|
حركة الاحتجاجات في روسيا تنوع اشكالها
فالح الحمراني
الحوار المتمدن-العدد: 3774 - 2012 / 6 / 30 - 13:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
"الجماهير هي التي تصنع التاريخ"، وان قوانين الطبقات الحاكمة قد تعرقل مسيرتها بوضع قوانين او استخدام البطش والعسف وتفتح السجون والمعتقلات وتسقط الجنسيات وتطرد لخارج البلاج، ولكن الحركة كالنهر تظل سائرة تلتف وتدور وتتراجع لتصل في النهاية لتحقيق اهدافها المنشودة. هذه هي حكمة التاريخ والربيع العربي واحتل وول ستريت والتمردات في اليونان واسبانيا واسرائيل وغيرها شاهد حي على ذلك.
وضمن هذا السياق تكتسب الحركة الاحتجاجية في روسيا زخما جديدا، وشهد تطورا ملحوظا في اشكالها ومضمامينها من اجل التغلب على القوانين الجديدة التي سنها مجلس الدوما بدعم تكتل الحزب الحاكم روسيا الموحدة ورفض الكتل المعارضة الشيوعي وروسيا العادلة والديمقراطي الليبرالي، وتقول المعارضة ان هذه القوانين تهدف الى وضع العراقيل امام اتساع الحركة الاحتجاجية وشل حركة المعارضة. وتنخرط في العمليات الاحتجاجية شرائح اجتماعية مختلفة من الطبقة الوسطى الجديدة الناهضة الى الشرائح التي تتبنى الشعارات القومية المتشددة واليسار التقليدي والجديد، ورغم نشاطها وحركتها الا انها مازالت حركة تمثل نسبة طفيفة من اجمالي سكان روسيا ال 142 مليون نسمة ولذلك فانها غير مؤثرة في تحديد وتوجيه اتجاهات غالبية الراي العام ولم تنخرط القاعدة الجماهيرية الواسعة من العمال والمزارعين وتقتصر على الفئات المتعلمة والمثقفة والتكنولوجية ، كما انها لا تمتلك زعماء اقوياء بتمتعون بشعبية واسعة، و ليس لها برنامج واضح و امتداد شعبي افقي،
واود بهذا الصدد نقل التقرير الذي نشرته وكالة انباء ايتار تاس* عن الاشكال الجديدة التي تتبناها المعارضة للستهزاء ونسف القوانين التي تضع قيودا على الاحتجاجات الذي جاء فيه" انه وعلى ما يبدو أخذ القانون الجديد الذي صدر قبل فترة حول المظاهرات والتجمعات الجماهيرية والذي زاد وبقدر كبير حجم الغرامات المالية المفروضة جزاء مخالفة قواعد تنظيم هذه الفعاليات الجماهيرية وفرض القيود الجديدة على الجهات المنظمة لها وعلى المشاركين فيها، أخذ يتعرض وبعد بدء سريانه لاختبار "صلابته وقدرته على الصمود" وذلك من جانب المواطنين الروس الذين يسخرون أحيانا من السلطات. لقد حذر بعض المناهضين لصدور القانون من أنه سيتسبب بظهور حالات سخيفة لا يقبل بها العقل. وعلى ما يبدو أخذ كل ذلك يتحقق على أرض الواقع فعلا. وبشكل سريع ظهرت الضحايا الأولى للقانون الجديد. ومن المعروف أن القانون الجديد "حول التجمعات والمظاهرات والمسيرات الجماهيرية" بات ساري المفعول منذ أقل من 3 أسابيع على الرغم من المقاومة الشديدة التي أبدتها المعارضة ومؤسسات المجتمع المدني في محاولة لمنع إقراره. ومنذ تلك اللحظات بدأت تجري في مختلف المدن الروسية عمليات وفعاليات متشابهة. وأخذ المواطنون يتسابقون في التهكم وإبداء الحذق وحدة المزاح وذلك عن طريق تقديم الطلبات للسلطات البلدية بخصوص الحصول على ترخيص لتنظيم النزهات الجماعية في الشوارع والجولات في الحافلات بل وحتى في الدخول الجماعي الى المحلات التجارية العامة. وتجدر الإشارة الى ان بعض هذه الفعاليات أثارت لدى السلطات رد الفعل وفقا لمتطلبات القانون الجديد. ففي مدينة نيجني نوفغورد على سبيل المثال قامت يوم الثلاثاء الماضي مجموعة من 12 مواطنا بالالتقاء عند تمثال لعنزة في المدينة واشترى هؤلاء الخبز وساروا معا نحو مقر البلدية حاملين لافتات كتب عليها "نحن نسير لشراء الخبز والبلدية تعارض ذلك" و"يمنع التجمع اكثر من 3 أشخاص لشراء الخبز". ولم يتمكن رجال الشرطة من العثور في كل ذلك على مخالفة أو جناية وتركوا المجموعة تدخل الى المبنى. وجدير بالذكر أن "الشراء الجماعي" للخبز كان من الفعاليات التي جرت في إطار مشروع "يجب العيش وفق القانون" الذي رغب المعارضون في مدينة نيجني نوفغورد من خلاله الإشارة إلى السخافة المطلقة للقانون الجديد وذلك عن القيام بإبلاغ السلطات بكل تحرك جماعي أي كان. ولكن سلطات المدينة أعلنت من جانبها أن الهدف المعلن لفعالية "قم بشراء الخبز برفقة الأصدقاء ونفذ على أرض الواقع متطلبات القانون الجديد عن الفعاليات الجماهيرية" يعارض القانون الذي يقول أن المسيرة يجب أن تقام فقط لكي تلفت النظر لمشكلة ما معينة، ولذلك لم تنظر البلدية في الطلب. وكان رد المعارضين على ذلك بان قدموا 15 طلبا جديدا لتنفيذ فعاليات جماهيرية /يشارك فيها عدة أشخاص/ تتسم بالسخافة والطابع غير المعقول وكانت واحدة منها تحت اسم "انتظار الحافلة عند الموقف الرسمي". وحدد هدف الفعالية "بانتظار الباص عند الموقف الرسمي برفقة مجموعة من المواطنين الغرباء وتنفيذ على ارض الواقع متطلبات القانون الجديد الخاص بالتجمعات الجماهيرية".
وأكثر الحوادث الذي أثارت الضجة كان في يكاتيرينبورغ حيث قام أحد الصحفيين وبمفرده بتنظيم مسيرة رحلة إطلاعية برفقة رجال الشرطة. وذكر الصحفي روستيسلاف جورافليوف مراسل وكالة أنباء "اوكتوالنو" أنه قام يوم 9 حزيران/يونيو/ الجاري بتقديم طلب للحصول على ترخيص لتنظيم يوم 24 حزيران "تواجد وتنقل جماهيري في آن واحد" من قبله وقبل أصدقائه في الشارع بهدف التعرف على معالم المدينة. وقال في مدونته على الانترنت: "وفي الساعة الثامنة صباحا أيقظني جرس رجال الشرطة الذين استفسروا مني بلطف زائد – هل ستتم "الجولة" فعلا. لقد ذهلت ولم اصدق وافتكرت إن الأمر لا يعدو عن كونه من مقالب الأصدقاء. ولكن ما شاهدته لاحقا كان يشبه مقاطع من مسرحيات جورج اورول وكافكا معا". ويقول الصحفي إن مجموعة من رجال الشرطة كانت بانتظاره في فناء المبنى وذلك لأنه كتب في طلب الترخيص إن الجولة ستجري من محطة الباصات الكهربائية حتى موقف "الأكاديمية المعمارية" ومن هناك سيتوجه المشاركون نحو تمثال فلاديمير لينين. وطلب رجال الشرطة من الصحفي الصعود إلى الحافلة وعند التمثال "حيث كان مخططا لحديث مدته 10 دقائق عن مساهمة فلاديمير لينين في تاريخ روسيا" كانت بانتظاره مجموعة أخرى من رجال الشرطة. ولكن الصحفي مل بنفسه من سخافة الأمر وقام بالإعلان وعلى مسمع الجميع عن انتهاء الفعالية وبالتالي ترك رجال الشرطة يعودون للممارسة عملهم الأساسي - المحافظة على الأمن والانضباط. ويبدو واضحا من لقطات الفيديو التي سجلت ما حدث في يكاتيرينبورغ أن الجانبين يدركان حق الإدراك إن كل طرف يسخر من الآخر. ولكن والحق يقال لا تثير الضحك والابتسامة معظم حالات تطبيق القانون الجديد في روسيا. فعلى سبيل المثال – في يوم 9 حزيران وهو اليوم الأول لبدء سريان القانون دخل اوليغ كوزلوفسكي وهو من انصار حركة "التضامن" برفقة صديق له إلىساحة بوشكين وسط موسكو وكان يحمل لافتة عادية/بدون أي كلمات مزعجة أو مثيرة/ ولكن على الرغم من ذلك قام رجال الشرطة بتوقيفه لأنه نفذ فعالية غير منسقة مع السلطات. وهو الآن ملاحق قضائيا وقد يضطر لدفع غرامة قد تصل الى 20 الف روبل. وفي يوم الاثنين الماضي تم الحكم بالسجن لمدة 7 أيام وغرامة قدرها 20 الف روبل على مراد ساليخوف /من أنصار حركة "روسيا المغايرة"/ لمشاركته في اعتصامين عند أحدى محطات مترو الأنفاق واعتبرت الشرطة أن ذلك معاد للدولة.
وفي بطرسبورغ قام رجال الشرطة بمنع المعجبين بالمطرب الأمريكي الراحل مايكل جاكسون من التجمع عند مبنى القنصلية الأمريكية في المدينة لإحياء فعالية تتعلق به. وتم تنظيم بروتوكول بحق منظمي الفعالية بتهمة ارتكاب مخالفة إدارية هذا على الرغم من أن هذه الفعالية جرت في العامين الماضيين في نفس الوقت بدون أية مشكلات. ويقول رئيس القسم الحقوق والقانوني في الحزب الشيوعي فاديم سولوفيوف إن السلطات المدنية والبوليسية في المناطق استلمت من موسكو "إيعاز صارم بخصوص متابعة كل مبادرات المواطنين العلنية". ونوه بان الشيوعيين سيتقدمون بطلب الى المحكمة الدستورية الروسية للتحقق من مدى مطابقة القانون الجديد للدستور. وفي مجال تعليقه على كل ذلك قال المحلل السياسي المعروف ايغور بونين إن القانون الجديد مضحك ويتعارض مع روح الدستور الذي يضمن للمواطن حرية الكلمة وحق التجمع. ونقلت عنه صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" قوله إن المادة رقم 55-3 في الدستور تفيد بان "حقوق وحرية الإنسان والمواطن يمكن أن تحدد بواسطة قانون فدرالي فقط في حال وجود ضرورة لحماية أسس النظام الدستوري وأخلاق وصحة وحقوق والمصالح القانونية المشروعة للآخرين وضمان أمن الدولة قدرتها الدفاعية". ونوه بان السلطات تستند على هذه المادة بالذات لتبرير تصرفها وستواصل الاستناد عليها لاحقا. وهذه المادة بالذات تسمح باستخدام القانون المذكور. ولكن في الواقع يدرك الجميع أن ما يجري تحول إلى مهزلة"."
* المادة مدينة لتقرير ومعطيات وكالة تاس الذي وزعته بمختلف اللغات.
#فالح_الحمراني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الديمقراطيات الشكلية ومحاكمة تيموشينكو
-
زيارة بوتين للمنطقة ودلالتها الدبلوماسية
-
سط هواجس دولية وتساؤلات عن الالتزام بالعهد: الاسلام
...
-
دروس محاكمة بن علي
-
الثورة التالية
-
هاجس مبارك
-
بعد تونس: الصنم التالي
-
فضائح التجسس والعلاقات بين روسيا وامريكا
-
اكتوبر الثورة التي لم تحقق اهدافها
-
اطفال الفلوجة
-
الشيوعي الروسي يشارك بمسيرة كبرى في الاول من ايار وزوجانوف ي
...
-
روسيا وحزبها الشيوعي تحتفل بالاول من ايار
-
اسئلة مشروعة على هامش اجتماع الرباعية بموسكو
-
المادة التي رفضت انباء نوفستي نشرها
-
العراق في مواجهة الحرب الإعلامية النفسية
-
اوكرانيا من الثورة البرتقالية الى مستقبل غامض
-
هل سيقنع عباس موسكو بمقايضة ايران بالتسوية السلمية؟
-
نهاية الثورة البرتقالية
-
دور الفرد في العملية السياسية : بين التهميش والحاجة لمواطن م
...
-
دروس الحرب الخاسرة
المزيد.....
-
-حالة تدمير شامل-.. مشتبه به -يحوّل مركبته إلى سلاح- في محاو
...
-
الداخلية الإماراتية: القبض على الجناة في حادثة مقتل المواطن
...
-
مسؤول إسرائيلي لـCNN: نتنياهو يعقد مشاورات بشأن وقف إطلاق ال
...
-
مشاهد توثق قصف -حزب الله- الضخم لإسرائيل.. هجوم صاروخي غير م
...
-
مصر.. الإعلان عن حصيلة كبرى للمخالفات المرورية في يوم واحد
-
هنغاريا.. مسيرة ضد تصعيد النزاع بأوكرانيا
-
مصر والكويت يطالبان بالوقف الفوري للنار في غزة ولبنان
-
بوشكوف يستنكر تصريحات وزير خارجية فرنسا بشأن دعم باريس المطل
...
-
-التايمز-: الفساد المستشري في أوكرانيا يحول دون بناء تحصينات
...
-
القوات الروسية تلقي القبض على مرتزق بريطاني في كورسك (فيديو)
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|