نِضال الشُّيُوعِيِّين داخِل البرلَمَانات والبلدِيَّات

السموأل راجي

الحوار المتمدن-العدد: 3775 - 2012 / 7 / 1 - 03:00
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    

كُلّ صراع طبقِيّ هُــو بالضّرُورَة صِراع سِياسِيّ والـعكسُ صحِيح بإعتِبار أنّهُ يُفْضِي أو يستهدِف أو يَــتِـــمّ من منظُور الصِّراع على السُّــلْــطة لِــتطبِيق برامِج إمّا لِـفائِدة الـمَافِيا أو لصالِح الجـمَاهِير الكادِحَـة وفي مُقدّمتِـهَــا الشّغِيلَة ، فأيّ إضرابٍ عامٍّ مثلاً يُـمثِّلُ تحدِّيًـا جِديًّا للدّولَــة البُورجوازِيَّـة ، ومُنذ إنبِثاق الحركة الشُّيُوعِيّة العالَـمِـيَّـة لَـم يتوقّف النِّقاش حول آلِيّات العَمَل الثّورِيّ في ظِلّ سُلطة رأس الـمَـال ومن بين الـمَسَائِــل التي شكّلَت مادّةً دسِـمَـةً للكتابَة والخِلاف وحتّى الصِّراع هِــي الـمُشاركَـة أو الـمُقاطعة للبرلَــمَانات البُورجوازِيَّــة .
بِـــمَا لايدعُ مجالاً للشكّ ، الطّرِيق الأساسِيّ لِــنِضال البرُوليتارِيا ضِدّ البُورجوازِيَّـــة يَــتَــمَــثَّـلُ فِي العَمَل الجَـمَاهِيرِيّ الـمَـيْـدانِيّ بِـقِـيَـادة الـمُـنظّمات الـجَـمَاهِـيـرِيَّــة (نقابات،جمعيّات وتعاونيّات مهنِيَّة،...) وبِــإشرافٍ مُباشر للــحِزب الشُّـيُوعِــيّ الذِي تَــمَــكّن بإرتِباطٍ مع بِــنْــيَــتِــه التّنظِيـمِـيَّـة اللِّينِينِيَّة من تَـوْجِـيـهِـهَا نحو خِـدمَة مصالح الطّبقَة العامِـلَة ؛ غير أنّه ونِتاجًا لظُرُوفٍ موضُوعِيَّة وحتّى ذاتِيَّة تتعلّقُ بِـــإقتِران البرلَــمَـانِيَّة بأشكال الدّولَة البُورجوازِيَّــة الـمُدَّعِــيَــة للدِّيــمُــقراطِـيَّـة لدَى الرّأي العامّ الـمُغالط والـمُتأثِّر بالدِّعاية الإيديولُوجِـيَّـة اللّيبرالِيَّـة القذِرة وبِــزاوِيَــة التّعاطِي مع الـمَسألَـة والهدفُ من دُخُولِــهَا أو جدوَى مُقاطعتِـهَا إذ من الضّرُورِيّ تعزِيز مواقِع علنِيَّة قانُونِيَّة وإفتِكاك أُخرَى من قِـــبَـل حِزب الطّبقَة العامِـلَة قصد تحوِيلِــهَا لقواعِــد عملِيَّات ثورِيَّــة دِعائِيَّة وتحرِيضِيَّـــة تُساهِـم في خُطّتِـه للتّعبِــئة الجماهِيرِيَّة وفِي كلِـمَـة إنتِزاع أقصَى ما يُـمْـكِـن من الأجْــهِزة وهدمِـهَا لِإقامَة أجهزة سُلطة البروليتارِيَا ؛ ولا تكُون الـمُقاطَعَة وسِيلةً ثورِيَّــة إلاّ إذا إتّضَحَ وبعد دِراسة ملمُوسَة لحَيْثِيَّاتٍ ملمُوسَة أنّ مركَزَ ثِقَل الحياة السِّياسِيَّة قد غادَر القُبّة البرلَـمَانِيَّة وتحوَّل إلى مقرّات العَسْكَر أو حُجرات مُغلَقَة أو إذا إستحال فرض معارِك من الدّاخِل بِــمُقتضَى قوانِين إنتِخابِـيَّـة تُحدِّدُ سلفًا هَـيْـمَـنَة البُورجوازِيَّة السّاعِيَة بكُلّ جبرُوتِـهَـا لِـتَـمْـرِير أجندتِـهَا الـنَّـهْـبَوِيَّــة ، وفِي كلِـمَـة ، لا يُـمْكِن خارِج توفُّر هامِـش من الحُريّات وتحت سطوَة الفاشِيَّة الـمُـشاركَة في البرلَـمَـانات لأنّ الدُّخُول سيكُون إضفاءًا للشّرعِيَّة على الإستِبداد ودعْـمًا للدِّعاية الرَّسْــمِــيَّـة حول دِيـمُقراطِيَّة السُّلطَة.

من ذات الـمنظُور ، وإذا ما توفَّــرَت شُرُوط ولو دُنْــيَـا في ظرفِيَّة رِدَّة وحالَة جزْر ، لا يُـمْـكِن الـتَّـعَـلُّـل بالطّبِيعَـة الطبقِيَّة للبرلـمَـانَات وبقِيَّة الـمُؤسَّـسَـات البُورجوازِيَّـة (مجالس محليّة وبلدِيَّات ومجالِس قُرَى ومُحافظات) لِــمُقاطعتِـهَا فالحِزب الشُّيُوعِيّ يدخُلهَا لِــهدمِـهَا وعلى الـمَدَى الـمرحلِيّ لِــتكثِيف حَـمَلاتِـه وفضح مُخطّطات البُورجوازِيَّة وكافّة أعداء الشَّعب ، وقَد بَـيَّـنَـت التّجرِبَة التّارِيخِيَّة للبلاشِفَة في الدُّومَا فعالِـيَّـة تحوِيل البرلـمَانات متى توفّرت الشُّرُوط لِــذلِك إلى آلِيّات إنغِراس وصدّ للهجَـمَـات السِّياسِيَّة .
يَــقُوم العَـمَل البرلَـمَانِيّ على توسِيع رُقْعَة ومجالات التّحرِيض الثّورِيّ ضِدّ سُلطَة رأس الـمَال وإحبَاط مشارِيع اللّيبرالِـيِّـين التّخرِيـبِـيَّـة وتَـجـمِـيع الجماهِير حول الـمُقترحات والشِّعارات والبرامِج العَـمَـلِـيَّـة الـمَلمُوسَة للطّبقَة العامِـلَة وحِزبـهَا اللِّـيـنِـيـنِـيّ وليس لأجل التّواجُد وضـمَان مصالِح بضعة مُـتَـنَـفِّذِين في حِزبٍ مُـهْـتَـرِئ يتحوّل يومًا بعد يوم إلى أشلاَء ويبحثُ البعض من مُناضِلِيه عن بدائِل بعضُهَا تافِـه لا يُمَثِّل إلاّ جعجعات لفظِيَّة يَــتَــغَــنَّـى بِفشل تجارِب ولا يأخُذ القوانِين العامَّــة للـنّظرِيَّة وأحيانًا لَـم يطِّلعُوا عليـهَا نتيجة عدم معرفتِــهِــم وجَـهْـلِـهِـم بِأبجدِيّات الحياة الـتّـنْـظِـيـمِـيَّــة ومبادئـهَا .
يرسُـم الشُّيُوعِيّ تكتِــيكاته بإرتِباطٍ مع الذِّهنِيَّة العامَّة للجَـمَاهِير ويقترِحُ عليـهَا ما يُلائِــمُـهَا ، وفي هذا السِّـيَـاق تنظُر الشُّعُوب التي إفتكَّـت في سيرُورتِـهَا التّارِيخِيَّة هوامِــش من التحرُّر أو عرفَت ثورات بُورجوازِيَّـــة بكثِيرٍ من الإعجَاب والأوهَــام الدِّيـمُقراطِيَّة إلى البرلَـمانات وإن خَفت هذا الإنبِـهَار وأخذ يتحوَّلُ إلى إحتِقار وفي العُـمُوم ،وفي مُعظـم الأقطَار ، تُــعادِي قِطاعات واسِعَة من الكادِحِــين أو تنظُر بِــإستِــيَـاء إلى حملات الـمُقاطَعَة ،، ويكتسِي العمَل الشُّيُوعِيّ التّحْضِيرِيّ للإنتِخابات صِبْغَةً خاصّة من اجل الكَـسب السِّياسِيّ للطّبقَة العامِـلَـة وهُـــو نشاطٌ مُـهِـمٌّ يتنزّلُ في الباب الأوَّل للإنغِراس* .

لا تَـسْـتَـهْـدِف الحملات الإنتِخابِــيَّــة التِي يخُوضـهَا حِزبٌ من الطِّراز اللِّينِينِيّ الحُصُول على أكبَر مقاعِــد مُـمْـكِـنَـة داخِـل البرلَـمَان بل تأخُذ إتِّجَاه تعبِئة الـجَـمَاهِير تحت شِعارات بروليتارِيَّـة ثورِيَّـة يبدأ بإســم القوائِــم والبيَان الإنتِـخابـِيّ والبرنامج الـمُقترَح وُصُولاً لِآلِيَّات وطُرُق الـحمْـلَة ذاتـهَا التي لا تقتصِرُ على نشاطِ أعضاء الـمكتب السِّياسِيّ الإعلامِـيّ أو مُـرَشَّـحِـي القوائِــم فقط بل تَـشْـمَـل عُـمُوم مُناضِـلِـي الحِزب وكافّة مُنظَّـمَـاتِـه بدُون إستثنَاء ولا بُــدّ من إسـتِغلال كُلّ حركة جَـمَاهِيرِيَّـة مُـمْـكِـنَة بتطوِيرها ورفع سقف مطالِـــبـهَا وتخرِيط عناصرهَا الأكثَر وعيًا في ذات السِّيَاق ومن منظُور توثِيق الرّوابِــط مع العُمَّال وتكرِيس الإنغِراس ميدانِيًّا .
وخِلال تَــشْــكِيل القوائِــم كُلّ الـمجهُود الـحِزبـِيّ يخضَعُ لإشرافٍ مُـباشِرٍ من اللّجنَة الــمَركزِيَّــة إعتِبارًا لِــمَـقِـدِرتِـهَا الفِكرِيَّــة والسِّــيَـاسِـيَّـة وإلـمَامِـهَا بالوضع التّـنـظِـيـمِـيّ لِـعُـمُوم الحِزب وتقُومُ عناصِرهَا الـمُشرِفَـة خِلال الـمرحلَة التّحضِيرِيَّة بالتأكُّـــد من مصداقِـيَّـة الـمُرَشَّـحِـين وشُيُوعِـيَّـــتِــهِــم دُون الـخِــشْـيَـة من دعـم أعضاء في القوائِــم من العُمَّال والفلاّحِين من ذوِي الـمُستوَى الدِّراسِيّ الـمحدُود لِــتجاوُزِ الـتَّـمَـشِّـي الليبرالِيّ في إعداد قوائِـم مِن برلـمَانِـيِّـين سابِقِين وخاصّة من الـمُحامِــين إنحِيازًا ووفاءًا مِـنْـهَا لخطّ الإنحِياز الطبقِيّ للبروليتارِيا من ناحِـيَـة وتجذِير الإرتِــباط بالأوسَاط الشّعـبِـيَّـة ، ومن الضّرُورِيّ أن تعـمَلَ قِيادة التّنظِيـم كُلّ ما في وِسْعِـهَا لإزَاحَــة البعض من الإنتِــهَازِيِّــــيــن الذِين يَــهدفُون إلى الحُصُول على مقاعِــد بإســم الحِزب دُون تَــمْــثِيل الطّبقَة العامِــلَة وإنَّــما لِــتحقِيق مآرِب فردانِيَّة خسِيسَة عبر تقدِيــم آيات التَّــزَلُّــــف والولاءات حِــينًا وتجـمِـيع مُناضِلِين ودفعِــهِــم نحو التّصوِيت خِلال الإعداد للقائِــمَات وهُــو ما لا يجِــبُ أن يكُون تحت أيّ ظرفٍ من الظُّرُوف ومن هُــنَـا أيّ مُحَـاوَلَــة مُـمَـاثِـلَـة تُـعَـدّ بدايَـة إنشِقاق وتكريسًا للتكتُّــل ومن ثَـمَّــة جرِيـمَـة في حقّ الحِزب التّشْـهِـير بِـهَا ضرُورَة مُرافِـقَــة لِطرد مُرتكبِــيــهَا وفي الأغلب يكُونون من البُورجوازِيَّـــة الصّغِيرة.

أمَّا في البلدِيَّات ، فإذا ما حَازَ الشُّيُوعِيّ الأغلبِيَّة ، فإنَّـهُ يسـتكـمِل مُخطّـطَـهُ فِي خلق مُـعارضَة ثورِيَّة محلِيَّة للسُّلطة الـمركزِيَّــة مادامَت بُورجوازِيَّــة ويعمل بِــمُختلف الوسائِــل والإمكانِيَّات على تقدِيــم الخدمات البلدِيَّــة وتَـعْـمِـيـمِـهَا على الفِئات الأكثَر فقرًا ، وفِي كُلّ مُناسَبَة يكشِف مُناضلُو الحِزب الـمُتواجِدِين في تِلك الـمَجالِس الـمَـحَـليَّة عوائِـــق الأداء البلدِيّ والعراقِيل الـمَوضُوعَــة من طرف البُورجوازِيَّــة الحاكِـمَـة ،وفي ذات الوقت ، يقُوم الحِزب عبر لجنتِه المحليّة بتوظِيف الدِّعايَة لتشكِيل لجان أحياء ثورِيَّــة من صَـمِـيـم الأوساط الشّعبِيَّة لتكُـون بدِيلاً ثورِيًّا للبلدِيَّات ذاتـهَا متَى حانَت ساعة الحَـسْـم الثّورِيّ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*: يقُوم الإنغِراس على خلق صدًى إعلامِيّ وصِيت سِياسِيّ لبرامِـج ومُـقترحات الحِزب ثًــمّ إستِغلال الكسب الحاصِل في سبِيل تدعِـيـم صُفُوف التّنظِـيـم بِأفواج من العُمَّال والفلاّحِين الفُقراء والصِّغار والـمُثَقَّفِين الثّورِيِّــين والـمُبدعِين الذِين متَى تعدَّوْا مرحلَة الإختِبار يَـتِــمُّ تنظِيــمُـهُـم وإعدادهـم حِزبِيًّا وتوجِيـهـهـم حسب الـمواهِب والإختِصاصات ومجالات الـعمـل لتوسِيع مجال نُفُوذ الحِزب والتّعرِيف على نِطاقٍ عامٍّ بأطرُوحاتِهِ لتعبِئة الجماهِير وإفتِكاك السُّلطَة.

#السموأل_راجي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات