أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حامد فضل الله - الجبهة الاسلامية القومية والانتهازية















المزيد.....

الجبهة الاسلامية القومية والانتهازية


حامد فضل الله

الحوار المتمدن-العدد: 3779 - 2012 / 7 / 5 - 00:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من الأرشيف البرليني
منذ استلام مجموعة من العسكريين بالقوات المسلحة السودانية في 30 يونيو(حزيران)1989
على السلطة للمرة الثالثة وبعد اعلان أسماء أعضاء مجلس" ثورة الانقاذ الوطني" وتشكيل
الحكومة الجديدة-أصبح واضحا لكل المراقبين والعارفين بالتطورات السياسية في السودان بأن الجبهة الاسلامية القومية لا تسند الوضع الجديد معنويا فقط بل شاركت مشاركة فعّالة عن طريق جناحها العسكري داخل القوات المسلحّة بالاطاحة بالحكومة الشرعية لللسيد الصادق المهدي التي جاءت الى الحكم عن طريق انتخابات حرة ديمقراطية .
جاء تبرير الجبهة باشتراكها في انقلاب 30 يونيو بفشل التعددية الحزبية وفشل الحكومات المتعاقبة في حل مشاكل البلاد .
هنا أود أن أعدد في عجالة بعض مواقف الجبهة الاسلامية في الماضي لاثبات بأنها شاركت مع الحزبين التقليديين(الأمة والاتحاد الديمقراطي)على تهميش الديمقراطية وافراغها من مضمونها وبذلك ساعدت على تخريب الحياة السياسية في السودان .
ظهرت الجبهة الاسلامية القومية كتنظيم سياسي على النطاق العام قبل ثورة اكتوبر(تشرين الأول)
1964 بقليل- بظهور زعيمها د.حسن عبد الله الترابي كمعارض للنظام العسكري الأول وكانت محاضراته وندواته وخاص’ في ندوة مشكلة جنوب السودان ودعوته لعودة الحرية والديمقراطية وحكم الشورى داخل حرم جامعة الخرطوم بالاشتراك مع اتحاد الطلاب والهيئات
المهنية والنقابات العمالية عاملا حاسما على تقويض نظام الفريق إبراهيم عبود العسكري .
ومنذ ذلك الحين أصبحت الجبهة قوة سياسية فاعلة في المجتمع السوداني بقيادة زعيمهـا د.
الترابي منذ تأسيسها وعبر مراحلها المتعددة وتحت أسمائها المختلفة(الاخوان المسلمون-جبهة الميثاق الاسلامي- الجبهة الاسلامية القومية)بعد أن كانت في الماضي أخا صغيرا لحزب الأمة. تكونت جبهة الهيئات(كانت تضم النقابات العمالية والمهنية)لحماية ثورة اكتوبر1964
وكتجربة سياسية جديدة لكسر الهيمنة والوصاية على الجماهير التي كانت تمارسها الأحزاب الطائفية وحتى العقائدية . تنبهّت جبهة الميثاق الاسلامي مبكرا للدور الذي يمكن أن تلعبه جبهة الهيئات في مستقبل الحياة السياسية بما تضم من اتجاهات يسارية علمانية وعملت بمساعدة الاحزاب التقليدية على فركشتها وتفتيتها .

- 2 -
في ندوة معهد المعلمين التي نظمها الإتجاه الإسلامي بالمعهد حول المرأة في 8 نوفبر 1965 علّق أحد الطلاب على الندوة وتهجم على الاسلام والتشهير بالمحصنات وادعى أنه ماركسي وعضو في الحزب الشيوعي السوداني- استغلت جبهة الميثاق الاسلامي هذا الحادث الفردي المشكوك في أمره- استغلالا سياسيا فجّا ,فأقامت الندوات وسيّرت المظاهرات وطالبت بحل الحزب الشيوعي السوداني وطرد نوابه ( 11 مقعدا ) الذين فازوا في الانتخابات الحرّة للبرلمان السوداني وتم لها ما أرادت بعد أن جرّت خلفها الحزبين الكبيرين.ورغم اصدار المحكمة العليا بالخرطوم حكما لصالح النواب الشيوعيين لم ترضخ الأحزاب السياسية للحكم.أما الطالب صاحب التعليق لم يعثر له على أثر بعد نهاية الندوة .
وتردّد في الأوساط بأنه حصل على بعثة دراسية خارج الوطن ( قبض الثمن ) .
أثناء حكم الطاغية نميري انفصلت الجبهة من المعارضة وعقدت مصالحة مع نظام مايو مما أضعف المعارضة واستفادت من وجودها في السلطة لتدعيم موقفها السياسي والاقتصادي ووقفت بجانب نميري بل شجعتّه عندما أراد أن يلعب كرته الأخير باصدار قوانين سبتمبر 1983 المسماة"بقوانين الشريعة"ثم عادت للمعارضة بعد أن نكّل بها النميري.
رفضت الاشتراك في حكومة قومية برئاسة الصادق المهدي بعد الانتخابات الأخيرة-كان المهدي يريد تكوين حكومة قومية عريضة دون اعتبار للثقل السياسي للأحزاب لمواجهة مشاكل البلاد المزمنة والعويصة بالاجماع.كانت تمتلك صحف يومية وأسبوعية وتختفي خلف أخرى وشاركت مع بعض الصحف المعارضة لها في المهاترات السياسية بما فيها من اثارة الرأي العام مما أضرّ بسمعة الصحافة السودانية .
رفضت الجبهة اتفاق كوكادام الذي تم التوقيع عليه في 26 مارس(آذار)1986 بين بعض الأحزاب السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة د.جون قرنق وكان يمكن أن يكون صورة تمهيدية ومدخلا لحوار جماعي وقفل الطريق أمام المناورات المتتالية لتخريب مساعي السلام .
قدّم د.الترابي في الحكومة الإئتلافية بوصفه النائب العام"وزير العدل"مشروع القانون الجنائي لسنة 1988 كتعديل أو اضافة لقوانين سبتمبر"قوانين الشريعة"لاجازته عن طريق البرلمان – تقديم هذا المشروع لاجازته قبل انعقاد المؤتمر الدستوري والذي يرجى منه حسم الخلافات العقائدية والمذهبية يفقد الأحزاب الشمالية مصداقيتها وتصبح كلمة اللاعتراف بالتعددية حبرا على ورق.
- 3 -

رفضت الجبهة مبادرة السلام السودانية التي وقعّت في 16 نوفمبر(تشرين الثاني)1988 بين السيد محمد عثمان الميرغني – ود. جون قرنق كمخرج جديد من الأزمة الطاحنة وخاصة حزب الميرغني وهو الشريك القوي في الحكومة بجانب وزن الميرغني الشعبي والطائفي والديني. أوحت للصادق المهدي بأن حزب الأمة( حزب المهدي)والجبهة الاسلامية هما القادران على تجاوز الأزمة اذا وقفا موقفا متشددّا من الحركة الشعبية لتحرير السودان . وعند انسحاب الاتحاد الديمقراطي من الحكومة انفردت بالحكم مع حزب الأمة وجاء التصعيد العسكري في الجنوب مما دفع ضباط الجيش يتقديم مذكرتهم الشهيرة في 20 فبراير 1989 التي احتوت على 21 بندا أهم نقاطها-تأهيل القوات المسلحّة- وضع سياسة خارجية متوازنة وحسم قضية الحرب والسلام في الجنوب وتوسيع قاعدة الحكم-كما أكدت المذكرة على أن القوات المسلحّة لاترغب في أسئلة السلطة وملتزمة بالمحافظة على الديمقراطية .
لقد فشلت كل محاولات الصادق المهدي المضنية لاقناع الجبهة بالاشتراك في الحكومة القومية العريضة القادمة لتجاوز الأزمة بعد مذكرة ضباط الجيش-وحاربت التجمّع الوطني منذ انتفاضة ابريل"نيسان"1985-وقامت أخيرا بتدبير انقلاب 30 يونيو(حزيران)1989 ودخلنا من جديد في دوامة الانقلابات العسكرية الفاشلة .
ان الصراع السياسي حق مشروع في ظل الديمقراطية والتعددية الحزبية ولكن في المنعطف القاسي الحرج الذي تمر به البلاد(الأزمة الاقتصادية الطاحنة-الحرب الأهلية-مشكلة الهوية الخ)يتطلّب الأمر أن ترتفع الأحزاب إلى مستوى المسؤولية الجماعية وترك المكاسب الحزبية مؤقتا للوصول بحد أدنى من الاجماع لمواجهة المشاكل العصيبة لاشك أن الصادق المهدي كزعيم للاغلبية يتحمّل مسؤولية جسيمة لترددّه السياسي وعدم حسمه للامور واللعب على كل الحبال ولطموحاته الشخصية والتغاضي عن الفساد الحزبي ولكن من الانصاف القول أيضا بأن مشاكل السودان الراهنة بأبعادها المحلية والاقليمية والدولية والغموض حول توجهات جون قرنق لايمكن معالجتها عن طريق فرد واحد أو حزب منفرد مهما توسّم من قوته ومقدرته وفكره .
ان القول بفشل الديمقراطية في السودان يجب أن يؤخذ بكثير من الحذر-ان مصرع الديمقراطية في السودان جاءت نتيجة للاستهتار والاستهانة التي تعاملنا بها مع الحرية حتى أفرغت الحرية من مضمونها.وعلينا أن نفرّق بين الممارسات الخاطئة من قبل الأحزاب باسم الديمقراطية وكذلك محاولة اسقاط الديمقراطية اسقاطا تعسفيّا على واقعنا وبين الديمقراطية بمفهومها الحضاري كنتاج
- 4 -
للعصور الحديثة في الغرب .
وعلينا أن نتذكّر بأن الديمقراطية رغم قصورها في واقعنا المحلي جعلت د.الترابي الذي لم يحصل على ثقة دائرته الانتخابية ولم يكن عضوا في الجمعية التأسيسية"البرلمان السوداني"أن يصبح وزيرا للعدل ثم وزيرا للخارجية ونائبا لرئيس مجلس الوزراء-وكانت الجماهير السودانية قادرة أيضا في ظل هذه الديمقراطية على تصحيح مسار الحكومة لولا تدبير الجبهة الاسلامية للانقلاب العسكري الأخير والذي أظهر الآن طابعه الدموي-الغريب على التقاليد والأعراف السودانية والدينية والانسانية .
والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا لم تثتثمر الجبهة الإسلامية التأييد الشعبي الواسع لها ديمقراطياً بعد ثورة أوكتوبر وتتخذ هذا القرا السياسي الخاطئ والقاتل بتدبير الإنقلاب العسكري وذلك بالرغم من صعود وبروز قائدها د. الترابي والذي أصبح في ديسمبر 1964 أميناً عاماً للجماعة والذي يوصف بالذكاء الخارق والعقلية الموسوعية والقدرة على التحليل وقراءة الواقع إنها الصورة التبجيلية إذا ما أردنا التطرف- " الذائفة "– التي يرسمها بعضنا للزعماء السياسيين .
هل تريد الجبهة الاسلامية القومية أن تحتكر الاسلام في السودان؟اسلام الشورى والعدل وتجعل منه ايديولوجية سياسية دوغمائية تشغل الناس بالجزئيات وتستخدمه أداة للقمع ليس ضد أصحاب الديانات الأخرى بل ضد المسلمين السودانيين أنفسهم في بلد متعدد الثقافات والأعراق والديانات .انه التعصّب والارهاب الفكري والعمى السياسي .

جريدة العرب – لندن
الخميس 3 / 5/ 1990



#حامد_فضل_الله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من حقيبة الذكريات مع الصديق كاظم حبيب
- المسلمون والعرب وإشكالية الاندماج في المجتمع الألماني
- نقاش بين الباريسي والبدوي في برلين
- تحية تقدير واعتزاز للشاعر المبدع عبد الكريم گاصد
- نحن والردى في تذكر سلطان-ابو رشا


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حامد فضل الله - الجبهة الاسلامية القومية والانتهازية