امال قرامي
الحوار المتمدن-العدد: 3775 - 2012 / 7 / 1 - 17:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كلمة الاستفزاز... وردت على لسان أغلب الساسة والمسؤولين وعدد من أعضاء المجلس التأسيسيّ في تونس لتبرير عنف استشرى في البلاد.
يذكّرني منطق تبرير سلوك من أجرموا في حقّ العباد والبلاد بأنّه جاء نتيجة الاستفزاز، بطريقة تبرير ما يحدث للنساء المغتصبات إذ سرعان ما ينقلب الجلاّد إلى ضحيّة، وتتحوّل المغتصبة إلى آثمة. فهي التي استفزّت الرجل بملابسها الخليعة أو بمشيتها أو بعطرها أو بتقليب نظرها ذات اليمين وذات الشمال ....فراودته ولسان حالها يقول : هَيتَ لك فاعتدى عليها.
أخشى ما أخشاه بعد هذه الأحداث التي مرّت بها البلاد أن يتخذ الاستفزاز ذريعة لتقييد الحريات وانتهاك الحقوق، وأنّه على هذا الأساس ستصدر القرارات والقوانين، وستبطش هيئة تُقدّم النهي عن المنكر على الأمر بالمعروف بالناس، وستنتصب مؤسسة الحسبة لتردع من استفزّ مشاعر إخواننا السلفية المتشدّدين بأغنية أو قصيدة أو مسرحية أو فيلم أو رسم أو كاريكاتور، أوتعليق فايسبوكي...
فحذار أيّها الرجال وأيّتها النساء وأيّها المخنثون وأيتها المسترجلات من التمادي في انتهاج سلوك الاستفزاز في الطريق العامّ، وفي الساحات العمومية وفي الأزقة ، وعلى شواطئ البحار، وفي النوادي الليلية...فتونس اليوم ليست كما كانت عليه بالأمس.
من أراد منكم الاستمتاع بنصيب من الحرية فليتوار عن الأنظار احتراما لإخواننا السلفية وليرتد إلى بيته معتكفا في فضائه الخاص وفي ركنه الحميمي وليكن شعاركم في المرحلة القادمة البَيتُوتِية .
وحذار أيّها المنتسبون للأقليات الدينيّة من شيعة وإباضية وبهائية ومسيحيين ويهود من ممارسة شعائركم والتعبير عن معتقداتكم أمام الناس ففي ذلك استفزاز لمشاعر إخواننا السلفية.
وحذار أيّها الملحدون من التصريح بما تفكّرون فيه، اتّخذوا التقية نهجا والرياء الدينيّ ممارسة حتى لا تستفزّوا مشاعر إخواننا السلفية.
وحذار يا نساء بلادي من لبس الفستان، والكشف عن السيقان، وارتياد الشواطئ بالمايوهات فذاك سلوك استفزازي يُلهي إخواننا عن عبادة الرحمان.
وحذار يا نساء ورجال الإعلام من رصد التحركات ونقل كلّ الأخبار وتتبع الزلات، وفضح تجاوزات الوزراء والمستشارين فذاك سلوك استفزازي والخير كلّ الخير في إسبال الكساء على عورات الحكّام .
وحذار يا من حشرتم أنفسكم في زمرة المعارضة من إبداء الرأي أو التجريح أو الشتم والسباب أو تقديم المقترحات أو انتقاد صنّاع القرار أصحاب السيادة والشرعية فكلّ ما تفعلونه لا يعدو أن يكون استفزازا.
وحتى لا يكون خطابي مستفزّا سأردّد ما قاله أصحاب المعالي تونس بلد يكفل الحريات: حريّة التفكير وحريّة التعبير وحريّة الإبداع وحريّة المعتقد، وحريّة الإعلام والحريات الأكاديمية ...ولكن بمقدار وضوابط وحدود وشروط سنّها أصحاب القرار أهمّها : احترام مشاعر إخواننا السلفية .
سنُضحّي من أجلكم فأنتم إخواننا وسنُراعي مشاعركم الرقيقة التي لا تقوى على الصمود أمام الهمسات والوشوشات وسنصبر على بلوانا فيكم حين اعتبرتمونا الإخوة الأعداء ولكن للصبر حدود .
#امال_قرامي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟