|
أصول فكرة الدين وتطورها عبر التاريخ - الجزء الأول
مالك بارودي
الحوار المتمدن-العدد: 3779 - 2012 / 7 / 5 - 09:06
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الدين وبشكل مجرد وبعيد عن العواطف هو تقييد الإنسان بقواعد صرفة لا تفسير لها تتغير بحسب أصول الدين ومكان تواجده وبحسب متبعيه ومؤسسيه. فبداية بزوغ فجر الدين جاءت مع بداية استيطان الإنسان للأرض، حيث شعر بقوة هائلة تتحكم بها عناصر وقوى الطبيعة الأربعة (النار، الماء، الهواء، الأرض) وهنا بدأ الإنسان الأول بعبادة هذه القوى خوفاً منها وطلباً لرحمتها، فمنهم من عبد النار لقوتها ومنهم من نصب الماء ربا لعطائه، و هلم جرا. ومع تطور تفكير الإنسان أصبح ينظر للمرأة وكأنها الإله الأسمى وبدأ بعبادتها، ذلك أنه إعتقد أنها رمز الحياة وواهبتها للإنسان، وحسب مفهوم الإنسان القديم كانت المرأة كل سنة تعطي حياة جديدة من اللاشيء وهذا ما أثار فيه بداية التعجب ثم الخوف منها لأنه لولاها لما استطاع أن يكون موجودا. إذن هنا اعتبرت المرأة واهبة الحياة وقدست ورسمت جنباً إلى جنب مع الآلهة القديمة الدالة على قوى الطبيعة. وبعد فترة ليست بسيطة من التاريخ البشري، أصبح الذكر مركزاً للقوة ذلك أنه وبسبب معرفته بأنه الطرف الثاني في عملية إنتاج الحياة عرف أن المرأة دون التلاحم الجنسي لا يمكنها أن تعطي حياة جديدة. وبعد اكتشافه الزراعة وعمل الأنثى بالأرض قرب مكان (المنزل) وتدجين بعض الحيوانات و بسبب الحمل المتتالي للمرأة المرهق جداً فقدت المرأة هذه المكانة الرفيعة التي كانت تحتلها لأنها أصبحت النصف الأقل قوةً والأقل فائدة، لأن الصيد وتأمين الحطب وما إلا ذلك كان للرجل. وهنا بدأت المرحلة التي ما زلنا نعيشها في التاريخ وهي السلطة الأبوية أو الذكورية أي سيطرة الذكر على المشهد كافة وإقصاء المرأة جزئياً ثم كلياً عن الأدوار الريادية في كافة مجالات الحياة ومن ثم ابتعاد فكرة الآلهة الأنثى شيئاً فشيئاً إلى أن انمحت هذه الفكرة مع ظهور الديانات السماوية.
الديانات و تطورها: أهم الديانات القديمة هي: * الديانات الإسكندنافية والإغريقية والفرعونية والهندية وديانات أمريكا الجنوبية وديانات ما بين النهرين. الجدير بالملاحظة أن كثيراً من أساطير هذه الديانات أعتبر حجر الأساس للديانات السماوية التي تلته و منها: • بيغاسوس وهو الحصان الطائر للإله زيوس و ابنه هرقل. • كتاب الموتى في الديانات الفرعونية و أيضاً الكارما و الزارما في الديانات الهندية. • الإله الشمس الذي كان سائداً في جميع الديانات القديمة. • المطرقة المقدسة ووجدت في الديانات الإسكندنافية والإغريقية. • عصا الإله. • الإله الحمل أو إيل و عدوه الأوحد ست أو الماعز. • الطوفان الكبير. • التضحية و القرابين و أعظمها التضحية بابن الإله أو ما يسمى بوليمة التهام الإله. • المعركة الأخيرة أو الأرماجيدون. • رموز التنجيم. * الديانات السماوية: فلنناقش ما سبق. ما هو الرابط بين الأمور السابقة والقصص التي جاء بها كل من الأنبياء الذين أسسوا للديانات السماوية:
أولاً: الدين الأول أو دين ابراهيم و زردشت: وبه جاء التالي إن الإله الأوحد هو الإله الغفور الرحيم الودود أو بتعبير آخر هو الإله الحمل (إيل) و ذلك ما كان يسمى به الحمل في مناطق ما بين النهرين. أما الشيطان في تلك الفترة فهو الماعز لأنه كان صعب التدجين، عنيد المراس، منافسا للحمل اللطيف في غذائه ومشربه. و مطرقة ابراهيم التي كان يكسر بها الصنم بضربة واحدة هي ذاتها مطرقه الإله "ثور" في الديانات الإسكندنافية التي كان يحطم بها الحجر بضربة واحدة (مطرقة الإله). أما بالنسبة للتقرب من الإله ووضع القرابين له فهذا ما قام به ابراهيم بأن ضحى بابنه اسماعيل في الديانة الإسلامية وإسحاق عند اليهود، لكنه بدل بكبش لأنه من نفس نوع الإله أو بتعبير أدق ابنه. وبالنسبة لتعاليم الدين فهي تأتي متمثلة ببعض بنود كتاب الأموات وهي: لا تقتل، لا تزني، لا تسرق.
ثانياً: دين نوح و الطوفان الكبير: من المعروف بأن الطوفان الكبير الذي حدثنا عنه نوح و ترك جنسين من كل دابة حدث في منطقة ما بين النهرين أما بالنسبة للطوفان فهو موجود لرقم للإله بل أو بعل أو إيل وهو كبير الآلهة كما يدعى في ملحمة جلجامش، وفيها أن طوفانا حدث بين الفرات و دجلة فاستطاع الإله أن ينقذ الحياة هناك بوضع كافة أصناف الحياة بقارب ضخم يتفادى به الطوفان. وهذه القصة موجودة أيضاً لدى الديانات القديمة الهندية. حسب هذه الديانات كان هذا الطوفان سخطاً من آلهة المياه على البشر و لذلك نرى أن النبيّ نوح ضحى بزوجه وابنه قرباناً لهذه الآلهة وكذلك في أغلب روايات الأديان القديمة.
ثالثاً: دين يهوه أو الدين اليهودي: أما بالنسبة ليهوه فهو معنى مفردة إيل أي الإله بلغات حضارات النيل والشام، لذا كان يدعو موسى إلهه يهوه، وما زالت هذه اللفظة مستخدمة في العهد القديم كمصطلح يعبر عن الرب أو الله. ما أوصى به موسى قومه من على جبل (إيلات) أي جبل الله هي القواعد العشر في الدين اليهودي وهي الترجمة الحرفية للقواعد العشر الموجودة في "كتاب الموتى". أما بالنسبة لعصا الإله التي أطلقها موسى فأصبحت حية فهذه العصا لا تختلف أبداً عن عصا حورس (إله الشمس عند الفراعنة ابن الله) و هي أيضاً عصا الكهنة الفراعنة التي كانت ترسم على شكل حية و هنا أخذت الأفعى هذا المدلول حيث أنها لم تكن مجرد عصا بل هي حية أي ليست ميتة لأنها عصا الله و من هنا أتت معجزة موسى برمي العصا. هنا يأتي المدلول التنجيمي لأنه وكل ما يعادل حوالي 2200 سنة يسمى بحقبة، والحقبة بحسب المفهوم التنجيمي هي مرور الأرض وانتهاؤها من برج كامل. أما الأبراج فهي مجموعة من النجوم في السماء رسمت على الأشكال التي نعرفها في يومنا هذا (الحمل، الدلو وما إلى ذلك). وعندما نزل موسى كان مستوى الأرض قد انتهى من برج الحمل وبدأ ببرج الثور، أو بمفهوم أصح انتهت حقبة الإله الحمل وبدأت حقبة الإله الثور أو العجل، ومن هنا أمر موسى، بعد نزوله من جبل إيلات، بقتل قومه لأنفسهم لأنه رجعوا إلى عبادة الكبش ثم أحضر العجل الذهبي تطبيقاً لوليمة إلتهام الإله، ولذلك نرى وإلى يومنا هذا أن اليهود، في طقوسهم، ينفخون بقرون الكبش دليلاً على انتهاء دور الإله الكبش أو الحمل.
--------------- لقراءة المزيد: http://chez-malek-baroudi.blogspot.com
#مالك_بارودي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رد على مقال عبد الحكيم عثمان: إثبات ان النصوص القرآنيه ليس ل
...
-
نعم، الإسلام هو سبب كل مآسي الشعوب الإسلامية
-
ردا على مقال -إستفزاز- لآمال قرامي
-
ردا على مقال: لماذا يكره العقلاء والأحرار الإسلام؟
-
مقتطفات من دراسة حول ظاهرة التكفير في الإسلام - سلمان رشدي ن
...
-
آه يا دنيا - ثلاث رباعيات هدية لقراء الحوار المتمدن
-
مقتطفات من دراسة حول ظاهرة التكفير في الإسلام - مثال تكفير ا
...
-
المرأة والكلب الأسود والحمار يقطعون الصلاة أو الدليل على تكر
...
-
رسالة لأطفال اليوم وأوليائهم حول الأخلاق في الميزان الإلهي و
...
-
إرادة الله أم إرادة إبليس؟
-
الرد على مقولة بعض المسلمين بأن الإسلام هو الحل
-
في تاريخ العرب المسلمين المحرف والمظلم
-
ترهات الإسلامويين وكذبهم في ظل جهل الشعوب ونهاية الإسلام الق
...
-
قول على هامش -حملة مناهضة حجاب الصغيرات - حتى لا تعيش الفتيا
...
-
في التناقضات الواضحة بين العلم وصحيح الدين الإسلامي (01)
-
لكي لا تخدعك الكلمات الجميلة والشعارات الرنانة التي يرفعها ا
...
-
الرد على نقد (أو إنتقاد) نهاد كامل محمود لمقالي -عشرة أسئلة
...
-
عشرة أسئلة تجعلني لادينيا
-
الجمل وثقب الإبرة أو حديث الحقائق الكبرى
-
هل أن الله حفظ القرآن فعلا؟
المزيد.....
-
أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
-
غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في
...
-
بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
-
بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
-
قائد الثورة الاسلامية آية اللهخامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع
...
-
اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع
...
-
إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش
...
-
مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية
-
سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -أفيفيم- بصلية صا
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|