلك المادة، لكن لا يوجد لدينا دليل مباشر على الأرض لما ينبغي أن تكون مصنوعة منه". ومع التطلع بشكل أكبر نحو الآفاق المستقبلية، يعتقد العلماء أنه ومع نهاية العقد الجاري، سيتمكن مصادم هادرون الكبير من اكتشاف المزيد من الأبعاد، وأن يبدأ كذلك في حل اللغز الأعظم من هذا كله، وهو المتعلق بالتوفيق بين فيزياء الكم ونسبية آينشتاين. اكتشاف «بوزون هيغز» مساعد تماسك مكونات المادة أعلن علماء الفيزياء في مختبر «فيرمي لاب» (Fermilab) القومي للمعجلات انهم رصدوا اقوى أدلة حتى الآن على وجود جسيم «بوزون هيغز» (Higgs Boson ) دون الذري في بقايا تصادم جسيمات في معجل الجزيئات المسمى تيفاترون قرب شيكاغو. الا ان الامر يتطلب مزيدا من الأدلة على ما يعرف نظريا باسم «بوزون هيغز» وهو جسيم افتراضي قال عالم الفيزياء الاسكتلندي «بيتر هيغز» قبل ثلاثة عقود من الزمن انه يساعد على التحام المكونات الاولية للمادة ويعطيها تماسكها وكتلتها. ولان نفس المواد الناتجة من تريليونات التصادمات بين شعاعين من البروتونات التي تشير الى وجود جسيمات بوزون هيغز يمكن ان تنتج ايضا من جسيمات دون ذرية أخرى فان العلماء لا يمكنهم الجزم بصورة قاطعة الآن بوجود هذه الجسيمات.
ومن المقرر ان يعلن علماء الفيزياء في المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية «سيرن» (CERN) حيث المختبر الاوروبي لفيزياء الجسيمات المترامي الاطراف في منطقة الحدود السويسرية الفرنسية المشتركة قرب جنيف وعلى عمق مئة متر تحت الارض وتشارك فيه 21 دولة، أحدث اكتشافاتهم بخصوص بوزون هيغز، وسوف يحضر المؤتمر أباء التجربة «بيتر هيغز» (Peter Higgs) و«فرانسوا إنغلرت» (François Englert).
ويضم سيرن أقوى مسرِّع للجسيمات في العالم هو مصادم الهدرونات الكبير. ومصادم الهدرونات الكبير هو مجمع ضخم من المغناطيسات الحلقية العملاقة والاجهزة الالكترونية المعقدة والحاسبات وتكلف انشاؤه عشرة مليارات دولار ويصل عمره الافتراضي الى 20 عاما.وتعتمد اضخم تجربة علمية في العالم على احداث تصادم بين حزمتي جسيمات من البروتونات تسيران في اتجاهين متقابلين في مسار بيضاوي داخل نفق طول محيطه 27 كيلومترا في مصادم الهدرونات الكبير وبكم طاقة يصل الى 3.5 تريليون الكترون فولت في الاتجاه الواحد لمحاكاة الظروف التي اعقبت الانفجار العظيم الذي نشأ عنه الكون منذ 13.7 مليار عام. وقال روب روزر خبير الفيزياء في معمل فيرمي “انه افضل رد يصلنا حتى هذه اللحظة. تشير معلومات تيفاترون بقوة نحو وجود جسيم بوزون هيغز الا انه يتعين نقل النتائج المستقاة من التجارب في مصادم الهدرونات الكبير في اوروبا للتحقق من التوصل الى اكتشاف سليم. وعبر علماء فيزياء ليسوا على اتصال بمعمل فيرمي عن تفاؤلهم المشوب بالحذر بشأن العثور اخيرا على الجسيم الغامض بوزون هيغز. وقال دان توفي استاذ فيزياء الجسيمات بجامعة شيفيلد “يبدو ان هذه التلميحات غير المؤكدة من تيفاترون تعضد نتائج مصادم الهدرونات الكبير التي اعلنتها سيرن في ديسمبر. واضاف “انها نتائج في غاية الاهمية لانها تستعين باساليب مختلفة تماما بحثا عن بوزون هيغز.” وكان علماء الفيزياء في معمل فيرمي القومي للمعجلات قد أعلنوا أنهم رصدوا أقوى أدلة حتى الآن على وجود جسيم بوزون هيغز دون الذري في بقايا تصادم جسيمات في معجل الجزيئات المسمى تيفاترون قرب شيكاغو، إلا أن الأمر يتطلب مزيدا من الأدلة. ولان نفس المواد الناتجة من التصادمات بين شعاعين من البروتونات التي تشير إلى وجود جسيمات بوزون هيغز يمكن أن تنتج أيضا من جسيمات دون ذرية أخرى فان العلماء لا يمكنهم الجزم بصورة قاطعة الآن بوجود هذه الجسيمات.
وفي يوم الأربعاء 4/7/2012 أعلن علماء الفيزياء في المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية (سيرن) والمختبر الأوروبي لفيزياء الجسيمات أحدث اكتشافاتهم بخصوص بوزون هيغز.
وقال روب روزر خبير الفيزياء في معمل فيرمي "انه أفضل رد يصلنا حتى هذه اللحظة، وتشير معلومات تيفاترون بقوة نحو وجود جسيم بوزون هيغز إلا انه يتعين نقل النتائج المستقاة من التجارب في مصادم الهدرونات الكبير في أوروبا للتحقق من التوصل إلى اكتشاف سليم" ، وعبر علماء فيزياء ليسوا على اتصال بمعمل فيرمي عن تفاؤلهم المشوب بالحذر بشأن العثور أخيرا على الجسيم الغامض بوزون هيغز، وقال "دان توفي" أستاذ فيزياء الجسيمات بجامعة شيفيلد "يبدو أن هذه التلميحات غير المؤكدة من تيفاترون تعضد نتائج مصادم الهدرونات الكبير التي أعلنتها سيرن في كانون الأول ". وأضاف "أنها نتائج في غاية الأهمية لأنها تستعين بأساليب مختلفة تماما للبحث عن بوزون هيغز". .The Tevatron results indicate that the Higgs particle, if it exists, has a mass between 115 and 135 GeV/c2, or about 130 times the mass of the proton وقد صفّق العلماء والمهندسون الذين تواجدوا في المختبر، والذين شعر كثيرون منهم بالإرهاق نتيجة العمل على مدار الساعة خلال الأسابيع الأخيرة، حين قدّم جو انكانديلا وفابيولا غيانوتي، رئيسا فريقي CMS و ATLAS البحثيين، النتائج التي خلصا إليها للمرة الأولى. وقد شاهد الفريقان الجسيم، الذي يحظى بكتلة تتراوح بين 125 و 126 جيجا إلكترون فولت، أي نفس مقدار كتلة البروتون 130 مرة. وقال سيرجيو بيرتولوتشي، مدير قسم البحوث في مختبر سيرن :" من الصعب عدم التحمس لتلك النتائج". فيما قال رولف ديتر هوير، مدير عام المختبر: "لقد توصلنا إلى نقطة تحول في طريقة فهمنا للطبيعة. وكشخص عادي، سأقول الآن إني أعتقد أننا عثرنا عليه ( جسيم هيغز )". وتابعت الغارديان، من جهتها، بالقول إن اكتشاف جسيم هيغز يصنف باعتباره واحداً من أبرز وأهم الاكتشافات العلمية خلال الـ 100 عام الماضية. وفي الوقت الذي بذل فيه العلماء جهداً لفهم الجسيم المثير، جاء هذا الاكتشاف الجديد ليضع اللجنة المنوطة بمنح جائزة نوبل أمام معضلة، حيث بات يتعين عليها الآن أن تقرر الشخص الذي يستحق الثناء على هذا الجهد. كما أن قوة الإشارات التي لوحظت بشكل مستقل من جانب فريقي CMS و ATLAS مقنعة للغاية، ومدعومة ببيانات من هاتين التجربتين اللتين يعرفان اختصاراً بـ CDF و DO. وسيتحول التأكيد الآن إلى التحقق من خواص الجسيم الذي تم اكتشافه".
#جواد_بشارة (هاشتاغ)
Bashara_Jawad#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
غرائب الكون المرئي
-
الكون المرئي ليس عبثياً لكي يكتفي بالإنسان وحده
-
كون واحد أم عدة أكوان؟
-
الكون المرئي ماذا بعد الانفجار العظيم؟
-
الأفق الفلسفي والأفق العلمي في علم الكون والفيزياء الفلكية
-
الكون المرئي بين رؤيتين : تقليدية وتجديدية
-
إيران وسورية في مرمى الإصابة الأمريكي مرة أخرى
-
من أجل فهم أفضل لألغاز الكون
-
في كواليس الهجمة الأمريكية على العراق بعد عقد من الزمن
-
العراق في مرحلة ما بعد الانسحاب الأمريكي: وحدة أم تقسيم ؟ 1
-
عرض كتاب: السنة والشيعة لماذا يتقاتلون؟
-
الكون المرئي وألغازه العصية 1 و2
-
هل هناك نظرية جامعة وموحدة للكون المرئي ؟
-
الكون والأسئلة الجوهرية 3
-
الكون والأسئلة الجوهرية ( 2-2 )
-
الكون والأسئلة الجوهرية ( 1-2 )
-
الفيزياء الحديثة بين الممكن والمستحيل
-
الكون المرئي : متى يتجاوز الإنسان عقبة الأصل؟
-
صراع العلم والدين ومعركة الأصل والمصير
-
الأطروحة الماركسية عن الكون المرئي
المزيد.....
-
ثبت تردد قناة وناسة الجديدة الرائعة على القمر الصناعي
-
فاكهة حارقة للدهون.. احرص عليها فى نظام الرجيم
-
عفريت الماء.. أعجوبة الخلق الذي يملك ما يحلم به البشر
-
ماذا تعرف عن النوبات القلبية الصامتة؟ العلامات والإسعافات
-
3 أنواع بهارات يُنصح باستخدامها يوميًا في الطبخ..ما هي؟
-
عشان صحته.. 7 أطعمة ابعد طفلك عنها
-
5 علامات مقلقة تشير إلى نقص المعادن في الجسم.. لا تتجاهلها
-
9 مشروبات صحية لتعزيز مستويات الكالسيوم في الجسم
-
أدوية شائعة الاستخدام قد تحارب الخرف!
-
اضطراب الوسواس القهري عند الأطفال.. الأعراض وطرق العلاج
المزيد.....
-
هل سيتفوق الذكاء الاصطناعي على البشر في يوم ما؟
/ جواد بشارة
-
المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
-
-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط
...
/ هيثم الفقى
-
بعض الحقائق العلمية الحديثة
/ جواد بشارة
-
هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟
/ مصعب قاسم عزاوي
-
المادة البيضاء والمرض
/ عاهد جمعة الخطيب
-
بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت
...
/ عاهد جمعة الخطيب
-
المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض
/ عاهد جمعة الخطيب
-
الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين
/ عاهد جمعة الخطيب
-
دور المايكروبات في المناعة الذاتية
/ عاهد جمعة الخطيب
المزيد.....
|