|
من سيخلف خامنئى؟
شريف نسيم قلتة
الحوار المتمدن-العدد: 3774 - 2012 / 6 / 30 - 23:18
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
رغم أنه من غير المعلوم ما إذا كان المرشد الأعلى لإيران، "آية الله خامنئي"، سوف يختفي عن المشهد في المستقبل القريب، إلا أن تقدمه في السن ومشاكله الصحية، تجعل مسألة من يخلفه بعد رحيله ومن ثم مستقبل "ولاية الفقيه" في إيران مسار للعديد من التكهنات والتخمينات سواء داخل إيران أو خارجها، وذلك في ظل عدم وجود مرجعية دينية محددة داخل إيران من الممكن أن تحل محل الرجل بعد رحيله، أو عدم وجود سيناريو محدد واضح المعالم لكيفية انتقال الولاية بعد رحيل "خامنئي".. إلى الحد الذى يؤكد فيه البعض أن رحيل "خامنئي" عن الساحة في ظل الظروف الراهنة سيكون بمنزلة كارثة للنظام، لعدم وجود بديل له او من ينوب عنه في إدارة "ولاية الفقيه"، لأن معظم مراجع الدين غير الرسميين تخلوا عن هذه الولاية منذ أعوام، وتم استبعاد جميع الذين كانوا يستحقون القيادة مثل: (منتظري وطاهري ودستغيب). حيث عمل "خامنئي" على تهميش الجيل الأول من الجمهورية الإسلامية، ودفع بأولئك الذين كانوا يتولون مناصب عليا في ظل حكم "آية الله روح الله الخميني"، وأحاط نفسه بشخصيات استخباراتية وعسكرية. كما عزز سلطته بترقية جيل جديد من السياسيين الضعفاء الذين يدينون له بالفضل. وفى ظل هذا الوضع المعقد الذى سوف يواجه النخبة السياسية بعد رحيل "خامنئي"، يمكن طرح سيناريوهين مختلفين للخروج من هذه المعضلة بعد رحيل "خامنئي".. وهما : السيناريو الأول: بقاء منصب المرشد الأعلى أو "ولاية الفقيه" وذلك عبر تولى أحد المراجع الدينية البارزة في إيران لهذا المنصب، وهنا تبرز أربعة أسماء داخل إيران من بينهم نجل "خامنئي" مرشحة بقوة أن تخلف "خامنئي" بعد رحيله .. وهما : 1- "على اكبر هاشم رافسنجاني" يعد "رافسنجاني" من أبرز السياسيين الإيرانيين وواحد من كبار رجال الدين داخل إيران، شغل منصب رئاسة الجمهورية لدورتين رئاسيتين (1989-1997)، ويبلغ من العمر سبعين عاماً، وبالتالي فهو يكبر المرشد الحالي "على خامنئي" بخمسة أعوام، وهو ما يجعله أكبر الأسماء المطروحة لخلافه " خامنئي"، إلا أن فرص "رافسنجاني" لخلافة "خامنئي" تبدو ضعيفة للغاية؛ فسمعة الرجل كأغنى رجل في إيران قد انتقصت كثيراً من شعبيته داخل الشارع الإيراني، لكن الأهم من ذلك هو كراهية النخبة الراديكالية المتشددة ذات النفوذ الواسع داخل المؤسسات الإيرانية له، بسبب ميوله للانفتاح على الغرب وإقامة علاقات شراكة مع الولايات المتحدة. وتسيطر هذه النخبة المتشددة على "مجلس خبراء القيادة" المنوط به اختيار "المرشد الأعلى" للجمهورية والمكون من 86 عضواً من رجال الدين معظمهم من المحافظين. 2- "ايت الله مصباح يزدى"، ويعد يزدى من علماء الدين البارزين في الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الوقت الحالي، وهو يحسب على التيار اليميني المحافظ أو التقليدي، ويصفه البعض بأنه أصولي متشدد، وينظر إليه على أنه المرشد الروحي والراعي والداعم للرئيس الإيراني "أحمدي نجاد"، بيد أن فرص "مصباح يزدى" لخلافة "خامنئي" تبدو ضعيفة؛ فالرجل ليس محل ثقة من قبل التيار المحافظ داخل إيران بسبب أفكاره شديدة الراديكالية التي تصل في بعض الأحيان إلى التشكيك في بعض الثوابت الرئيسية للمذهب الشيعي، والتي من بينها "تحريم احتفالات النصف من شعبان- معارضة الحكومة الإسلامية"، وهو ما يجعل العديد من مراجع الدين ومنهم الشيخ "مهدوي كني"، الذي يعد من ابرز قادة المحافظين ورئيس مجلس الخبراء الفقهي يعارضون "يزدى" بشدة ويقفون ضده. 3- "آية الله هاشمي شاهرودى"، يتردد اسم "شاهرودى" بقوة داخل إيران كأبرز المرشحين لخلافة "خامنئي". فهو أكثر رجال الصف الثاني نفوذا وقرباً من المسيطرين علي القرار في إيران، كما يمتلك من الخبرات السياسية والمؤهلات الدينية ما يجعله أقرب المرشحين لخلافة "خامنئي". ورغم أصوله العراقية تمكن "شاهرودى" من أن يصبح أحد الأرقام الصعبة في الشارع السياسي الإيراني، وأحد المقربين بشدة من "خامنئي". عين رئيسا للسلطة القضائية في الفترة ما بين (1999 و 2009)، وهي أخطر مرحلة مرت بها الجمهورية الإسلامية، وليضرب بيد من حديد زعماء الحركة الاصلاحية، ويزج بالعشرات منهم في السجون، ويحرم كبار قادتهم من العمل السياسي والاجتماعي بأحكام قضائية صدرت في عهده، كما عينه "خامنئي" في (أغسطس2011) رئيساً (للهيئة العليا لحل الخلافات وتنظيم العلاقات بين السلطات الثلاث فى إيران، التشريعية والتنفيذية والقضائية). ورغم ما يتمتع به "شاهرودى" من نفوذ داخل المؤسسات الإيرانية؛ إلا أن فرصه في خلافة "خامنئي" تبقى ضعيفة لعدة أسباب أهمها: أصوله العراقية، افتقاده للكاريزما والشعبية المطلوبة لتولى منصب المرشد الأعلى، "فشاهرودى" يتحدث الفارسية بلكنة عربية وهو ما يصعب على الشارع الإيراني تقبل مثل هذا الأمر، معارضة الإصلاحيين له، كما انه ليس المفضل لدى الحرس الثوري الإيراني، وهى المؤسسة التي من المحتمل أن تلعب دوراً رئيسياً في تحديد المرشد القادم للجمهورية الإسلامية، بسبب توغل نفوذها داخل إيران خلال الفترة القليلة الماضية. 4- "مجتبى خامنئي"، يؤكد العديد من المحللين أن النجل الثالث لخامنئي يتم إعداده كي يخلف أبيه وذلك بدعم ومساندة العديد من رموز التيار المتشدد المحيطين بخامنئي، وهذا ما كشفت عنه إحدى وثائق "ويكيليكس" المسربة : "بأن المرشد الأعلى علي خامنئي يخطط لتوريث الحكم لنجله، شأنه في ذلك شأن العديد من أنظمة الحكم العربية، كما يعمل الآبن حاليا على ترسيخ أسس سلطاته داخل المؤسسات الإيرانية.. وهناك شائعات قوية تؤكد بأن المرشد يعمل على إنشاء مجموعة من رجال الدين الشباب الحائزين على درجة الاجتهاد بمساعدة مؤسسة آية الله مصباح يزدى، وربط هذه المجموعة بنجله مجتبى تمهيدًا لإلحاق هؤلاء بمجلس خبراء القيادة كضمان لتأييد مجتبى في أن يصبح مرشدًا للنظام بعده"، ويتمتع "مجتبى" بنفوذ قوي داخل الحرس الثوري الإيراني ومليشيا الباسيج. وقد أصبح تأثير "مجتبى خامنئي" جليا عندما ساند "أحمدي نجاد" في الانتخابات الرئاسية في 2005. كما أنه أحد الشخصيات الأساسية التي تدير عمليات القمع الذي تمارسه الحكومة على المحتجين المعارضين لها. ويدير "مجتبى" تلك العمليات وهو متخف خلف هيكل أمني معقد، وخلف عالم متداخل يمتد من الحرس الثوري الإيراني إلى رجال ميليشيا الباسيج. ويواجه "مجتبى" معارضة شديدة من جانب الإصلاحيون في إيران وعدد لابأس به من المحافظون أيضا الذين يرون أن مؤهلات "مجتبى" السياسية والدينية لا تؤهله لكى يصبح "المرشد الأعلى" لإيران، وهو ما ينظر بحدوث أزمة كبيرة داخل إيران في حال تم توريث المنصب له. السيناريو الثاني : إلغاء منصب "المرشد الأعلى" أو نظام ولاية الفقيه، وإحلال نظام "مجلس الشورى" بدلا منه، وهى الفكرة التي بدأ صداها يتردد بكثرة في الآونة الأخيرة داخل الأوساط السياسية الإيرانية، رغم أنها ليست بالجديدة، ففكرة إقامة "مجلس شورى" مكون من ثلاثة أو خمسة من كبار رجال الدين لإدارة الجمهورية قد تم طرحها بعد وفاة "الخميني"، حيث يرى كثيرون أن منصب "المرشد الأعلى" للجمهورية الإسلامية هو منصب استثنائي لشخصية استثنائية هو "الإمام الخميني" من الصعب أن تتوافر مؤهلته في شخصية أخرى، فخامنئي نفسه قد أقر بذلك بعد توليه المنصب مباشراً بالقول : "لا يوجد شخصية على الأطلاق من الممكن أن تحل محل "الخميني" كمرشد أعلى للثورة الإيرانية". وأخيراً يمكن القول أن عملية الخلافة الرسمية التي حددها الدستور والتي سمحت لرجل دين من الصفوف الدنيا مثل "خامنئي" أن يصبح المرشد الأعلى، قد لا تصمد. فالتحول من "الخميني" إلى "خامنئي" منذ عقدين أظهر رغبة النظام في تغيير القوانين بما يناسب احتياجاته. هذا علاوة على أن الصراع على الخلافة بعد رحيل "خامنئي" في ظل حالة الخلافات والتناحر الشديد بين النخب والمؤسسات السياسية الإيرانية والتي وصلت إلى حد الصراع بين "المرشد" والرئيس "أحمدي نجاد"، من الممكن أن يكون له تداعيات شديدة الخطورة على مستقبل الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
#شريف_نسيم_قلتة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاستراتيجية العسكرية الصينية لتأمين الطاقة
المزيد.....
-
أم سجنت رضيعتها 3 سنوات بدرج تحت السرير بحادثة تقشعر لها الأ
...
-
لحظات حاسمة قبل مغادرة بايدن لمنصبه.. هل يصل لـ -سلام في غزة
...
-
فصائل المعارضة السورية تطلق عملية -ردع العدوان- العسكرية
-
رياح عاتية في مطار هيثرو وطائرات تكافح للهبوط وسط العاصفة بي
...
-
الحرب في يومها الـ419: إسرائيل تكثف قصفها على غزة ولبنان يتر
...
-
مبعوث أوروبي إلى سوريا.. دعم للشعب السوري أم تطبيع مع الأسد؟
...
-
خريطة لمئات آلاف الخلايا تساعد على علاج أمراض الجهاز الهضمي
...
-
وسائل إعلام: على خلفية -أوريشنيك- فرنسا تناقش خطط تطوير صارو
...
-
مصدر: عمليات استسلام جماعية في صفوف القوات الأوكرانية بمقاطع
...
-
مصادر تتحدث عن تفاصيل اشتباكات الجيش السوري مع إرهابي -جبهة
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|