باسم محمد حبيب
الحوار المتمدن-العدد: 3773 - 2012 / 6 / 29 - 15:31
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
عندما نطالب بالمساواة هذا لأنها حق طبيعي لا يمكننا ان نساوم عليه ، فقد امنت الحضارة الانسانية الحديثة بحق الانسان بالمساواة وعملت عليه من خلال اصدار التشريعات والقوانين المناهضة للتمييز والداعمة لحق الانسان في المساواة مع اخيه الانسان ، هذا ناهيك عن تكريس جزء مهم من الطاقات التربوية والإعلامية والثقافية لدعم هذا المسعى .
كذلك هناك سبب آخر لهذه المطالبة يتمثل في شيوع ثقافة التمييز في وسطنا الاجتماعي من خلال العادات والتقاليد البالية وفي اطرنا الثقافية وفهمنا الديني ، ما جعلنا نواجه اشكالا متنوعة من التمييز من ابرزها التمييز على اساس الدين او العرق او العنصر او الجنس .
لقد تطور التمييز في مجتمعنا حتى اخذ طابعا مركبا ، فهناك علاوة على الانواع اعلاه نوع يزاوج بين نوعين من التمييز وهما التمييز الديني والعرقي ، الديني من خلال ربط هذا النوع من التمييز بالمعتقدات والفروض الدينية ، والعرقي من خلال الادعاء بأفضلية عرق على آخر حيث يعد المنتسبين للعرق العلوي الافضل من بين جميع الاعراق الاخرى .
ونتيجة لهذا الاعتقاد فقد ظهرت مصطلحات تحاكي المصطلحات العبودية السابقة كمصطلح ( السيد ) و ( الشريف ) الذي يطلق على المنتسبين للنسب العلوي ، يقابله مصطلح ( العامي ) الذي يطلق على المنتسبين لغير هذا النسب ، كما برزت سلوكيات اقل ما يقال عنها انها تمثل استعادة للسلوكيات العبودية السابقة كتقبيل الايدي والتذلل والشعور بالدونية .
ومن ابرز الادلة على ان هذه السلوكيات هي تتمة لسلوكيات الارث العبودي السابق ، انها ترتبط بشعورين متناقضين : شعور المنتسب للنسب العلوي بأنه افضل من الآخرين ، فلا يقبل بمصاهرة من هم اقل منه شأنا ، وإذا ما حصل مثل هذا الامر فسيكون من النوادر القليلة التي ينظر لها في الغالب على انها خارج المألوف وقد يلام صاحبها او ينبذ من الفئة التي ينتمي لها ، هذا عدى عن ممارسة نوع من الابوة الاجتماعية والدينية وما إلى ذلك ، اما شعور غير المنتسب لهذا النسب فهو في الاعم الاغلب شعور من يرى في نفسه انه اقل قيمة ومنزلة من المنتسب للنسب العلوي ، فيواظب على اعلان دونيته وممارسة الكثير من السلوكيات المذلة اعتقادا منه بأنها تقربه من الله .
ان وجود هذا النوع من التمييز والاعتقاد به هو ابلغ دلالة على عوق الثقافة التي تحتوينا وعلى انحطاط الواقع الذي نعيشه هذا ناهيك عن تخلفنا الاجتماعي ، الامر الذي يفرض علينا العمل بجد لمكافحة شتى اشكال وقيم التمييز الشائعة في ثقافتنا ووسطنا الاجتماعي ، وهذا ما لا يتم بدون تأصيل قانوني ومساندة سياسية وجهود تربوية وثقافية وإعلامية .
فالتمييز هو آفة الآفات التي لابد ان نكافحها بكل قوة .
#باسم_محمد_حبيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟