مروان العش
الحوار المتمدن-العدد: 1105 - 2005 / 2 / 10 - 11:22
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
مروان العش – إتحاد عمال دمشق
أفكار ورؤيا عامل نقابي سوري!!! ( من مداخلة مؤتمر نقابة عمال البناء والأخشاب بدمشق)
تتعرض الأوطان لغزوات ومحاولات للهيمنة الخارجية وسطو مسلح أحياناً وغزو ثقافي وفكري أحياناً أخرى , وأبناء الوطن وقواه الوطنية كانت دوماً المعّول عليها من الحكام للدفاع عن أرضهم وعِرضهم وشرفهم , وما نتلمس اليوم من غزو سافر للمنطقة ودعوات لديمقراطية المحافظين الجدد عبر الدبابات والرصاص والقتل المبرمج لوطن وشعب وأمة مطلوب رأسها .
وعمال الوطن دوماً أصحاب المصلحة الحقيقية مع الشعب في بقاء الوطن حراً سيداً يحميه أبناؤه , ويحمي الوطن لهم لقمة عيشهم ومستقبل أسرهم ومعاملهم وكل شيء جميل في حياتهم ,.
كانت النقابات السورية دوماً مضرب المثل في الإخلاص للوطن وفداؤه وتأمين حاجات الشعب وصناعته وخبزه في أحلك لحظات الإستعمار المباشر وغير المباشر , قاوم العمال مع القوى الوطنية المحتل الفرنسي ومشاريع القوى الطامعة بالوطن .
وعبر سنوات خطتها النقابات تأسس وعبر قيادات وأشخاص وذهنيات محددة طريقة للعمل في النقابات السورية , أصابت أحياناً وأخطأت أحياناً أخرى , حتى وصلنا لواقعنا الراهن نقابياً والعلاقة مع الحكومة , والتي تطلب العطاء اللامحدود بمقابل زهيد وغير منطقي ولا يكفي لتأسيس حياة كريمة وإنسانية بمقوماتها ومتطلباتها , تطالب بتطوير الأداء والإنتاجية وحسم موضوع خسائر القطاع العام , بدون أدوات وصيغ كافية لتوقف مسلسل الخسائر وطرق الإنتقال للتوازن ثم الريعية الرابحة ,والحكومة تعي وتعرف مكمن الداء وأسبابه وأشخاصه , من دون عصا سحرية لديها أجهزتها ومستشاريها وقراراتها التي تحتاج لثورة في مفهوم " الرجل المناسب في المكان المناسب , وأن لا مكان للفاسدين والمفسدين في مفاصل وقيادات العمل" والإتحاد العام لنقابات العمال بتجربته الغنية وعبر بعض قياداته ومفاصله هو الأقدر على قول الحق ومهما كان الثمن , وهذا الإتحاد لديه من الصيغ التي لو طبقت لكان الخير عميماً , بعيداً عن المصالح والمنافع , وحباً بالوطن ومسقبل أبنائه .
ولا بد من تحرر القيادات النقابية من أي ضغوط ومعوقات , ووفرت القوانين حماية وصيانة للطبقة العاملة وقياداتها تستطيع بها من رفع صوتها الوطني عالياً والمطالبة بحقوق العمال والمعامل بالإبتعاد قليلاً عن الحسابات الضيقة والشخصية والمصالح المباشرة وغير المباشرة مهما كبرت أو صغرت , وعلى ذلك أجمل ثلاثة مقترحات للقيادة النقابية والحكومة للمباشرة بخطوة أولى نحو تطوير العلاقة الإيجابية بين الطرفين ( الحكومة طرف والعمال طرف في الحقوق والواجبات ) وهما طرف واحد في حماية الوطن وخلاصه حين يدعي الداعي ويدلهم الخطر , والمقترحات منها :
1- أطالب بفسخ الزواج العرفي بين الحكومة وقيادات الإتحاد العام لنقابات العمال , ولا يعني أننا عاملون في الدولة أن نلغي قناعاتنا ونضع الأهداف والشعارات التي تم إنتخابنا على أساسها كأعضاء لجان نقابية نضعها جانباً لنتوصل إلى توافقات وتنازلات على حساب العمال ومكاسبهم وطلباتهم , والذي إنعكس بآثار هذا الزواج الشكل الذي خرج به القانون رقم ( 50 ) لعام 2004 قانون العاملين الجديد , والذي لم ولن يحقق ما تصبو إليه الطبقة العاملة بعد إنتظار عشرون عاماً على القانون السابق للعاملين في الدولة , وآلاف التفسيرات والتساؤلات التي مسخت القانون رقم /1/ لعام 1985 وجعلته 12317 سؤال وتفسير وقياس وإستحسان .
ولم يحقق القانون الجديد أي تطور مما كان يؤمل به من حيث عدالة الأجر وسويته وكفايته , وتخلف هذا القانون بعد الدراسات والنقاشات واللجان والمشاورات عما سبقه , ولم ولن يرتفع أجرك ايها العامل الكادح , والحماية التي كان من المأمول ترسيخها وتثبيتها للطبقات المتوسطة والفقيرة كانت سراباً وحلماً , فلا مزايا ولا مكاسب جديدة وتنتظر الطبقة العاملة رحمة السماء , إنه قانون القوي على الضعيف , نعم نحن العمال الضعفاء والحكومة هي القوية , وأستغرب كيف وافق ممثلوا العمال والرفاق العمال الجبهويون أعضاء مجلس الشعب وهم العدد الأكبرعملياً على الشكل النهائي للقانون , بعد تطبيل وتزمير الإعلام المرئي والمسموع والمقروء عن سلم رواتب جديد , وجداول رواتب ملحقة بالقانون جديدة , وتعويضات عالية تواكب الغلاء وإرتفاع الأسعار وتماشي التضخم الواقع والحاصل رغماً عن الجميع وبظروف ندرك أكثرها .
وهل راتب بدء التعيين للفئة الأولى والبالغ 6585 ل س عام 2005 وما يليه من سنوات والقدرة الشرائية لهذا المبلغ من السلع والمستلزمات من السوق المحلية السورية , وهل يؤهل هذا المبلغ ويؤمن حياة كريمة لشاب أو شابة في مقتبل العمر ليؤسس أسرة ومنزلاً بالحد الأدنى ( شبابي مثلاً بقدسيا) , والفئة الأولى هي الأعلى أجراً , والأقدر على الحصول على التعويضات عملياً , نجد أنها لاتحقق لها العيش الكريم بهذا المبلغ , فكيف بباقي الفئات .
فهل يسرق , هل ينهب , ليؤمن الحاجة والكفاية , أم هل يعمل ثلاث وارديات مع زوجته الحامل الموظفة , ويشغل أولاده القصر ببيع العلكة والدخان و الكبريت , كوسيلة لكف البلاء عنه من مجتمع لا ينصفه ؟؟؟
نعم هذه الحلول والإقتراحات ليغطي فواتير الماء والخبز والكهرباء والمازوت والدواء واللباس والطوارئ الصحية فقط , وليس للرفاهية والإستجمام في( دور الراحة والإستجمام العمالية برأس البسيط والشاطئ الأزرق والأحمر !!!) وأقساط المدينة العمالية بعدرا , وضم الخدمة , وأقساط التسليف الشعبي , و المؤسسة الإٍستهلاكية , وجمعية الصداقة والمحبة في شلة العمل ؟؟؟
إنه قانون الأمر الواقع عجبك إعمل , وما عجبك إرحل وخفف أحسن لك , وإلا المادة 138 موجودة , عفواً 137 التي لولا تدخل وإنسانية السيد الرئيس لكانت ما زالت / 138 / بتعسف وقهر وبلا مرجعية , فلماذا صدرت عن مرجع الوطن مع فائق تقدير وولاء الطبقة العامله ليده البيضاء بتدخله المناسب في الوقت المناسب وحسمه الموضوع ولم تصدر منكم المبادرة أيها الأشاوس ممثلي عمال الوطن وأحزابه التقدمية والوطنية .
وأين المزايا والمكاسب هل 1% حدياً زيادة تعويض الإختصاص لفئات محددة فنية وعلمية هي المكسب لدائرة ضيقة وشريحة محددة فقط هي المكسب , وأين الفرق في الراتب والتعويضات بين الطبيب والمهندس والجيولوجي والكيميائي , وبين خريج الأدب العربي والتاريخ والجغرافيا مع فائق إحترامنا للجميع .
نعم كلهم عمال في الوطن وبراتب واحد وطعام واحد وكساء واحد , فأين الفرق بين المكتب والحقل والورشة , أين مصاعب ومزايا المهنة , بين العامل الذي يعمل بالمكتب قرب الشوفاج والتدفئة, وبين عمال و جيولوجي الحقول وجيوفيزيائي الإستكشاف النفطي في الحسكة وتدمر وبادية دير الزور كمثال فقط , وهل برأيكم 8% تعويض إختصاص حدي أي مايعادل (40 دولار=2000 ل س ) شهرياً تساهم في تحفيز العامل مع شركات عقود الخدمة للنفط ليقدم جهده للوطن أم يبيع خبرته للشركة الأجنبية مقابل 1500 دولار بالشهر , وهذا ما يحدث فعلياً مع زملاء لنا , هذا واقع ولن أطيل عليكم , طبعاً لكل مجتهد نصيب !!!
2- أبين أن التنظيم النقابي هو تنظيم مهني حرفي وليس تجمع سياسي , وإلا كان حزباً , ورغم قبول تسييس النقابات في مرحلة ما من تطور القطر ومقتضيات المصلحة الوطنية العليا بمرحلة محددة إنتهت وإنقضت ولن تتكرر , فإن إطار التجمع العمالي يندرج تحت مفهوم منظمات وتجمعات المجتمع والتجمع المدني ومأسسته المتعارف عليه عربياً و عالمياً وليس عولمياً حتماً .
ويضم هذا التجمع شريحة مجتمعية متضامنة لها حقوق وعليها واجبات , تنتخب بالإقتراع السري وبصندوق الإنتخاب , ويفترض أن تنتخب كل القيادات العمالية إنتخاباً مباشراً بدون كوتا حزبية أو جبهوية أو تحالفية , بل إنتخابات نزيهة بحرية وعدالة للجميع على قدم المساواة وبدون قوائم مفروضة ومؤسس لها سلفاً , وهذا يعطي الحركة النقابية القوة والمنعة والشرعية الوطنية والقرار الديمقراطي النابع من شرعية صندوق الإنتخاب الحر , ويكون أسمى هدف للنقابة العمالية بشرعيتها الحقيقية الحفاظ على الوطن ومنعته والحفاظ على مكاسب ومزايا العمال وتطويرها والحفاظ على المعامل والمنشآت العامة ووسائل الإنتاج وأرباح المعامل والمؤسسات مهما كانت صفة المالك ورب العمل , لتستمر دورة العمل والحياة لأنه لا أخذ بدون عطاء , ولا أجر جزلٍ بدون عمل مجزٍ.
3- تساهم النقابات المنتخبة ديمقراطياً والبعيدة عن النقابية السياسية وعن الأحزاب الجمعية , والحزبية الضيقة ,وبدون هيمنة إلى فتح وتحرير مساحة واسعة لأعضاء النقابات لتقديم الأفضل بدون الإتكاء على الدعم الحزبي الذي سينعكس مستقبلاً نقداً وتحميلاً لأخطاء وممارسات هؤلاء كأفراد على أحزابهم وبالتالي تحميل هذه الأحزاب أخطاء ممثليها , مما يضعف شعبية هذه الأحزاب ويسيء إليها .
ويكون عطاء وأداء أعضاء النقابات كأفراد ومكاتب وإتحادات وقيادة عليا , على مبدأ من يقدم أفضل عبر برنامج إنتخابه ومن يدافع عن مصالح ناخبيه وإيجاد التوازن المطلوب بين النقابات وأصحاب العمل ( الحكومة مثلاً ) لتحقيق أهداف الطرفين دون شطط أو إملاء أو إذعان الواحد للآخر .
وبعيداً عن التلقين الحزبي والإصطفاف السياسي المسبق أو الإلتزام بأهداف التجمع السياسي المرتبط به , مهما كان تقدمياً أو غير ذلك , ولتكن الوطنية هي المقياس , حب الوطن والولاء للوطن أولاً وأخيراً , والولاء لأهداف الطبقة العاملة ومصالحها وخياراتها الجمعية بالخطوط العامة ,
ويكون مقياس الإلتزام بأهداف ومصالح مجموع العاملين الذين إنتخبوهم بحرية وديمقراطية وبدون كوتا وحصص , بل نتائج وأرقام نزيهة وحرة وبرقابة وصائية بمرجعية قانونية حكومية حتماً عادلة ونزيهة , و بضمير ووطنية .
ولعل من تجارب الشعوب الأخرى تاريخياً نستنتج أن الطبقة العاملة والعمال بشرائحهم العلمية والمهنية كانوا في سوريا دوماً في طليعة المكافحين عن لقمة العيش والحفاظ على كرامة الوطن كأفراد ومجموعات وتأطيرات , ومن الواجب الإستمرار في تصعيد ورفع معنويات هذه الطبقة بمزيد من النضال المطلبي العادل , والمتواكب مع رفع سوية الإنتاجية كماً ونوعاً , لأن الدفاع عن الوطن يأتي من أصحاب المصلحة الحقيقية لفرص العمل , ولن يأتي الدفاع عن الوطن من خلال أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة والمهاجرة , والفاسدين سارقي قوت الشعب والدولة , وبمعنى أشمل سيقف عمال الوطن الشرفاء قواعد وقيادات كصف رديف وبمقدمة القوى الوطنية ضد أي عدو خارجي بقناعة وصدق وشرف .
إن تحصين الوطن وتطوير مكاسب للعمال وهم الشريحة الأكبر والحفاظ على المعامل الصناعية والشركات الإنشائية , لهو تدعيم وتأسيس لقدرات وطاقات الأمة على الصمود والمواجهة لقوى الظلام التي تطمع بالهيمنة والتسلط وإغلاق ملف الصراع العربي الإسرائيلي على حساب الأمة العربية وفي مقدمتها سوريا العروبة والوطن والتاريخ .
دمشق 8/2/2005 . 094283032 / النقابي مروان العش / [email protected]
#مروان_العش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟