علي ابراهيم صافي
الحوار المتمدن-العدد: 3779 - 2012 / 7 / 5 - 16:27
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أوربا الى أين ؟ وجهة نظر من الداخل!
ما هو مستقبل اوربا بعد تنامي المد القومي المتطرف؟ واليمين المتشدد؟ وكذلك السؤال الاهم ماهو مستقبل الديمقراطية في اوربا؟ في
ظل ذلك كله. هذه الاسئلة او بالاحرى هذا الجدل والنقاش الدائر منذ زمن طويل حول هوية اوربا القادمة وماهو اثر الازمة الاقتصادية وكثرة المهاجرين وايضا بروز وظهور اليمين المتطرف في بعض دول اوربا وحصول بعض تلك الاحزاب على مقاعد في البرلمان وفي بلدان لها تجربة ديمقراطية عريقة مثل السويد حينما حصل حزب "الديمقراطيين السويدي" على نسبة كبيرة نوعاً ما أهلتة لدخول البرلمان ولعب دور بيضة القبان في سياسة التشريع كونة يشكل الثقل الاكبر للمعارضة.وأخيراً نتائج الانتخابات اليونانية التي أهلت حزب "الفجر الذهبي" على الحصول على 4,2 بالمئة من نسبة الاصوات في الانتخابات اليونانية الاخيرة. ان عمق المشكلة وتنوعها حيث ان السياسي مثل اليمين المتطرف والديني مثل الحركات وحتى بعض الاشخاص المتطرفين والاقتصادي المتمثل بالازمة المعروفة والمناخي والمتمثل بالمتغيرات المناخية المتسارعة وتلوث البيئة وما شكله من خطر ليس فقط على اوبا على العالم اجمع الفقر وسوء توزيع الثروات كل هذا يعطي ابعادا مختلفة ومتشعبة لبؤر المشاكل والازمات التي بعضها يخص اوربا تحديدا والاخر يعتبر مشاكل يعاني منها كل سكان الارض. في هذة القراءة البسيطة سوف نسلط الضوء على نوذج من الحوار الدائر في الوسط الثقافي الشمال اوربي في خصوص بعض هذة الاسئلة العميقة اَنفة الذكر. القراءة محددة بنموذجين من مقالين يعبران عن وجهتي نظر مختلفتين في ما نحن بصددة. وجهة النظر الاولى والتى تعتبر متشائمة وسوداوية نوعا ما ووجهة النظر الاخرى التي ترى الامر مختلفا وليس هناك ما يدعو للقلق البتة.
لنأخذ اولا وجهة النظر المتشائمة التي يتبناها ويعبر عنها الكاتب النرويجي غيرد نيغوردزهاوغ (1946) والتي ضمنها اولا في رواية كان قد كتبها في العام 1995 بعنوان " زهرة شجرة السماء" في هذة الرواية يتنبأ الكاتب بمستقبل مظلم لاوربا ودخولها في حرب اهلية بين ميلشيات يمينة متطرفة وميلشيات دينية واخرى من القوميين حيث ان هذة الحرب سوف تقضي على الديمقراطية الاوربية وانهائها واحلال الحكم الدكتاتوري والمتفرد محلها.هذة الرواية وللاسف كانت قد الهمت المتطرف النرويجي الذي قام بمجزرة مروعة في العام الماضي في اوسلو , حيث انة اي المتطرف يعتبر ان اوربا هي في حالة حرب مع الاسلام وعلية فان كل من يدعي غير ذلك يستحق القتل في رأي الارهابي انش بريفيك .
المقال الذي كتبة نيغوردزهاوغ في صحيفة الافتن بوستن احدى كبرى الصحف واعرقها في اوسلو والذي يتبنى وجهة النظر المتشائمة نحاول هنا التأكيد على اهم ما جاء فية ولناخذ هذة العينة يقول الكاتب :
"لااستطيع ان اخفي مخاوفي وقلقي من ان شبحا مرعبا ربما سيظهر. انا اخاف من ان اوربا التي نراها اليوم , مع ظهور القوميين المتشددين , والازمه الاقتصادية وفشل التعاون مابين دول الاتحاد الاوربي , كذلك ارتفاع عدد الاجئين وعدم اندماجهم في المجتمع , هذة فقط هي البداية.اي ان نحن وفي غضون من 10 ال 50 سنة قادمة من الممكن ان نرى نظام اقتصادي ربما سينهار يشكل مريع مما يؤدي الى ظهور الميليشيات المتطرفة ومن كل الالوان مثل القوميين واليمين المتطرف والمتدينين . كذلك حلة الفقر في العالم وخاصة في افريقيا كل ذلك يعتبر الشرارة التي سوف تشعل الحريق. ناهيك عن مسألة المناخ وتلوث البيئة." انتهى الاقتباس هذا هو اهم التبريرات التي تبناها الكاتب الذي يمارس الكتابة الروائية والقصص القصيرة حيث انة كتب وبتنوع من قصص اطفال الى روايات بوليسية ومعروف عنة اهتمامة بالشأن السياسي والحوارات الفكرية كذلك مناهضتة للدين وسياسة الولايات المتحدة الاميركية.
اما وجهة النظر الاخرى التي تعتبر وجهة نظر متفائلة وترى ضوء في نهاية النفق (في حالة ان هناك نفق اصلا) والتي عبر عنها الكاتب ايفار ايفرسن رئيس تحرير قسم السياسة الدولية في جريدة " صحيفة اليوم" الصادرة في اوسلو امس الثلاثاء الثالث من يوليو 2012. الكاتب ايفرسن 33 عاما يعتبر من اهم المحللين في الشان السياسي العالمي وله اطلاع واسع ومتنوع في كل ما يدور على الساحه الاوربية والعالمية عموما . وهذا المقال بالذات كتبة ايفرسن ردا على مقالة نيغورزهاوغ انفة الذكر وقد عنونها ب " الديمقراطية ليست في خطر" نلخص فيمايلي اهم ماجاء فيها :
" ان اوجة الاختلاف بين اوربا الثلاثينيات هي اكثر من اوجة التشابة مع اوربا اليوم. والديمقراطية الاوربية اليوم هي اكثر رسوخاً من ذي قبل لذلك فهي قادرة على مواجهة التحديات مثل موجات التطرف اليميني والاحزاب الي تغذي الجانب القومي بغباء وقلة دراية. من وجهة نظر تأريخية فان اوربا في الثلاثينيات من القرن المنصرم كان هناك صراع ايدلوجي كبير وواضح بين الشيوعية المتمثلة بالاتحاد السوفيتي وايطاليا الفاشستية وما هو الافضل منهما؟. وفي اغلب دول اوربا الاخرى كانت هناك احزاب عريقة كنت تسعى للتخلص من الديمقراطية وتنحو الى احد الاتجاهين الفاشستي او الشيوعي. هذا ماكان في اوربا من وضع سياسي وبشكل سريع اما اليوم فليس هناك من صراع اَيدلوجي بالشكل الانف والشيوعية والفاشستية كانتا قد نبذتا الان والى الابد من كل اوربا. وهذا من الممكن لمسة ورؤيتة بشكل واضح في الدول الاكثر تأثرا بالازمة الاقتصادية مثل اليونان , ايطاليا , اسبانيا , والبرتغال. هذة الدول اربعة بالذات كانت ضحية للفاشية ولازالت تعاني لحد الان من تبعاتها.
اما ان الخوف من حصول حزب "الفجر الذهبي على 4,2 بالمئة من اصوات الناخبين فهذا لايعني نهاية العالم اذ ان المخاوف نفسها وربما اكثر حده عندما فاز حزب "الديمقرطيين السويدين" في الانتخابات الماضية ودخولة البرلمان كبيضة قبان مابين الحكومة المؤلفة من المحافظين والمعارضة من احزاب اليسار. تلك المخاوف وبعد مرور اكثر من سنة علىيها ثبت بطلانها الان وان المتشددين اليمينين دخلوا اللعبة السياسية واخذوا يعملون بها ."
هذة وباختصار صورة بسيطة عما يدور الان في الوسط السياسي الاوربي وان كان من وجهة نظر محدده الا انها وبرأيي تعبر عن الصورة الكبير التي تعكس المشهد السياسي الاوربي عموماً. ان التحديات التي عالجها الكاتبين هي تحديات اوربا كلها وبعض دول العالم ايضاً. الازمة الاقتصادية وظهور الجماعات المتطرفة وازمة المناخ وكذلك الهجرة واللاجئين كل هذا وباختصار هو ما يعاني منه اغلب دول العالم.
#علي_ابراهيم_صافي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟